أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - سيرَة أُخرى 47














المزيد.....

سيرَة أُخرى 47


دلور ميقري

الحوار المتمدن-العدد: 5429 - 2017 / 2 / 11 - 10:32
المحور: الادب والفن
    


1
حوالي ربع ساعة مشياً، يفصل بين منزل العائلة في باب أغمات وأسواق المدينة القديمة. ظهر أحد الأيام، أخذت طريقي إلى سوق السمّارين عبرَ شقيقه الأصغر؛ سوق القنارية. الجو كان مشمساً، حتى أنني كنتُ أتصبب عرقاً حال ولوجي ساحة جامع الفنا. فيما كنتُ أستعد لدخول السمارين من مدخله الرئيس المفتوح على الساحة، تذكرتُ أن عليّ تبديل العملة عند الصراف. هكذا اجتزت الساحة، مخترقاً صفوفَ مريديها من مواطنين وسيّاح، المتجمعين أمام حواة الأفاعي ومرقصي القردة ونقاشي الحناء وقارئي الطالع وقارعي الطبول والحكواتية وغيرهم.
جموع السيّاح، تزداد كثافة في سوق السمارين، فيما التجار يشيرون بلطف إلى ما تحتويه محلاتهم من بضائع. عدة لغات أوروبية تجري على ألسنة التجار، وخصوصاً الشبان منهم. وهذا أحدهم يكلمني بالفرنسية، فأرد عليه بالعربية: " أحتاج لقفطان نسائي.. ". يعرض عليّ ما لديه من ألبسة زاهية ذات نقوش رائعة، فيعجبني قفطاناً بلون بنفسجيّ هديةً لأبنتي ذات السبعة عشر عاماً. يقفز التاجر الشاب بالسعر إلى 550 درهماً، فأعرض عليه 150 درهماً فيما كنت أستدير وأمضي. أشتري من عند جاره حقيبة يد جلدية، نسائية. بعدما رأى التاجر الأول طريقتي القاطعة في المجادلة بالسعر، عاد ودعاني لشراء ذلك الفقطان بمبلغ 160 درهماً: " يا أخي، نحن لا نقدر على تجار الشام! "، يقول لي الرجل ضاحكاً.

2
الشاي المنعنع، هو من الأشياء الضرورية في غربتنا هذه، وقد أعتدتُ على إعداده يومياً تقريباً. إنه يخلق نوعاً من الحميمية والذكرى والإلفة، يجعلنا نتناسى قليلاً أجواء الصقيع والعزلة والكآبة. لكي تكتمل متعة تذوّق الشاي المنعنع، فلا غنى عن أوانيه التقليدية الجميلة؛ من أقداح ملوّنة وابريق ناصع بلون الفضة وصينية من نفس المعدن أو من تلك المنحوتة من خشب العرعر الثمين ذي العبق الحرّيف.
ولكن ثمة طرقاً أخرى لتحضير الشاي المغربيّ، ولو أنّ أكثرها شيوعاً هي تلك المعتمدة على النعنع الطريّ. الطريقة الأخيرة، بسيطة: فبعد أن يغلي الماء بالإبريق، يتم أولاً وضع كمية من السكّر بحسب الرغبة، ثم حفنة مناسبة من الشاي الأسود. تغسل أوراق النعنع بالماء البارد، وتضاف إلى الشاي. يترك الإبريق بعد ذلك على نار هادئة لعدة دقائق مع جعل الغطاء مفتوحاً قليلاً.
فضلاً عن النعنع، الذي أشتريه من دكان شرقي في منطقتنا، فإنني في سفرتي الأخيرة لمراكش قد جلبتُ من دكان أحد العطارين خلطة منوّعة للشاي. هذه الخلطة، تتكوّن من حوالي عشر أعشاب؛ بينها الهيل والقرفة والقرنفل واللويزة والزعتر، علاوة على مادة بلورية تجعل الرغوة تعلو قدح الشاي مثلما الأمر مع البيرة!

3
في الشام، التي غادرتها منذ قرابة الثلاثة عقود من الأعوام، كنت أكره المقاهي ونادراً ما جلست فيها. السبب الأساس، هو ضيقي بالضوضاء ودخان السكائر والأراكيل. كذلك بعض الغرباء لديهم عقدة من المدينة، يسعون لإظهارها في الأماكن العامة وخصوصاً إذا كانوا من ريف الساحل، عسكراً أو رجال أمن أو مخبرين عاديين.
في مراكش، التي تعرفت عليها منذ حوالي تسعة أعوام، صار المقهى عادة يومية لي. هناك، يسود الهدوء المقاهي الشعبية والراقية سواءً بسواء؛ فلا طاولة زهر ولا أركيلة ( شيشة ) ولا مخبر يضع يداً على كرسي فيما رجله ممدودة على كرسيّ آخر وهوَ يحدج الآخرين بنظرات استعلاء وازدراء. في الأعوام الأربعة الأولى، كنتُ مهووساً بمراكش القديمة حتى أنني سجّلت انطباعاتي عنها بكتاب أدب رحلات. تالياً، أضحيتُ معتاداً على حيّ غيليز ومقاهيه الراقية. هناك، يُسمح بالأركيلة في مقاهٍ معينة. في واقع الحال، أنني صرت أحب تدخين الأركيلة منذ زيارتي لمصر في ربيع 2003، حيث عدت منها وفي حقيبتي إحداها.
في مراكش القديمة، أتذكّر موقفاً طريفاً جرى معي عندما دخلتُ لأول مرة مقهى كافيه دو فرانس. حضر النادل، وكان رجلاً متوسط العمر أسمرَ ذا قوام فارع وممتلئ، فطلبتُ زجاجة بيرة. أجابني وقد تجهمت أسارير وجهه: " نحن هنا لا نقدّم خمرة! ". وكان من حسن حظي عندئذٍ أنني استعضت عن البيرة بالشاي المنعنع، الذي صار فيما بعد طقساً أثيراً لديّ. ومع ذلك، فإن أيّ صديق سوري يسألني عن المغرب، فإنني أجيبه: " هو جنّة الله، ولكنه خالٍ من نهر الخمر! ".




#دلور_ميقري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفردوسُ الخلفيّ: الجزء الثاني الخاء 2
- الفردوسُ الخلفيّ: الجزء الثاني الخاء
- الفردوسُ الخلفيّ: الجزء الثاني الثاء 3
- الفردوسُ الخلفيّ: الجزء الثاني الثاء 2
- الفردوسُ الخلفيّ: الجزء الثاني الثاء
- الفردوسُ الخلفيّ: الجزء 2 التاء 3
- الفردوسُ الخلفيّ: الجزء 2 التاء 2
- الفردوسُ الخلفيّ: الجزء 2 التاء
- سيرَة أُخرى 46
- سيرَة أُخرى 45
- الفردوسُ الخلفيّ: الجزء 2 الشين 3
- سيرَة أُخرى 44
- الفردوسُ الخلفيّ: الجزء 2 الشين 2
- الفردوسُ الخلفيّ: الجزء 2 الشين
- الجزء الثاني من الرواية: الراء 3
- سيرَة أُخرى 43
- الجزء الثاني من الرواية: الراء 2
- الجزء الثاني من الرواية: الراء
- الجزء الثاني من الرواية: القاف 3
- الجزء الثاني من الرواية: القاف 1


المزيد.....




- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - سيرَة أُخرى 47