أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - وديع العبيدي - ياهودايزم [4]















المزيد.....

ياهودايزم [4]


وديع العبيدي

الحوار المتمدن-العدد: 5442 - 2017 / 2 / 24 - 17:13
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


وديع العبيدي
ياهودايزم
[4]
ديالكتيك الثقافات..

ما الفارق بين الهللنستية: مشروع الاسكندر المقدوني، تلميذ ارسطو اخر فلاسفة الاغريق العظام؛ وبين بشارة يسوع الجليلي والرسالة المسيحية التي تمخضت عنها، كرسالة ثقافة عالمية حتى اليوم. الأولى كانت اغريقية ارثوذكسية جوهرها فلسفة الاغريق، والثانية شرقية فلسطينية جوهرها شريعة موسى.
هل كانت ثمة منافسة، صراع، ديالكتيك بين المسيحية والهللنستية؟..
هل ثمة صلة تواصلية او تنافسية بين مشروع الاسكندر الكبير، وانهيار المشروع البابلي بوصفه امتدادا للمشروع الرافديني، والذي كانت نهايته نهاية العالم القديم – الالف الخامسة حتى القرن الخامس قبل الميلاد؟..

الفلسفة الاثينية واللاتينية ذهبت، الى تكون الزمان من دورات تاريخية، والدورة الواحدة قد تتكون من مراحل او اعصر. واعتبرت بداية الكتابة: عصر سومر في الالف الرابعة قبل الميلاد بداية التاريخ/(التدوين). وكان سقوط بابل في القرن الخامس قبل الميلاد، نهاية ذلك التاريخ.
ظهور الاسكندر المقدوني في اول القرن الثالث القبل ميلادي، شكل بداية تاريخ جديد، تمثل بانتقال البؤرة الحضارية- حسب اصطلاح فراس سواح- غربا، نحو اوربا. وفي هاته المرحلة، يتجه اشعاع بؤرة – الأغريق- شرقا نحو بابل/ قدموس، وغربا باتجاه روما.
انتهى مشروع الاسكندر بموته المبكر، ولم يخلفه قائد من مستواه ينهض بمشروعه، فتفتت وذاب في مستنقع الصراعات القبلية والغزوات المحلية. أستثني من بين خلفاء الاسكندر (بطليموس) ملك الاسكندرية وشمال افريقيا –مؤسس حكم البطالمة في مصر-، الذي سيقود نهضة نوعية، تشكل بؤرة جديدة للاشعاع الحضاري، تمتد حتى الغزو الروماني لمصر في العام الخمسين قبل الميلاد.

اتجاه الاسكندر شرقا للحد من التهديد الايراني لحدود الاغريق، جاء تاليا لنجاح والده فيليب، في تأسيس اتحاد كورنثه وضبط الامن والنظام في القسم الاوربي. لكن موته فيليب خلال وجود الاسكندر في الشرق، اعاد تفكك وحدة الامبراطورية في قسمها الاوربي، وهي الفرصة التي استغلتها روما لتمديد نفوذها شرقا، ثم التوسع شرق المتوسط عقب موت الاسكندر وتفكك امبراطوريته. فكان صعود امبراطورية مقدونيا وانحدارها سريعا، ولم يخلف أثرا، لولا الارث الحضاري الثقافي المتمثل بالهللينية.
ليس هناك كفاية بحث في مجال التلاقح الحضاري بين الاغريق وبابل الكلدانية، مقارنة بعمق وسعة التلاقح والتواصل الحضاري بين الاغريق ومصر الفرعونية، الذي خلف مكتبة غنية حاضرة لليوم. ثمانية سنوات من عمر الاسكندر المقدوني، التي عاشها مستقرا في بابل وجحافل جيشه المنتشرة في انحاء شنعار، مدت اواصر تواصلية اجتماعية ثقافية متعددة المستويات والابعاد، مما يستحق وفرة من البحوث والدراسات والتخصصات. اهمال دراسة هذا الجانب، ترك فراغات فاغرة في التاريخ العراقي، بله، علم الاجتماع العراقي وانعكاساته في السياسة والاقتصاد والثقافة. هذا الامر يقتضي عناية الجهد الثقافي العراقي، وتوجهات النشء الجديد من الكتاب والاكادميين العراقيين.

من اثار الهللينستية في فلسطين، ظهور تيار ثقافي يهودي يأخذ بمعارف الاغريق ونهجهم الحضاري، ويبدو ان الحداثة اليهودية العلمانية كانت من القوة، بحيث انعكست على الديانة اليهودية، ممثلة في حدث تاريخي بارز، هو ترجمة التناخ العبراني الى لغة الاغريق، والمعروف بالترجمة السبعينية، التي تمت في الاسكندرية المصرية في عهد بطليموس في القرن الثاني قبل الميلاد.
والى جانب التناخ الاغريقي، كان ثمة انعكاس اخر في المجال الديني، هو ظهور تيار/(طائفة) الصدوقيين الذين ادخلوا افكار التحديث الاغريقية –ثم الرومانية- على الديانة اليهودية - ذات الاصول البابلية-. وقد بلغ تيار الصدوقيين الكهنوتي من القوة والانتشار، بحيث شكلوا المنافس الاقوى لتيار المحافظين الفرّيسيين، وذلك في قيادة المجمع الكهنوتي اليهودي -سنهدريم-.

والى جانب الاثار الهللينية، شهد القرن الثاني قبل الميلاد، تحولا نوعيا في التقارب بين الثقافات المحلية والتلاقحية الثقافية المحلية، التي من ملامحها ترجمة التناخ العبراني الى اللغة الارامية وهي الترجمة المشهورة حتى اليوم باسم – بشيتا/ بسيطه- المستخدمة في الكنيسة السريانية والاشورية. الى جانب ترجمة جوانب عدة من تراث الاغريق ومعارفهم للغات السريانية والتي ستنعكس في السياق الاجتماعي والتنوع الديني وصياغة معتقدات جديدة.
في خلال المفصلية التاريخية بين الارث الحضاري والفلسفي للاغريق، والنفوذ السياسي والعمراني للرومان، كان ظهور حركة التحديث والاصلاح اليسوعية، مقدمة معادلة جديدة توازن بين السلطان الامبراطوري/ الروماني وسلطان الاخلاق من جهة، وبين الفلسفة المادية/ الاغريقية وفلسفة الروح من جهة مقابلة.
مغزى هذا التأكيد، انه لا يمكن فهم حركة وفكر يسوع الجليلي في معزل عن فلسفة الاغريق وعمران الرومان. وأي فهم وتفسير له، كما ساد في الاوساط الكنسية والأرثوذكسية حتى اللحظة، يبقى منقوصا ومشوها. والى هذا الخلل يعود التراجع النوعي وواقع الانقسام والافتئات المتمادي في المسيحية، وبشكل جعل منها ماركة تجارية ضبابية ومجانية، يمكن لصقها على أي سلعة او اتجاه ديني او قومي او سياسي.

واقع الحال.. انه، لابد من اهتمام خاص، بالتوطن الجغرافي لظهور يسوع الجليلي. حيث الجليل/ طبرية مقاطعة رومانية مستقلة ولها حاكمها الخاص، هو هيرودس الأب يومذاك. وموقع اقليم الجليل بين مقاطعة السامرة جنوبا، ولبنان شمالا. وكانت مساحة الجليل التاريخية تشمل جنوب لبنان الحالية شمالا، وتقترب من دمشق الحالية شرقا. فيما كانت مقاطعة السامرة تفصل الجليل عن مقاطعة اليهودية.
هذا التوطن الجغرافي بابعاده السياسية والاجتماعية والحضارية ليس بلا طائل او مغزى، طالما تم تغييبه وتعتيمه وتهيميشه في التاريخ والتعليم الكنسي(*). من هنا ايضا، تتبدى الحتمية التاريخية لأهمية وجود شخصية تواصلية جيوثقافية مثل شخصية شاول/ بولس الطرسوسي- جنوبي الاناضول- في اليسوعية وفريقه الاوربي [لوقا الطبيب، سيلا، تيموثاوس، وتيتوس].
هذا التوطن الجغرافي والسوسيوثقافي، يشمل التوزيع الدمغرافي للتلاميذ الاثني عشر – حواري المسيح. وبينهم واحد وحيد من منطقة اليهودية، هو مسؤول صندوق المال والخائن الوحيد الذي سيبيع معلمه بثلاثمائة من الفضة-[لو 22: 3- 6، 47- 48].
بينما بقية التلاميذ كلهم من انحاء مقاطعة الجليل وسيما صيدا. وكانت موانئ صيدا ولبنان الفينيقية على اتصال ملاحي مستمر مع شواطئ شمال افريقيا كما مع شواطئ شمالي المتوسط، مما يسهل التواصل والتنقل بينها. وبحسب الكتاب، كان يهود ليبيا وتونس هم الاقرب لشخص يسوع امثال سمعان بطرس وشقيقته مريم وابنها يوحنا مرقس -وكلهم من يهود ليبيا-، وسمعان القيرواني الذي حمل معه خشب الصليب.

خلاصة..
سقراط نبي الاغريق.. زعم ان افكاره ليست من بنات ذهنه، وانما من وحي دلفي، معبد الاله ابولو- اله الشمس- ابن الاله زيوس –كبير الالهة- في الميثولوجيا الاوربية. ومن تحت يد سقراط ظهر افلاطون، الذي كان يدعى – ابن السماء- عند خاصته. وظهر ارسطو من مدرسة افلاطون – اكاديما-. وكان ارسطو معلم الاسكندر المقدوني صاحب مشروع امبراطورية واحدة وثقافة واحدة وامبراطور واحد تجمع كل البشرية –قارن مشروع الانترنت والامبريالية الاميركية-.
والاسكندر ايضا كان يدعو نفسه ابن زيوس وسليل السماء، وسخر نفسه ليكون مثالا ومثلا لمقلديه. والارث الاسلامي، جريا على معتقدات سابقيه، اعتبر الاسكندر المقدوني نبيا، ومن الصالحين، وكناه بذي القرنين-(الكهف 94) هزم المغول –ياجوج وماجوج- بما له من قوة الحديد والبأس. وفي ارض الرافدين مقامات ومزارات لذي القرنين.

يسوع الجليلي الذي ظهر بعد الاسكندر المقدوني بثلاثة قرون، قدم نفسه مخلصا للبشرية، وكرس حياته مثالا ومثلا يحتذى لمن يتبعه من اصحاب – الطريق/ الصرط المستقيم- بلغة الرومان، ولفظة: صراط: كلمة رومانية تعني (طريق). والسراط المستقيم هو اسم حي في دمشق، نزل فيه بولس عندما امن بيسوع وتعمد على يد يوحنا، وفيها تم فرزه للكرازة للامم/(اع 9: 11).
وكان اتباع يسوع في البدء يدعون (اتباع الطريق)/(اع 9: 2)، ذاك ان يسوع نفسه قال: (انا هو الطريق والحق والحياة، لا يأتي احد الى الاب، الا بي. ان كنتم قد عرفتموني، فقد عرفتم ابي ايضا. ومنذ الان تعرفونه وقد رايتموه!)/(يو 14: 6).
بولس الرسول، مواليد طرسوس الاغريقية، تتلمذ بكل معارف الاغريق، وهو مواطن روماني بالجنسية، ومن أصول يهودية بالعائلة. وفي كرازته كان يقدم نفسه انه: (بولس عبد يسوع المسيح، الرسول المدعو والمفرز لانجيل الله)/(رو1: 1)، (بولس رسول المسيح يسوع، المدعو بمشيئة الله)/(1كو 1: 1، 2كو 1: 1).
فكان بولس الطرسوسي هو نبي الاغارقة والرومان الجديد بدل سقراط، وسيتم قرن صفات ابولو اله الشمس، بيسوع المسيح نور العالم وشمس الشموس، والشفاء في اجنحتها. وتتلاقح خصائص ديانة زيوس والاله ديانا بالعقيدة اليسوعية، ويتم رفع صورة مريم العذراء لمرتبة الالهة ديانا.

ــــــــــــــــــــــــــــــــ
* لاحظ هنا الاهمية الاستثنائية لربط مولد يسوع الجليلي بقرية بيت لحم القريبة من اورشالوم، وموطن داود بن يسي بحسب (ميخا 5: 2) : (وأنت يا بيت لحم افراته، مع أنك قرية صغيرة بين ألوف قرى يهوذا، الا ان منك يخرج لي، من يصبح ملكا في اسرائيل، واصله منذ القدم، منذ الازل.).



#وديع_العبيدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ياهودايزم [3]
- ياهودايزم [2]
- ياهودايزم [1]
- الثامن من فبراير.. [5] مراهقة سياسية..
- الثامن من فبراير.. [4] ارستقراطية عسكرية..
- الثامن من فبراير.. [3] الاوضاع الدولية
- الثامن من فبراير..[2] الاوضاع الاقليمية..
- الثامن من فبراير.. دورة العنف والسلب.. [1]
- موقف من العالم.. [5]
- موقف من العالم.. [4]
- موقف من العالم (3)
- موقف من العالم..[2]
- موقف من العالم..!
- (أناركش..)
- (تمثيل)..! -ق. ق. ج.-
- من الكتابات الاخيرة للدكتور يوسف عزالدين
- هاتف الثلج.. و(بيت الشعب)..!
- دونالد ترامب.. قدّس سرّه!..
- المنظور الاجتماعي والسياسي في قصيدة عزمي عبد الوهاب: ثرثرة ع ...
- يسوع لم يتعامل بالمال ولا السيف ولم يلمسهما.. (9)- ق2


المزيد.....




- هل تصريح نتنياهو ضد الاحتجاجات في الجامعات يعتبر -تدخلا-؟.. ...
- شاهد: نازحون يعيشون في أروقة المستشفيات في خان يونس
- الصين تطلق رحلة فضائية مأهولة ترافقها أسماك الزرد
- -مساع- جديدة لهدنة في غزة واستعداد إسرائيلي لانتشار محتمل في ...
- البنتاغون: بدأنا بالفعل بنقل الأسلحة إلى أوكرانيا من حزمة ال ...
- جامعات أميركية جديدة تنضم للمظاهرات المؤيدة لغزة
- القوات الإيرانية تستهدف -عنصرين إرهابيين- على متن سيارة بطائ ...
- الكرملين: دعم واشنطن لن يؤثر على عمليتنا
- فريق RT بغزة يرصد وضع مشفى شهداء الأقصى
- إسرائيل مصدومة.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين بجامعات أمريكية ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - وديع العبيدي - ياهودايزم [4]