أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - شمخي جبر - الطرح الايديولوجي وحاجات الأمة العراقية















المزيد.....

الطرح الايديولوجي وحاجات الأمة العراقية


شمخي جبر

الحوار المتمدن-العدد: 1432 - 2006 / 1 / 16 - 10:26
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


برز مفهوم الايدولوجيا على يد المفكر الفرنسي ( الكونت أنطوان دي ستون دوت راسي 1754_1836) والذي سماه علم الأفكار ؛ العلم الذي يدرس الأفكار بالمعنى الواسع لكلمة أفكار؛ أي مجمل واقعات الوعي من حيث صفاتها وقوانينها ؛ وتطور هذا المفهوم ؛ فقد راى ماركس أنها جزء من البنية الفوقية للمجتمع ان لم تكن البنية الفوقية برمتها من أخلاق ودين وقانون ومؤسسات سياسية ودولة وفكر وأدب وغير ذلك .............فنجد ان الايدولوجيا من وجهة نظر ماركس هي الثقافة حين ننظر الى تعريف الثقافة كما يعرفها تيلور بأنها ( ذلك الكل المركب الذي يتضمن المعارف والتقاليد والأخلاق والعادات واي قدرات وخصال يكتسبها الإنسان نتيجة لوجوده كعضو في المجتمع.
ويرى باحث آخر ان الايدولوجيا : أنماط من القناعات السياسية التي تبرز رؤى معيارية في الحياة السياسية وهذه الرؤى عادة ما تتضمن مواقف محددة من حول طبيعة الإنسان؛ والعلاقة بين الفرد والدولة والمجتمع والعلاقة بين الاقتصاد والسياسة في المجتمع؛ و يرى آخر إنها هي فلسفة حياة تفسر علاقة الانسان بالمجتمع والتاريخ تفسيرا عاما شاملا يكشف عن منطق التاريخ وحركته ؛ فيما يرى غيره انها نظام من الأفكار الاجتماعية؛ التي ترتبط بمصلحة جماعة معينة؛ وتشكل أساسا لتحديد او تبرير فاعليتها الاجتماعية في مرحلة تاريخية معينة .
ويعتبر كمال المنوفي ( الايدولوجيا إطار لحالة يساعد الفرد على تحديد هويته داخل الإطار الاجتماعي والسياسي القائم؛ أي تحديد موقعه التاريخي والاجتماعي ؛ ودوره الملائم في الحياة وطبيعة وغاية وجوده؛ وتحقق الايدولوجيا التضامن الاجتماعي اذ هي تكفل تماسك الجماعة؛ حيث تزود أعضاءها بنظام عقيدي يلتفون حوله ويجدون فيه مثلا أعلى ينشدون بلوغه.كيف تتعامل الايدولوجيا مع الواقع ؛ وكيف تتعامل مع بنيتها ؟هل هي نسق نهائي يصل في بعض الأحيان الى حد القدسية فلا يمكن المساس به نقدا او تطويرا ام هي ( إنتاج وتجاوز الإنتاج بالنقد ) وإعادة إنتاج متواصلة تتضمن حدي الواقع المتكون والواقع الذي لم يتكون بعد( هو حلمها ؛ وما يملأ مخيلتها )؛ الوعي لكلية هذه العملية الحركية الشمولية هي وعي للايدولوجيا وما يتجاوزها في الوقت ذاته وكما يقول مطاع صفدي ( لن تكون الايدولوجيا خطرا على ذاتها وعلى الوعي الا عندما تصبح الايدولوجيا غاية في حد ذاتها؛ حين تدعي انها صارت والعقلانية شيئا واحدا) . وقد ينظر البعض للايدولوجيا على انها حلم لا صلة له بالواقع الملموس .
وهنا لابد لنا من نتساءل ؛ هل نقول مع هيجل ان الفكر صانع الواقع؛ او الواقع الصورة الظاهرة للفكر؟؛ ام نقول مع ماركس ان الفكر يصدر أصلا عن الواقع ؛الفكر انعكاس لحركة الواقع ؛ هل الفكر قادر على إنتاج الواقع ؛ ام هناك انقياد واستسلام الفكر للواقع هل نستطيع ان نفصل بين تطور العقل geist عن تطور المجتمع society ان هذين التطورين لابد ان يسيران بشكل متوازي فلا تطور للمجتمع بدون تطور العقل ولا تطور للعقل بدون تطور المجتمع؛ لان عملية الصراع بين التخلف والتطور لا تحدث على مستوى الفرد او على مستوى عقلي بل لابد ان يخوضها المجتمع بكل شرائحه؛ وبالتالي لابد ان يكون هناك اتساق في عمليات التطور والتغيير بين الكم quantity والكيف quality ؛ وألا فان عمليات التغيير والتطور ممكن ان تتحول الى نزعةلاعقلانيةantinationalism؛ ونحن هنا حين نتناول عمليات التغيير وعلاقتها بالايدولوجيا لان الايدولوجيا هي وسيلة التغيير وهي برنامج التغيير؛ اذن هي وسيلة وليست غاية.
وحين ننظر الى واقع الأمة العراقية وما طرحته نخبها او تبنته من أيديولوجيات ،نجد ان الوعي السائد وعي مزيف وما تطرحه النخب هو خارج السياق الثقافي للأمة العراقية ولم يكن معبرا عن ضميرها ولم يكن ابن الواقع او منبثق من فعالية وحيوية البنى الاجتماعية السائدة ؛ بل هي أيديولوجيا منقولة(مستوردة) نقول هذا لأنها لا تعكس حركة المجتمع الفعلية او العلاقات القائمة بين مختلف وحدات هذا المجتمع على اختلاف أنواعها ومستوياتها من فئات وطبقات ومكونات عرقية ودينية وطائفية ؛ بل هي دائما تختصر الوطن في دين اوقومية او طائفة ؛ او في حزب او زعيم .
ومن هنا فقد تصبح الايديولوجيا عبئا على الواقع او قد يصبح الواقع عبئا عليها فهي حين تنقاد الى الواقع ،لا تأخذ دور المبادر في عملية التغيير ؛ بل تحاول ان تحافظ على سكونية هذا الواقع لان هذه السكونية تخدمها أكثر مما تخدمها المطالبة بالديناميكية والتغيير لا ن البنية الفكرية التي تحت يدها غير قابلة للتغيير ؛ وبالتالي قد تصبح هذه الايديولوجيا عبارة عن عملية تضليل وتزييف للوعي؛ او قد تتحول الى غاية بعد ان كانت تدعي إنها وسيلة؛ فتتحول الى( دوغما) لا يأتيها الباطل من بين يديها أو من خلفها؛ وترفض المحاكمة العقلية وتبحث عن التقديس لتستظل به ؛ وقد تستعين بالنصوص الدينية للاتكاء عليها كسند لمواجهة اي نقد ؛لأنها تعتبر إن النص فوق الواقع وان الواقع اذا وجد نفسه في علاقة غير متسقة بينه وبين النص فعلى الواقع أن يعاد النظر فيه كما يقول( الطيب تزيني )هؤلاء يسهمون في تصعيد المأزق الفكري الإسلامي ؛ في محاولة للهروب من العقلانية ؛ وبالتالي الهروب من الاتساق مع الواقع وفرض نفسها عليه باعتبارها( تابو) وهنا يرمى المقدس الحقيقي جانبا بعد التخلي عن العقلانية وفرض مقدس من خارج سياقات الوعي والواقع واعتباره المقدس الحقيقي واي مساس به يعتبر مساس بالمقدس الأول ؛وان كل شيء خاضع لقياس الواقعي على المثالي ؛ شديد الكراهية للراي بعيد كل البعد عن ديناميات اللحظة التاريخية المعاشة منغلق على ذاته لا يمكن ان يخطأ لأنه هو المعيار للصواب والخطأ وليس أي شيء خارج ذاته اولم يقل يوسف القرضاوي( إذا أردتم أن تحاكموني فحاكموا الإسلام ) فاختصر الإسلام في فتاويه ومقولاته ؛ الأمر لا يقتصر على الإسلاميين ؛ بل كل النخب تقف موقف هروبي استلابي اكثر منه مواجهة التحديات التي تواجه الأمة ؛تحديات مدججة بالثقافة والفكر والحضارة و(الليبرالية المتوحشة) التي تمتطي الدبابات والبوارج وصواريخ عابرة القارات ؛ والشركات متعددة الجنسيات واقتصاد السوق والمد العولمي بكل ما يحشد من مخالب . نقول مثلما يهرب السلفي الى الماضي ويغلف نفسه بحلم زمني معين كما يقول( تركي الحمد) نجد أخاه المعاصر يهرب الى حلم مكاني معين ومثلما يقوم التقليدي بجعل (إسلامه الذاتي ) محك الأمور ومعيار الحق والحقيقة ؛ الليبرالي يرى ان أسس البلاء هي غياب الديمقراطية والليبرالية ؛ وكذ يفعل الماركسي بندب اشتراكيته وشيوعيته ؛ التي يرى إن لا حل إلا بها. وهكذا بقى الطرح الايديولوجي بعيدا عن ضمير الأمة وآمالها وآلامها وان اتخذ في بعض الأحيان صفة التعبير عن مصالح فئة او مكون من مكوناتها كما هو في الخطاب الاسلامي( سني ، شيعي ) ؛او يعبر عن مكون عرقي كما هو في خطاب الحركات السياسية الكردية؛ او لدى القوميين العرب.
ومنذ التأسيس الأول للدولة العراقية في مطلع العشرينات من القرن الماضي ؛ لم يكن هناك وعيا حقيقيا يحتضن كل مكونات الأمة العراقية فيعبر عن مصالحها مجتمعة ؛ وليس العمل لتأسيس ايديولوجيا تفتت الأمة او تزرع الفرقة والتشتت.
فبقت الأمة مشدوة الى واقع غير واقعها ؛ مرة يقع في زمن مضى؛ وأخرى في جغرافيا وتاريخ او ثقافة أخرى نقلت من هناك.هذه الايديولوجيات شكلت تشويها لوعي الأمة؛ هذا وغيره شكل شرخا كبيرا في وطنية الفرد وفي ارتباطه بأرضه ووطنه فاصبح غريبا بلا هوية ؛ حين ضاع بين الهويات ؛ او تجاذبته الهويات من كل حدب وصوب فمرة الهوية الإسلامية وأخرى الهوية العربية ؛ اما هويته الوطنية الهوية العراقية ؛ فقد سمي من يتسمى بها قطريا او إقليميا وأحيانا يسمى شعوبيا واعتبر من اعداء الوحدة العربية ؛ على اساس ان من يلتزم او يتبنى الهوية الوطنية يشكل ما يسمونه( القومنه القطرية).
من جانب آخر فان الفرد العراقي وفي ظل هذه التجاذبات اخذ يحتمي بهويات فرعية من داخل الهوية العراقية او لأحد مكوناتها ؛ مما شكل خطرا آخر على الهوية الوطنية حين يصبح هناك بديلا عنها ( العرقية والدينية والطائفية والقبلية ).
فحين يختصر الوطن بطائفة او قبيلة او دين ؛ يدخل من يبحث عن مصالحه في ظل الفرقة هذه ؛ وخصوصا الزعامات التي لا تستطيع ان تجد لها مكانا إلا في ظل هذه الظروف .
ونظرة متفحصة للمشهد السياسي العراقي تعطينا كيف يتشكل هذا المشهد ؛ فاكبر أحزابه هي الأحزاب الطائفية والدينية والعرقية ؛ وفي ظل غياب الهوية الوطنية للأمة العراقية تصبح هذه الأحزاب أكثر حظا في الانتخابات لأنها تجيد العزف على أوتار الفرقة ؛ ويخدمها في هذا ما تعرض له الفرد من اضطهاد وتهميش وحرمان من المشاركة السياسية ؛ في سلطة احتكرت الوطن والأمة والدولة في يد الأقلية ؛ وكل ما سلط على الفرد من ظلم جعله يبحث عن هوية او مظلة يستظل بها فلم يجد إلا مظلة هويته الفرعية لان مظلة الوطن والأمة مغتصبة ومحتكرة .



#شمخي_جبر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المشروع الليبرالي في العراق بين استراتيجية الفوضى الخلاقة وح ...
- الديمقراطية والهوية الوطنية للامة العراقية
- نجادي الذي داس على ذيل التنين
- فساد الحكم وآثاره الاجتماعية والاقتصادية
- المشهد السياسي ومستقبل الديمقراطية في العراق
- طوبى للعائدين الى ارض الوطن
- الشاعر الخباز الذي رتل
- مثقفو القبائل والطوائف ومسؤلية المثقف العراقي
- دولة القانون .............دولة المليشيات
- الجندر : علم النوع الاجتماعي؛ هل نحتاج هذا العلم؟ ، وماذا يت ...
- المعوقات التي تواجه الكتاب العراقي ؛ البحث عن حل
- التحديات أمام الهوية العراقية ؛تذويت ألهويات الفرعية
- استشهاد عثمان علي درس في الإخاء والتضامن وصفعة للطائفيين
- ثقافة الاستبداد وصناعة الرمز
- عثرات الحكومة من يقيلها ؟
- واقعة جسر الأئمة
- المواطنة وتجاذبات المكونات الفئوية و تأثيرها على كتابة الدست ...
- من ينام على سرير بروكست (قراءة في مرجعية العنف في العراق
- الحراك السياسي في العراق حضور القبيلة والطائفة _غياب المواطن ...
- أزمة المواطنة والهويات الفرعية


المزيد.....




- قائد الجيش الأمريكي في أوروبا: مناورات -الناتو- موجهة عمليا ...
- أوكرانيا منطقة منزوعة السلاح.. مستشار سابق في البنتاغون يتوق ...
- الولايات المتحدة تنفي إصابة أي سفن جراء هجوم الحوثيين في خلي ...
- موقع عبري: سجن عسكري إسرائيلي أرسل صورا للقبة الحديدية ومواق ...
- الرئاسة الفلسطينية تحمل الإدارة الأمريكية مسؤولية أي اقتحام ...
- السفير الروسي لدى واشنطن: وعود كييف بعدم استخدام صواريخ ATAC ...
- بعد جولة على الكورنيش.. ملك مصر السابق فؤاد الثاني يزور مقهى ...
- كوريا الشمالية: العقوبات الأمريكية تحولت إلى حبل المشنقة حول ...
- واشنطن تطالب إسرائيل بـ-إجابات- بشأن -المقابر الجماعية- في غ ...
- البيت الأبيض: يجب على الصين السماح ببيع تطبيق تيك توك


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - شمخي جبر - الطرح الايديولوجي وحاجات الأمة العراقية