أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - تنظيم ابراهيم النجار - ابستمولوجيا المفهوم وخطر الانقلاب الغير مبرمج















المزيد.....

ابستمولوجيا المفهوم وخطر الانقلاب الغير مبرمج


تنظيم ابراهيم النجار

الحوار المتمدن-العدد: 5445 - 2017 / 2 / 27 - 12:51
المحور: الادب والفن
    


ابستمولوجيا المفهوم وخطر الانقلاب الغير مبرمج .
تتكأ الثقافة العربية على مجموعة من التقاليد الاجتماعية والفكرية حالها حال اي ثقافة في العالم , حيث انها تتبنى جمل من الموضوعات الثقافية المتوارثة تارة والمشتقة من تلك المتوارثة تارة اخرى , حتى ان الباحث في هذا المجال ليظن ان هذه الثقافة عصية على التطور نتيجة لهذين الاساسين, لان الاشتقاق غالبا ما يكون نسخة معدلة من الاصل , من اجل التوافق الاصطلاحي والذوق العام فقط وليس من اجل ابراز نمط جديد من انماط التفكير بدعوى التوالد الذاتي او الموضوعي من تلك الحاضنة , وهذا بالقياس لكل شيء حتى الفن الذي لا يتحمل الكلاسيكية المغلقة في التفكير , حيث اننا لازلنا غير قادرين كمثقفين وشعراء وكتاب على تجاوز مرحلة الوصف الجسدي للانثى في الاعمال الادبية والانتقال الى مرحلة وصف الكمال العقلي والنفسي لها بالرغم من ادعائنا بالتحرر من القيد التقليدي العرفي لفهم هذا المخلوق , ذلك القيد الذي بات باعثا لثقافة العصر الجاهلي في الذاكرة الادبية طوال 1400 سنة الماضية .
محاولات عديدة قامت لتطوير هذه الثقافة لكنها باءت بالفشل نتيجة لتبني القائمين عليها في الغالب سياسة التغريب او الاجترار , وحيث ان لكل مجتمع تركيبته النفسية الخاصة به وحدود عقلية وثقافية لا يمكن تجاوزها دفعة واحدة , صار امام القائم على هذا الموضوع تحديان رئيسيان , اولهما القدرة على بناء خريطة ثقافية تتناسب مع العمق الحضاري وتداعياته على التركيب النفسي لهذه الشعوب على مستوى القبول والرفض , والثاني اخراج هذه المجتمعات من عنق زجاجة الاجترار والبنية العقلية المسطحة في التفكير (تدريجيا) والانطلاق به الى ما يراه مناسبا .
كنا قد راينا محاولات كثيرة بهذا الصدد من قبل المفكرين قد وقعت خلال مراحل تاريخية امتدت منذ الستينيات من القرن الماضي و الى يومنا هذا , ومن ابرزهها تعريف العقل ومهمته وتداعيات الادراك الشعبي والجماهيري لموضوعة الثقافة على بناء الوعي المجتمعي , طبعا بحسب السياق التاريخي لوعي هذه التجمعات البشرية , ومن ابرز تلك المحاولات المعاصرة هي ما قام به الجابري واركون على مستوى الفكر الوضعي , الا انه وبالرغم من شهرة هذين الاسمين في تلك الاوساط واضطلاعهما بموضوع الفكر والثقافة كما اشيع عنهما ,فإن اثر التغريب لم يغادر تلك الاطروحتين , ولعل السمة الابرز فيها هي تاثرهها بمنطلقات البحث الوجودي ,والتي لا تتناسب مع الجو الثقافي العام للمجتمعات العربية , ليس الصبغة الظاهرية للخطاب , بل ما تستبطنه من نتائج واهداف .
ان التحدي الاكبر الذي يواجه النقاد والكتاب في موضوع الفكر والثقافة هو تلك المرجعية التي يجب على الكاتب الاتكاء عليها في صياغة تعريف الاشياء دون ان يترك ثغرات او تناقضات , وبالرغم من ان الفكر الانساني قد واجه وراى بأم عينه ان كل النظريات والاطروحات التي تكون مرجعيتها في التعريف هي العقل العملي والتي دائما ما تبوء بالفشل على طول ذلك الخط , الا انه ظل مستعينا بهذه الالة القاصرة الى يومنا هذا مما يصدق عليه كثيرا قول الشاعر ( وفسر الماء بعد الجهد بالماء ) .
التناقض الذي نراه واضح على منظومة النظم القانونية ومتغيراتها السريعة والتي كانت من اهم منتجات العقل العملي , والذي يثبت لنا قصور تلك الرؤيا بالضرورة العقلية نتيجة للتغاير النوعي والكمي والذي يجعل اللحاق به امرا مستحيلا اذا ما انطلقنا من الية الانتشار الثقافي وبطئها وحاجتها الى الوقت الكافي لتصبح ملكة جمعية لدى الناس .

…. التعريف بالاشياء …..
ما هي القاعدة الاساسية لاقامة التعريف بالاشياء ؟.
على ما يبدوا ان الحاجة للتعريف بالاشياء تنطلق اساساً من خصوصيات العقل البشري في تعريفها , والذي انطلق منه علم السيمياء , العلم الذي يعنى بدراسة الاشارات الصوتية واللغوية التي يستخدمها الانسان في تعريف الاشياء ووضع مسمياتها ,والذي انبثق منه عالم اللغة الذي نستخدمه اليوم , بيد انه ليس بمعزل عن قانون السببية اكيداً والذي يشكل جوهر المعرفة كونه الب المفاهيمي للتعريف .
والقول بعكس ذلك ( اي بعدم الالتزام بقانون السببية واخذه بنظر الاعتبار ) يعني اننا لسنا ملزمين بقواعد اللغة التي نستخدمها اليوم ,ذلك الذي يكون ممكنا بعد ان نعرف ان ما قامت عليه اللغة اساسا هو مستوى من مستويات الوعي البشري في الدلالة والترميز لمكونات البيئة الحاضنة لذلك الموجود , الوعي الذي قد يكون متوفرا لدى الانسان المعاصر بشكل افضل من انسان ما قبل الف عام , بدلالة تطور ذلك الوعي وتعمق التجربة التاريخية في هذا المجال جيلا بعد جيل , مما يعني انه سوف يكون افضل عند البشرية في المستقبل البعيد او حتى المنظور , اذا كنا ننطلق من تلك المقايسة , وحينها يكون استبدال اللغة باستمرار ميسوراً كما نستبدل اثاث المنزل , هذا ما يخبرنا به جاك دريدا ولو ضمناً عندما يحاول في مؤلفاته التموضع داخل الميتافيزيقيا ولكمها وتحطيمها على حد قوله .
بيد ان هذا مما لا يمكن الالتزام به جزما , لضرورة ان المرجعية العقلية لاقامة التعريف تستند دائما على خصيصة السببية او ( العلية ) والذي يعني اننا امام مرجعية عقلية قبلية سواءا كان تلك المعرفة حاصلة بالاستقراء ام بالتجربة او ب( ميتافيزيقيا مقيتة).
ان السيميائيون كبول راين والبرتو ايكو وغيرهم يحاولون اخبارنا بان التغاير المفاهيمي ممكن كما هي اللغة , فاللغة تتطور اكيدا , وما نسميه كلمات معربة خير دليل على ذلك , الكلمات المعربة ادخال لحظي بضرورة تأريخية , وأذن هو استحداث مركب لم يكن ليحصل لولا قانون السببية ,و الذي مهد الى تشارك لغة غريبة مع مفهوم مشترك بين ثقافتين مما يعني ان التغاير المفاهيمي للاشياء امرا مستحيلا على ما يبدوا .
بل حتى ان مفهوم الحداثة الثقافية قائم على هذا الاساس , الاساس القائل بفصل الموروث المفاهيمي واستبداله ( الموروث الثقافي ) , وهذا يصح اذا كانت الثقافة مفرغة من ايديولوجيات دينية , ولا يصح بوجود العكس اكيداً , ومنها تاتي استحالة تطوير الثقافة المجتمعية في البلدان الاسلامية اذا كانت تنطلق من هذا المنطلق لان هذا يعني نسف التشريع الديني القائم على نمط مفاهيمي اصلي للمعرفة .

لذا انعدمت الاشارة في ابحاثهم لقضايا فلسفية قائمة على اساس وجودي فطري يتعلق بالقبليات العقلية كونها تعد من الميتافيزيقا فسميت دلالات تاريخية او ( جينالوجيا ) كما لدى هيدغر ومريده فوكو , فالاشارة للاشياء واطلاق التسميات عليها لا يعني الشيء الكثير , فأستطيع ان اطلق على البيضة كلمة ( تضيب ) مثلا وهي عكس الكلمة بالرغم من سماجة اللفظ بحسب السليقة اللسانية العربية , وحينها لا يفرق شيئا من الناحية السيميائية , بالضبط كما اراده الوجوديون دعما لوجهة نظرهم في الوجود والتي تتكأ على ابستمولوجيا معزولة عن المؤثر المارورائي الخارجي والتي حاول فوكو تفسيرها لنا بالانتقالة التاريخية للوعي البشري كما ذكرت غير بعيد ,في حين ان اقامة تعريف للبيضة هو بيت القصيد , وهو ما لا يمكن ان يتغير ابدا , حتى وان حصلنا على جيل جديد من البشر قادر على ان يبيض بناءاً على المعطى الدارويني للتطور , او الديالكتيك الماركسي لانه سوف يبيض بالطريقة التي تبيض بها الدجاجة وليس من فهمه او من اذنيه على ما يبدوا والا سوف لن نفهم هذ الشيء على انه ( بيضة ) .
وهذا يأخذنا الى نقطة في منتهى الخطورة , وهي البنية المفاهيمية للاشياء والتي تتكأ عليها اساساً صياغة تعاريفها , والتي لا يمكن ان تتغير ابداً لارتباطها بقانون ( العلية والمعلولية ) ومهما كان المنظر او المفكر فطنا ومتيقضا , فأنه سوف يقع في شراك التناقض عند اغفال الجانب المفاهيمي في تعريف الاشياء حال اعمالها في النص , بالخصوص في المنتجات الادبية القابلة للمغالطة وتعدد الفهوم ومجاراة الذوق الناقد وسليقته وخلفيته ومستوى وعيه , والذي يجعل من هذه المادة مستهلكة بين تعدد الفهوم وبالنتيجةتصبح بعد مدة ( تمن ومركَ) كما يحلو للبغداديين هذا الوصف .

لعل هذا ما دعى سقراط للتهكم في خضم تلك السورة الفكرية والفلسفية الملتهبة , لماذا نسمي هذه بيضة , لماذ نسمي هذا أدبا , لماذا نسمي هذه دجاجة ؟..
دارون بنفسه لم يستطع الخروج من التعريف بناءا على قانون العلية او ( المفهوم الاصلي ) , عندما يتكلم لنا عن سبب كون الخنزير الامريكي اسود , حيث قال بسبب أكله لنبتةٍ ما تعيش في بيئته , وبالرغم من ان هذا ليس صحيحا بالضرورة الا انه سوف يتفق معنا أذا عرفنا الخنزير الامريكي بالتعريف التالي ( وهو الخنزير الذي يعيش في امريكا ويكتسب اللون الاسود نتيجة لاكله نبتة ( كذا ) ).
قاعدة السببية تاخدنا الى مجال اوسع في التفكير اذ دخلنا عالم الادب والكلاميات الدقيقة , الكلاميات التي يرتكز عليها المحور المفاهيمي للاشياء وليس اللغوي , فاللغة هي الوعاء الناقل للمفهوم جيلا بعد جيل , وان كل تغاير مفاهيمي يعني استبدالا قيميا , قد تكون القيمة المستبدلة لا تتناسب مع تركيبتنا النفسية , قد تؤدي تلك التغيرات المفاهيمية مثلا الى امتناعا عن تناول طبق السمك المشوي القريب من نفوسنا جداً بدعوى الحمية او التقليد البرجوازي المواكب للثقافة .
لماذا اقول الشعر , لماذا اسخر من هذا ؟, لماذا نمليء الصفحات البيضاء بسواد الحروف كما عبرت احد الكاتبات التونسيات يوما ؟.
السياق القائم في ذهن الكاتب لحظة الكتابة وعلاقته بتعريف الادوات التي يستخدمها وما يقبع تحتها من مفاهيم هو من يحدد اجابة تلك ( اللماذا) هذ الذي غاب عنا اليوم كثيراً بعد ان عجز الكتاب عن وجود اجابة لتلك اللماذا غير انه يجب ان يكتب حتى و ان كان عن اللاشيء والذي كان نتيجة لحصول هذه الفوضى في الاراء وهدر في طاقة التفكير .
هذا ما افهمه وللقاريء فهمه .



#تنظيم_ابراهيم_النجار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قراءة في اللاهوت الملحمي - جلجامش انموذجاً
- قراءة في الخطاب الفكري للعقل
- قراءة في النقد الجابري - ظاهرة العقل المكوِن


المزيد.....




- “أقوى أفلام هوليوود” استقبل الآن تردد قناة mbc2 المجاني على ...
- افتتاح أنشطة عام -ستراسبورغ عاصمة عالمية للكتاب-
- بايدن: العالم سيفقد قائده إذا غادرت الولايات المتحدة المسرح ...
- سامسونج تقدّم معرض -التوازن المستحدث- ضمن فعاليات أسبوع ميلا ...
- جعجع يتحدث عن اللاجئين السوريين و-مسرحية وحدة الساحات-
- “العيال هتطير من الفرحة” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- مسابقة جديدة للسينما التجريبية بمهرجان كان في دورته الـ77
- المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي: إسرائيل تعامل الفنانين كإرهاب ...
- نيويورك: الممثل الأمريكي أليك بالدوين يضرب الهاتف من يد ناشط ...
- تواصل فعاليات مهرجان بريكس للأفلام


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - تنظيم ابراهيم النجار - ابستمولوجيا المفهوم وخطر الانقلاب الغير مبرمج