أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حيدرعاشور - كائنات - الزهايمرات- والكشف المخاتل...قراءة في المجموعة القصصية للقاص حيدرعاشور














المزيد.....

كائنات - الزهايمرات- والكشف المخاتل...قراءة في المجموعة القصصية للقاص حيدرعاشور


حيدرعاشور

الحوار المتمدن-العدد: 5439 - 2017 / 2 / 21 - 20:51
المحور: الادب والفن
    


كائنات " الزهايمرات" والكشف المخاتل
طالب عباس الظاهر
نلمح الغرائبية منذ الدخول الأول في محاولتنا للولوج الى عوالم القاص المبدع حيدر عاشور، برغبة الاستقراء لأجواء قصصه وشخوصه في مجموعة (الزهايمرات) القصصية، إن كان في عملية السرد، أم في اختيار ثيمات القصص والحكايا، وبدءاً من العنونة فإنه يحيلنا الى مرض " الزهايمر" وهو مرض يصيب الذاكرة بشكل تدريجي، فيبدأ المريض بنسيان الأشياء والأحداث وفي أثناء تطوّر مراحله ينسى المريض أقرب الناس إليه حتى يؤدي المرض بضحيته الى الموت في نهاية المطاف.
ومن هذا المنطلق فقد كانت محاولة دخولنا لمعايشة عوالم قصص " الزهايمرات" ومفردها الزهايمر، بإشارة لاعتلال الذاكرة، ورغبة الاستقراء لأدوات القاص، فنحسب بأنه بصدد محاولة العرض والتعريض لأمراض الواقع لأشعة الشمس، بل ووضعها في النور تحت مجهر الكشف والرؤية الفاحصة ... لتكون شاهدا حيّا للمستقبل، بعدما عاشت في الظلمات طويلاً، وتفشت أعراضها متفاقمة في جسد الواقع وروحه التي مازالت تئن من خبائث الماضي وأورامه المزمنة، لتلقي بظلالها القاتمة في الأخير على الحاضر، وربما المستقبل أيضاً، كخطوة أولى للتشخيص بالمعرفة، ومن ثم بدأ المعالجة سبيلاً للشفاء أو الموت.
لا ريب إن القاص يمتلك نفساً سردياً له خصوصيته المأزومة، ربما جاءت متأثرة كثيراً بما مرّ على الذاكرة الجمعية العراقية من ويلات وويلات الحروب والحصار والطغيان في دولة الجريمة المقننة إبان الحقبة البائدة، ومن ثم ما تلاها من تداعيات مأساوية مازالت آثارها قائمة بموجة الإرهاب الأعمى وهو يضرب بأطنابه في أدق مفردات الحياة اليومية والتفصيلية للناس... سرد يرسم مشاهد حيّة من الوجود القلق تحت هيمنة الموت المطلقة، لكنها متداخلة ومتشابكة ، حتى تصل أحياناً حدّ التنافر فيما بينها. معلنة بذلك عن نفس القاص السردي كإنعكاسات في مرآه الأزمة... بغرائبية التخليق الأدبي في سرد تفاصيل الأحداث لأبطال قصصه وحكاياه ... سواء أكان ذلك من خلال انتخاب طرائق التناول، ومنظور الرؤية، وزاوية الرصد، وأسلوب إدارة الحبكة أو من خلال المعالجة لثيمات قصصه وحكاياه التي عانت بعضها من حالة التشتت في بعض مفاصلها، وغياب الهدفية والإدارة المركزية في بعض آخر...عبر تعكزه أحياناً على الموروث الحكائي الشفاهي في تناول جوانب مسروداته كما في قصة " مطلوب عشائرياً" على سبيل المثال وكأنموذج لما أشرنا اليه.
إذ إن القاص حاول جاهداً في مجموعته هذه المزج ما بين تقنية السرد بذات النفس الإخباري فيما يسمى بالقصة الصحفية... عاكساً عمله الطويل في الصحافة بظلاله ربما على أداؤه الأدبي في مجموعته هذه بشكل واضح، وهي تقنية يشوبها الافتقار الى الصورة الشعرية، والى التشبيه أو المجاز أو الاستعارة، وغيرها من المحسنات اللغوية والبلاغية، وما بين القص الأدبي بتأثيثاته المعروفة إضافة لما تم التطرق اليه الآن.
ناهيك عما يظهر بشكل بارز وجلي من تناول متكرر ومباشر للهم السياسي والوطني في هذه القصة أو تلك الحكاية من قصص وحكايا المجموعة بأسلوب التقارير الإخبارية كما جاء في قصة "قرار مؤجل" و "صاحب الأذرع الطويلة" و" سيطرة" وغيرها ، وهي تؤرشف لمرحلة ما بعد التغيير الكبير في تاريخ الوطن الجريح، وتؤشر أبرز متغيراته على مستوى المعاش واليومي...بتفاصيل كثيرة ودقيقة ومتشعبة، وبغرائبية الحدث والمعالجة، إضافة لما يعتمل في دواخل القاص من هموم وآلام وتراكمات الإحباط، وقيح التطلعات الجريحة لنفس طامحة الى سماء الحرية، وواقع النقاء، قصص وحكايا رصد من خلالها مشاهد حياتية، وأوضاع متفاوتة من طبقات مسحوقة في المجتمع، مؤشراً للفوارق الطبقية الفاحشة ما بين شخوصه كما في قصة " موت تاجر"، كما رصد لمظاهر اجتماعية لطبقات مسحوقة من المجتمع كما في قصة " مؤامرة الغرفة" ولمظاهر اجتماعية راهنة ومعاشة كما في قصة ( أسلاك شائكة).
إن القاص ربما نحا في أسلوب طرحة لمضامينه بهذا الشكل المباشر توخياً للوضوح وللابتعاد عن التعقيد، وطلباً للتخفيف على المتلقي... بسهولة الطرح، خاصة في خضم ما يعانيه قارئ اليوم من فوضى المؤثرات، وتكالب المشاكل والهموم والأزمات في الراهن من الزمن.
أقول، إن القاص لعله يراهن على انتخابه لأسلوب البساطة في طرح مضامينه... سبيلاً الى وصول الفكرة بانسيابية ويسر، فهو يعوّل على مضامين قصصه وحكاياه أكثر مما كان يعوّل على قوة اللغة وبلاغة الأداء وفنية الحبكة، من أجل أن تدخل بانسيابية الى ذائقة القارئ، وتؤثر فيه سلباً أو ايجاباً، رغم إنه في العديد من قصصه وحكاياه كان يمهد لمضامينه بمقدمات طويلة نسبياً، بل وأحياناً معوّمة وغائمة وعسيرة الهضم بعض الشيء.
لكننا نجده يعمد أحياناً في بعض قصصه وحكياه الى عملية استبطان لشخوصه... تلك القابعة في زوايا مخيلته الخصبة، ودهاليز ذاكرته السحيقة... فبعضهم عاش ورحل عن هذه الحياة، والآخر مازال يجاهد ... وبعضها خلّقها لتكون لها حياتها الخاصة في قصصه وحكاياه، كما في قصص " كواليس" و" الضلع الثالث" و" وعود ما بعد المقصلة"، كأنه في كل ذلك يفتش عن الجانب المغيب من وجود كائناته المقهورة والمسحوقة والمهمشة... حيناً بالفقر وبالسجن وبالخوف والمرض أو وحيناً آخر بقبوعها في ظلال بويهميتها... رهينة الإهمال، وكردة فعل للتهميش والنسيان ... في واقع حياة مازال يحكمها الزيف والتزييف.
أخيراً، فإن القاص المبدع حيدر عاشور حاول جاهداً بسرده لقصص (زهايمرات) وحكاياها أن يسحبنا لمنطقته من أجل أن يغوص بنا الى عوالم بعيدة القرار... كابوسية .. حلمية، كأنها عوالم تقبع تحت مستوى المنظور من تفاصيل الحياة المألوفة، والمغيب عن الرؤية العادية للناس، حياة مظلمة ... يكتنفها الغموض والدسائس والسرية، وهو يرصد بمجساته المرهفة أدق الذبذبات للأحداث، ويتلقي ردود أفعالها على الإنسان ، وهذا لعمري ديدن الفنون والآداب في محاولة تحسس نبض الحياة اليومية، وتسليطهما الضوء الكاشف عن المخبآت من أحداث الوجود ، والمغيبات من أسرار الحياة ، وغرائبية ما يمور في دواخل الإنسان.



#حيدرعاشور (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مطار كربلاء الدولي ...نجاح باهر نحو العالمية
- الاعلام الوطني.. شعلة لن تنطفئ...! (الشهرستاني والحشد الشعبي ...
- اصحاب القناع الخفي واختفاء افراح شوقي
- المياحي يرحل مع (الغبش) و(ما بعد الرماد)
- للشعب صلاحيات كبيرة معطلة..!
- الارهاب نار تكفيرية ازف وقتها كي تنطفئ
- المستشفيات وعشرات القتلى -استشفائياً-
- المنجز الابداعي...والنقد الموضوعي
- هل حقق الشيطان هدفه لتنعم اسرائيل بالهدوء التام...؟!
- المشهد العراقي ومواقف المرجعية الدينية
- برلمان في كل مكان
- قصص قصيرة جدا
- الامارات تغرق بدم ابناء اليمن
- جموح وخيانة
- جهنم
- لماذا الشاب العراقي ...قلق ؟
- دماؤكم الزكية... تعيد طيب الشهادة
- المستبصرون ... خط تماس
- تيسير الأسدي.. من زمن الكوليرا السياسية..!
- في العراق .... خيانة متفق عليها ..!


المزيد.....




- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حيدرعاشور - كائنات - الزهايمرات- والكشف المخاتل...قراءة في المجموعة القصصية للقاص حيدرعاشور