أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - رمسيس حنا - المغالطات المنطقية (5) مغالطات الحجج منقطعة الصلة بالموضوع















المزيد.....



المغالطات المنطقية (5) مغالطات الحجج منقطعة الصلة بالموضوع


رمسيس حنا

الحوار المتمدن-العدد: 5435 - 2017 / 2 / 17 - 08:58
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


فى مغالطات الحجج منقعطة الصلة بالموضوع عرفنا ماذا يُقصد بالمغالطة الجينية أو مغالطة الأصول و هى التى تركز على الشخص أو المكان الصادر منه الحجة دون الحجة نفسها. كما عرفنا المغالطات التى تنضوى تحت المغالطات الجينية مثل الحجة الفاسدة و الحجة الظرفية و مغالطة الإحتجاج بإجماع الناس و مغالطة حجة عربة السيرك أو إتباع سياسة القطيع؛ كما تناولنا مغالطات مناشدة الوطنية، و إنتهاج المباهاة و التفاخر، و درسنا مغالطات مناشدة التقاليد و الإستشهاد بسلطة أو مرجعية شهيرة ثم اللجوء الى سلطة أو مرجعية متحاملة و متعصبة. و فى هذا المقال سنتناول ضمن مغالطات الحجج منقطعة الصلة بالموضوع مغالطة مناشدة العواطف خاصة عواطف الرثاء و الشفقة و الشعور بالذنب و تطبيقاتها من قبل رجال الدين لمحاولة إقناع الناس بحجة ما.

مناشدة عواطف الرثاء و الشفقة (Argumentum Ad Misericordiam) هى مغالطة منطقية تعنى شحن أو إستجداء العواطف (emotional appeal) لأمر أو أمور هى فى الأصل مواضيع ينبغى أن تكون أطروحات جدلية يحكمها المنطق و يتناولها التفكير السليم بالبحث و التقصى ... فبينما قد يجدى الرثاء و الشفقة و ندب الحظ بصفة عامة فى تدعيم و تقوية عواطف و إحساسيس القارئ أو المستمع نحو التقصير فى الواجب أو نحو الفضيحة و العار أو فى بعض حالات سوء المعاملة و الإستغلال و كفى؛ فالرثاء و الشفقة و ندب الحظ عواطف غائية، أى أنها لا تطرق الى أبعد من كونها هدف لذاتها. بمعنى اَخر أن عاطفة الرثاء لا يتطور عنها إلا الشفقة التى تؤدى بدورها الى الندم و الرثاء و الحزن، و مثل هكذا ندخل أنفسنا فى حلقة مفرغة (vicious circle) لا غاية و لا هدف لها إلا اللف أو الدوران فى إطار هذه الحلقة المفرغة (vicious circle) ... إلا أن محاولة الكاتب أو المتحدث أن يستخدم و يستغل هذه العواطف من أجل إن يحوز على قبول القارئ أو المستمع بنتيجة غير منطقية لموضوع ما ، أو أن يناشد هذه العواطف لإثبات حجة ما، فإن تناول الأمر على هذا الوجه يُعد مغالطة منطقية ... و نحن نشَّبه الحجج التى تثير الشفقة و الرثاء و الحزن بـ"العدودة" أو "التنويحة" التى تغنيها النساء فى الجنازات و التى لا تهدف الى لا شيئ غير البكاء و الرثاء. و لدينا مثال فى الشعر العربى من قصيدة لأبى فراس الحمدانى يرثى فيها نفسه فيقول:

أبنيتى، لا تـــــجـــــزعـــى ... كل الأنــــام الى ذهـــــــاب
أبنيتى، صـــــــبراً جـــميلاَ ... للجـــليـــل من المصـــاب !
نـــوحــى على بـحســـرة ! ... من خلف سترك و الحجاب
قولــــى إذا نــــــــــاديتنى، ... و عييت عن رد الجــــواب:
زيـــن الشباب، أبو فراس، ... لـــم يُــمَتَّع بالشـــــــــبــاب.

و من الجدير بالملاحظة أن مناشدة العواطف تُستخدم أحياناً فى المحاكم من قِبل محامى الدفاع ... فعلى سبيل المثال يتقدم المدعى العام فى محكمة الجنايات بإثبات قوى أن الصبى أو الولد مذنب بقتل والديه بفأس أو بساطور؛ فهنا إكتملت كل أركان الجريمة: الركن القانونى و هو وجود النص القانونى الذى يجرم السلوك "القتل/الإغتيال"، و لدينا الركن المادى وهو الفعل الإجرامى "القتل/الإغتيال" بزمانه و مكانه، و الركن المعنوى و هو حرية إرادة مرتكب الفعل فى إختيار إرتكاب العمل الإجرامى بمحض إرادته الحرة. و لدينا أيضاً الضحية أو ضحايا العمل الإجرامى (الأب و الأم) و أداة الجريمة (الفأس أو الساطور) و الفاعل و بصماته على أداة الجريمة (أدلة أو دلائل الفعل الإجرامى) ... و لكن ينقصنا الدافع للجريمة. و رغم أن إنتفاء الدافع قد ينفى القصد الجنائى ألا أنه لا يعنى إنتفاء الجريمة. و بدلاً من أن ينفى محامى الدفاع أو يهدم أركان الجريمة قام بتقديم إلتماس أو المطالبة ببراءة الإبن من جريمة قتل والديه بلجوءه الى إثارة عواطف الرثاء و الشفقة لدى القضاة أو هيئة المحلفين بإستخدامه حجة أن "لا أحداً يرغب أو يتمنى أن يكون يتيماً؛ إذاً فالولد أو الصبى كباقى الناس لم يرد و لم يتمن أن يكون يتيماً؛ فهو إذاَ غير مذنب." فمحامى الدفاع بنى دفاعه ليس على نفى وقوع الجريمة الفعلية بل بذكر نتيجة لمقدمة أو فرضية صحيحة (لا أحداً يرغب أو يتمنى أن يكون يتيماً) و لكنها ليست فى السياق أصلاً و دليله هو خلفية عاطفية و هى (النفور من الحدث) و عدم رغبة أى أحد أن يكون يتيماً، و الاَن أصبح الولد أو الصبى يتيم الأم و الأب و لا يوجد من يعوله أو يرعى مصالحه؛ "فإذا لم ترحمه المحكمة فمن ذا الذى يرحمه." ... هذا اللجوء للعواطف يبدو طبيعياً و لكنه فى غير محله و غير مناسبته و خارج عن السياق و لا علاقة له بمسألة إثبات أو نفى إرتكاب الولد للجريمة.

و فى مصر غالباً – إن لم يكن دائماً – ما يلجأ محامى الدفاع الى إثبات أن موكله يعانى من أمراض نفسية أو عقلية لينفى عنه تهمة إرتكاب جرائم قتل و نهب و حرق و تدمير ممتلكات؛ خاصة تلك التى تقع من أشخاص مسلمين على أشخاص مسيحيين. و الواقع هو أن محامى الدفاع لا ينفى الجريمة و لكنه يحاول أن ينفى مسؤلية الفاعل عن الفعل و كأن جرائم القتل و الحرق و التدمير و النهب فقط هى أعراض ثابتة و مؤكدة للأمراض النفسية و العقلية فى مصر. و ربما نتذكر حادثة القطار رقم (979) فى محطة قطار مدينة سمالوط التابعة لمحافظة المنيا فى 11 يناير 2011 عندما صعد مجند شرطة و فتح النار من مسدسه الحكومى (الميرى) و قتل و إصاب ستة أفراد مسيحيين (عائلة)؛ و كان من الممكن أن يرتفع عدد الضحايا لولا نفاذ الذخيرة. و خرجت الصحف علينا لتصف الحادث بأنه "وقع أو حدث عشوائياً" و تصف المجرم بأنه "مختل عقلياً": (مجند شرطة اطلق النار عشوائيا على الركاب) (المصدرhttp://www.masreat.com/?p=38010). و الحادث لم يكن عشوائياً و لا نتيجة لمرض نفسى أو مرض عقلى؛ و لكن الحادث تم مع سبق الإصرار و الترصد لأن المجرم أفرز و إنتقى ضحاياه و لذلك فإن إطلاق النيران لم يكن عشوائياً و الإنسان القادر على الإنتقاء و الفرز و الإختيار لا يمكن أن يكون مريضاً عقلياً أو نفسياً؛ بل و أكثر من ذلك أن المجرم إرتكب جريمته مستغلاً و ضعه الوظيفى؛ فبدلاَ من أن يكون عمل مجند الشرطة هو حماية النظام العام و أمن المواطنين، يتحول الى العكس، فهو قد هدد و أنتهك النظام العام و إنتهك و هدد و عرض أمن المواطنين للخطر.

و فى إحتفالات الشيعة بذكرى عاشوراء (اليوم العاشر من شهر المحرم و هو ذكرى مقتل الحسين إبن على إبن أبى طالب) يثير الرواد الشيعة عواطف الشفقة و الرثاء لمقتل الحسين؛ و كان قبله قد قُتل الحسن أخيه ثان الأئمة الأثنى عشر (يُقال قتلته جعدة بنت الأشعث بوضع السم له فى طعامه بناءاً على أوامر من معاوية أو يزيد إبنه حتى لا ينافس بنى أمية "يزيد" على الخلافة/السلطة). أما مقتل الحسين فقد تم بأيدى أهل الكوفة فى موقعة كربلاء (فى العراق) بعد وعدهم له بتنصيبه خليفة للمسلمين ضد يزيد إبن معاوية؛ و قُتِل مع الحسين اثنين وسبعين من أنصاره، و سيقت نساؤه وذراريه أسارى من الكوفة إلى الشام. و الشيعة فى إحتفالاتهم بيوم عاشوراء لا يناقشون أسباب أو دوافع مقتل الحسين كأمر أو كموضوع سياسى؛ و لكنهم يتعاطون و يتعاملون مع الحدث من منظور عاطفى يجمع بين الرثاء و الشفقة و الإحساس بالذنب و الندم فيقومون بجلد أنفسهم لإستدرار عطف و شفقة الاَخرين لإقناعهم بصدق معتقدهم بأن الحسين هو الإمام الثالث فى ترتيت الأئمة الإثنى عشر و هو سبط النبى و سيد شباب أهل الجنة https://www.youtube.com/watch?v=VPOToxUS47o ، و أنظر (https://www.youtube.com/watch?v=3j2ZesIG_bg)، و أنظر (https://www.youtube.com/watch?v=FqTIplr2VUc)؛ و أن الحسين قُتِل ظلماً و غدراً ... و الشيعة يحتفلون بعاشوراء بطقوس معينة تشمل من أول المشية المعينة فى الموكب و البكاء و النحيب مروراً باللطم على الرأس و الخدود ثم جلد الصدر و الظهر بسلاسل من حديد و أخيراً إدماء (أو تطبـــير) الرأس و الجسم بواسطة ألات حادة تتراوح ما بين الشفرة و السكين و حتى السيف لا لغرض معين سوى ممارسة و إبراز الطقس لإظهار عاطفة هى خليط من الرثاء و الشفقة و الندم و الحزن ... https://www.youtube.com/watch?v=2kys2dI9slQ و https://www.youtube.com/watch?v=saIg1ecoa4s و https://www.youtube.com/watch?v=VxG-pziHQJk

و فى لقاء تلفزيونى و رداً على سؤال مقدم البرنامج عمر أديب (https://www.youtube.com/watch?v=A1deu1K6r9U)) عن ماهية ما يفعله المحتفلون الشيعة فى يوم عاشوراء يقول الشيخ محمد كنعان مستشار المحكمة الجعفرية العليا بلبنان بعد البسملة و الصلعمة على رسول الله و على اَل بيت رسول الله، و بعد التشكر للقناة و مقدم البرنامج على إستضافته، يقول الشيخ:

(... عندما يقول رسول الله صلى الله عليه و سلم: "الحسين منى و أنا من الحسين" و "الحسن و الحسين ريحانتاى فى هذه الدنيا" "فنحن نرى أن هناك دماً لرسول الله سُفِك فى هذا اليوم... هنا القيمة التاريخية : "الحسين منى و أنا من الحسين" ... هذه المِنِّية من رسول الله ... يعنى ... هناك كبد لرسول الله فُريت فى ذلك اليوم ... من حقنا كمسلمين، بل كبشر، أن نسأل لماذا قامت أمة تدَّعى أنها مسلمة بهذا الفعل فى ذلك اليوم؛ ...)

و الملاحظ هنا أن الرجل يستخدم العواطف بإفراط ليجعل الفجيعة مادية محسوسة حتى أنه يدمج الحسن و الحسين فى شخصية الرسول ليس لكى يختصر العدد و لكن ليضخم الفاجعة ... و حوَّل دم الحسين الى دم الرسول ليضاعف التَفَجُّع و يضخم المصاب و يعظم الحزن و يفجّر الإحساس بالرثاء و الشفقة و الإحساس بالذنب نحو الحسين و نحو الرسول الذى يعتقد المسلمون أن حبه من حب الله (قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ۗ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ) (سورة اَل عمران عدد 31) و هذا يبدو واضحاً من إستخدام الفاظ و مصطلحات متضخمة: (ريحانتاى فى هذه الدنيا ... أن هناك دماً لرسول الله سُفِك فى هذا اليوم ... هذه المِنِّية من رسول الله ... هناك كبد لرسول الله فُريت فى ذلك اليوم) ... فيتوقف تفكير المتلقى عند هذه العواطف فلا يفكر فى حقيقة النزاع السياسى و النزاع من أجل السلطة التى بسببها (قامت أمة تدَّعى أنها مسلمة بهذا الفعل فى ذلك اليوم) و لكن الرجل لم يتطرق الى ذلك أبداً و لم يتم تحليل الموقف على أنه صراع من أجل السلطة و النفوذ بدأ سياسياً و إنتهى و حسم عسكرياً لصالح يزيد إبن معاوية. فتحليل المواقف و تفحصها و التعرف على دلالاتها و وضع الفرضيات المغايرة لها، هذا كله هو ما تعنيه دراسة التاريخ و إستخراج الدروس التاريخية المستفادة من الموقف. و لكن الموقف هنا تحول الى موقف ميتافيزيقى يهدف الى تمجيد الحسين بإحداث نزيف عاطفى للمتلقى و إغراقه فيه فلا يستطيع التفكير المنطقى السليم ... و أى كان المتلقى سنياً أم شيعياً أم حتى غير مسلم و لم يتنبه للمغالطات المنطقية التى يشحن بها الشيخ كل حديثه فسوف تتحرك عواطفه بالندم و الحسرة لعدم الإستجابة لوجوب مناصرة الحسين المظلوم المغبون و الإحساس بالفضيحة و العار نحو خذلانه و لوم الذات و جلدها لسوء معاملة و إستغلال أهل بيت الحسين و هم أهل بيت رسول الله. و يواصل الشيخ حديثه دون توقف:

(إذاً اليوم العاشر من المحرم إرتبط بإستشهاد الإمام الحسين صلوات الله و سلامه عليه، ... و هو إبن من!! ... إبن السيدة الزهراء، ... إبن على إبن أبى طالب؛ ... إبن رسول الله. ... "كل نسب مقطوع يوم القيامة إلا نسبى"، ... و هذا إبن لرسول الله ...)

و بعد أن وحد الرجل بين مقتل الحسين و فرى كبد رسول الله يمد الشيخ و يوسع فى المأساة لتغطى المقتل المأساوى لعلى بن أبى طالب نفسه و هو أبو الحسين؛ و هنا تضاعف و تضخم مأساة الإمام على نفسه ... ثم يضيف الي مقتلهما سبى فاطمة الزهراء ... إن المَاَسى كلها تتجمع لتصب فى حجر رسول الإسلام بفقد إبن عمه و زوج إبنته ... ثم مقتل حفيديه ... و سبى إبنته فاطمة و بقية ذراريه ... و تفتح مأساة الحسين بوابة كل الماَسى لتصب على رأس رسول الله ... و بذلك أصبح المتلقى مستعداً لتصديق عكس الحقيقة ... فيقول الشيخ:

(ننتقل من الشخص الى المشروع الذى إستبطنه ذلك الشخص ... تُرى هل أًستشهد الحسين لأجل مشروع سلطوى؟ ... هل كان فى المعارضة يسعى للوصول الى السلطة؟ ... إذا كان كذلك فإنه لا يستأهل أن نبكى عليه أكثر من إسبوع كُرمة لجده المصطفى صلى الله عليه و على اَله و سلم ...)

و أسئلة الشيخ لا يطلب لها إجابات و لكنه يهدف الى أن يستنكر المستمع أو المشاهد ما حدث للحسين و ينفى عنه "مشروعه السلطوى" و ينفى عنه سعيه "للوصول الى السلطة". و نحن لا نرى أى لوم أو أى غضاضة على الحسين فى أن يكون له مشروعه السياسى و السلطوى فهذا وارد لكل صاحب فكر و صاحب رؤية سياسية و لذلك فنحن نرد على كلام الشيخ بنعم ... لقد قُتِل الحسين من أجل الخلافة/السلطة أى المشروع السلطوى ... نعم كان الحسين فى المعارضة و الدليل أنه إعترض على توريث معاوية الخلافة/الحكم و السلطة لإبنه يزيد و بذلك كان يسعى الحسين للوصول الى السلطة ... نعم كان المشهد كله سياسة و سلطة و حكم و إقتصاد و مال ... و نحن هنا لا ندين و لا نستنكر و لا نرى أى غضاضة فيما فعله الحسين أو ما فعله يزيد ... و لكن نريد أن نؤكد على أن الموضوع لا يخرج عن كونه صراع على السلطة و الحكم و النفوذ ... و لم تكن خدمة أو منفعة خير أمة أُخرجت للناس هى هدف الحسين أو هدف يزيد ... و لم يكن الله فى خلفية المشهد ... و لم يكن الدين هو الهدف أو بيت القصيد ... و لم يكن الله هو الغاية أو المحور ... و لم يكن الأمر برمته يتعلق بحاكمية الله ... بل كان الله و الدين وسيلة واحدة للوصول الى السلطة و الحاكمية ... و بالطبع فإن ما يُسمى بـــــ"حاكمية الله" أو " إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلَّهِ" (سورة يوسف عدد 40) عبارة أو مقولة غير منطقية إطلاقاً. فكيف "يحكم الله" ... و يرد عليك الطامعين فى السلطة: "أن يحكم الحاكم بما أُنزل الله فى القراَن" مما يعنى أن من يحكم بالقراَن يصير هو "الله" الذى يحكم فلا إعتراض عليه و من يعترض فإنه يحارب الله و رسوله (إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلَافٍ أَوْ يُنفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ۚ ذَٰلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا ۖ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ) (سورة المائدة عدد 33). و هنا يتقرر من هو الله و ماهية "إن الحكم إلا لله" ... إنه المنتصر.

و بعد أن دمج الرجل الحسين مع جده محمد ... و لأن محمداً جاء بدين ... و لم يسع للسلطة كما يدعى البعض ... و كأن السلطة جاءته ترتمى تحت قدميه فرفضها ... فالشيخ يسأل بغرض الإستنكار عن سبب مقتل الحسين ... فهل كان سعى الحسين الى السلطة هو سبب مقتله؟ و نحن نقول نعم كان النزاع بين الحسن و معاوية على السلطة و قُتِل الحسن مسموماً ... و كان النزاع بين الحسين و يزيد إبن معاوية على السلطة/الخلافة و قُتل الحسين؛ و لكن "لم يذكر الشيخ كلمة "خلافة" و هى السلطة التى نشب حولها النزاع و أدى سعى الحسين اليها الى قتله. و لكن الشيخ يقول كلاماً على لسان الحسين لكى ينفى عن الحسين خروجه من اجل السلطة/الخلافة؛ فيصور الحسين على أنه رجل زاهد فى الدنيا و زاهد فى السلطة فقد خرج فقط لكى يصلح و يدافع عن إرثه من جده محمد (خرجت لطلب الإصلاح فى أمة جدى) و تمر علينا العبارة "أمة جدى" لتنفى أى إرادة لهذه الأمة و تتحول الى شيئ يُورث و يُملك ... و طالما هى إرث له فيحق له أن يفعل فى إرثه ما يشاء ... و لكن كرم أخلاقه يجعله فقط يسعى لـــكى (يأمر بالمعروف و ينهى عن المنكر)؛ و لذا يواصل الشيخ:

(و لكن عندما ننظر الى كلامه – يقصد كلام الحسين – :" لم أخرج أشِراً و لا بطِراً و لا ظالماً و لا مفسداً إنما خرجت لطلب الإصلاح فى أمة جدى، أريد أن أامر بالمعروف و أنهى عن المنكر فمن قبلنى بقبول الحق فالله أولى به." ... إذاً ... أول ... أستطيع أن أزعم أن من كرس تماسك مؤسسات المجتمع المدنى خارج إطار السلطة بكل متفرعاتها ... تلك الصدمة الدموية التى أنشأها أبو عبدالله الحسين صلوات الله و سلامه عليه فى أن يعطى للأمة كفرد أو كفرد مندك داخل جماعة أن يقول: لا ... تستطيع أن تقتلنى و أن تجعل رأسى على رأس رمح طويل لكنك أبداً لن تستطيع أن تأخذ منى إعترافاً بالفوضى التى أًوسس للإستقرار فى مقابلها ...) (https://www.youtube.com/watch?v=A1deu1K6r9U). نلاحظ هنا كيف يبدو مقدم البرنامج عندما تركز الكاميرا على وجهه لسماعه خطابة الشيخ.

و هكذا يبدو أن مقدم البرنامج إرتبك تفكيره و ضل طريقه و لم يستطع أن يساير الشيخ الضيف فى مسعاه ... فقد قاد الشيخ مقدم البرنامج و المشاهدين الى مسلك مغاير عما قصده مقدم البرنامج و ليس هو الإجابة على المطلب المطروح؛ و الواقع أن الشيخ يريد أن يدخلهم الى الحلقة المفرغة من عواطف الرثاء و الشفقة و الندم و الحسرة. فالشيخ إستخدم عبارات غير متماسكة مع وحدة الموضوع. فنلاحظ الجمل غير مكتملة الخبر فى كلام الشيخ: (أستطيع أن أزعم أن من كرس تماسك مؤسسات المجتمع المدنى خارج إطار السلطة بكل متفرعاتها) و لذلك يقفز السؤال فى عقل المتابع الواعى: ماذا يريد الشيخ أن يقول؟ و ما هو مدلول "من"؟ ... و أى كان مدلول "من" التى إستخدمها الشيخ فى خطابه سواءاً كانت أداة و صل أو أداة إستفهام فهى ذات مدلول لشخص عاقل و هو "الحسين" فهل الحسين كرس تماسك مؤسسات المجتمع خارج إطار السلطة بكل متفرعاتها؟ و أين و متى و كيف حدث ذلك؟ و يواصل الشيخ: (تلك الصدمة الدموية التى أنشأها أبو عبدالله الحسين صلوات الله و سلامه عليه فى أن يعطى للأمة كفرد أو كفرد مندك داخل جماعة أن يقول: لا)؛ و هنا يحدث الإرتباك (confusion) و التشويش (bafflement) لأنه يجعل من كرس تماسك مؤسسات المجتمع المدنى هى " تلك الصدمة الدموية" ... و مما زاد الطين بلاً أن الشيخ يعطينا الخبر فى اَخر هذه الشذرات اللغوية (language fragments) و هو "أن يقول: لا". و هنا هل نستطيع أن نفهم التناقض فى كلام الشيخ؛ فهو قد نفى عن الحسين وجوده فى صفوف المعارضة أو سعيه الى السلطة و نسمع الخبر فى اَخر العبارات القوية الرنانة (كرس تماسك ... خارج إطار السلطة بكل متفرعاتها ... تلك الصدمة الدموية ... يعطى الأمة ... فرد مندك ...) هذه الفرقعات اللغوية (bombastic and inflated words) تجعل المستمع غير منتبه و غير متنبه لهذا التناقض الذى ذكره الشيخ كخبر للعبارتين (... أن يقول: لا). و لكى يتمكن القارئ من السيطرة على ارتباك الفهم فإننا نستطيع أن نعيد صياغة كل ما قاله الشيخ بطريقة بسيطة مباشرة و هى: {بإعتراض الحسين و قوله "لا" ليزيد إبن معاوية لتوليه السلطة/الخلافة قد كرس تماسك مؤسسات المجتمع المدنى خارج إطار السلطة بكل متفرعاتها، كما أنه أنشأ بها صدمة دموية.} و مثل هكذا إستطاع الشيخ أن يحدث خلل و إرتباك فى عقل مقدم البرنامج و الذى كأنه يفيق من نزيف العواطف و الأسى على جلل المُصاب فيقاطع الشيخ و يقول له: "هذا كله مفهوم ..." و يلخص مقدم البرنامج كل ما قاله الشيخ الضيف فى عبارة واحدة و هى: "فضل سيدنا الحسين ..." و ما زال مقدم البرنامج يريد من ضيفه الشيخ أن يشرح له طقوس يوم عاشوراء من أوله الى اَخره حيثيات سماته و دلالاته .... فيقول الشيخ:

(خلينى أرجع بك الى النص: عندما ينقل المسلمون جميعاً، سُنة و شيعة، أن رسول الله صلى الله عليه و اَله حين ولد الحسين بكى، بكاه، و تقبل العزاء به، و أخبر الناس أنه مقتول مظلوم؛ إذاً هل كان بكاء رسول الله عن هوى فى نفسه؛ ... و ما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحى يُوحى؛ ...كان بكاءاً لحالة متأصلة أصلها ثابت و فرعها فى السماء تؤتى أُكلها كل حين بإذن ربها.)

و الحديث الذى يقصده الشيخ رواه أحمد 648 فى مسنده و صححه الألبانى و أحمد شاكر فى تخريجهما للمسند عن على بن أبى طالب قال: "دخلت على النبى صلى الله عليه وسلم وعيناه تفيضان قلت يانبى الله أغضبك احد ؟ ما شأن عينيك تفيضان "قال قام من عندى جبريل قبل فحدثنى ان الحسين يقتل بشط الفرات وقال لى هل لك ان اشمك من تربته قلت نعم فمد يده فقبض قبضة من تراب فأعطانيها فلم املك عينى ان فاضتا." ... و من الملاحظ هنا أن الشيخ يحاول أن يقنع المستمع بطقوس عاشوراء الشيعية كما لو كانت أمر من الله و وحى من السماء تجسدت فى حديث جبريل و إخبار الرسول "نبوة" عن مقتل الحسين التى نقلها محمد لعلى إبن أبى طالب و بكاءهما عليه؛ و بكاء الرسول و على بن أبى طالب على الحسين أصبح سنة عنهما لابد أن يتبعها المسلمون. فنبوة الرسول عن الحسين و بكاءه عليه لم يكونا لهوى فى نفسه بل هما "وحي يُوحى" ... و تحول مقتل الحسين الى "حالة متأصلة أصلها ثابت و فرعها فى السماء توتى أُكلها كل حين بإذن ربها" ... هذا الكلام عن الكلمة الطيبة كما جاء فى سورة إبراهيم عددى 24 و 25: (24 ألَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاء 25 تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ.)و لكن الشيخ جعلها قرينة لمقتل الحسين؛ و هنا يحول الشيخ "مقتل" الحسين الى "كلمة طيبة" أو يحول الكلمة الطيبة الى "مقتل" الحسين و هكذا يتحول مقتل الحسين الى حالة وحى و البكاء عليه الى حالة أصلها ثابت و فرعها فى السماء تُوتى أُكلها كل حين بإذن ربها. و كأن الشيخ يريد أن يقول أنه كما يحدث على الأرض من بكاء و نحيب و جلد الذات (أصلها ثابت) كذلك يحدث فى السماء (و فرعها فى السماء). و لأن كلام الشيخ قد جانبته الموضوعية و أصبحت العاطفة هى المسيطرة على موقفه، و لذلك فهو طفق يثبت موضوعيته رغم أن مقدم البرنامج لم يتطرق الى أو يسأل عن "موضوعية" (objectivity) أو شخصانية/ذاتية (subjectivity) الطقوس أو المراسم أو الأمر برمته و رغم ذلك فإن الشيخ يحاول أن ينفى هذه الذاتية أو الشخصانية (subjectivity) بقوله:

(الموضوع ما موضوع شخصى ... رسول الله بكاه و أخبر بمقتله ... و كانت الفاجعة ... الفاجعة عبارة عن صدمة عاطفية، ... أقول ... أنقذت الأمة، أيقظت الأمة من خِدرها، فى حالة نوم مطبق، كيف بكم إذا صار المعروف منكراً و المنكر معروفاً؛ عندما تتفشى ظاهرة الإستسلام و اليأس، الخنوع فى الأمة فيأتى من بيت رسول الله ....)

هنا يعود الشيخ الى إستخدام الشذرات اللغوية الخطابية (rhetorical language fragments) سعياً لإضفاء نوع من القوة و القناعة و الإقناع على كلامه (بكاه ... أخبر ... مقتله ... الفاجعة ... صدمة ... أنقذت ... أيقظت الأمة ... خدرها ... نوم مطبق ... المعروف منكراً ... و المنكر معروفاً ... تتفشى ... ظاهرة ... الإستسلام ... اليأس ... الخنوع). و هنا أيضاً يصل مقدم البرنامج الى حالة تامة من الإرتبك و عدم الفهم (confusion/bafflement) و يتجلى هذا من مقاطعته للشيخ و قوله:

(أنا موافق يا مولانا هذه أشياء لا نعارضها ....) و بالتأكيد فإن مقدم البرنامج لا يعى ما هو موافق عليه و لا الأشياء التى لا يعارضها ليس لعيب فيه و لكن لعدم إتساق و تضارب كلام الشيخ (inconsistency) ... و يلحق الشيخ الضيف خوفاً من أن يستفيق مقدم البرنامج من حالة الإرتباك و عدم الفهم فيكشف عن عدم إتساق كلام الشيخ مع الموضوع (أى خروج كلام الشيخ عن سياق الموضوع) فيقول:

(إذاً نبكى ... نحن نبكى لبكاء رسول الله، يا إستاذ عمر...)؛ و هنا نسأل هل يبكى الشيعة كما بكى الرسول ...؟؟ أم هل بكى رسول الله كما يبكى الشيعة ...؟؟

و مقدم البرنامج يتمسك بطلبه من الضيف أن يصف ما يفعله الناس (الشيعة) فى يوم عاشوراء من أول اليوم الى اَخره ... و الشيخ يرد بأنه يتوجه لإحياء مراسم العزاء ... و المذيع يسأل عن ماهية مراسم العزاء: (إيه بأ العزاء ده؟)، و الشيخ يرد:

(هو أن نستمع الى السيرة الحسينية المباركة، ماذا جرى مع هذا الرجل، ...) و مقدم البرنامج يبين أو يؤكد فهمه، ثم يواصل الشيخ: (ندخل الى مكان العزاء ... نستمع الى السيرة الحسينية... فيها شجو... فيها بكاء...؛ نبكى كما بكى رسول الله صلى الله عليه و على اَله على ولده الحسين...؛ نستذكر الفاجعة. ...) ثم يعود الشيخ لإستخدام الفاظاً تعطى إبهاماً و سرية (enigma) فى صيغ يكتنفها الغموض المُتَعمَد حتى يوحى لمستمعيه و مشاهديه أن ما يتحدث عنه و الممارسات الشيعية فى يوم عاشوراء هو سر إلهى غامض للتواصل مع الحسين و لا يدرك هذا السر أحد إلا الذين يمارسونه بكل عواطفهم فيقول الشيخ:

(هون "هنا" بدى الفت نظرك: هل أن التواصل بينى و بين الحسين تواصل عامودى من نقطة الى نقطة أم لا؟ هو من رجال الله أم لا؟ رجال الله ... عندما ينسب الله الى نفسه أحداً ... ناقة الله ... بيت الله ... يأخذ بعداً افقياً ... لا يمكن أن تتواصل مع الحسين من خلال نقطة عامودية ... يجب أن يكون التواصل أفقياً ... شوف ... فى حضور الحسين الفكرى يا ستاذ عمر عندما أتحدث معك عن نظرية الأمر بالمعروف التى كرسها الحسين .... )

و أعتقد أن لا أحداً من المستمعين أو المشاهدين و لا مقدم البرنامج و لا الشيخ نفسه قد وعى أو فهم المصطلحات التى إستخدمها الشيخ: فالشيخ يدعى أن الله ينسب الى نفسه أشخاصاً أو أشياءاً ... و الواقع أن الله لاينسب الى نفسه أشخاصاً أو أشياءاً ... فالله لا و لم يحدد رجلاً بعينه و يقول هذا رجلى ... و لم يحدد إمرأةً بذاتها و يقول هذه إمرأتى ... و لم يحدد بيتاً معيناً و يقول هذا بيتى ... و لكن المؤمنين هم الذين ينسبون الأشخاص و الأشياء الى الله ... و الشيخ يتحدث عن وجود تواصل بين المؤمنين و الحسين ... أو وجود تواصل بينه شخصياً و بين الحسين (التواصل بينى و بين الحسين) و لكن الشيخ لا يشرح لنا ماهية هذا التواصل و كيف يكون... أم أراد الشيخ عامداً متعمداً أن يعطى إيحاءاً و إنطباعاً بأن بيده هو (و الشيعة) فقط مفاتيح هذا التواصل مع الحسين ... و فى كيفية هذا التواصل يكمن السر الذى لا يريدون البوح به و الذى يجعلهم يتحملون مثل هذه الممارسات العنيفة الدموية على أنفسهم؟ ... و ماذا يقصد الشيخ بـــ"التواصل العامودى" و "البعد الأفقى" و "النقطة العامودية" التى من خلالها يتواصل الرجل مع الحسين؟ و ماذا يقصد بقوله: (يجب أن يكون التواصل أفقياً)...؟ (https://www.youtube.com/watch?v=A1deu1K6r9U). و مقدم البرنامج يشعر بالضياع و التوهان (disorientation) فى "النقطة العامودية" و "التواصل العامودى"، و "البعد الأفقى"، و "التواصل الأفقى"، و "النظرية الفلسفية" للأمر بالمعروف مما إضطره أن يقاطع الشيخ:

(مولانا معلش أنا مش عايز أقاطعك بس خلينا نفهم علشان ما نضيعش وقت من غير ما نفهم و نتكلم فى النظرية ... ماذا يحدث الأن "فى مقطع فيديو" ... الناس ذى ما انت شايف كده فى الشارع ... إحصنة ... و يأكلون ... و يرتدون "يلبسون" السواد ... إشرح لنا ... رحنا العزاء و تم إستذكار سيرة سيدنا الحسين ...) و الشيخ يرد بلهفة كأنه يخشى نسيان ما سيقوله:

(نعم ... نعم ... الحسين فى الحضور الفكرى ...الحسين فى الحضور الثقافى ... الحسين فى الحضور الطقسى ... المراسم ... و فيه ... الحسين فى الوجدان الشعبى ... كيف يعبر المرء عن حالة الحزن و الشجن ... )

مقدم البرنامج: (خلينا نتوقف هنا ... ).

و فى مقطع الفديو نرى المحتفلين يمشون الهوينى فى موكب بسير إيقاعى يشبه حركات الذكر البطيئة و المتأنية و كل يضرب نفسه بسلسلة من حديد تنتهى بقطعة (؟؟؟) مفلطحة يضرب بها صدره و ظهره و يسمى هذا الطقس بــــــ"اللطم على الصدور و اللطم على الظهور" فسرها الشيخ على أنها حالة من الجزع و يقول الشيخ أن: (كل جزع حرام إلا الجزع على أبى عبدالله الحسين أو على مصاب أهل البيت عليهم السلام.) ... و عندما جذب مقدم البرنامج الإنتباه الى طفل يمارس هذه الطقوس، علق الشيخ على الطفل الذى يقوم بهذه الطقوس فقال: "أن هذا أمر يربأ "يتربى" عليه الصغير و يهرم عليه الكبير (من الطفولة الى الكهولة)؛ و عندما سال مقدم البرنامج عن أن الطقس يصل الى ذروته فى العنف بممارسة التطبير أو الإدماء (و هو جرح الشخص لنفسه بسكين أو بسيف أو بأى اَلة حادة حتى تسيل منه الدماء) و علق الشيخ بأن هذا يعبر عن حالة عاطفية، جزع معين على إمامه الذى قُتِل ظلماً تأسياً بحزن رسول الله صلى الله عليه و سلم) ... و يستمر الشيخ فى التركيز على أن (المسألة مسألة عاطفية ترجمت نفسها فى حضور وجدانى ما فى صدر هذه الأمة) ... و لما طلب المذيع من الضيف أن يؤصل لمثل هذه الطقوس و السلوكيات قال الشيخ أن مراسم الحزن أقيمت فى نفس الموقعة، موقعة كربلاء من قِبل أهل البيت عليهم السلام، السيدة زينب، الإمام زين العابدين ، البقية الباقية من أهل بيت النبوة ... و كذلك عندما عادوا من دمشق الشام الى المدينة المنورة أيضا أُقيم العزاء ... (خرجت نساء المدينة يلطمن خدودهن و صدورهن و ينادين: وا حسيناه!)... و ضرب الشيخ مثلاً من القراَن "كقياس" لحالة الجزع التى يمارسونها و هو بكاء يعقوب على إبنه يوسف حتى إبيضت عيناه (سورة يوسف عدد 84). و يسأل الشيخ: (هل نقول ليعقوب أنك ذهبت شططاً فيما أنت فيه؛ فهذا حضور ليوسف فى وجدان يعقوب. هل كان يعقوب يبكى الشخص يوسف أم يبكى المشروع؟) ... و عندما طلب المذيع من الشيخ أن يشرح له مقطع اَخر من الفديو قال له الشيخ أن هناك إيقاع لطم معين يجرى على لطمية معينة شجية تعدد ماَثر أبى عبدالله الحسين عليه السلام و كيفية قتله و الناس تلطم بإيقاع معين. و ربما تطورت هذه المدرسة الحسينية ... و ربما قبل مأتين سنة (ما كنت تشوف هذا الإيقاع المنظم لكنه يتطور مع مرور الأيام من خلال تفاعله داخل الوجدان الشعبى." و هكذا يركز الشيخ على إستدرار العواطف و لا يتطرق الى الأسباب الحقيقية التى أدت الى مقتل الحسين. و أترك لكم بقية مقطع الفديو حتى تدربوا أنفسكم على إكتشاف مغالطات مناشدة العواطف: (https://www.youtube.com/watch?v=A1deu1K6r9U).
دمتم بخير و سلام
رمسيس حنا



#رمسيس_حنا (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المغالطات المنطقية (4): مغالطات الحجج منقطعة الصلة بالموضوع
- المغالطات المنطقية (3): مغالطات الحجج منقطعة الصلة بالموضوع
- المغالطات المنطقية (2) مغالطات الحجج منقطعة الصلة بالموضوع
- لماذا تفجير البطرسية؟؟؟
- حالة عشق
- المغالطات المنطقية 1
- الدستور المصرى: دلالات الفالج فى المادة الثانية و المادة الس ...
- إرفعوا أيديكم عن سيد القمنى الدستور المصرى تحت مجهر إزدراء ا ...
- سيد القمنى وضع المعول على أصل الشجرة
- سيد الكلمة (الى سيد القمنى)
- الله و الإنسان ... هل هناك علاقة؟؟؟ 1
- العقل ... عندما يسقط
- المخ ، العقل ، الميتافيزيقا و الغيب الإسلامى
- مفهوم الغيب الإسلامى و فلسفة الميتافيزيقا
- مقدمة فى الحمل العذراوى
- المنير
- مفهوم العذراوية المريمية
- مفهوم العقل فى معجزات شفاء المرضى
- فاطمة ناعوت: رسالة
- نرجسية الإنسان فى النصوص الدينية


المزيد.....




- بعيدا عن الكاميرا.. بايدن يتحدث عن السعودية والدول العربية و ...
- دراسة تحذر من خطر صحي ينجم عن تناول الإيبوبروفين بكثرة
- منعطفٌ إلى الأبد
- خبير عسكري: لندن وواشنطن تجندان إرهاببين عبر قناة -صوت خراسا ...
- -متحرش بالنساء-.. شاهدات عيان يكشفن معلومات جديدة عن أحد إره ...
- تتشاركان برأسين وقلبين.. زواج أشهر توأم ملتصق في العالم (صور ...
- حريق ضخم يلتهم مبنى شاهقا في البرازيل (فيديو)
- الدفاعات الروسية تسقط 15 صاروخا أوكرانيا استهدفت بيلغورود
- اغتيال زعيم يكره القهوة برصاصة صدئة!
- زاخاروفا: صمت مجلس أوروبا على هجوم -كروكوس- الإرهابي وصمة عا ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - رمسيس حنا - المغالطات المنطقية (5) مغالطات الحجج منقطعة الصلة بالموضوع