أكراد سوريا في أجندة المخابرات التركية في سوريا

خورشيد علي

الحوار المتمدن-العدد: 5427 - 2017 / 2 / 9 - 01:03
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

خورشيد علي - أسطنبول
تعلم المخابرات التركية كيف بإمكانها تجنيد القوى السورية المعارضة في خدمة أهدافها، ولهذا نجدها توجه الائتلاف السوري وفق مصالحها، وكذلك تسيطر على الكثير من المليشيات الإسلامية المقاتلة داخل سوريا، أضافة لقيادات المجلس الوطني الكردي في حرب تركيا ضد العمال الكردستاني وحزب الاتحاد الديمقراطي ووحدات الحماية الكردية، وكل ما يتعلق بالحقوق الكردية داخل سوريا: (دولة كردية – حكم ذاتي – أقليم كردي – الفيدرالية). وهذا ما صرح به أرد وغان لعدة مرات وكذلك المسؤولين الأتراك .ولكن رغم ذلك نجد المجلس الوطني الكردي قد تحول لأداة بين التوافقات والخطط المشتركة بين أستخبارات الأقليم والاستخبارات التركية اللذان كان لهما الدور الكبير في ضم المجلس الكردي إلى الائتلاف السوري المعارض والعمل مع الاخوان المسلمين تحت الرعاية التركية، وتسخيره لوأد أي تقاربات كردية – كردية من شأنها تقوية النفوذ الكردي داخل سوريا في ظل الدعم الأميركي والدولي للأكراد في الحرب ضد الإرهاب وتأسيس حكم ذاتي أو فيدرالية كردية في المستقبل.
مصادر في المعارضة السورية أكدت لي خلال جلسة حوارية في أحدى مقاهي اسطنبول أن ممثلي المجلس الكردي في الائتلاف أصبحوا سريعا تحت سيطرة الاخوان والمخابرات التركية، وذلك بسبب الدعم المالي والشخصي لهم ،ولهذا ما يزال الائتلاف يتمسك بهذا التمثيل المتمثل ب " إبراهيم برو رئيس المجلس – عبدالحكيم بشار كنائب دائم لرئيس الائتلاف – فؤاد عليكو – شلال كدو – حواس خليل ) فمن السهولة لتركيا وكذلك الائتلاف استعمالهم لخدمة أجنداتهم ضد أي مشروع كردي قومي وكذلك تسخيرهم ضد العمال الكردستاني والاتحاد الديمقراطي ووحدات الحماية الكردية . فغالبية قيادات الائتلاف صرحت عبر الفضائيات أن ممثلي المجلس الكردي وطنيون لانهم لا يطالبون أبدا بأي حقوق قومية كردية ،ولم يطالبوا بها أبدا في كل اجتماعات الائتلاف! طبعا هذا هو الواقع بسبب عدم صدور أي تكذيب أو توضيح من المجلس الوطني الكردي نحو ذلك ، فالسيد أبراهيم برو طالب عدة مرات أثناء اجتماعه مع قيادات الائتلاف ومع الاتراك أو مع المسؤولين الأوروبيين بوضع حزب الاتحاد الديمقراطي على قائمة الإرهاب وذلك تنفيذا لأجندات أقليم كردستان مع الحكومة التركية ومصالحهما المشتركة. فالسيد عبدالحكيم بشار وفي عدة لقاءات تلفزيونية دعا وبشكل صريح لقتال حزب الاتحاد الديمقراطي ووضعه على قائمة الإرهاب وأنه يجب قتال داعش والنظام وحزب الاتحاد الديمقراطي جميعا، وأن المجلس الوطني الكردي لا يطالب بالفيدرالية ولا بأي حقوق قومية كردية وأنه يجب على أكراد سوريا تأجيل الفيدرالية ومطاليبهم إلى ما بعد أسقاط النظام وبعد موافقة أغلبية السوريين على الفيدرالية والحقوق الكردية. هذا التصريح وغيره من التصريحات تؤكد مدى تورط عبدالحكيم بشار مع المخابرات التركية ومع الاخوان المسلمين لاجهاض أي حقوق قومية كردية وذلك على خلفية الدعم المالي والمخابراتي لشخص بشار واستملاكه لمنصب نائب رئيس الائتلاف للأبد وعدم قدرة قيادات المجلس الكردي في داخل سوريا على فتح أي تحقيق حيال الدور المشبوه الذي يقوم به عبدالحكيم بشار ؟
في الجانب الأخر نجد كافة ممثلو المجلس الكردي من فؤاد عليكو وشلال كدو وغيرهم يكررون نفس الكلام الذي تم تلقينهم من قبل مخابرات أردوغان وهو التركيز فقط على فضح انتهاكات الاتحاد الديمقراطي ضد الشعب الكردي في سوريا والأحزاب الكردية ، ودفع الأحزاب القوية " يكيتي الكردي" لتنظيم مظاهرات ضد ال ب ي د بشكل دائم وصرفهم عن المطالبة باي حقوق قومية كردية، وهذاهو مشروع تركيا طبعا وإيران . كان اجتماع السيدين أبراهيم برو وعبدالحكيم بشار مع المخابرات التركية في إسطنبول مؤخرا مشهدا سيئا وفضيحة سياسية من العيار الثقيل لكون الاجتماع لم يكن سياسيا ،بل عسكريا لفصائل إسلامية تقاتل النظام في سوريا ، ولكن رئيس الاستخبارات التركية فيدان حقان دعا بشخصه كلا من أبراهيم برو وعبدالحكيم بشار لإسكات روسيا التي تصر على مشاركة صالح مسلم وحزبه في مفاوضات جنيف كممثلين عن أكراد سوريا ،وهذا ما ترفضه تركيا والمعارضة والفصائل المسلحة. ولهذا طلبت المخابرات التركية من كافة قيادات الفصائل الإسلامية على ضرورة «عدم حضور الذين يعملون ضد وحدة التراب السوري اجتماع جنيف»، في إشارة إلى «حزب الاتحاد الديموقراطي» الكردي السوري. حيث شارك في الاجتماع المنسق العام لـ«الهيئة العليا» ، رياض حجاب، ورئيس «الائتلاف الوطني» أنس العبدة، وممثلو المعارضة المسلحة التي شاركت في اجتماع أستانة، ، ورئيس «المجلس التركماني السوري» أمين بوزأوغلان .
تحاول أميركا وروسيا وبريطانيا حل الخلافات الكردية بين المجلس الكردي والاتحاد الديمقراطي لأجل تشكيل وفد كردي واحد لمفاوضات جنيف، وهذا ما يقلق تركيا التي ضغطت على المعارضة بأن تصر على عدم مشاركة معارضة كردية تمثل أكراد سوريا ، وأنها تفضل تمثيلهم من خلال ممثلو المجلس الكردي كأعضاء في الائتلاف السوري . لذا ظهر محمد علوش رئيس وفد المعارضة لمفاوضات الاستانة يهاجم الكرد السوريين وأنه يفضل ممثلي المجلس الكردي كأشخاص وطنيين أكثر من أي تمثيل كردي أخر كحزب الاتحاد الديمقراطي والذي وصفه علوش بالإرهابي ووجوب وضعه على قائمة الإرهاب مثل داعش ،وألتزم إبراهيم برو وعبدالحكيم بشار الصمت ودون الاعتراض على كلام علوش؟
تورط ممثلي المجلس الكردي مع المخابرات التركية واضح وكافة قيادات المعارضة تتحدث في ذلك منذ أن كان أحمد الجربا رئيسا للائتلاف ،حيث حصل الجربا على الأصوات الكردية كافة مقابل مبالغ مالية تم توزيعها عليهم ،واليوم نجد ممثلي المجلس يتبعون رياض حجاب والذي صرح سابقا انه لن يغير وثيقة الائتلاف " وثيقة لندن" بخصوص الحقوق الكردية وأنها وثيقة نهائية. حسب المعلومات المسربة أن اعتراض المجلس الكردي على تلك الوثيقة جاء من قيادات المجلس داخل سوريا ،فيما ألتزم ممثلي المجلس لدى الائتلاف بالصمت ،ولم يقوموا بتسليم رسالة الاحتجاج المرسلة من المجلس إلى رياض حجاب، فقد صرح عبدالحكيم بشار لأحد قيادات الائتلاف " أنه من الجنون أن نثير غضب الائتلاف بمطالب كردية غبية ،وأنه يجب عليهم البقاء داخل الائتلاف ،وأنه لن يسلم تلك الرسالة للائتلاف أبدا وأنه شخصيا سيبقى هو وحزبه داخل الائتلاف حتى لو انسحب المجلس الكردي". الفضيحة الكبرى والتي تحدث بها دبلوماسي سوري سابق وهو عضو في الائتلاف المعارض أن السيد عبدالحكيم بشار وفي اجتماع مع مسؤولين أتراك " من ضمنهم فيدان حقان" أنه يجب على تركيا أن تعمل على أدخال ما يسمى ب " بشمركة روج" إلى منطقة ( اعزاز – الباب – مارع " لكي تقاتل لجانب قوات درع الفرات التركية ضد داعش والقوات الكردية وبذلك تحقق تركيا ما تريده، ولكن يجب التنسيق مع الرئيس البرزاني وأقناع أميركا وروسيا بهذه الفكرة ،وما يوحي بحقيقة هذا المشروع هي تصريحات قيادات المجلس بهذه الخطة والتي يروج لها " إبراهيم برو – عبد الحكيم بشار – فؤاد عليكو وغيرهم " وذلك لكسب دعم تركيا والإقليم.
ما يثير قلق قيادات المجلس التي تعمل لصالح المخابرات التركية ومخابرات الأقليم هو رغبة أميركا بأجراء مصالحة بين صالح مسلم وحزبه مع المجلس الوطني الكردي، لأن إدارة ترامب تسعى لجعل منطقة غربي كردستان منطقة آمنة وتأسيس مشاريع سياسية واقتصادية هناك بسبب وجود قاعدة أمريكية في رميلان ،ولهذا تجرى اجتماعات سرية لتقريب وجهات النظر الكردية داخل سوريا، والضغط على الإقليم وحزب الاتحاد الديمقراطي لحل كافة الخلافات، وهذا ما لا يريده أبراهيم برو وعبدالحكيم بشار وفؤاد عليكو وسيامند حاجو وشلال كدو وغيرهم من قيادات المجلس الذين يتلقون الأوامر من المخابرات الكردية والتركية، والقيام بدورهم الأساسي وهو تحريض القوى الكردية داخل سوريا ضد حزب الاتحاد الديمقراطي والتركيز فقط عليه دون المطالب الكردية . طبعا لا ننسى دور (رابطة المستقلين الكرد السوريين بقيادة عبد العزيز تمو) والذي تم تأسيسها بمبادرة ودعم من المخابرات التركية للتحريض ضد أي تقارب كردي والهجوم ضد ال ب ي د ،وهذا ما يقوم به أيضا السيد سيامند حاجو رئيس حزب تيار المستقبل الذي يتلقى دعما ماليا من المخابرات التركية ومن حزب أسلامي قريب من أردوغان وذلك للعمل ضد حزب الاتحاد الديمقراطي والقوات الكردية ،ولهذا نجد سيامند حاجو ورفاقه يصفون ال ب ي د انه حزب إرهابي ويجب قتاله. الغريب في الأمر هو أن يقبل حزب يكيتي الكردي المعروف بقوته ومواقفه القومية بما يقوم به سكرتير الحزب أبراهيم برو بهذا الدور المشبوه، وأن يشارك في اجتماع مخابراتي مع فصائل أسلامية متطرفة ومع المخابرات التركية التي تعادي أكراد سوريا وأي حقوق كردية قومية داخل سوريا؟ يشاع أن قيادة حزب البارتي بقيادة سعود الملا غاضبة من دور برو وعبدالحكيم بشار وممثلي المجلس وأنهم أحتجوا لدى البرزاني وسيتم عقد اجتماع للمجلس بداية شهر آذار حيث من المتوقع أخراج أبراهيم برو من المجلس لتصبح رئاسته من قبل سعود الملا، أيضا أفصح لي أحد قياديي الأحزاب الكردية أن القيادة والقواعد العائدة لحزب يكيتي غاضبة من سلوك سكرتير حزبهم وفؤاد عليكو وارتباطهم بالمخابرات التركية وبالبارتي بشكل مخزي يسيء للحزب ومواقفه القومية وثوابته النضالية ،وأن الحزب يتعرض لعملية اغتيال سياسي مقصودة، وأن القيادة بالداخل كانت ستنهي كل هذه الفوضى في مؤتمره الذي كان من المفروض أن يُعقد قبل عام، ولكن السيد أبراهيم برو يتهرب بحجة حزب الاتحاد الديمقراطي وأستنجد بقيادات البارتي في أقليم كردستان لدعمه والتمديد له ،مع أمكانية أن يطلب الأقليم من قيادة حزب يكيتي أن يتم أنتخابه سكرتيرا للحزب مرة أخرى وهذا ما يتعارض مع النظام الداخلي للحزب ،حيث فرضوا على المجلس الكردي بقاء برو وممثلي المجلس لإشعار أخر ،. الشارع الكردي كله يتحدث عن ممثلي المجلس وقيادته بغضب وعدم أمانتهم نحو مسؤولياتهم الكردية بحجة حزب الاتحاد الديمقراطي وسيطرته وانتظار مفاوضات جنيف كهروب نحو الأمام، ولكن أتساءل شخصيا إلى متى يبقى المجلس الكردي في تشوش وخوف تجاه بقاء هكذا قيادات في مناصبها بدعم تركي وكردي؟ هل ستنجح أمريكا في توحيد الكرد السوريين لكي ينالوا حكما ذاتيا أو فيدرالية كردية والتي تسعى لها موسكو وواشنطن؟ لسان الحال يقول حين يتم استبعاد رئيس المجلس وممثليه الغير جديرين بالمسؤولية، عن مناصبهم فمن الممكن أن نجد تحالفا بين ال ب ي د والمجلس الكردي قريبا وأن ينال كرد سوريا حكما ذاتيا أو أقليم فيدرالي .

#خورشيد_علي (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات