أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - الفردوسُ الخلفيّ: الجزء الثاني الضاد 3















المزيد.....

الفردوسُ الخلفيّ: الجزء الثاني الضاد 3


دلور ميقري

الحوار المتمدن-العدد: 5439 - 2017 / 2 / 21 - 07:09
المحور: الادب والفن
    


" أأنتِ واثقة بأنّ الأميرة لم تكن تكذب؛ بمعنى أن يكون هدفها إيذائي نفسياً حَسْب؟ "، تساءلتُ محدّقاً بشعلة الحطب المطقطة في موقد المدفأة الطليانيّ الطراز. داخلي، كان يشتعل بدَوره متغذٍ بحطب الحنق: " ألهذا السبب رمت الشريفة فلذة كبدها، متخليةً عنها بسهولة أذهلتني؟ وأنا من كنت قد أجهدت كلينا بتحقيقٍ لا طائل من ورائه غير انتزاع خَجي منها! ".
قالت لي " سوسن خانم "، متهيّبةً بعض الشيء: " ربما أنّ هدفها كذلك. أما بخصوص الشريفة، فإنّ الحقيقة ستظهر فيما لو قبلت العمل بالكباريه ". كان واضحاً من كلامها الغائم، أنها تشفق عليّ من مشاعر التبكيت وتأنيب الذات. مجرّد أنها شملتني بالشفقة، كان يعني بالنسبة لي انتفاء عاطفة الحب. ذلك، كنتُ قد أختبرته بنفسي من علاقتي السابقة بمَن أضحت أم ابنتي. بيْدَ أنني، لحظتئذٍ، لم أكن أفكّر بهذه الطريقة. كنتُ ما أفتيء أعلل النفسَ بأوهام، منها أن الخانم استعادتني كونها لا تزال تعتقد بإمكانية تنمية علاقة حبّ حقيقيّ بيننا.
وهذه هيَ، تتخلى عن التعبير المبهم لتخاطبني بكلماتٍ واضحة تعلم علم اليقين أنها ليست غريبة عن سمعي: " تلك المرأة الشبيهة بالشبح، بقامتها وسمرتها، تغشى دهاليز المجتمع لكي تترك فيه ذكرى من فضائحها. إنها لا تجد لذتها سوى في تعذيب الآخرين، كونها بنفسها امرأة محبطة ومحطمة. لعلك سمعتَ بحكاية علاقتها القديمة مع رجل فرنسيّ، وما يشاع عن أنها أثمرت طفلة غير شرعية؟ ". كان واضحاً، أنها تريدني أن أدرك بمعرفتها جليّة صلتي بالأميرة، والتي لطالما حرصتُ أن تبقى مخفيةً عنها. فلئن كانت " للّا عفيفة " من كشفَ الأمر، فإنّ ذلك ليسَ بالغريب عن مسلكها المستهتر. شعور الأمل، ولا غرو، بدأ يخلي مواقعه لغريمه؛ شعور اليأس. أستعدتُ عند ذلك تأكيد " الشريفة "، بأنّ الخانم لا تبغي من وراء استعادتي سوى الإحتفاظ بإبنتنا.
" بلى، أعرف أشياء كهذه عن الأميرة وعلى لسانها هيَ. ولكن، كلّ منا معشر البشر يعتقدُ بأنه يعيش في قلعة لا يمكن إختراق حصونها. أليسَ كذلك؟ "، نطقتُ كلماتي من فم مبتلّ بالشراب الناريّ. أقداح الويسكي، التي كنت أتعاطاها مذ حلول المساء، بدا أنها ستجعل لساني أكثر إنطلاقاً. ولم يكن هذا بالشيء الحَسَن، خصوصاً وأنني بت الآن وابنتي تحت رحمة الخانم.
هزّت مخدومتي رأسها، دلالة على تفهّمها مقصد القول. القلق، كان يمكن معاينته أيضاً في ارتعاش أهداب عينيها. ولكنها لم تلبث أن أجابتني بخطبة مطوّلة نوعاً: " لحُسن الحظ، أنّ عقيدتنا الإسلامية ليسَ فيها طقس الإعتراف. وإلا لكان الكثير من النساء أصبحن رهينة بأيدي رجال الدين، يفعلون بهن ما تشاء لهم غرائزهم البهيمية. فما بالك في مدينة كمراكش، حيث لا حدود للإباحة، لدرجة أنها صارت جزءاً من حياة طبقتها الراقية. إنني أعرف العديد من نساء هذه الطبقة، تحولن خفيةً إلى الكاثوليكية لسبب أو لآخر. وربما للّا عفيفة إحداهن، من يدري؟ على الرغم من أسلوب حياتهن، المعرّف بالإبتذال، إلا أنّ الواحدة منهن لا ترى بأساً من إشغال سويعة من يومها بقراءة رواية رومانسية؛ مثل " خطيئة الأب مورييه " لأميل زولا. هل قرأتها بنفسك؟ نعم؟ حسناً، إنها رواية ممتعة وعميقة وبعيدة المرامي. غير أن هاته النسوة لا يمكن أن يجذبهن في تلك الرواية سوى وسامة القس الشاب، وعلاقته الجنسية المثيرة بفتاة من أسرة ملحدة. أنا وأنت، وأيضاً شيرين الراحلة بطبيعة الحال، حاولنا أن نبقى بمنأى عن جوّ هذه المدينة، الموبوء، ليسَ بصفتنا غرباء مشارقة، بقدر كوننا مثقفين ذوي عقلية مختلفة. على ذلك، أفهم شعور الإنتصار لدى الأميرة، حينَ سقطت المسكينة شيرين ضحية ظروف معينة. ذلك الشعور، كان لسان حاله يقول: الكلّ سواءٌ في المدينة الحمراء؛ فلا يتباهَيَنّ أحدكم علينا بمستواه الثقافي! والآن، أنتَ تريد ردي على ملاحظتك، حول القلعة المنيعة؟ "
" بلى. أعني، أنني طرحتها كوجهة نظر لا أكثر..! "، قلت للخانم متلعثماً. ولكنها بدت كأنها لم تسمع تعقيبي، فاستمرت تتكلم بالإندفاع نفسه: " أرجو ألا يثير استياءك ما ستسمعه مني، وأن تتفهمه على حقيقته. الشريفة، أخبرتني اليوم بأنها أعلمتك بموضوع المساومة على ابنتكما. حصلت المساومة منذ شهور بعدما علمتُ بأمر حملها. خيّرتها البقاءَ في خدمتي، بشرط أن تتنازل لي عن وليدها. كنتُ آنذاك بحاجة لإثبات البنوة، لكي أنهي اجراءات طلاقي من رجلي السابق. لأن زيجتنا لم تكن سوى مساومة تجارية. كان قد اشترط عليّ ألا أحمل، قائلاً أنه مكتفٍ بأولاده من زوجاته الثلاث. فلما أستدعيَ للجبهة السعودية، على أثر اجتياح الكويت، فإنني أخبرته في إحدى مكالماتنا الهاتفية بأنني حامل ولا أفكّر باسقاط الجنين. أمام تعنتي بشأن الحمل المزعوم، قام الرجل بإرسال ورقة طلاقي. إلا أنني كنتُ أملك توكيلاً منه بإدارة هذه الشركة، وخشيةً من مبادرته برفع دعوى قضائية لاستردادها، كنتُ بحاجة إلى طمأنته بأنّ كل شيء سيكون مستقبلاً من نصيب وليدٍ من صلبه. ظروف الحرب، فضلاً عن وجودي في مراكش بعيداً عن أعين موظفي السفارة الكويتية، جعلا الرجل يقتنع بالأمر الواقع... "
" ولكن الشريفة كانت ستضع حملها في نهاية ذلك العام، أي بعدَ موعد وضعك المفترض بستة أشهر على الأقل؟ "، قاطعتها بهذه المعلومة الحسابية. تبسّمت الخانم لسؤالي الساذج، أو لأنها كانت مستغرقة في الحديث وكأنها تستعيد ذكرياتها أمام مرآة. أجابتني، مطبطبة على يدي: " أجل، بالطبع، كان بمقدوري حساب ذلك! ولو أنك تذكر، فإنني في الأشهر الأولى من الخريف، آنَ تعرفت عليكما أنت وشقيقتك، كنت ألتزم الظهور بالقفطان المغربيّ لأبدو حبلى. كنتُ أفعل ذلك، بغية خداع من يراقبني لو وجد. وعلى أيّ حال، فإنني لم أكن بحاجة لكل ذلك العناء بعدما أبلغني شقيقي الكبير، المقيم في دبي، بأنه تفاهم مع طليقي باعتبار الشركة ضمن مؤخر صداقي. أعترف، بأنني لعبت لعبة سخيفة.. بل وسافلة. إلا أنّ أولئك الرجال الخليجيين، هم من الأنانية والأثرة، أنّ المرأة مضطرة لفعل أيّ شيء كي تنال حقوقها. ألا قبحهم الله من ذوات مريضة، مشوّهة! ". عندما أنهت " سوسن خانم " كلامها، بدت بغاية البهاء والفتنة. حتى النمش المبقّع تلتيّ وجنتيها، لم يكن في نظري سوى بتلات أزهار دقيقة الحجم. تخيّلتُ نفسي عندئذٍ أنني القس، المستفرد بهذه المرأة الجميلة في غرفة الإعتراف.





#دلور_ميقري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفردوسُ الخلفيّ: الجزء الثاني الضاد 2
- الفردوسُ الخلفيّ: الجزء الثاني الضاد
- الفردوسُ الخلفيّ: الجزء الثاني الذال 3
- الفردوسُ الخلفيّ: الجزء الثاني الذال 2
- الفردوسُ الخلفيّ: الجزء الثاني الذال
- الفردوسُ الخلفيّ: الجزء الثاني الخاء 3
- سيرَة أُخرى 47
- الفردوسُ الخلفيّ: الجزء الثاني الخاء 2
- الفردوسُ الخلفيّ: الجزء الثاني الخاء
- الفردوسُ الخلفيّ: الجزء الثاني الثاء 3
- الفردوسُ الخلفيّ: الجزء الثاني الثاء 2
- الفردوسُ الخلفيّ: الجزء الثاني الثاء
- الفردوسُ الخلفيّ: الجزء 2 التاء 3
- الفردوسُ الخلفيّ: الجزء 2 التاء 2
- الفردوسُ الخلفيّ: الجزء 2 التاء
- سيرَة أُخرى 46
- سيرَة أُخرى 45
- الفردوسُ الخلفيّ: الجزء 2 الشين 3
- سيرَة أُخرى 44
- الفردوسُ الخلفيّ: الجزء 2 الشين 2


المزيد.....




- -بنات ألفة- و-رحلة 404? أبرز الفائزين في مهرجان أسوان لأفلام ...
- تابع HD. مسلسل الطائر الرفراف الحلقه 67 مترجمة للعربية وجمي ...
- -حالة توتر وجو مشحون- يخيم على مهرجان الفيلم العربي في برلين ...
- -خاتم سُليمى-: رواية حب واقعية تحكمها الأحلام والأمكنة
- موعد امتحانات البكالوريا 2024 الجزائر القسمين العلمي والأدبي ...
- التمثيل الضوئي للنبات يلهم باحثين لتصنيع بطارية ورقية
- 1.8 مليار دولار، قيمة صادرات الخدمات الفنية والهندسية الايرا ...
- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - الفردوسُ الخلفيّ: الجزء الثاني الضاد 3