أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - التربية والتعليم والبحث العلمي - صراح محمدي - التنمية البشرية بين الواقع و النصف المملوء من الكأس














المزيد.....

التنمية البشرية بين الواقع و النصف المملوء من الكأس


صراح محمدي

الحوار المتمدن-العدد: 5431 - 2017 / 2 / 13 - 00:12
المحور: التربية والتعليم والبحث العلمي
    


التنمية البشرية حقيقة تواجدت عبر الأزمنة بطرق مختلفة و إن اختلفت تسمياتها و سبلها.
يعمل هذا المجال على التركيز على الإنسان و رؤيته كعنصر مهم في الكون و الاستثمار به، فإذا تطور الفرد تطورت أسرته و مجتمعه و وطنه، حيث يتم الاستثمار به عن طريق تقديم مجموعة دورات تدريبية في مختلف المجالات الحياتية، لرفع مستوى الوعي.
بداية، بدأ "المدربون" بتقديم دورات في مجالات واضحة و ملمة بحياة الفرد، منها المجال الأسري و التربوي و المهني و الشخصي و الدراسي، و هذه النقاط الخمس هي أكثر ما يحتاجه الفرد ليرتقي بذاته و يعيش متوازنا.
ثم تعدت الدورات إلى أبعد من ذلك، كيف تصبح سعيدا، كيف تكون متفائلا، كيف تجذب أي شيء تريده، فن الديكور، دورات جذب شريك الحياة... تعدّدت التسميات و المواضيع واحدة.
لا بل تعدّ الأمر لتقديم دروس في الصيدلة للباحثين عن عمل في الصيدليات! و المحاور تقريبا دروس مختصرة في المجال! كدورة زراعة الأسنان أيضا و غيرها، حيث يعتبر ذلك إنقاصا من قيمة التعليم الأكاديمي بطريقة غير مباشرة و إن كانت له سلبياته، و الأمثلة المذكورة على سبيل الذكر لا الحصر.
كثرت الانتقادات حول هذا المجال، فمنهم من يراه نصبا و احتيالا و تجارة و كذبا و لعبا بعقول الناس، ذلك لأن المتدرّب الباحث عن الارتقاء و تطوير نفسه ينجذب للشعارات الرنانة و ينخدع بالألقاب الضخمة كـ: كبير المدربين و العمدة و الخبير و الرائد و غيرهم دون شاهد علميّ واضح على ذلك، و قد يتعدّ اللقب إلى أربع كلمات أو أكثر كلها مجرد تسميات للشهادات التي يحصلون عليها، و تبدأ رحلة المتدرّب يومين أو أكثر من الحماس و التحفيز أين يتم تصوير العالم له على أنه مميّز و مثالي ولا شيء مستحيل به، فإذا ما خرج له و أراد تطبيق ما تعلّمه، يجد نفسه غريبا عن مجتمعه مهاجَمًا و محط سخرية من الجميع، ذلك لأن كل ما يخبرهم به أو يفعله بعيد كل البعد عن الواقع!
زمن النقطة السوداء وسط الورقة البيضاء قد ولّى، أين يتم وصف الذي يرى النقطة السوداء بدل أن يلفت انتباهه بياض الورقة بأنه شخص سلبي، مع أن أي شخص عادي سيتعجب و يتساءل عن ماهية تلك النقطة، أو كالذي يضع كأسا مملوءة للنصف بالماء و ينتظر أن يخبره المتدرّب بأنه يرى كأسا مملوءة للنصف، مع أن أول سؤال يتبادر لذهن أي شخص أين ذهب النصف الآخر للماء!
فالإنسان الذي يرى النقطة السوداء و النصف الفارغ من الكأس واقعي ولا يحب الكذب على نفسه و تعاطي المخذر الروحي الذي يجعله يرى الجمال في القبح و الإيجابية في ما هو سلبي، بل يرى الواقع واقعًا و يتفنن في التعامل معه، و إحداث التغيير الذي يجب، حسب مستواه و قدرته و موقعه.
تسعى التنمية لتغيير إنسان بمجرّد حضوره دورة و تطبيق ما جاء بها من تمارين و هذا -تقريبا- مستحيل، فمشكلة مجتمعاتنا أكبر من أن تغيرها دورات حماسية مليئة بالشعارات، فهي مشكلة قناعات و معتقدات ترسخت و تحجّرت لأزمنة عديدة في الأذهان، و العمل على تغييرها، بل على لفت الانتباه لخطئها يحتاج دراسات عميقة و عملا شاقا.
الآن يكفي أن تكون لديك شهادة مدرب و بحث بسيط على الانترنت لتقدم دورة في أي مجال شئت و إن لم تكن ذا خبرة به، مما جعل هذا المجال يتحول إلى مهنة من لا مهنة له !
بما أن المجال يقدّم الكثير من الوعود للناس بتغيير حيواتهم نحو الأفضل، فالأجدر أن يكون كل مدرب ملم بما يقدّمه تدريبا و خبرة و تجربة، فمن الجنون أن يقدم شخص أعزب أو مطلّق دروسا عن الحياة الزوجية السعيدة، أو شخص لا يملك أولادا يقدم دروسا عن كيفية التعامل معهم، أو آخر لم يُدِر مشروعا بحياته و يعلّم الناس عن إدارة المشاريع، كالذي يبيع للناس ما لا يملكه، بما أنه يتقاضى أجرا على ذلك.
هناك أناس فشلوا أو سلكوا الطريق الخطأ في حيواتهم، و هذا أمر طبيعي يحدث لأي كان، لكن من غير الطبيعي أن تكون الدورة التدريبية فرصة لجعل المتدرّبين يستفيدون من أخطاء مدرّبهم! بل هي فرصة لإكسابهم خبرات و مهارات قد جُرِّبت منهم أو من طرف شخصيات موجودين على أرض الواقع في مجتمعنا نحن.
كما أن إعطاء الأمثلة عن أشخاص "أجانب" نجحوا بعد فشل، ليس محفزا للمتدرّب هنا لأن يتفائل و يحقق المستحيل، فالمجتمع في الخارج و إن كان به إحباط و تثبيط لعزائم الفرد، فإنه لا يتعدّ حجم الإحباط في مجتمعاتنا العربية بصفة عامة.
إخبار المتدرّب بأن ليس هناك مستحيل و بأنّه يمكن أن يصبح كأحد "كبار المدربين" أو كـ "ثاني أغنياء العالم" مثلا سيعطيه جرعة مؤقتة من الأمل لكنها سرعان ما تزول، لأن تلك التحفيزات لا توافق قدراته و مواهبه، نعم يمكن للإنسان أن يصنع تميّزه لكن حسب ما يملكه و يمكنه العمل عليه لتطويره.
بعد أن كانت رسالة التنمية البشرية الحقيقية هي التطوير و التغيير، أصبح المستفيد الأول هو المدرّب، من الناحية المادية، كالذي يؤلف كتاب كيف تصبح غنيا في 30 يوما و يصبح هو الغني في 30 يوما!
بل هناك من يشترط على النّاس دفع مبالغ خيالية أو الحضور لدورة كاملة ربّما ليسوا بحاجة لها لمجرّد الحصول على معلومة أو تقنية قد تأخذ بأيديهم و تغير حيواتهم للأبد، و هنا تفقد التنمية فعلا رسالتها النبيلة.
لكل مجال إيجابياته و سلبياته، لكن الفرد بعد تعرضه للفشل والإحباط و تجريبه لكل ما يمكن أن يطور به نفسه، يلجأ أخيرا لدورات التنمية البشرية التي يأمل أن يجد فيها ما يبحث عنه، فمن غير الممكن أن توجد بهذا المجال السلبيات التي يفترض بها أن لا تكون، كتعجيزه -مثلا- بمبلغ مالي ضخم مع عدم مراعاة ظروفه، مع أنه لو لم يكن طالب علم فعلا و يسعى للتطوّر و التطوير لما لجأ لهذا المجال ليطلبه بحق!
و هذا لا يمنع من أن للمجال إيجابياته، لكن البعض أفقدوه قيمته، فهناك العديد من المدربين الذين يعملون بكفاءة و إخلاص و لا يبخلون متدرّبيهم بمعلومة أو مساعدة أو استشارة حتى بعد انقضاء الدورات.



#صراح_محمدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- الطلاب الأمريكيون.. مع فلسطين ضد إسرائيل
- لماذا اتشحت مدينة أثينا اليونانية باللون البرتقالي؟
- مسؤول في وزارة الدفاع الإسرائيلية: الجيش الإسرائيلي ينتظر ال ...
- في أول ضربات من نوعها ضد القوات الروسية أوكرانيا تستخدم صوار ...
- الجامعة العربية تعقد اجتماعًا طارئًا بشأن غزة
- وفد من جامعة روسية يزور الجزائر لتعزيز التعاون بين الجامعات ...
- لحظة قنص ضابط إسرائيلي شمال غزة (فيديو)
- البيت الأبيض: نعول على أن تكفي الموارد المخصصة لمساعدة أوكرا ...
- المرصد الأورومتوسطي يطالب بتحرك دولي عاجل بعد كشفه تفاصيل -م ...
- تأكيد إدانة رئيس وزراء فرنسا الأسبق فرانسو فيون بقضية الوظائ ...


المزيد.....

- اللغة والطبقة والانتماء الاجتماعي: رؤية نقديَّة في طروحات با ... / علي أسعد وطفة
- خطوات البحث العلمى / د/ سامح سعيد عبد العزيز
- إصلاح وتطوير وزارة التربية خطوة للارتقاء بمستوى التعليم في ا ... / سوسن شاكر مجيد
- بصدد مسألة مراحل النمو الذهني للطفل / مالك ابوعليا
- التوثيق فى البحث العلمى / د/ سامح سعيد عبد العزيز
- الصعوبات النمطية التعليمية في استيعاب المواد التاريخية والمو ... / مالك ابوعليا
- وسائل دراسة وتشكيل العلاقات الشخصية بين الطلاب / مالك ابوعليا
- مفهوم النشاط التعليمي لأطفال المدارس / مالك ابوعليا
- خصائص المنهجية التقليدية في تشكيل مفهوم الطفل حول العدد / مالك ابوعليا
- مدخل إلى الديدكتيك / محمد الفهري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - التربية والتعليم والبحث العلمي - صراح محمدي - التنمية البشرية بين الواقع و النصف المملوء من الكأس