أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - المتحالفان -الصحراء والبحر- في ديوان -بين غيمتين- سليمان دغش















المزيد.....

المتحالفان -الصحراء والبحر- في ديوان -بين غيمتين- سليمان دغش


رائد الحواري

الحوار المتمدن-العدد: 5441 - 2017 / 2 / 23 - 10:50
المحور: الادب والفن
    


المتحالفان "الصحراء والبحر" في ديوان
"بين غيمتين"
سليمان دغش
أحيانا يسعفنا الوقت/الظرف ونستطيع الخروج من عجقة الحاضر وما في سرعة وكثرة الاصدارات الأدبية، فكل يوم هناك عمل أو أكثر يظهر للحياة، حتى بتنا لا نستطيع متابعتها، بالأمس القريب قدم لي الروائي "محمد عبد الله البيتاوي" دوان شعر "بين غيمتين" وقد وجدت فيه متنفس للهروب/الابتعاد قليلا إلى اصدارات القرن الماضي، وكأن هناك قوة تدفعني إلى ما كتب قبل أكثر من عشرين عام، ولا أدري لماذا يوجد هذا الحنين لما كتب في الماضي وليس ما يكتب الآن، ويمكن أن هناك شيء من الظلم وقع للأدباء وللأعمال الأدبية التي صدرت، فلم تأخذ حقها من النقد أو المتابعة والتحليل كما هو الآن، والآن نحاول أن ننصفها بعض الشيء، رغم أن منتجوها كتبوا بعدها الكثير، لكن لا بأس من التوقف قليلا والتأمل لعلنا نجد فيها شيء أفضل وأجود مما هو موجود بين أيدينا الآن.
هناك عقدة عند الفلسطيني من الصحراء، يمكن لأنها ابتلعت العديد من الابناء، إن كان أثناء البحث عن عمل في دول الخليج، أو أثناء محاولة العودة إلى الوطن، وقد كانت رواية "رجال في الشمس" لغسان كنفاني أثرا في هذه النظرة السلبية، لكن البحر بقى يحمل صورة الفرح والحرية والفضاء الواسع، فهو يمثل بهجة المدن الساحلية، كيافا وحيفا وعكا وغزة، وقد يذكرنا البعض برواية "السفينة" لجبرا إبراهيم جبرا والتي تتحدث عن هجرة الفلسطيني في البحر، قائلا: لماذا لا يكون ـ أيضا ـ متماثل مع الصحراء في ابتلاع الابناء؟، نقول للبحر رونقه الخاص، فهو بطبيعته جميل، ويريح النفس، وكان يمثل العوالم البعيدة والمجهولة للفلسطيني، وكانت مصدر الخير المادي والمعرفي أيضا، فأردناه أن يبقى نقيا صافيا بعيد عن التلوث/السواد الذي اصابنا، ولأنه يذكرنا بما كانا عليه من هناء ونعيم قبل أن نبتعد عن الوطن مجبرين.
في هذا الديوان هناك ذكر كثيف للصحراء وللبحر، يبدأ الشاعر ديوانه بقصيدة "مدخل":
"لماذا اخترت أن تمضي
إلى أفق ضبابي
كصاعقة
من الومض
لماذا اخترت
أن تتزوج الأمواج
حين الموج لا يفضي
إلى رمل نحاسي
وشباك
أطل عليه في نبضي...
لماذا اخترت أن تتقمص الاعصار
أو تتزوج الفضي؟..
لأني اخترت أن ابقى على أرضي" ص 7-9، حضور البحر لم يأتي صريحا، بل جاء من خلال صفاته، خصائصه، ما يقام عليه/فيه من أعمال "الأمواج، فضي، شباك، " فالبحر هو الحاضر الأهم في ولهذا كانت الفقرة الأخيرة " لأني اخترت أن ابقى على أرضي" فالوطن والبحر هما مكملان لبعضهما، فليس هناك وطن دون البحر، لهذا وجدناه بهذا الحضور القوي.
البحر يمثل قوة ومنعة للفلسطيني، فهو ليس جغرافيا وحسب، بل أداة لقهر العدو، سلاح نقاتل به، نزيل به التشويهات التي حدثت على الأرض، هذا ما جاء في قصيدة "أيوب":
"...
آه
يافا القديمة
إنني
آتيك ليلا
كي نمارس عشقنا البدوي
فوق الرمل
أدخل شعرك الغجري
أمسح
أحمر الشفتين
والكحل المزيف
ثم ألقي
في مياه البحر
قبعة
تسمى
تل ـ أبيب..!!" ص16و17، لهذا تعامل الشاعر مع البحر بإيجابية، فهو مصدر من مصادر القوة، وهو من يقربه من حبيبته "يافا" ويلغي/ينهى وجود تلك التي "تسمى تل أبيب"
علاقة البحر بالمدن الفلسطينية علاقة أبدية، علاقة الحياة، فبدون البحر ما كانت لتلك امدن أن تكون بذاك الجمال:
"هل أنت
درتي الوحيدة
والفريدة
كي تخبئك البحار
ويشتهيك القادمون من البعيد" ص19، لهذا اعتقد بأن البحر كان وسيبقى جميلا وبهيا، فهو أكثر من شيء مادي، جغرافي، هو مكون أساسي من مكونات فلسطين، لهذا هو جزء منا، من حياتنا.
قصيدة "بين ليل ونهار" قصيدة خاصة عن البحر، فهو الملاذ إذا "ضاق الأرض بما رحبت"، وهو المخلص وقت الشدة، وهو من سيبعد/سيأخذ عنا ما جاءوا بحرباهم وأخذوا مكانا، هو ليس بحر وحسب بل أقرب إلى إله، يفعل المعجزات، ما لا نستطع نحن أن نفعله:
"يرحلون الآن
عنا
ويعودون قليلا
باتجاه البحر
كان البحر جاري
كلما ضاقت بي الأرض
رميت البحر
في روحي
وأعلنت
انتشاري
يرحلون الآن
عنا
ويعودون إلى البحر
طواويس انكسار
أيها البحر الذي
يشهد
ميلادي
وموتي
واحتضاري
ربما تذكر
إن عدت يوما
ربما يذكر شباك داري..؟
يرحلون الآن عنا
ولنا صحو قليل
كي نغني..
للفدائي
الذي يحمل من خمسين عام
قلبه الدامي
ويافا
للأمام
للفدائي
الذي عاد على برق ونار
يرحلون الآن عنا
ولنا صحو قليل
كي نغني للذي
أعلا بلادا للسماء
ومضى للقدس
مثل الانبياء
بين ليل ونهار
يرحلون الآن عنا
ولنا
أن ندخل الآن إلى ساحاتنا الأولى
عصافير انتظار
ولنا
أن نحلم الآن ببحر واسع
كالرمل فينا..
وبرمل دافئ للهو حينا
وبأصداف ودر في المحار
وبموج
وليس للموج خيار
آخر
عندما يخرج بحر بقرار..
يخرجون الآن منا
يرحلون الآن عنا
ويعودون قليلا باتجاه البحر
ليت البحر جاري
كلما ضاقت بي الأرض
رميت البحر في قلبي
وأعلنت انتشاري...
أيها البحر الذي يشعل ناري..
ربما .. تحملني إن عدت يوما
موجة جذلى
إلى بيتي ... وداري.." ص55- 63، قلنا في موضع غير هذا أن الطبيعة والمرأة والكتابة كلها عناصر تخفف من وطأة الضغط على الشاعر/الكاتب، وهنا يؤكد الشاعر "سليمان دغش" هذا الأمر، فنجده يتجه نحو البحر لتخلص من القسوة الواقع، لكنه لا يتعامل معه كجماد، كشيء خارجي، بل ككائن حي، كشيء مكمل لجسده، كشيء من الروحي التي تمنح الجسم الحياة والحيوية، فبدون الروح/البحر لا توجد هناك حياة، "كلما ضاقت بي الأرض رميت البحر في روحي وأعلنت انتشاري" لكن البحر ليس مهدئ للشاعر وحسب، بل سبب توتره أيضا، ابتعاده عن البحر، عدم قربه من البحر، يجعله يضطرب ويتوتر، لهذا نجده يخاطبه في آخر مقطع قائلا: " أيها البحر الذي يشعل ناري.. ربما .. تحملني إن عدت يوما موجة جذلى إلى بيتي ... وداري.." إذن هناتك علاقة جدلية بين الشاعر والبحر، فهو الحياة/الغاية/الوسيلة لكل أسباب الراحة والسكون.
اعتقد أن هذه القصيدة تحمل شيئا من مأساة أولئك الذي ابتلعهم البحر بعد "الخراب العربي" ولو أن الشاعر نشر هذه القصيدة الآن وعدل في بعض أبياتها لكانت من أهم القصائد التي تتحدث عن مأساتنا حاليا.
كما أخذ البحر مكانته في الديوان، نجد أيضا مكان للصحراء، وقد خصص الشاعر قصيدة "للصحراء أن تقرأ كفي" والتي جاء فيها:
"للعصافير التي
تحلم في صحراء ظلي..
لنخيل قادم
من عطش الرمل
إلى طقس التدلي
للقناديل التي
أطفأها البأس فنامت
(كالتعاويذ)
على حيطان أهلي
لبلاد أشتهيها وبلاد تشتهيني
أعلن الآن التجلي
في دمي
من آية الكرسي
ما يكفي لكي أنجو
وكي أرجو
من الصحراء أن تعقد صلحا
يسند الراية في كفي
ويعلي
نرجسا في الروح
هل للروح
أن تصهل فينا
قبل أن تغتسل الصحراء
من دمي وهمي
قبل أن تعترف الصحراء
أني قادم من غسق الليل
إلى برق ضروري
وأن الريح خيلي" ص107-110، صورة الصحراء مغايرة تماما لصورة البحر، فهي شيء خارجي، ليس له علاقة روحية بالشاعر، وهي ليست نقية/بيضاء كما هو حال البحر، لهذا أقرن وجودها النقي بهذا الفعل "هل للروح أن تصهل فينا قبل أن تغتسل الصحراء من دمي وهمي" فهي بالمطلق سوداء، لهذا أرادها أن تغتسل، لكن ليس بالماء ولكن بالدم، ففعل الاغتسال يمثل الانتقال من الحالة السلبية إلى الايجابية، فهي لكي تتغير من سلبيتها عليها أن تغتسل ليس بما هو عادي ـ الماء ـ ، بل بما هو موجع، الدم، وكأنه الشاعر يقول بأن الصحراء لا يمكن أن تكون طاهرة إلا بحدث عظيم وقاسي.
وإذا توقفنا عند الألفاظ التي استخدمها الشاعر في هذه القصيدة سنجد غالبيتها تمثل القسوة "الصحراء، عطش، أطفأها، البأس، دمي" وكأن هناك أثر وضعته الصحراء في لغة الشاعر، جعلته يستخدم هذا الألفاظ القاسية.
الديوان من منشورات دار الفاروق للثقافة والنشر، نابلس، فلسطين، الطبعة الأولى 1997.






#رائد_الحواري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صوت الأنثى في ديوان -اصعد إلى عليائكَ فيّ- للشاعرة فاطمة نزا ...
- المرأة في مجموعة -الرقص على الحبال- هادي زاهر
- كشف الظلم التاريخي في -عبد الناصر وجمهورية الطرشان- هادي زاه ...
- أشكال الحب في ديوان -الحب أنْ- للشاعر فراس حج محمد
- التصوير في -ضوء- مصطفى أبو البركات
- الطبيعة واللغة في -جناحان للحب وثالثهما لا يرى- مازن دويكات
- العراقي في رواية -يا مريم- سنان أنطون
- الشدة في قصيدة -تزلج على جليد الذكريات- محمد الربادي الكثير ...
- التأنيث في قصيدة -نبض المرايا- عبد السلام حسين محمدي
- الانحياز للجماهير في مسرحية -حدث في جمهورية الموز- بدر محارب
- الاضطراب والغضب في قصيدة -سفر سفر- معين بسيسو
- حقيقتنا في كتاب -الأنثى هي الأصل- نوال السعداوي
- الحكمة الصوفية في رواية -قواعد العشق الأربعون- إليف شافاق
- التأنيث في مسرحية -عالم ذكور- عفيف شليوط
- الأنثى في كتاب -الشاعرة والمعاناة- هاني أبو غضيب
- فرح الشاعر
- الشعر والمرأة والغضب في ديوان -الصافنات الجياع- محمد العموش
- العهد التركي في رواية -نابلس جمر تحت الرماد- هاني أبوغضيب
- صوت المرأة في ديوان - أنثى المطر الأول- وفاء عياشي بقاعي ال ...
- أنا الأسود وهم الأبيض في قصيدة -مسخ لغوي-


المزيد.....




- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...
- قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي ...
- رسميًا.. جدول امتحانات الدبلومات الفنية 2024 لجميع التخصصات ...
- بعد إصابتها بمرض عصبي نادر.. سيلين ديون: لا أعرف متى سأعود إ ...
- مصر.. الفنان أحمد عبد العزيز يفاجئ شابا بعد فيديو مثير للجدل ...
- الأطفال هتستمتع.. تردد قناة تنة ورنة 2024 على نايل سات وتابع ...
- ثبتها الآن تردد قناة تنة ورنة الفضائية للأطفال وشاهدوا أروع ...
- في شهر الاحتفاء بثقافة الضاد.. الكتاب العربي يزهر في كندا


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - المتحالفان -الصحراء والبحر- في ديوان -بين غيمتين- سليمان دغش