|
هل يجلب هذا الرجل المختال السلام لسوريا ؟
بدر الدين شنن
الحوار المتمدن-العدد: 5445 - 2017 / 2 / 27 - 16:34
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
عندما يعلن رئيس دولة مطامعه ، في أراضي دولة أخرى ، فإن ذلك يعني استفزازاً ، وتهديداً بحالة حرب لتلك الدولة .. وعندما يبدأ احتلاله للأراضي الطامع فيها ، فإن ذلك يعتبر عدواناً ووقاحة وجريمة متوحشة مدانة . .. وعندما يسمي عدوانه تحريراً فإن ذلك قمة الهمجية والجنون الفاشي .
ووفقاً بهذه المعايير المعتمدة دولياً وأخلاقياً ، فإن الصفات البشعة في تلك المعايير ، تنطبق على " أردوغان " بامتياز . فهو أعلن بغطرسة هيستيرية ، " أن تركيا لا تخضع ، ولا تركع لأي دولة في العالم .. نحن في حرب تحرير واستقلال جديداً " ويتابع ويكرر بانتمائه للجذور العدوانية العثمانية ، والتركية ، التي ما رسها حكام تركيا على مدى قرون ، في عهد الإمبراطورية المنقرضة وما بعدها .. فيقول " نحن نسير على خطى الأجداد الفاتحين .. مثل السلطان " ألب أرسلان .. والسلطان محمد الفاتح " وعلى خطى أجدادنا العظماء ، أمثال " مصطفى كمال أتاتورك .. وعدنان مندريس .. وتورغت أوزال .. ونجم الدين أربكان " .
ومن المعروف أن تركيا لا تهددها أو تهاجمها الآن ومنذ قرن من نشوئها أي دولة .. متجاوزاً ما قام ويقوم به من عدوانية منذ سنوات عدة على سوريا . فهو قد شارك بفعالية ، منظومة الإرهاب الدولي الفاشية ، باستجلاب الجماعات التكفيرية الإرهابية من معظم بلدان العالم ودربهم وسلحهم وأرسلهم إلى سوريا ، للقتال فيها ، وتمزيقها ، والسيطرة عليها ، وهو يقوم الآن باسم إقامة المناطق الآمنة ، وهي مكشوفة عالمياً أنها مناطق تخرج عن السيطرة الوطنية ، يقوم بغزو واحتلال مدن وبلدات سورية ، هي ذات سيادة معترف بها دولياً بما فيها تركيا ، ضمن الخريطة السياسية السيادية السورية ، ويستفز بالتهديد ، بالمزيد من الزحف والاحتلال في الشمال السوري . وهو يعتبر ذلك " حربه التحريرية " وليس عدواناً همجياً ، كما كان يفعل أجداده المغول العثمانيون . ويتجاهل أن تركيا منذ نشأتها بعد انهيار إ مبراطوريتها العثمانية ، في أوائل القرن العشرين ، قد قامت بالتواطؤ مع الاحتلال الفرنسي ، باحتلال " لواء إسكندرون القائم على خمسة آلاف كيلو متر مربع " كما قامت بضم واحتلال مدن وبلدات سورية أخرى بموجب اتفاقية لوزان 1923 الاستعمارية ، على امتداد حدودها مع سوريا " 800 " كيلو متر .. من أضنة إلى ديار بكر بمعنى أن تركيا نشأت بعد انقراض الإمبراطورية العثمانية ، دون تغيير جذري في نمطية الدولة العنصرية الطامعة المستكبرة ، على الأقليات من مكونات الشعب التركي ، خاصة الأرمن ، والعرب ، والكرد . وعلى من حولها من دول الجوار ، وما هو أبعد من الجوار ، من خلال تحالفات ، أو الحروب في علاقاتها .. وفي هذه الممارسات ، يؤكد " أردوغان " أن مطامعه في سوريا والمشرق ، تتضمن ثلاثة أبعاد ، هي تكرارللنمط العثماني بمسارات مختلفة ، من أجل أهداف عثمانية قديمة متجددة ، فهي تتضمن بعداً عثمانياً ظلامياً داخلياً ، وخارجياً ، يتمثل داخلياً بقمع القوى المعارضة ، وفي مقدمها الأقليات القومية ، وخارجياً ، يتمثل بالهجوم العسكري التوسعي في سوريا والعراق ، وبعداً عربياً رجعياً غبياً ، يتمثل بالجري نحو دول الخليج ، لاستجرارها إلى تحالفات بقيادته ، وانتزاع الأموال منها لتغطية حروبه ، ةبعداً دولياً استعمارياً، بانتمائه " لحلف الناتو " والاتكاء عليه ، لدعم تجاوزاته العدوانية " ليبيا ـ سوريا ـ العراق " والارتزاق لقاء خدماته بانضمامه إلى الاتحاد الأوربي
وحسب التقاليد العثمانية ، فإن " أردوغان " يتجاوز إلى حد مفهوم ، في الوقت الراهن النمطية العثمانية ، في حروبه ، وفي علاقاته الدولية التحالفية ، وعلاقاته المعادية . فهو حليف لدول " الناتو " لكنه يزاود عليها أحياناً ، ويتجاوزها ، في العدوانية على الدول التي يستهدفها ، لاستجرار " الناتو " إلى مخططاته ، التي بدون " الناتو " لا تتحقق
وفي تعامله مع الأبعاد الثلاثة في الحرب على سوريا .. وبلدان عربية أخرى ، يشكل " أردوغان " الشريك العدواني ، الأشد خطراً وسوءاً . وفي الصراع في الشرق أوسطي والدولي القائم ، وفي عملية إحياء العالم الرأسمالي ، وفق مخطط تجديد الحضور الإمبراطوري المتجاوب مع التكنولوجيا المتطورة ، التي تحولت إلى أداة هيمنة ، تخدم الأقوى في الزحام التنافسي الدولي
ومثل جده " السلطان سليم " " ، الذي دق باب مرج دابق أولاً ثم دق أبواب حلب ، وبعدها انتشر عدوانياً محتلاً في كل بلاد الشام .. ألخ .. دق " أردوغان " أبواب مرج دابق ، وهو الآن يزحف تحت رايات العدوان التوسعية لاحتلال حلب ، بادئاً من جرابلس ومدن الشمال السوري . ورغم ذلك هناك من يعول علىيه لإيقاف الحرب على سوريا .. وهو يقود إحدى الجبهات الأخطر فيها ، في شمال سوريا ، على امتداد الحدود التركية السورية ، التي تشمل عشرات المدن ، وعشرات الآلاف من الكيلو مترات المربعة ، ويعول عليه كأحد أطراف المحور الدولي الثلاثي إلى جانب روسيا وإيران ، لوضع خريطة وقف القتال .. وبناء الحل السياسي . في وقت تدك فيه مدافعه المدن والبلدات السورية ، ويزحف على ركبتيه ، ليجتمع مع " الرئيس الأميركي الجديد " دونالد ترامب " للعمل معاً في مسائل الحرب في الشرق الأوسط ، وخاصة على سوريا ، من خلال ما سمي المناطق الآمنة وجعلها باكورة تقسيم سوريا وتقاسمها ، والانخراط في التحالف الذي دعا إليه " ترامب " ويضم أميركا ، ودولاً عربية وخليجية وإسرائيلية
إن ما جرى في " أستانا 2 " وما جرى بعده في " جنيف 4 " جرى حسب ما توقعناه . وذلك بسبب القراءة الموضوعية العملية ، لمكونات الوفود المشاركة في المؤتمرين ، وتلاعبها ، وارتباطاتها المعادية للسلام والشعب السوري ، لاسيما الوفد الممثل للجماعات الإرهابية ، التي لاتزال تقصف بوحشية المدن السورية وتفرض بوحشية على المدن السورية ، مثل دمشق وحلب ، وكفريا ، والفوعة ، التجويع والعطش وتقصف عدداً من المدن السورية بالصواريخ ، والوفد التركي الذي تقوم دولته بغزو همجي للشمال السوري ، الذي خرب ما هام في " استانا 2 " وسحب تصرفاته المخربة إلى " جنيف 4
والسؤال الغالب هنا هو : هل مع مثل هذا الرجل المختال " أردوغان ، الذي منذ بداية الحرب سوريا حتى اللحظة ، يقوم بدور أحد أبرز منسقي الحرب الإرهابية المدمرة على سوريا ، وهو أيضاً يقود ألوية القوات التركية المهاجمة الآن في الشمال السوري ، وعليه حسب كل القوانين الدولية ، هو يستحق الإحالة إلى محكمة العدل الدولية ، أو محكمة الجنايات الدولية .. هل مع مثل هذا الرجل ، يمكن أن تعقد التحالفات الموثوقة لوقف القتال في سوريا ،وهل يستحق أن يكون شريكاً في اللجنة الثلاثية الراعية لمفاوضات تحقق السلام والأمان لسوريا ؟
على ضوء هذا المشهد السوري .. ينبغي عدم السؤال ، عن" موعد عقد مؤتمر جنيف 5 وأستانا 3 " ، بحضور أردوغان والجماعات الإرهابية ، وإنما السؤال هو .. عن خريطة انتصارات الجيش السوري المتسارعة في الحاضر وفي الأيام القادمة .. وكم بقي من المسافة والزمن .. للا نتصار الكامل .. على قوى الإرهاب الدولي . ؟
#بدر_الدين_شنن (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
المعارضة في الزمن الأميركي الجديد
-
آفاق معركة الشعوب مع - الترامبية - الأميركية
-
الشعب السوري هو صانع الدستور
-
أخي السوري ارفع رأسك - إلى الفوعة وكفريا
-
هل تنجح - أستانا - وبعدها إلى جنيف ؟
-
فرصة الشرف
-
ثيران بلفات .. وأشياء أخرى
-
كل عام وأنت بخير يا حلب
-
في التحرير والتسوية والطبقات الشعبية
-
الاستحقاق السياسي المطروح بعد تحرير حلب
-
حلب تنتصر .. وستكمل الطريق
-
العقيدة السياسية ومسؤولية تحرير الوطن وحمايته
-
حلب تتحرر .. وتتوحد ... ( مرة أخرى )
-
بين نداء السلام وقذائف القصف الوحشي
-
كل ما في الأمر
-
الطريق إلى عرش الشيطان
-
الحل السياسي ليس الآن .. سوريا إلى أين
-
المرآة الكاذبة
-
سوريا في غمرة التحولات المصيرية
-
معنى الحرية إلى المهجرين
المزيد.....
-
نيابة مصر تكشف تفاصيل -صادمة-عن قضية -طفل شبرا-: -نقل عملية
...
-
شاهد: القبض على أهم شبكة تزوير عملات معدنية في إسبانيا
-
دول -بريكس- تبحث الوضع في غزة وضرورة وقف إطلاق النار
-
نيويورك تايمز: الولايات المتحدة تسحب العشرات من قواتها الخاص
...
-
اليونان: لن نسلم -باتريوت- و-إس 300- لأوكرانيا
-
رئيس أركان الجيش الجزائري: القوة العسكرية ستبقى الخيار الرئي
...
-
الجيش الإسرائيلي: حدث صعب في الشمال.. وحزب الله يعلن إيقاع ق
...
-
شاهد.. باريس تفقد أحد رموزها الأسطورية إثر حادث ليلي
-
ماكرون يحذر.. أوروبا قد تموت ويجب ألا تكون تابعة لواشنطن
-
وزن كل منها 340 طنا.. -روساتوم- ترسل 3 مولدات بخار لمحطة -أك
...
المزيد.....
-
في يوم العمَّال العالمي!
/ ادم عربي
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023
/ حزب الكادحين
المزيد.....
|