أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رولا حسينات - أحبك ولكن















المزيد.....

أحبك ولكن


رولا حسينات
(Rula Hessinat)


الحوار المتمدن-العدد: 5432 - 2017 / 2 / 14 - 22:46
المحور: الادب والفن
    


أحبك ولكن.......
الحب الذي بات الشيء الوحيد الذي يبحث عنه الكثيرون وراء الأبواب الموصدة والذي ينفق الكثيرون حياتهم وهم يظنون أنهم يثملون من كأسه هو نفسه الحب الذي يقتل به الإنسان من يحب... وهو الذي يُقتل المرء من أجله ومقاييس الحب ذاتها اختلفت بين الكثيرين لم يعد أحد بالضبط يعرف ما يريد... الأم تحب صغارها فتحيطهم بعنايتها وتلتهم الشقاء من أجل أن يعيشوا بأمن وسلام وتتواصل مع سنين الحرمان من أجلهم...
والحب نفسه الذي يبعد الأب عن أولاده وبيته ليحتسي مرارة الغربة في أصقاع الأرض باحثا عن رزقه ورزق عياله وهو الذي يجعله يؤمن بأن رسالته تكمن في أن يوفر الحياة الجيدة لأولاده للعيش والدراسة وفرصا أكبر لرقي وضعهم الاجتماعي... وهو الحب نفسه الذي يجعل الزوجة تتحمل سنوات العمر كله مع زوج أحبته وآنست إليه وجدلت حبل المودة بينهما على الحلوة والمرة وتخلت عن أبسط حقوقها في أن يكون لها طفل صغير تمارس معه طقوس الأمومة لأن الرغبة الإلهية لم تشته بأن يكون لهم طفل... وهو الحب الذي جعل الكثيرين يصبرون على شقاء الدنيا وتعثيرها من أجل أن ينالوا أمنية ما سواء كانت في عروس في مملكة عاجية أو وظيفة أو بعثة أو أي كانت هي أمانيهم التي يسعون لتحقيقها... وهو الحب نفسه الذي جعل الفلاح يعاشر أرضه أياما طوال ويخامرها حبه في أن تنجب أبناء صالحين فينقبها من الحصى والحشائش الضارة ويمهد أرضها ويمشط جدائلها ويفلحها ويسقيها ويداعب قلبها بحنو كل دقيقة من دقائق حياته وإياها... وهو الحب نفسه الذي أمات الكثيرين في أراضيهم تحت وهج الشمس وفوق الصخور الصلدة إنه الحب الذي جعل الكثيرين يتخلون عن مستقبلهم معا خوفا على صغارهم من جم المشاكل والمعاضل التي لا يرجى لها حلا فكان الفراق بالحسنى وكانت عبارات الترحيب تأتي دافئة من بعيد... وهو الحب الذي جعل الكثيرين يتسترون على أخطاء أصدقائهم ومنح الكثيرين منهم فرصة التمادي في اللهو واللعب متناسين فن حياكة معاني الوفاء إنه الحب الذي يركع الجبابرة أمامه وهو الذي يمد في حياة الكثيرين...
لكنه الحب نفسه الذي انطفأت جذوته وهو نفسه الذي قحلت أراضيه واستحالت إلى امتداد واسع من القفار والصحارى التي لا تؤنس ساكنيها رغم محافظتهم على شجرة نحيلة الساق جرداء لا تؤوي إليها غير الغربان أسموها شجرة الحب... إنه الحب الذي تعلق الكثيرون بجزئية ضئيلة منه أسموها الجنس وأبقوها مشتعلة لغريزتهم ولم يجدوا مناصا من الرذيلة وأوهموا أنفسهم بعقود عرفية أو علاقات غير مشروعة إنها الغاية السامية التي كتبت لهم رغم أنهم في قلوبهم لديهم القناعة الكاملة أن ما يفعلونه هو الرذيلة وأنّى للحب السامي أن يتساوى والرذيلة التي سوغت للفتاة أن تتخذ من جسدها فرصة الحرية والتي أصمت أذنيها عن الفضيلة والعرف المجتمعي بعيدا عن الدين وأحكامه وظنت أنا فقط من تمتلك في جسدها الخيار الأوحد وباسم الحب تكون جرائم الاغتصاب والشرف وهتك العرض... وباسمه ينادى بحرمة معاقبة مقترف الجرم وتتنادى الأصوات بضرورة معاقبة الأخ أو الأب لعدم فهمهم معنى الحب ويظل القانون شارد الذهن بين تعريفات الحب ومنطقيته باسم الحب أيضا تهجّر عشائر بأكملها خشية من توتر أو مشاحنة بين أرعنين يهرب الجميع خيفة إيقاع الأذى بالآخرين وهو الحب نفسه الذي يطلق الزوج فيه على زوجته وأبناءه بعد ثلاثين أو أربعين عاما رصاصا يثقب به جدار القلب أو يرسخه في الجمجمة لأنه يريد بالحب أن يوصل لهم ما يريد ويثبت لهم صحة ما يريد وهو الذي يقتل فيه الأخ أخته ليلة زفافها وهو نفسه الذي يسرق فيه الصديق قلب حبيبة صديقه وقد برر الأخير خيانته ولم يتهمها بالخيانة ...وهو الذي يطيل أمد الجفاء بين راغبة في التحرر وهي تعي تماما عواقبه في بيئة أهم ما تتوارثه سمعتها فتكون جثة هامدة على أحد الأرصفة وأعين المارة تنعاها دون أن يقدموا على مساعدتها وفي ذهن كل منهم صورة مشوهة عنها وهو نفسه الذي جعل التاجر يتلاعب بقوت الفقراء.... وهو الذي جعله يخبئ علب الحليب ومنعها عن الرضع الذين لم تَجُد صدور أمهاتهم عليهم بالكثير وهو أيضا باسم الحب الذي لم يحتمل فيه الزوج فقره وجوعه ورأى هوان أطفاله وقلة حيلته أمامهم مما جعله يحرق نفسه وصغاره وهو الذي جعل آخر يحرق نفسه وأسرته ضمن حيز أصغر قد يكون في سيارة أو حاجز هش من ضياع إنه الحب نفسه الذي ترفع به الحكومات ضرائبها على شعوب لم تعرف سوى أنه الحب الذي يصبرون به على ضيم الحياة... إنه الحب الذي باسمه يدعي رئيس أكبر دولة في العالم أنه يملكه خوفا على دولته والتي لم يقرأ من قبل تاريخها بأنها بلاد المهجرين وهي التي أقيم على سواحلها تمثال سمي باسم الحرية... ومن معاني الحب منع الأم من رؤية ابنها والأب من العودة إلى حضن أسرته وطالب العلم لجامعته والتاجر لتجارته والعامل لعمله والكثيرون لمناطق سكناهم بعد أن لفظتهم بلادهم من حرب دامية أو تهجير عرقي قسري أو عجزت أنظمتهم عن سماعهم عن تلبية أبسط احتياجاتهم وهي أن يحبوا بعضهم أو يرتضي المحب أن يقتل من أحب من هي معنى من معاني الحب وهو الحب الذي يدّعي الحكماء والعارفين بفنون السياسة وخفاياها أنه المحرك لأولئك المحتجين لمنع الآلاف من المسجلين في جوازاتهم وفق دينهم أو دولهم بأنهم دون البشر وكانت معاني الحب لديهم تباع وتشرى بخمسين دولارا..
لكنه الحب نفسه الذي أخرج أجناس الأرض كلها ممن عرفوا أن رابطا واحدا يجمعهم وهو الحب قد يختلف الكثيرون بإدراك معنى الحب فلن يكون للمصلحة ولن يكون للرغبة ولن يكون للوفاق والاتفاق ولن يكون للمودة ولن يكون للشهوة ولن يكون للطاعة ولن يكون الحب لأي من هذه فقط..
أحبك لأنك أخي... لكنك لم تفهم معنى الأخوة فوصفتني بأن لي مآرب أخرى...
أحبك يا وطني فأدافع عن ملحك وترابك عن لقمة بصل ملفوفة بكسرة خبز... من قمحك وتحت شمسك وفي فيافي شجرك فيصفني الكثيرون بأني خائن...
أحبك يا صديقي وفق أحكام الصداقة التي جعلتني أوحد اللون ولا أبدل جلدي وفق التيار فتصفيني أيها البائس بأني دميتك التي ستلقيها وقتما تشاء وأينما تشاء...
أحبك يا زميلة العمل ويا رفيقة اليوم ولن أبني بيوتا وقصورا أخذلك في عدم تحقيقها وأخلص لك لأن بيننا عهدا هو عهد المبادئ والأخلاق فيصفني الكثيرون وأولهم أنت أنني مخادع ...
هذا الحب الذي لم يعرف أحد منا معناه الحقيقي ولم يدرك أن الوفاء والإخلاص والمصلحة والصدق والتعاون والحوار المنطقي وغيرها من معان سامية هي من تفاصيل الحب...
أحبك وفق شرائع الدنيا إن كنت تفهم أيّا منها ولكن....



#رولا_حسينات (هاشتاغ)       Rula_Hessinat#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المديونية الأردنية ..والمصباح السحري
- أزمة اللجوء وآلية الخروج من عنق الزجاجة
- شواء بشري بطعم الحرية
- حمى المناهج وفوبيا الأديان


المزيد.....




- “أقوى أفلام هوليوود” استقبل الآن تردد قناة mbc2 المجاني على ...
- افتتاح أنشطة عام -ستراسبورغ عاصمة عالمية للكتاب-
- بايدن: العالم سيفقد قائده إذا غادرت الولايات المتحدة المسرح ...
- سامسونج تقدّم معرض -التوازن المستحدث- ضمن فعاليات أسبوع ميلا ...
- جعجع يتحدث عن اللاجئين السوريين و-مسرحية وحدة الساحات-
- “العيال هتطير من الفرحة” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- مسابقة جديدة للسينما التجريبية بمهرجان كان في دورته الـ77
- المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي: إسرائيل تعامل الفنانين كإرهاب ...
- نيويورك: الممثل الأمريكي أليك بالدوين يضرب الهاتف من يد ناشط ...
- تواصل فعاليات مهرجان بريكس للأفلام


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رولا حسينات - أحبك ولكن