أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ناصر المنصور - بولس إسحق بين أهل السنة والأرثوذكس















المزيد.....



بولس إسحق بين أهل السنة والأرثوذكس


ناصر المنصور

الحوار المتمدن-العدد: 5449 - 2017 / 3 / 3 - 13:57
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


في مقالتي أمس والتي من خلالها رددت على الزميل الكاتب بولس إسحق بمسألة بعينها رد علي الزميل العزيز بتعليق إتهام آخر وهرب للإمام بموضوع آخر بدلا من الرد في صلب الموضوع ! وهذا ما قاله

1 - الاعذار الواهنة لتفسير
بولس اسحق ( 2017 / 3 / 3 - 00:14 )
ويقولون إن نظام الحكم في الإسلام دكتاتوري بطبعه(وهل لديك شك في هذا؟). لأن الدولة فيه تملك سلطة واسعة، ويزيد الأمر سوءاً أنها تملكها باسم الدين، باسم شيء مقدس له على نفوس الناس سلطان. فما أسهل ما يغري هذا السلطان بالدكتاتورية، وما أسهل ما تستنيم لها الدهماء. وبهذا تختنق حرية الرأي، ويصبح الخارج على الحاكم عرضة للاتهام بالخروج على الدين.(اليس هذا ما ادعاه أبا بكر في قتله المرتدين؟)
فمن أين جاءوا بهذا القول الغريب على الدين؟
أمن قول الله عزّ وجلّ: - وأمرهم شورى بينهم - [98]؟(متى كان هذا بدءا من سقيفة بني ساعدة، وهل خلافة عمر كانت شورى ام وصية، وخلافة عثمان كذلك...فمتى كانت الشورى ومتى طبقت على مدى 1450سنة...ويبدوا انها جملة للاستهلاك المحلي) وقوله: - وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل - [99].
أم من قول أبي بكر: -.. فإذا عصيت الله ورسوله فلا طاعة لي عليكم(هو فعلا اطاع الله ورسوله ولم يعصهم ونفذ اوامرهم بقتله المرتدين) -؟ اما عن الاختلاف وعدم الاتفاق فإنني لم أرى منطقيا سوى اعذار واهنة لتفسير ما لا يمكن تفسيره والهروب بأعذار اقبح من الذنب...فمتى يتفقون؟؟؟ تحياتي.

الرابط

http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?t=0&aid=550173

صحيح أنه لم يجب ورغب بفتح جبهة أخرى مختلفة من الحوار إلا أنني أرحب بمثل هذا الصراع والنقاش العقلي رغم أن الزميل في ردوده يغرد خارج موضوع كل مقالة !!


الخلافات السياسية بين الصحابة
للشنقيطي

مقدمة
أصدر الأستاذ محمد بن المختار الشنقيطي رسالة بعنوان " الخلافات السياسية بين الصحابة - قراءة في مكانة الأشخاص وقدسية المبادئ ) ، قال في أولها ( ص 25 ) : ( وليست هذه الرسالة سردًا للخلافات السياسية بين الصحابة أو خوضًا في تفاصيلها ، بل هي جملة قواعد منهجية مقترحة للتعاطي مع تلك الخلافات ؛ بما يعين على استخلاص العبرة منها لمستقبل أمة الإسلام ) .
وقد صدق في كون رسالته لم تخض في تفاصيل الخلافات السياسية بين الصحابة رضي الله عنه ؛ ولكن – رغم ذلك – احتوت " قواعده المنهجية " تلك على تجاوزات عديدة ، وميل عن منهج أهل السنة في مثل هذه القضايا الحساسة ؛ إضافة إلى تخطئته الخاطئة لبعض العلماء الكبار ؛ كشيخ الإسلام ابن تيمية وغيره ؛ ممن أساء الظن بهم – متابعة منه لأهل البدع أو المغرضين الحاقدين في هذا العصر . ونظرًا لتأثر البعض برسالته الآنفة ؛ مغترين بما جاء فيها من ادعاءات عريضة من الأستاذ – هداه الله – أنه يسير فيها على منهج " المحدثين " و" أهل الجرح والتعديل " ! فقد أحببتُ أن أنصح له ولغيره من الخائضين فيما جرى بين صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ بنقد ما جاء في رسالته من تجاوزات قد يكررها غيره ممن يتابعه دون تحقيق أو تدقيق . وتبيين مخالفته الواضحة لدعاواه السابقة ؛ مما أدى به إلى الاعتماد على روايات وأخبار ضعيفة ، حوت كثيرًا من التحامل تجاه بعض الصحابة الكرام – كما سيأتي إن شاء الله - .
وسوف أنشر – بإذن الله - ذلك كله على حلقات في " ملتقى أهل الحديث " مستفيدًا من ملاحظات إخواني من طلبة العلم ، قبل نشر الانتقادات على هيئة رسالة متكاملة .
وأبدأ – بعد الاستعانة بالله - بذكر ترجمة موجزة للأستاذ ، ثم ذكرعقيدة أهل السنة والجماعة فيما شجر بين الصحابة رضي الله عنهم .
منبهًا الجميع أنني منتفع في محتويات رسالتي هذه من العلماء والباحثين الذين سبقوني إلى تحقيق كثير من المسائل ؛ كما سيأتي إن شاء الله ، مشيرًا إلى من استفدتُ منهم في خاتمة كل مبحث .
سائلا الله أن ينفع بهذه الرسالة المختصرة إخواني المسلمين ؛ وأن يضع لها القبول بينهم . والله الموفق :


ترجمة موجزة للأستاذ الشنقيطي :

- هو الأستاذ / محمد بن المختار الشنقيطي ، ولد عام 1966 في الجمهورية الإسلامية الموريتانية.
- باحث مهتم بالفقه السياسي والأدب الإسلامي، والعلاقات بين العالم الإسلامي والغرب. نشر عشرات البحوث والدراسات والتحليلات في مجلات ومواقع ألكترونية مشهورة، منها موقع "الجزيرة نت"، ومجلة "العصر" و"المنار الجديد" و"نوافذ". وهو يحرر "مجلة الفقه السياسي" الألكترونية: http://www.fiqhsyasi.com ويرأس "المرصد الموريتاني لحقوق الإنسان" http://www.almarsad.org .

- من مؤلفاته المنشورة: "الحركة الإسلامية في السودان: مدخل إلى فكرها الاستراتيجي والتنظيمي" (ط دار الحكمة في لندن 2002 ودار قرطبة بالجزائر 2004) و"الخلافات السياسية بين الصحابة: رسالة في مكانة الأشخاص وقدسية المبادئ"(ط مركز الراية للتنمية الفكرية في دمشق 2004) ومن كتبه التي لم تنشر بعد: "السنة السياسية" و"الشرعية السياسية في الإسلام بين الوحي والتاريخ" و"شذرات من الفقه السياسي"، و"11 سبتمبر.. القصة والمدلول". إضافة إلى ديوان شعر بعنوان: "دموع الندى".

-عمل مدرسا لمادتي التفسير والنحو بجامعة الإيمان في صنعاء (اليمن) ، وباحثا متعاونا مع المركز اليمني للدراسات الاستراتيجية.
-يقيم بالولايات المتحدة الأمريكية منذ مطلع العام 1999، حيث عمل باحثا في "جامعة العلوم الإسلامية والاجتماعية" في فرجينيا، ومدرسا لمبادئ الإسلام واللغة العربية للناطقين بالانكليزية في المركز الإسلامي بواشنطن، والجامعة الأمريكية المفتوحة في فرجينيا، والمركز الإسلامي في "مودستو" في كاليفورينا. ويعمل حاليا مديرا للمركز الإسلامي في "ساوث ابلين" بولاية تكساس.

-حصل على إجازة في حفظ القرآن الكريم ورسمه وضبطه، وقراءته على مقرئ الإمام نافع بروايتي ورش وقالون عام 1981، وصحب عددا من العلماء الموريتانيين فأخذ عنهم طرفا من مختلف العلوم الشرعية والعربية، خصوصا الفقه والأصول والنحو. كما حصل على شهادة (الباكالوريوس) في الشريعة الإسلامية، تخصص الفقه والأصول عام 1989، وباكالوريوس في الترجمة (عربية – فرنسية – انكليزية) عام 1994. ويتابع الآن دراساته العليا في الإدارة المالية والإدارة العامة، في "جامعة كولومبيا الجنوبية" بولاية آلاباما الأمريكية.

-يقول الشنقيطي في حواره مع منتدى الأحرار : ( أنا ممن يتشرفون بالانتماء إلى فكر حركة الإخوان المسلمين ) .

( انظر عن ترجمته : رسالته عن " الخلافات السياسية .. " "ص 257-258 " و " مقدمة حوار منتدى الأحرار معه : http://www.ala7rar.net/navigator.php...topic&tid=1460 ) .

عقيدة أهل السنة فيما شجر بين الصحابة :

أجمع أهل السنة قاطبة على الكف والإمساك عما شجر بين الصحابة رضي
الله عنهم والسكوت عما حصل بينهم من قتال وحروب ، وعدم البحث والتنقيب عن
أخبارهم أو نشرها بين العامة لما لها من أثر سيئ في إثارة الفتنة والضغائن وإيغار
الصدور عليهم ، وسوء الظن بهم ، مما يقلل الثقة بهم .
والواجب على المسلم أن يسلك في اعتقاده فيما حصل بين الصحابة الكرام
رضي الله عنهم مسلك الفرقة الناجية أهل السنة والجماعة ، وهو الإمساك عما
حصل بينهم رضي الله عنهم .
وكُتُبُ أهـل السنة مملوءة ببيان عقيدتهم الصافية في حق الصحابة الكرام
رضي الله عنهم ، وقد حددوا موقفهم من تلك الحرب التي وقعت بينهم في أقوالهم
الحسنة التي منها : سُئل عمر بن عبد العزيز رحمه الله تعالى عن القتال الذي
حصل بين الصحابة ، فقال : (تلك دماء طهّر الله يدي منها ؛ أفلا أُطهر منها لساني ؟ مَثَلُ أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مَثَلُ العيون ؛ ودواء العيون ترك
مسها) .
وسئل الحسن البصري رحمه الله تعالى عن قتال الصحابة فيما بينهم فقال :
(قتال شهده أصحاب محمد -صلى الله عليه وسلم- وغبنا ، وعلموا وجهلنا ،
واجتمعوا فاتبعنا ، واختلفوا فوقفنا) .
وقال الإمام أحمد رحمه الله تعالى بعد أن قيل له : ما تقول فيما كان بين علي
ومعاوية ؟ قال : (ما أقول فيهم إلاّ الحسنى) .
وقال ابن أبي زيد القيرواني في صدد بيان ما يجب أن يعتقده المسلم في
أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وما ينبغي أن يُذكروا به فقال : (وأن لا
يُذكر أحد من صحابة الرسول إلاّ بأحسن ذكر ، والإمساك عمّا شجر بينهم ، وأنهم
أحق الناس أن يلتمس لهم أحسن المخارج ، ويُظن بهم أحسن المذاهب) .
وقال أبو عبد الله بن بطة رحمه الله أثناء عرضه لعقيدة أهل السنة والجماعة : (ومن بعد ذلك نكفّ عما شجر بين أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-
وقد شهدوا المشاهد معه ، وسبقوا الناس بالفضل ؛ فقد غفر الله لهم ، وأمرك
بالاستغفار لهم ، والتقرب إليه بمحبتهم ، وفرض ذلك على لسان نبيه وهو يعلم ما
سيكون منهم أنهم سيقتتلون ؛ وإنما فُضلوا على سائر الخلق ؛ لأن الخطأ العمد قد
وُضِعَ عنهم وكل ما شجر بينهم مغفور لهم.
وقال أبو عثمان الصابوني في صدد عقيدة السلف وأصحاب الحديث :
(ويرون الكف عمّا شجر بين أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وتطهير
الألسنة عن ذكر ما يتضمن عيباً لهم ونقصاً فيهم ، ويرون الترحم على جميعهم
والموالاة لكافتهم) .
وقال أبو عبد الله القرطبي رحمه الله : (لا يجوز أن ينسب إلى أحد من
الصحابة خطأ مقطوع به ؛ إذ كانوا كلهم اجتهدوا فيما فعلوه وأراد الله عز وجل .
وهم كلهم لنا أئمة ، وقد تُعبّدنا بالكف عمّا شجر بينهم ، وألاّ نذكرهم إلا بأحسن
الذكر لحرمة الصحبة ، ولنهي النبي -صلى الله عليه وسلم-عن سبهم ، وأن
الله غفر لهم وأخبر بالرضى عنهم) .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في عرضه لعقيدة أهل السنة والجماعة
فيما شجر بين الصحابة رضي الله عنهم : (ويمسكون عما شجر بين الصحابة
ويقولون : إن هذه الآثار المروية في مساويهم منها ما هو كذب ، ومنها ما قد زيد
فيه ونقص ، وغُيّر عن وجهه ، والصحيح منه هم فيه معذورون : إما مجتهدون
مصيبون ، وإما مجتهدون مخطئون) .
وكذلك ما ذكره الشيخ ابن عثيمين رحمه الله حيث قال : (وهذا الذي حصل
أي بين الصحابة موقفنا نحن منه له جهتان :
الجهة الأولى : الحكم على الفاعل ، والجهة الثانية : موقفنا من الفاعل .
أما الحكم على الفاعل فقد سبق ، وأن ما ندين الله به أن ما جرى بينهم فهو
صادر عن اجتهاد ، والاجتهاد إذا وقع فيه الخطأ فصاحبه معذور مغفور له .
وأما موقفنا من الفاعل فالواجب علينا الإمساك عما شجر بينهم . ولماذا نتخذ
من فعل هؤلاء مجالاً للسب والشتم والوقيعة فيهم والبغضاء بيننا ؟ ونحن في فعلنا
هذا إما آثمون ، وإما سالمون ولسنا غانمين أبداً) .
فهذه طائفة من كلام أكابر علماء الإسلام من سلف هذه الأمة والمعاصرين ؛
تبيّن منها الموقف الواجب على المسلم أن يقفه من الآثار المشتملة على النيل من
أحد من الصحابة رضي الله عنهم أجمعين بسبب ما وقع بينهم من شجار ، وخلاف ، ومقاتلة ؛ خاصة في حرب الجمل وصفين ، وهو صيانة القلم واللسان عن ذكر ما
لا يليق بهم ، وإحسان الظن بهم ، والترضي عنهم أجمعين ، ومعرفة حقهم ومنزلتهم ، والتماس أحسن المخارج لما ثبت صدوره من بعضهم ، واعتقاد بعضهم أنهم
مجتهدون ؛ والمجتهد مغفور له خطؤه إن أخطأ ، وأن الأخبار المروية في ذلك منها
ما هو كذب ، ومنها ما قد زيد فيه أو نقص منه حتى تحرّف عن أصله وتشوّه . كما
تبين من هذه النقول المتقدم ذكرها أن عقيدة الفرقة الناجية أهل السنة والجماعة فيما
شجر بينهم هو الإمساك .
فالإجماع قد وقع من علماء المسلمين على السكوت عما شجر
بين الصحابة ، وعدم التنقيب أو التنقير عما حصل بينهم من حروب وقتال ؛ ولو
حسنت نية المتكلم أو السامع .

اعتراض :
لعل قائلاً يقول : قد سلمنا بما ذكرته وقرّرته آنفاً عن السلف ، لكنّ هذا محمول
على من أراد ذكر ما شجر بين الصحابة رضي الله عنهم على وجه التنقيص
والبغض ، وسوء الظن بهم ونحوه مما هو مثار للفتنة عياذاً بالله .
أما من أراد ذكر ذلك على وجه المحبة للجميع ، مع سلامة الصدر والترحم
عليهم وحسن الظن بهم ؛ فهذا ليس محل نزاعنا !
أقول : لا يُسلّم لك ما قلته لعدة مخالفات شرعية ؛ منها :
1-أن هذا القول خلاف الأصل المقرر عند عامة السلف والخلف ، وهو
السكوت عما شجر بين الصحابة رضي الله عنهم ، سواء كان الحديث عنهم عن
حسن ظنٍ أو سوء ظن لما في ذلك من درء للمفسدة الحاصلة وسدّ للذريعة المفضية
للشبه والفتنة كما هو معلوم من الواقع بالضرورة .
فهذا العوام بن حوشب يقرر هذا الأصل : (أدركت من صدر هذه الأمة
بعضهم يقول لبعض : (اذكروا محاسن أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-
لتأتلف عليها القلوب ، ولا تذكروا ما شجر بينهم فتحرّشوا الناس
عليهم) ، وبلفظ آخر قال : ( .. فتجسّروا الناس عليهم ) .
2-وكذلك هو أيضاً خلافٌ للأصل المحقق وهو الوقوع في الفتنة ؛ ولهذا لا
يجوز لك أن تخالف أصلاً محققاً رجاء سلامة صدرٍ مظنونة !
فقد قال رسول الله : (الحلال بيّن والحرام بيّن وبينهما مشتبهات لا يعلمها
كثير من الناس ، فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه ، ومن وقع في
الشبهات وقع في الحرام ، كراع يرعى حول الحمى يوشك أن يواقعه ؛ ألا وإن لكل
ملك حمى ، ألا إن حمى الله محارمه ، ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح
الجسد كله ، وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي : القلب) .
وعن الحسن بن علي قال : حفظت من رسول الله : (دع ما يريبك إلى ما لا
يريبك) .
3-أيضاً في ذكر ما حصل بين الصحابة رضي الله عنهم مع ادعاء أمن الفتنة
وسلامة الصدر ؛ أمنٌ من مكر الله تعالى ، عياذاً بالله فقد قال الله تعالى في سورة
الأعراف :  أََفَأََمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلا يَاًمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إلاَّ القَوْمُ الخَاسِرُونَ  .
وكذلك فيه تعرّض للفتن التي طالما استعاذ منها النبي ؛ فعن المقداد بن الأسود
قال : وأيم الله ! لقد سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول : (إن السعيد
لمن جُنّب الفتن ، إن السعيد لمن جنب الفتن ، إن السعيد لمن جنب الفتن ، ولمن
ابتلي فصبر فواها) .
4-لو سلمنا أن أحداً خاض فيما شجر بين الصحابة رضي الله عنهم ؛ ثم
خرج من ذلك بسلامة صدر وصفاء قلب ؛ لكان هذا تحصيل حاصل ونوع عبث ،
ومخالفة لمنهج السلف الصالح تجاه هذه الفتنة ، بل هو في الحقيقة ضرب من
الخيال ، وخلاف الواقع المألوف .

اعتراض آخر :
قد يقول قائل : إننا نجد بعض علماء أهل السنة قد ذكر ماشجر بين الصحابة في مصنفاته ؛ كالذهبي مثلا .
والجواب : أن علماء أهل السنة عندما يُضطر أحدهم لهذا - بسبب ما - فإنه يكون قد أصل قبله عقيدة السلف في حفظ مكانة الصحابة ، وعدم لمزهم أو تنقصهم أو التحامل على بعضهم .. الخ مما تراه في كتب من لم يقدر صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم قدرهم .
إضافة إلى أن المقرر والأصل عند هؤلاء العلماء ( الكف عما شجر بينهم ) ؛ إلا أن يستدعي أمرٌ خلاف ذلك ؛ كتوضيح مشكل ، أو دفاع عنهم تجاه من يثير عليهم الأقاويل ، ويفتري الأكاذيب ، ويتأول الأحداث بهواه .
يقول شيخ الإسلام رحمه الله مبينًا هذا : ( ولهذا أوصوا – أي العلماء – بالإمساك عما شجر بينهم ؛ لأنا لا نُسأل عن ذلك ؛ كما قال عمر بن عبدالعزيز : " تلك دماء طهر الله منها يدي ، فلا أحب أن أخضب بها لساني " وقال : " تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ولا تُسألون عما كانوا يعملون " . لكن إذا ظهر مبتدعٌ يقدح فيهم بالباطل ، فلا بد من الذب عنهم ، وذكر ما يُبطل حجته بعلم وعدل ) . ( منهاج السنة ، 6/254) .
ويقول – أيضًا - : ( ولهذا كان من مذاهب أهل السنة : الإمساك عما شجر بين الصحابة ؛ فإنه قد ثبتت فضائلهم ، ووجبت موالاتهم ومحبتهم ، وما وقع منه ما يكون لهم فيه عذر يخفى على الإنسان ، ومنه ماتاب صاحبه منه ، ومنه مايكون مغفورًا . فالخوض فيما شجر يُوقع في نفوس كثير من الناس بُغضًا وذمًا ، ويكون هو في ذلك مخطئًا ، بل عاصيًا ، فيضر نفسه ومن خاض معه في ذلك ؛ كما جرى لأكثر من تكلم في ذلك ، فإنهم تكلموا بكلام لايُحبه الله ولا رسوله ؛ إما من ذم من لايستحق الذم ، وإما من مدح أمور لاتستحق المدح ) . ( منهاج السنة 4/448-449 ) .
ولهذا لم يُصب الأستاذ عندما قال في ( ص 30 ) من رسالته : ( لقد كان التحرج من الخوض في الخلافات السياسية بين الصحابة واضحًا وشائعًا لدى علماء الأمة وصلحائها ؛ لكن ذلك لم يمنعهم من الخوض فيه لغاية التعليم والتأصيل والاعتبار ) ؛ لأن من خاض في ذلك من العلماء الثقات حفظ مكانة الصحابة ، ولم ينحرف عنهم أو يُصدق ما قيل فيهم من المفترين ؛ كما هو صنيعك – هداك الله - ؛ كما سيأتي تفصيله إن شاء الله .

( انظر : مقال الشيخ ذياب الغامدي " فضيلة الإمساك عما شجر بين الصحابة " مجلة البيان ، العدد 134 . ورسالة الدكتور ناصر الشيخ " عقيدة أهل السنة والجماعة في الصحابة الكرام " ) .
وقال الشيخ عبدالله السعد في مقدمته لكتاب الأخ حمد الحميدي " الإبانة لما للصحابة من المنزلة والمكانة " ( ص 66-67 ) :
( ومعنى " إذا ذكر أصحابي فأمسكوا " عدم الكلام فيهم ، وليس معناه عدم ذكر ما جرى مثلا في صفين أو الجمل ؛ فإن هذا أولا أخبر عنه الرسول صلى الله عليه وسلم ، ثم هو تاريخ ، ولذلك ذكره ودونه أهل العلم ، بل وألفت المؤلفات الخاصة في ذلك ، وأطال الكلام في ذلك ابن جرير وابن كثير وابن حجر وغيرهم من أهل العلم ؛ ولكن لم يبنوا على هذا القدح في الصحابة والطعن فيهم ) .


((عدالة الصحابة رضي الله عنهم)) (ص/14- 15):
((أَكْثَر الناسُ من الحديث حول ما شَجَرَ بين الصحابة رضي الله عنهم، وأَدْلَى كلٌّ بدلوه، عن علم وعن غير علم، وأخذ منه كثيرٌ من العالمانين في عصرنا سبيلاً للطعن في سادات الأمة ونجومها الكبار.
فاعلم رحمك الله تعالى وألهمك الرشد: أن جيل الصحابة رضوان الله عليهم لم يُعْرَف له نظير فيما سبقه أو تلاهُ من عصور، فكان جيلاً فريدًا في سلوكياته، وإيمانه، كما كان فريدًا في حربه أو اختلافه، وبالجملة كان فريدًا في كل شيئ.
فهذا موقف واحد مما شجرَ بينهم، وهو (واقعة الجَمَل)، والتي قادتْ عائشةُ رضي الله عنها أَحَدَ جَنَاحَيْها، فاعتزلَ بعضُ الصحابة فريقها، وذَكَّرَ الناسَ بنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن تولية النساء لمقاليد الأمور، ومع ذلك سارت عائشة مع آخرين من الصحابة، فخطب عمار بن ياسر رضي الله عنه في المخالفين لعائشة ـ وهو منهم ـ قائلاً: ((إنها لزوجة نبيكم في الدنيا والآخرة، ولكن الله ابتلاكم بها ليعلم إِيَّاه تطيعون أم هي؟))، ينهاهم عن الخروج في وجه زوجة نبيهم صلى الله عليه وسلم، وهو معهم! ويتّجه إلى عائشة قائلاً: ((ما أبعد هذا المسير)) فتقابله بقولها: ((إنكَ ما علمت قَوَّالاً بالحق))، هذا مع عزمها على الرجوع حين سمعت نبيح كلاب ((الحوْأَب)) لكن ليقضي الله أمرًا كان مفعولاً.
فانظر يرحمك الله إلى صفاء هذا الخلاف من اتِّباع الهوى، حتى يشهد عمار لعائشة كما تشهد هي له، ومن قبل تحاول الرجوع ثانيةً، فهل ثَمَّ هوى أو عصبية؟!
اللهم: لا.
وكأنَّ الله عز وجل أتاح اختلافهم ليظهر لمن بعدهم كيف يختلفون، أو أنه سبحانه وتعالى نصب هذا الاختلاف فتنة لمن بعدهم، ليميز من يعرف لهم قدرهم، ومن يسلّم بفضل من اختارهم الله عز وجل لصحبة نبيه صلى الله عليه وسلم ممن لم يُسلّم لقدَر الله واختياره.
إِنَّ ما شجرَ بين الصحابة رضي الله عنهم ليس إلا اجتهادات صافية خالية من شوائب الهوى، ووساوس الشياطين، ومن ثَمّ لم تدع أثرًا في المجتمع المسلم حينئذ فضلاً عن الأزمنة التالية.
لكنّك إذا نظرتَ ـ رحمك الله ـ إلى خلافات الخوارج، وغيرهم من المارقين عن السنة: تَرَى كيف أَثّرَتْ هذه الخلافات على المجتمع المسلم في عصوره الأولى، كما دام أثرها عليه حتى عصرنا؛ يهدأ حينًا، ويشتعل أحيانًا.
ومن ثَمّ لا تخلط رحمك الله بين الأمور، ولا تحسب كل اختلافٍ يشبه غيره، على وتيرة ((كل ما هو مدوّر رغيف))!
لقد بُنِيَت اجتهادات الصحابة على مُقَدِّماتٍ سليمة، وما بُنِيَ على مقدمات صحيحة قُبِلَ بغض الطرف عن نتائجه؛ إِذِ المقدمة أساس النتيجة، فما صَحَّتْ مقدمته؛ صَحَّتْ نتيجته.
أما الخوارج والعلمانيين، وغيرهم من المارقين فلا مقدمة لهم سوى الهوى والانحراف عن الجادة فالنتيجة مردودةٌ حتمًا.
فاعلم ذلك رحمك الله، ولا تخلط بين الأوراق فتهلك)). انتهى النقل
_______________________________

نص السؤال كما ورد: ازاي يكون الانسان مقتنع بالعقيده الارثوزكسيه عقليا وغير مصدقها احساسه ولا يقدر ان يمارسها لان قلبه لا يصدقها

الإجابة:
تساؤلاتك كلها تساؤلات مشروعة ومهمة جدًا.. وينبغي الرد عليها داخلك، حتى تمارس الطقوس والعقائد بإيمان قلبي حقيقي..
هناك أكثر من نقطة بخصوص هذا الأمر..

أولًا.. التاريخ!
ينبغي أن تنظر إلى المسيحية تاريخيًا.. وتاريخ الطوائف.. وغيرها.. فمعرفة تاريخ كل طائفة مفيد جدًا في تعلم ما هو الجديد الذي لم يكن موجودًا.. والذي يكون في الأغلب يكون غير سليم.. وتاريخيًا الأرثوذكسية هي أول طائفة في العالم.. وكلمة Orthodox تعني "التقليديين" أي الأشخاص الذين يتمسكون بالتقليد الذي تسلموه من آبائهم..
وبعد انقسام الكنائس ظهرت الكاثوليكية، ومعها بدع خاصة بها لم تكن موجودة في المسيحية من قبل، وليس لها أصول كتابية.. مثل صكوك الغفران -عصمة البابا الكاثوليكي- الحروب الصليبية (حروب الفرنجة) - المطهر - عدم جواز الطلاق لعلة الزنا ضد وصية المسيح - تدخل الدين بالسياسة، إلى أن أصبحت السياسة جزءًا من الدين.. إلخ..
اقرأ بخصوص تفاصيل الخلافات العقيدية مع الأخوة الكاثوليك.
ثم بعد ذلك أتت طوائف جديدة ببدع جديدة.. إلخ. أشهرها كانت جماعة البروتستانت، وكانت بدايتها بنية سليمة للتخلص من أخطاء الكاثوليك، ولكنهم لم يعودوا للآباء، بل ابتدعوا أطنانًا من الأخطاء ضد الكتاب المقدس والعقائد المسيحية.. إلى أن خرج من عباءة البروتستانتية آلاف الطوائف الجديدة.. والآن كل شخص في أمريكا مثلًا يستطيع أن يُنشىء طائفة جديدة حسبما يراه فِكره.. وتعترف بها الحكومة الأمريكية!! وقد أتى البروتستانت على الرديء والجيد في العقيدة الكاثوليكية.. لدرجة مسحهم لأجزاء من الكتاب المقدس.. ناسين وصية الرب "إِنْ كَانَ أَحَدٌ يَحْذِفُ مِنْ أَقْوَالِ كِتَابِ هذِهِ النُّبُوَّةِ، يَحْذِفُ اللهُ نَصِيبَهُ مِنْ سِفْرِ الْحَيَاةِ، وَمِنَ الْمَدِينَةِ الْمُقَدَّسَةِ، وَمِنَ الْمَكْتُوبِ فِي هذَا الْكِتَابِ" (سفر رؤيا يوحنا اللاهوتي 22: 19). بالإضافة لنبذ أسرار الكنيسة السبعة، وأخطاء ضد طبيعة السيد المسيح، وضد الروح القدس.. مع مئات الخلافات الأخرى في الطقوس - الرهبنة - الكهنوت - التقليد - عدم إكرام القديسين - الكنائس - الصلوات - الحكم الألفي - الصليب.. إلخ

ثانيًا: الدراسة والفهم:
تستطيع أن ترد على كل أفكار الشكوك، أو حتى تتأكد منها عن طريق الدراسة والقراءة والمعرفة والبحث.. فتجاهل تلك الأفكار غير سليم..
تقول أنك مقتنع نظريًا، ولكن ليس بالإحساس.. فما أدراك عزيزي السائل أنها ليست حرب تشكيك من الشيطان؟!
فالبحث والدراسة سيفيدك في الرد على هذه الأفكار، والتأكد مما أنت فيه.. وهناك آلاف المقالات والصفحات حول مختلف الجوانب العقيدية والإيمانية..
كل هذا يعطيك ثقة بما تؤمن به.. ومعرفة للمصادر التي ينبغي أن تبحث فيها.. والأصول الكتابية والآبائية للإيمان الأرثوذكسي القويم.. ومعرفة ما هي البدع الحديثة التي ليس لها أصول مسيحية، سوى مع بداية الطوائف.. إلخ.


ما هي الكنيسة القبطية الأرثوذكسية؟
سؤال: ما هي الكنيسة القبطية الأرثوذكسية؟ أريد أن أعرف المزيد عن الطائفة المسيحية الارثوذكسية..

الإجابة:
"ها أنا آتي سريعًا. تمسك بما عندك لئلا يأخذ أحد إكليلك" (رؤ3: 11)
هذه الوصية ترن عاليًا في آذان كنيستنا القبطية الأرثوذكسية Coptic Orthodox Church.. إننا حريصون كل الحرص على الإكليل المُعد لكلٍ منا في الأبدية.. لذلك تحافظ كنيستنا المجيدة على (ما عندها) من إيمان، وصلاة، وتسبيح، وجهاد روحي عميق.. لننال أكاليل النعمة غير المغلوبة في اليوم الأخير..
وقد يتساءل البعض.. أليست كل كنيسة أيضًا تتمسك بما عندها متخوفة من هذا التحذير الإلهي؟
فما الذي يُميّز كنيستنا القبطية عن غيرها؟ أليس الجميع مقبولين أمام الله؟ لماذا نتمسك بكنيستنا بكل هذا التمسك والافتخار؟

ما الذي يُميز الأرثوذكسية؟
إن الأرثوذكسية تتميز في فكرها عن جميع الطوائف بأنها كنيسة التسليم الرسولي، فهي كنيسة تقليدية – كهنوتية – طقسية – آبائية – كتابية، وهي مجمع قديسين في السماء وعلى الأرض.
دعنا الآن نناقش هذا التميز بندًا بندًا:
(1) التسليم الرسولي
ما هو التسليم؟
التسليم هو الطريقة التي فهم به الآباء معنى الإنجيل، وتفاصيل العقيدة. وقد سلّموها لنا كما استلموها من آبائهم، ومن السيد المسيح نفسه.
* إنه تسليم "ليس بحسب إنسان" (غل1: 11).. وليس من اختراع البشر، أو استحسان المفكرين واللاهوتيين..
* "فإنني سلَّمت إليكم في الأول ما قبلته أنا أيضًا" (1كو15: 3)، "لأنني تسلَّمت من الرب ما سلَّمتكم أيضًا" (1كو11: 23).
وقد أمرنا الإنجيل أن نحفظ هذه التقليدات ونسلمها بأمانة للأجيال التالية.
* "فأمدحكم أيها الإخوة على أنكم تذكرونني في كل شيء، وتحفظون التعاليم (التقليدات) كما سلَّمتها إليكم" (1كو11: 2).
* "فاثبتوا إذًا أيها الإخوة وتمسكوا بالتعاليم (التقليدات) التي تعلمتموها، سواء كان بالكلام أم برسالتنا" (2تس2: 15).
الأسفار نفسها تشهد إذًا بأنها يجب أن تُفهم من خلال التسليم الرسولي "نوصيكم أيها الإخوة، باسم ربنا يسوع المسيح، أن تتجنبوا كل أخ يَسلُك بلا ترتيب، وليس حسب التعليم (التقليد) الذي أخذه منا" (2تس3: 6).
إن ما لدينا من تسليم رسولي وآبائي قد حافظت عليه كنيستنا القبطية بكل نقاوة وأمانة، وسلّمته إلينا بكل دقة وتقوى. وقد بذلت الكنيسة دمها وعرقها حبًا لفاديها وعريسها، وحفظًا لتراثها وسلامة إيمانها.
فإذا أردت أن تستند إلى شرح إلهي مستنير، وتفسير أمين غير منحرف وبدون شهوات خاصة.. تعالَ إذًا إلى كنيستك القبطية الأرثوذكسية لتغترف من كنوز معرفتها لتشبع وتفرح وتسعد بالمسيح إلهنا.
"لأن وعظنا ليس عن ضلال، ولا عن دنس، ولا بمكر، بل كما استُحسنا من الله أن نُؤتمن على الإنجيل، هكذا نتكلم، لا كأننا نُرضي الناس بل الله الذي يختبر قلوبنا. فإننا لم نكن قط في كلام تملق كما تعلمون، ولا في علة طمع. الله شاهد" (1تس2: 3-5).
(2) الكهنوت
أيضًا ما يُميز كنيستنا القبطية هو أنها كنيسة كهنوتية. فنحن نؤمن أن الكهنوت في العهد الجديد لم يُلغ.. بل تغير من طقس هارون إلى طقس ملكي صادق.
* "فلو كان بالكهنوت اللاوي كمال -إذ الشعب أخذ الناموس عليه- ماذا كانت الحاجة بعد إلى أن يقوم كاهن آخر على رتبة ملكي صادق؟ ولا يُقال على رتبة هارون" (عب7: 11).
* "لأنه إن تعيَّر الكهنوت، فبالضرورة يصير تغيُّر للناموس أيضًا" (عب7: 12).
وكما كان في العهد القديم.. كان هناك أناس مفروزين لعمل الكهنوت، وهم سبط لاوي، ونسل هرون.. كذلك في العهد الجديد أيضًا.. يوجد أناس مفروزين لعمل الكهنوت. "قال الروح القدس: أفرزوا لي برنابا وشاول للعمل الذي دعوتهما إليه. فصاموا حينئذ وصلُّوا ووضعوا عليهما الأيادي، ثم أطلقوهما" (أع13: 2، 3).
صحيح أن كل الشعب هو مملكة كهنة.. "كونوا أنتم أيضًا مبنيين -كحجارة حية- بيتًا روحيًا، كهنوتًا مقدسًا، لتقديم ذبائح روحية مقبولة عند الله بيسوع المسيح" (1بط2: 5). "وأما أنتم فجنس مختار، وكهنوت ملوكي، أمة مقدسة، شعب اقتناء، لكي تُخبِروا بفضائل الذي دعاكم من الظلمة إلى نوره العجيب" (1بط2: 9). "وجعلنا ملوكًا وكهنة لله أبيه" (رؤ1: 6).
وهو نفس الأمر الذي كان بعينه في العهد القديم أيضًا.. "وأنتم تكونون لي مملكة كهنة وأُمة مقدسة" (خر19: 6). وهذا لم يمنع من وجود أناس متخصصين في عمل الكهنوت داخل الجماعة المقدسة (نسل هرون من سبط لاوي).
كذلك في العهد الجديد.. نحن مملكة كهنة، ولكن يوجد الكهنة المتخصصون في خدمة الكنيسة الكهنوتية. وإلا لماذا قال معلمنا بولس الرسول عن نفسه: "حتى أكون خادمًا ليسوع المسيح لأجل الأمم، مباشرًا لإنجيل الله ككاهن، ليكون قربان الأمم مقبولًا مقدسًا بالروح القدس" (رو15: 16).
(3) الطقس الكنسي
كنيستنا كنيسة طقسية.. والطقس كلمة يونانية تُعني الترتيب والنظام. وقد أمرنا الكتاب المقدس بتنظيم العبادة "ليكن كل شيء بلياقة وبحسب ترتيب" (1كو14: 40)، ونهانا عن العبادة غير المنظمة "ونطلب إليكم أيها الإخوة: أنذروا الذين بلا ترتيب" (1تس5: 14)، "ثم نوصيكم أيها الإخوة، باسم ربنا يسوع المسيح، أن تتجنبوا كل أخ يسلك بلا ترتيب، وليس حسب التعليم الذي أخذه منا" (2تس3: 6)، "لأننا لم نسلك بلا ترتيب بينكم" (2تس3: 7).
والطقس الكنسي يشمل:
* نظام الصلاة.. "فما هو إذًا أيها الإخوة؟ متى اجتمعتم فكل واحد منكم له مزمور، له تعليم، له لسان، له إعلان، له ترجمة. فليكن كل شيء للبنيان" (1كو14: 26).
* ونظام الصوم ومواعيده.. "ولما مضى زمان طويل، وصار السفر في البحر خطرًا، إذ كان الصوم أيضًا قد مضى" (أع27: 9).
* وكذلك يشمل الأعياد ومواعيدها.. "بل ودعهم قائلًا: ينبغي على كل حال أن أعمل العيد القادم في أورشليم" (أع18: 21). "إذًا لنُعيد، ليس بخميرة عتيقة، ولا بخميرة الشر والخبث، بل بفطير الإخلاص والحق" (1كو5: 8). ليس بالنظام اليهودي بل بالمسيحي "فلا يحكم عليكم أحد في أكل أو شرب، أو من جهة عيد أو هلال أو سبت" (كو2: 16).
ويُحدد الطقس الكنسي أيضًا اللحن، والنغمة، والكلام الذي يقال في كل مناسبة.. لكي نعيش معًا حياة السيد المسيح بكل مراحلها على مدار السنة: (البشارة – الميلاد – الصوم – المعجزات – الصليب – القيامة – الصعود – حلول الروح القدس – كرازة التلاميذ.. إلخ.).
وكذلك يُبرز لنا الطقس حياة القديسين لنحتفل بهم ونتمثَّل بإيمانهم.
(4) القديسون
كنيستنا القبطية تُحب القديسين وتحترمهم.. وبالأكثر القديسين الذين سبقونا إلى السماء، لأنهم صاروا لنا كأنوار كاشفة، وعلامات للطريق.
"اذكروا مُرشديكم الذين كلموكم بكلمة الله. انظروا إلى نهاية سيرتهم فتَمثَّلوا بإيمانهم" (عب13: 7).
ونحن نكرّمهم لأن الله نفسه يُكرمهم.. "فإني أُكرم الذين يُكرمونني، والذين يحتقرونني يصغُرون" (1صم2: 30).
وهم قد أكرموا الله بتنفيذ وصاياه.. "فتكونون قديسين لأني أنا قدوس" (لا11: 45)، "بل نظير القدوس الذي دعاكم، كونوا أنتم أيضًا قديسين في كل سيرة. لأنه مكتوب: كونوا قديسين لأني أنا قدوس" (1بط1: 15، 16).
لذلك فنحن نُسَر بهم.. "القديسون الذين في الأرض والأفاضل كل مسرتي بهم" (مز16: 3). "فأحب الشعب. جميع قديسيه في يدك، وهم جالسون عند قدمك يتقبلون من أقوالك" (تث33: 3)
والله نفسه مُمجد في قديسيه.. "متى جاء ليتمجد في قديسيه ويُتعجب منه" (2تس1: 10). لذلك فحينما نُمجد القديسين فإنما نحن نُمجد الله فيهم. وسوف يأتي السيد المسيح في مجيئه الثاني مع جماعة القديسين "في مجيء ربنا يسوع المسيح مع جميع قديسيه" (1تس3: 13)، "هوذا قد جاء الرب في ربوات قديسيه" (يه14). بل وسوف يشتركون في دينونة العالم "ألستم تعلمون أن القديسين سيدينون العالم؟" (1كو6: 2)، "متى جلس ابن الإنسان على كرسي مجده، تجلسون أنتم أيضًا على اثني عشر كرسيًا تدينون أسباط إسرائيل الاثني عشر" (مت19: 28). والقديسون هم الذين عرّفونا مشيئة الله "التي تكلم عنها الله بفم جميع أنبيائه القديسين منذ الدهر" (أع3: 21)، "كما تكلم بفم أنبيائه القديسين الذين هم منذ الدهر" (لو1: 70).
وهم الذين سوف نتشارك معهم في المجد الأبدي.. "شاكرين الآب الذي أهلنا لشركة ميراث القديسين في النور" (كو1: 12).
"أما قديسو العلي فيأخذون المملكة ويمتلكون المملكة إلى الأبد وإلى أبد الآبدين" (دا 7: 18).
وقد أعطاهم الله مجدًا يفوق الوصف.. "وأنا قد أعطيتهم المجد الذي أعطيتني، ليكونوا واحدًا كما أننا نحن واحد" (يو17: 22). واعتبرهم نظيره "من يقبلكم يقبلني، ومن يقبلني يقبل الذي أرسلني" (مت10: 40).
والقديسون معنا في شركة عضوية جسد المسيح، وهذه العضوية لا تنتهي بانفصال الروح عن الجسد، بل بالعكس تستمر وتتأصل إلى الأبد..
فالقديسون في السماء أحياء "أنا إله إبراهيم وإله إسحاق وإله يعقوب. ليس الله إله أموات بل إله أحياء" (مت22: 32)، ومازالوا يُصلّون عنا حسب الوصية المتكررة بالإنجيل أن نصلي بعضنا لأجل بعض "أيها الإخوة صلُّوا لأجلنا" (1تس5: 25)، "وصلُّوا بعضكم لأجل بعض" (يع5: 16)، "طلبة البار تقتدر كثيرًا في فعلها" (يع5: 16).
(5) الجهاد الروحي
كنيستنا القبطية تؤمن بقيمة الجهاد الروحي والأعمال الصالحة لأجل خلاص الإنسان "ولنحاضر بالصبر في الجهاد الموضوع أمامنا" (عب12: 1).
إن كنيستنا تلتزم بالإنجيل في تعاليمه بخصوص الجهاد الروحي "لم تقاوموا بعد حتى الموت مجاهدين ضد الخطية" (عب12: 4). فالجهاد مطلوب بطول العمر "الذي يصبر إلى المنتهى فهذا يَخلُص" (مت10: 22)، "قد جاهدت الجهاد الحسن، أكملت السعي، حفظت الإيمان، وأخيرًا قد وُضِع لي إكليل البر، الذي يهبه لي في ذلك اليوم، الرب الديان العادل" (2تي4: 7، 8)، والجهاد مطلوب حتى في خدمة المسيح "الأمر الذي لأجله أتعب أيضًا مُجاهدًا، بحسب عمله الذي يعمل فيَّ بقوة" (كو1: 29)، "هكذا اركضوا لكي تنالوا. وكل من يُجاهد يضبط نفسه في كل شيء" (1كو9: 24، 25).
والحياة الروحية موصوفة في الكتاب المقدس أنها حرب ضد الشيطان "فإن مصارعتنا ليست مع دم ولحم، بل مع الرؤساء، مع السلاطين، مع ولاة العالم على ظلمة هذا الدهر، مع أجناد الشر الروحية في السماويات" (أف6: 12).
لذلك يجب أن نتسلح ونجاهد مستعينين ومتكلين على كلمة الله "من أجل ذلك احملوا سلاح الله الكامل لكي تقدروا أن تقاوموا في اليوم الشرير، وبعد أن تتمموا كل شيء أن تثبتوا. فاثبتوا ممنطقين أحقاءكم بالحق، ولابسين درع البر، وحاذين أرجلكم باستعداد إنجيل السلام. حاملين فوق الكل ترس الإيمان، الذي به تقدرون أن تطفئوا جميع سهام الشرير الملتهبة. وخذوا خوذة الخلاص، وسيف الروح الذي هو كلمة الله. مصلين بكل صلاة وطلبة" (أف6: 13-18)، "اصحوا واسهروا. لأن إبليس خصمكم كأسد زائر، يجول ملتمسًا من يبتلعه هو. فقاوموه، راسخين في الإيمان" (1بط5: 8، 9). ويجب أن نتدرب على حياة الفضيلة "لذلك أنا أيضًا أُدرب نفسي ليكون لي دائمًا ضمير بلا عثرة من نحو الله والناس" (أع24: 16).
(6) الأسرار المقدسة
وكنيستنا القبطية تؤمن بالأسرار المقدسة وضرورتها للخلاص، وتؤمن بفاعليتها في حياتنا:
(أ) سر المعمودية
(ب) سر الميرون المقدس
(ج) سر الإفخارستيا
(د) سر التوبة والاعتراف
(هـ) سر مسحة المرضى
(و) سر الزيجة
(7) الكتاب المقدس
نعرف أن كل الطوائف تستند إلى الكتاب المقدس وتحترمه.. ولكن ما يُميز كنيستنا القبطية أنها:
(أ) تؤمن بكل الكتاب المقدس:
فلا يوجد عندنا أسفار محذوفة.. بل نؤمن أن "كل الكتاب هو موحى به من الله، ونافع للتعليم والتوبيخ، للتقويم والتأديب الذي في البر" (2تي3: 16)، "لأنه لم تأت نبوة قط بمشيئة إنسان، بل تكلم أناس الله القديسون مسوقين من الروح القدس" (2بط1: 21).
ونحن ملتزمون بطاعة كل الكتاب المقدس.. وليس من سلطاننا أن نحذف أسفارًا لا تتمشى مع أهوائنا.. إن الكنيسة تخضع للكتاب المقدس وليس العكس.
وعقيدتنا مستمدة من الكتاب المقدس وخاضعة له، وليس الكتاب هو الذي يتعرض لحذف أجزاء منه لا تتوافق مع العقيدة.
(ب) تؤمن بالعهد القديم وتحترمه:
فالسيد المسيح نفسه كان يصادق على صحة العهد القديم "لا تظنوا أني جئت لأنقض الناموس أو الأنبياء. ما جئت لأنقض بل لأُكمل" (مت5: 17)، وكان يستشهد بمواقف وآيات عديدة من العهد القديم.
ونحن نؤمن أن العهد القديم لم يُلغ بل تغيّر دون أن يُنقض..
هناك أجزاء تحققت في العهد الجديد وهي النبوات، ولا يُمكن فهم العهد الجديد بدون الرجوع إليها.. وهناك أجزاء تحولت من الرمز إلى الحقيقة مثل: الختان، والذبائح، وشرائع التطهير، والأمور الطقسية.. وأجزاء أخرى مثل الشريعة الأدبية ترقت إلى الوضع المسيحي (راجع الموعظة على الجبل "مت5، 6، 7"). ولكن مازال في نظر الكنيسة العهد القديم هو الأساس الذي بُني عليه العهد الجديد وربنا يسوع المسيح هو حجر الزاوية.
ج) تلتزم بكل النصوص الكتابية:
المنحرفون يعتمدون على آية واحدة.. أما الكنيسة فترى أن الكتاب المقدس ليس آية واحدة أو عدة آيات.. إنما هو روح، وحياة تتمشى في الكتاب كله.
والآية الواحدة تُفهم في ضوء السياق العام للكتاب، وفي ضوء ظروف وملابسات كتابتها، وما قبلها وما بعدها من آيات، لأن بعض الآيات تُفهم بوضوح من تكملتها.. "لأن مَنْ مِنَ الناس يعرف أمور الإنسان إلا روح الإنسان الذي فيه؟ هكذا أيضًا أمور الله لا يعرفها أحد إلا روح الله. ونحن لم نأخذ روح العالم، بل الروح الذي من الله، لنعرف الأشياء الموهوبة لنا من الله، التي نتكلم بها أيضًا، لا بأقوال تُعلِّمها حكمة إنسانية، بل بما يُعلِّمه الروح القدس، قارنين الروحيات بالروحيات" (1كو2: 11-13).
د) التفسير:
والكنيسة تفهم الكتاب المقدس على ضوء ما قَبِله الآباء، وعلّموه، وسلّموه إلينا. وهذا ما تم شرحه في شرح مفهوم التسليم الآبائي. "ولكن إن بشرناكم نحن أو ملاك من السماء بغير ما بشرناكم، فليكن أناثيما" (غل1: 8).


المراجع والمصادر

http://www.ahlalhdeeth.com/vb/


قسم الأسئلة العقائدية وبه مقالات عن الأسرار المقدسة

سؤال حول تاريخ الانشقاق في المسيحية

تاريخ الكنيسة القبطية الأرثوذكسية في مصر و العالم
موقع الأنبا تكلا

http://st-takla.org/P-1_.html
















#ناصر_المنصور (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بولس والحرية والفكر والإلحاد بين الإسلام والمسيحية
- النبي طه والكتاب المقدس .
- مخلف الشمري ومعركة التنوير في السعودية
- الإرهاب والتعليم بين آل سعود والوزير الجديد
- الإرهاب بين آل سعود وآل داعش ( 1 )
- ابن سعود والإغريق والثيوقراطية والمدنية


المزيد.....




- “خليهم يتعلموا ويغنوا ” نزل تردد قناة طيور الجنة للأطفال وأم ...
- فيديو خاص عيد الفصح العبري واقتحامات اليهود للمسجد الأقصى
- “ثبتها الآن” تردد قناة طيور الجنة 2024 Toyor Aljanah لمشاهدة ...
- بعد اقتحامات الأقصى بسببه.. ماذا نعرف عن عيد الفصح اليهودي ا ...
- ما جدية واشنطن في معاقبة كتيبة -نيتسح يهودا- الإسرائيلية؟
- بالفيديو.. مستوطنون يقتحمون الأقصى بثاني أيام الفصح اليهودي ...
- مصر.. شائعة تتسبب في معركة دامية وحرق منازل للأقباط والأمن ي ...
- مسئول فلسطيني: القوات الإسرائيلية تغلق الحرم الإبراهيمي بحجة ...
- بينهم طلاب يهود.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين تهز جامعات أمري ...
- أسعدي ودلعي طفلك بأغاني البيبي..تردد قناة طيور الجنة بيبي عل ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ناصر المنصور - بولس إسحق بين أهل السنة والأرثوذكس