مسارات سلوم

امنة الذهبي

الحوار المتمدن-العدد: 1430 - 2006 / 1 / 14 - 10:34
المحور: الصحافة والاعلام
    

قراءة في مسارات سلوم ... من الوباء إلى سقوط التاء .
عندما هممت لقراءة مسار العصر في العدد الأول من مجلة مسارات الذي حمل عنوان وباء العصر لم يكن اسم كاتبه (سعد سلوم ) يمثل لي اكثر من صديق شاعر وحالم كبير يوزع جهده هنا وهناك من دون تخطيط واضح لما يريد , لكنني قبل أن انتهي من المسار أحسست أنى أمام فلسفة جديدة في فهم العالم المحيط بشاب عراقي لم يقبل أن يمر يومه عليه كالآخرين الذين يبدء ون نهارهم على صوت المفخخات ويقضون نهارهم في ازدحامات مرورية تقتل نصف وقتهم .
لقد سعى سلوم نحو إحداث ثغرة فعلية في سور حديدي صلد أحاط مفكري الوطن من أبناء جيله أن كان بينهم مفكرين فقد تقوقع البعض ممن سبقوه داخل أنفسهم خوفا من الإرهاب المسلح تارة وخوف من الذات البشرية تارة أخرى. و نجح سلوم فعلا في تأسيس مدخل لتلك الثغرة التي يريد فولج عالم السياسة من أضيق أبوابه واخطرها بأسلوب متجدد فلسفي ينم عن موهبة وعقل مدرك لمخاطر المؤامرات التي تحيق بوطن تتقاذفه الأمواج فتناول ببحث علمي دقيق مسنود إلى مصادر ومراجع أصيلة مواضيع في غاية الأهمية ملتقطا ملاحظات غابت عن العديد من المتمرسين قبله في المجال معلنا ولادة مدرسة للفلسفة السياسية الواقعية المستمدة من رؤية موضوعية حيادية للأحداث مستنبطا العبر من الماضي مقارنا الواقع بالعلم مستخرجا نتائج اقرب ما تكون من الواقع المعاش الأمر الذي من شأنه أن يجعل سلوم في مقدمة قائمة قصيرة تضم على سطورها أسماء قليلة ممن يملكون النظرة الواقعية المقبولة للغد من اكثر من وجهة نظر .
قد أكون الوحيدة التي خدعها قلم سعد سلوم... هكذا اعتقدت أول الأمر لكن الأيام أثبتت عكس ذلك واكدت أن هذا الكاتب مستمر في خط سير يتجه نحو الأمام بخطى ثابتة مدروسة عندما جاءنا مساره الثاني في العدد الثاني من مجلته ( مسارات ) , تحت عنوان ساخر مثير للجدل ( حين تسقط التاء عن الثورة ) مستعينا بقدراته الشخصية على المرح والفبركة الانيه لجذب انتباه القارئ بعنوان غير مستهلك وأسلوب غير مطروق في الترويج لفهم الأفكار السياسية في وقت تزدحم الساحة فيه بأصوات مدعومة بإمكانات هائلة للبروز على حساب غيرها.
ربما سعد سلوم ليس الحالة المنفردة الوحيدة في الصحافة الفكرية الحديثة لكنه موهبة جديرة بالاهتمام تعمل على نفسها بجد واجتهاد وإمكانات ذاتية تنم عن إصرار عراقي على أن يكون وهو أن كان بداية لظاهرة جديدة فهي ظاهرة صحية تبشر بخير قادم للفكر السياسي الفلسفي الذي غبنا عنه منذ عقود خلت فيها الساحة الإعلامية من مراقب متفحص محايد يشير إلى الغد بكل ثقة بأسلوب يجمع بين التاريخ والفلسفة والسياسية بطرح يجمع الثقافة الشخصية من مختلف النواحي ويطرح آراءه بكل جرأة غير مبال لاحتمال أن يكون التيار المعارض لهذه الآراء قادر على منعه أم موافق له ويتضح ذلك جليا في مساره الأول تحت عنوان فرعي (إذن هل للدين أنواع ) وفيه مما قال (فإن الأصولية للدين هي أشكال دافعة للوراء ما دامت ترتدي قمصان عصور سابقة.....) .
أما في المسار الثاني فيسمي بن لادن بالثائر الرومانسي الذي يطمح من فوق حصان الأصولية الدينية إلى تغيير العالم بل إلى تفجيره وامحاءه بأيديولوجيته الراديكالية الغيبية .
أما فواصله الثورية التي جاء بها في المسار الثاني من مسارات العصر فهي بحد ذاتها أسلوب تجديدي في الكتابة ينقل به القارئ من عالم السياسة الشائك إلى الفلسفة الفوقية ليريحه بأجزاء روائية قصصية كأنها حكايا الوعظ والإرشاد التي ترويها الجدات أول الليل في شتاء بارد لتعلم الأحفاد ما يجوز وما لا يجوز .

#امنة_الذهبي (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات