أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - محمد النحيلي - الدور الأمريكي في مؤتمرالجزيرة الخضراء 1906 حول المسألة المغربية















المزيد.....


الدور الأمريكي في مؤتمرالجزيرة الخضراء 1906 حول المسألة المغربية


محمد النحيلي
كاتب

(Mohamed Nhili)


الحوار المتمدن-العدد: 5425 - 2017 / 2 / 7 - 23:51
المحور: السياسة والعلاقات الدولية
    


-السياق التاريخي لانعقاد مؤتمر الجزيرة الخضراء:

إن مؤتمر الجزيرة الخضراء هو مؤتمر عقد في 1906 لتقرير مصير المغرب سياسيا واقتصاديا، بدأ المؤتمر في 16 يناير 1906 بمشاركة ثلاثة عشر دولة أروبية. وشارك الرئيس روزفلت كوسيط فيه في 7 أبريل من نفس السنة تم الإفصاح عن الوثيقة النهائية للمؤتمر.للمرة الثانية انعقد مؤتمر مؤتمر دولي في شأن المغرب لتسوية المشاكل الناتجة عن الإتفاقيات الدولية السرية حتى يتمكن المغرب من قبول مساعدة جميع الدول. وشارك في هذا المؤتمر 13 دولة وهي :

المغرب- ألمانيا- النمسا- بلجيكا- اسبانيا- الولايات المتحدة الأمريكية- فرنسا- انجلترا- ايطاليا- هولندا- البرتغال- روسيا- السويد.

ومثل المغرب في هذا المؤتمر وفد يتركب من الحاج محمد الطريس والحاج محمد المقري والحاج محمد الصفار والسيد عبد الرحمان بنيس.

منذ الإتفاق الفرنسي المغربي الإنجليزي ل8 أبريل 1904 اعتبرت فرنسا أن الطريق أصبح مفتوحا أمامها للسيطرة على المغرب. لكن ما أعقب ذلك الإتفاق الودي، من مشاحنات غير ودية بين فرنسا وألمانيا من جهة، وبين المغرب وفرنسا من جهة أخرى، وخاصة أزمة 1905 بين للفرنسيين خطأ سياسة دلكاسي رغم ما أزاحته تلك السياسة من عراقيل كانت تكبل سياسة التدخل السريع في المغرب. لكن مؤتمر الجزيرة الخضراء 1906 الذي قبلته فرنسا مرغمة، والذي كان المغرب ينتظر منه أن يهتم بما فيه مصلحة للمغرب وسعادة المغاربة. أعطى لفرنسا امتيازات، اعتبرها زعماء الإستعمار، مكاسب هامة، للتدخل السلمي في المغرب، جعلتهم يدشنون، فترة التدخل السلمي النشيط ، وهي فترة بينت أحداثها الخطأ الذي وقع فيه ساسة أروبا في الجزيرة، حيث لم يهتموا إلا بمصالحهم المادية والسياسية، في حين تجاهلوا رغبة الشعب المغربي في مساعدته على النهوض، دون الإساءة لإستقلاله وسيادة بلاده.

بعد التوقيع المبدئي على عقد المؤتمر واجتماع المبعوثي في الجزيرة الخضراء حدثت عدة تحركات دبلوماسية ودعائية، كما كانت تلميحات باستعمال القوة خاصة من قبل ألمانيا التي كانت قد راهنت على المساندة الأمريكية لأطروحتها المرتكزة على تدويل القضية المغربية والحفاظ على مبدأ الباب المفتوح. أما بريطانيا وفرنسا فكانتا بدورهما مصرتين على كسب حلفاء لهما سواء بالترغيب أو بالترهيب وهو ما يعني بأن نتيجة المؤتمر قد حددت سلفا وأصبح التفكيرمنصبا على كيفية التأثير في طرفي ميزان القوى الذي بدوره كان محسوبا ومعدا بحذر كبيرين. أما الطرف المعني وهو المغرب فإن السلطان عبد العزيز وبعد أخذ ورد وبعدما انخدع بنصائح الألمان برفضه مشروع للإصلاح المقدم من قبل فرنسا، وطرح المسألة المغربية أمام مؤتمر دولي لمناقشتها مع وعد بالدفاع عن استقلال وسيادة السلطان، فقد وافق على دعوة الدول الموقعة على وفق مدريد للإجتماع، وتم إرسال الإستدعاءات في فاتح دجنبر1905 ليبدأ المؤتمر جلساته في 16يناير 1906.

وكانت الدول الأروبية ذات المطامع الإستعمارية قد اتجهت نيتها إلى اقتسام المغرب، لو لا تنافسها مع ألمانيا، مما حمل غليوم الثاني امبراطورها إلى القيام بزيارة ملك المغرب مولاي عبد العزيز في طنجة، حيث أكد له مناصرته باعتباره ملكا لدولة مستقلة. وإثر هذا التحدي الألماني الخطير لفرنسا وغيرها، عقد مؤتمر الجزيرة الخضراء سنة 1323هـ (الموافقة لسنة 1906م) وحضرته الدول الأروبية الثلاث عشرة، التي حضرت من قبل في مؤتمر مدريد.

وأهم ما أسفر عنه هذا المؤتمر – بالنسبة للمغرب – اتفاق الدول على تعيين فرنسا واسبانيا للقيام بإدخال الإصلاحات على الدولة المغربية، والإشراف على كثير من المصالح الحيوية في البلاد بدعوى تنظيمها. ورغم أن تلك الإصلاحات مفيدة للمغرب إلى حد ما، إلا أنها كانت تدخلا سافرا في شؤونه الداخلية، ووصمة في جبين حريته واستقلاله. أما حالة الشعب المغربي فقد ظلت كما هي، من حيث الفوضى والوهن.

ورغم ذلك كله، فإن نائب سلطان المغرب، كان يمثل دولة ضعيفة، وسط مجموعة من الدبلوماسيين المحترفين الممثلين لدولة قوية تنافس على غزو المغرب واستغلاله.ولذلك كانت أصداء صيحاته تضيع في شعاب الأطماع الإستعمارية. وكان على نائبنا أن يستعد باستمرار لإذكاء المنافسات بين أولئك الدبلوماسيين، حتى إذا ما اتفقوا ضده – وهذا ما كان يحصل في الغالب – فلم يكن له من مفر من الإبتسام في وجوههم وقبول مطالبهم رغم أنه كان يكره الجميع.

منذ 1905 حاول الفرنسيون فرض حمايتهم على المغرب، لكن المغاربة بمساندة قوية من ألمانيا، أفشلوا مخطط روني طياندي (S.R. Taillandier)، وزير فرنسا بطنجة، ودعوا إلى عقد مؤتمر دولي، لينظر في مسألة التنظيمات التي يجب إدخالها للبلاد بضمانة دولية. بيد أن ميثاق الجزيرة الخضراء، الذي دعى إلى احترام استقلال المغرب وسيادته دعى المغاربة – في وقت نفسه – إلى التعاون مع فرنسا واسبانيا، أي مع الدولتين الطامعتين في احتلال المغرب، ولذلك اعتبر المغاربة عقد الجزيرة، شروطا فرضتها المصالح الاستعمارية، وصمموا على مقاومتها .

وعلى الرغم من خيبة أمل المغرب في ألمانيا ، التي قبلت الميثاق، فقد بذلت الدولتان بعض الجهود للحفاظ على الصداقة الألمانية المغربية، وكان من المنتظر أن يجد المخزن الحكومة الألمانية بجانبه، لمقاومة كل ضغط فرنسي مسلح.

وكانت ألمانيا تضع دائما نصب عينيها منافسيها الفرنسي والانجليزي على صعيد السياسة الخارجية، إما من أجل إنذارهما أو إخضاعهما للسياسة الألمانية, فزيارة القيصر فيلهام الثاني لكل من الشام وفلسطين عام 1898 ووقوفه على قبر صلاح الدين الأيوبي لم تكن موجهة ضد المسلمين، بل كان الغرض من ذلك تلقين درس للفرنسيين و الانجليز وتحذيرهم من التدخل في المنطقة، أي الشرق الأوسط، وفي نفس الوقت كان الغرض من ذلك أيضا إظهار تحالفه مع الامبراطورية العثمانية.

إنه من الضروري أن ندرك كل هذه الخلفيات الفكرية والسياسية إذا أردنا أن نفهم محاولة بسط نفوذ ألمانيا على المغرب. لقد كان الهدف قبل كل شيئ منافسة فرنسا ومنعها من التدخل في الشؤون الداخلية للمغرب، إلا أن ألمانيا لم تفلح في ذلك كما هو معلوم. ومن ناحية أخرى أراد الرايخ الألماني إقامة علاقات اقتصادية مع المغرب وكسبه كسوق هامة لتصريف منتجاته. ولابد أن نشير هنا إلى حقائق معينة بالنسبة إلى هذه التجارة المذكورة وعلينا الا ننسا أن حجم التجارة الالمانية مع المغرب لم يصل أبدا لأكثر من واحد من عشرة بالمائة من إجمالي حجم التجارة الخارجية للرايخ الألماني ولذلك لا يمكن أن نقول أن التجارة مع المغرب كانت ضرورية أو هامة بالنسبة لألمانيا.

لقد تمكن المغاربة، إذن وبمساعدة الألمان، من إفشال مشروع الحماية الذي حاولت فرنسا فرضه على المغرب سنة 1905 ودعوا إلى مؤتمر دولي، حضرته جميع الدول المعنية بالمسألة المغربية. وقد دعا ميثاق الجزيرة الذي صدر في أبريل 1906 إلى احترام سيادة واستقلال المغرب، ومنح لجميع الدول الحاضرة حق المساواة الاقتصادية. بيد أنه اعترف لفرنسا بالمصلحة الخاصة، بدعوى مجاورتها للمغرب في الجزائر، ومنحها حق تنظيم شرطة الموانئ، بالاشتراك مع اسبانيا. وأعطاهما الأولوية في إنشاء بنك للدولة المغربية.

وكتب GUSTAV DIERCKS في كتابه عن المغرب وعنوانه “المغرب والمصالح الألمانية” – ” إن ألمانيا قد سعت إلى الحفاظ على سلامة الأراضي المغربية “.

-دور الولايات المتحدة الأمريكية في المؤتمر:

تميز دور الادارة الامريكية خلال هذه المرحلة بمحاولة التوفيق بين وجهات نظر القوى المتنافسة حول المغرب رغم تخوفات الرئيس “تيودور روزفلت” من معارضة الكونكرس الأمريكي له، إذ أصدر تعليماته لممثل الولايات المتحدة الأمريكية بالبقاء على اتصال والوضع القار بالمغرب.

إن مشاركة الولايات المتحدة الأمريكية في مؤتمر الجزيرة الخضراء 1906 تمثل جانبا آخر من السياسات العالمية للرئيس روزفلت، وهو أكثر عمقا، وواضح من أي وقت مضى عكس الإنعزالية التقليدية للدبلوماسية الأمريكية قبل اندلاع الحرب العالمية الأولى عام 1914.

لقد كان خطاب الافتتاح محاولة لدغدغة مشاعر كل الاطراف المتصارعة بشأن القضية المغربية، فقد صرح رئيس المؤتمر الدوق ألمودفار Almodo-var-الاسباني بأن أهداف المؤتمر هي إدخال اصلاحات عملية بالمغرب بناء على المبادئ الثلاثة وهي :

– سيادة السلطان

– وحدة المغرب

– مبدأ الباب الباب المفتوح

المبادئ الثلاثة التي عبر عنها Almodo-var-أكدها مندوب فرنسا ومن بعده مندوب ألمانيا، كما أنها حسب التصريح الأمريكي من الاهتمامات الخاصة والاساسية للولايات المتحدة الامريكية.

وقد برز تناقض بين الامريكين والفرنسيين أثناء الاعداد للمؤتمر، فواشنطن كانت تريد إدراج في المناقشة مسألة وضعية “اليهود المغاربة”، وفرنسا تسعى الى استبعاد هذه المسألة خوفا من مضاعفات، وعدم فتح الباب أمام أسئلة أخرى. ومع ذلك كانت هذه المسألة حجة الرئيس روزفلت لإرضاء المعارضة الشرسة من الرأي العام الأمريكي لمشاركة حكوماتهم في القضية الأروبية. وذكر جوسيراند: “سأبذل قصارى جهدي للحصول على تعديل الاتفاقيات نتيجة الجهود التي تبذلها الشركات اليهودية، وهذا من أسباب المشاركة في المؤتمر ومن الطلبات الملحة للمواطنين الأمريكين…”.

ساهمت الولايات المتحدة الأمريكية في مؤتمر الجزيرة الخضراء الذي انعقد في أبريل 1906، لايجاد حل للعداء الفرنسي الالماني حول المغرب، وكان لها دور هام في هذا المؤتمر الذي يشكل بالنسبة لهم فرصة لتعزيز مصالحهم الناشئة عن المعاهدات والاتفاقيات السابقة . فقد وافقت واشنطن على القيام بوظيفة التحكيم في مؤتمر دولي حول المغرب بعد اتفاق الطرفين المتنافسين كما تم الاتفاق على استدعاء البعثة الفرنسية والالمانية في فاس قبل عقد المؤتمر حيث تمكنها من برنامج يقدم لسلطان، واتفاقهما على عدم المساس بالاتفاق الذي عقد بين فرنسا وبريطانيا وبينها وبين اسبانيا .

قاد واشنطن مندوبها للمؤتمر من أجل طلب تحسين أحوال اليهود المغاربة. وكانت كل القرائن والإشارات توحي بأن روزفلت سيكون إلى جانب الأطروحة الألمانية، بعدما ساندها في قضايا مماثلة، عندما قام بينها وبين بعض دول أمريكا اللاتينية نزاع بسبب الديون خاصة مع فنزويلا وسانتو دومينيكو و بورتو ريكو وهو النزاع الذي كان فيه روزفلت حكما وحليف للألمان. إلا أن الذي حدث هو كون الولايات المتحدة الأمريكية ورغم كل الدلائل التي كانت توحي بأنها إلى جانب الموقف الألماني، فإن الوثائق والرسائل المتبادلة بين الأطراف المشاركة في المؤتمر، أضهرت العكس أي أنها مع الجانب الفرنسي والبريطاني، فقد نقل عن الرئيس الأمريكي Roosevelt قوله إنه يريد أن تكون علاقاته مع بريطانيا وثيقة جيدة، فضلا عن أن التعليمات الرسمية التي أعطيت من قبل Root كاتب الدولة في الخارجية الأمريكية ل White، ممثل الولايات المتحدة الأمريكية في مؤتمر الجزيرة، لا تتطابق مع التعليمات الشخصية والسرية فقد جاء فيها، أن المطلوب هو عدم معارضة المصالح المشروعة لفرنسا في المغرب، مع البقاء في صف الوفاق الانجليزي الفرنسي، تقول إحدى فقرات رسالة كاتب الدولة الأمريكي : ” فمن الأحسن لنا أن نحافظ على صداقتنا مع الجميع وأن نبقى في وضع متوازن غير منحاز، ساعد فرنسا (مخاطبا White) على بلوغ ما تريده ولكن لا تتحمل مسؤولية الدفاع عن ذلك… وفي المجمل حافظ على السلام لقد تم اختيارك لأنك تعرف ذلك الحقل الأروبي الواسع كما تم اختيار Gummeré لكونه يعرف الحقل المغربي الأقل اتساعا”، فضلا عن تعاطف ممثلي الولايات المتحدة الأمريكية في المؤتمر مع فرنسا.

نفس المسألة أثارها مجلس الشيوخ عند مصادقته على عقد الجزيرة الخضراء، إذ أكد: “أن مشاركة الولايات المتحدة الأمريكية في مؤتمر الجزير الخضراء وفي تبني البيان الختامي والبرتوكول الإضافي الملحق به، لا تهدف إلا على الحفاظ وتوسيع تجارتها بالمغرب، وحماية حياة وحرية وخيرات رعاياها المقيمين أو المسافرين وتقديم المساعدة لمنع احتدام الصراع والمنافسة والجدال الذي يظهر أنه يهدد السلام بين الأمم الموقعة على اتفاقية مدريد 1880. فالكل تحت شعار الصداقة مع الحكومة الفيدرالية ودون إرادة إلغاء السياسة الخارجية التقليدية للولايات المتحدة الأمريكية التي تمنعها من المشاركة في تسوية المشاكل السياسية لدول الأروبية […] من جهتها حاولت الولايات المتحدة الأمريكية عدم اتخاذ موقف النزاع الألماني الفرنسي كما تنص على ذلك مبادئها التقليدية، فهذه المسألة لا تمثل لها أي مصلحة لكن فرنسا دفعتها إلى اتخاذ موقف عن طريق سفيرها في واشنطن فما هي الوسائل و الآليات التي اعتمد عليها لتحقيق هذا الهدف؟

كتب “روفيي” في برقية إلى “جيسران” في 2 مارس 1906 ما يلي :

تعلمون أن ألمانيا حزبا مؤثرا وحيويا يدفع الحكومة الإمبريالية إلىاتخاذ خطوة في المغرب، وضمان السيطرة على بوابة موكادور ،يدافع مكتب برلين في إعلاناته العامة كما في الإتصالات التي قمنابها سواء المباشرة أو غيرالمباشرة، لمعرفة ما المطلوب؟ لكن مايردنا من معلومات هو أن ممثلي الولايات المتحدة الأمريكية بأروبايعتقدون أن السيطرة على موكادور هي الهدف الحقيقي والسريللسياسة الألمانية. نضيف أن هناك خطرا في وجهة نظر أمريكا،إذ تظهر موكادور كمعبر اتجاه المستعمرات الألمانية بالبرازيلانطلاقا من ذلك يمكن لفرنسا أن تحمل الولايات المتحدة الأمريكيةعلى اتخاذ موقف لصالح المسألة المغربية وبشكل خاص تجاه تنظيمالبوليس.

كما سطر “روفيي” في نفس البرقية : “محادثاتكم مع الرئيس “روزفلت” ومع “Root” “رووت” تسمح لكم بمراجعة هذه النقطة”. وأضاف :

“إذا وجدت هذه الفكرة بعض التأييد في واشنطن، فسيساعدكمذلك على التأكيد أنه من مصلخة واشنطن دعم مواقفنا الخاصةبمسألة البوليس في الموانئ المغربية والأطلنتية ويمكن للحكومةالأمريكية أن ترخص لمندوبها بالجزيرة الخضراء بالتصويتلصالحنا أو على الأقل تبادل وجهات النظر حول هذه المسألة”

-موقف الولايات المتحدة من نتائج مؤتمر الجزيرة الخضراء:

في نهاية سنة 1906 كانت كل الدول قد وقعت على عقد الجزيرة الذي أصبح جزءا من القانون الدولي، وقد جاء في خطاب روزفلت أمام الكونغرس الأمريكي في 5 دجنبر 1906 من أجل توقيع الولايات المتحدة الأمريكية على مقررات المؤتمر ما يلي :

” إن توقيع على الإتفاقية ككل الدول أعطانا نفس الحقوق والإمتيازات كباقي الدول الأروبية ولم يلزمنا بأي شيئ، أما عدم توقيعنا عليها سيعني تخلينا عن حقوقنا التجارية في المغرب ، ولا يمكننا بعدها تحقيق أي هدف آخر من أي نوع كان ، فضلا عن أننا سنضيع فرصة جاءتنا بعد 120 سنة لن نوقع خلالها على أي اتفاقية تجارية مع المغرب في وقت نجن في أمس الحاجة إلى أسواق و مراكز لتجارتنا .

وهكذا خيب المؤتمر أمل المغرب ، في الموقف الألماني خاصة ، وفي موقف الدول الأخرى بصفة عامة . فقد اهتم دبلوماسيو أروبا بحل الخلاف الألماني الفرنسي ، ولم يبحثوا في الوسائل الكفيلة بمساعدة المغرب . بل أكثر من ذلك دفعوا المغاربة إلى التعاون مع الدولتين الطامعتين في احتلال بلادهم و هما فرنسا واسبانيا ، ويبدو أن المغرب بعد مؤتمر الجزيرة الخضراء لم يعد يمثل في السياسة الألمانية إلا عملية للتبادل ، ذلك أن السياسة المغربية لألمانيا سارت في اتجاهين يخدمان المصالح الألمانية فقط دون اهتمام كبير بآمال المغاربة .

وقد كانت الولايات المتحدة الأمريكية ضد الوجود الألماني بالمغرب باعتباره يشكل خطرا على مجال نفوذها في أمريكا اللاتينية ، كما كانت تعي خطورة انفراد فرنسا بالمغرب على المصالح الاقتصادية الامريكية ، وكان ذلك دافعا وراء تأييدها للطرح الألماني الذي كان يدعو الى ضرورة الحفاظ على سياسة الباب المفتوح و مساواة جميع القوى الأجنبية في الاستفادة من الثروات الاقتصادية في المغرب . لكن التعليمات الرسمية التي تلقاها ممثل الولايات المتحدة الأمريكية هنري وايت كاتب الدولة في الخارجية الأمريكية كانت تدعوا إلى عدم معارضة المصالح الفرنسية في المغرب ودعم الوفاق الأنجليزي في المغرب الذي يشكل ضمانة سياسية تحملت بموجبها فرنسا واسبانيا بحماية جميع المصالح بالمغرب .

فبعد إعلان ميثاق الجزيرة الذي خيب آمال المغاربة وخدم الأهداف التوسعية لفرنسا ، حاول الألمان أن يظهروا بمظهر المؤيد للموقف المغربي ، ولذلك علقوا مصادقتهم على إجراء العمل بمقرارات المؤتمر على مصادقة سلطان المغرب ، فقد اتصل الوزير الألماني بطنجة روزن Rozen ، بالنائب محمد الطريس ، وأخبره بأن الحكومة الإسبانية طلبت من الحطومة الألمانية الشروع في تنفيذ قرارات الجزيرة ، لكنها رفضت وقررت أن لا تصادق على أي إجراء ، غلا بعد مصادقة السلطان […] أما فرنسا فمنذ ذهاب دلكاسي Delcassé وهي تسلك نحو ألمانيا سياسة حذرة ، تعتمد المرونة ، بل التودد ، خاصة إثر كل قرار يرمي إلى التدخل في الشؤون المغربية.

كان موقف الولايات المتحدة الأمريكية يستند إلى المبادئ الثلاثة التي تتناسب مع المصالح الأمريكية في هذا الوقت وهي :

– سيادة سلطان المغرب ( معتمدة من الأمريكيين قبل ألمانيا ).

– سلامة أراضي الإمبراطورية الشريفة.

– المحافظة على سياسة الباب المفتوح.

ويجب الاشارة إلى أن المشاركة الأمريكية في مؤتمر الجزيرة الخضراء أثارت معارضة من الرأي العام الأمريكي والكونغرس حيث نجد أحد أعضاء مجلس الشيوخ في ولاية جورجيا يدعى باكون Bacon يقود حملة ضد سياسة روزفلت بغرض مشروع قرار ضد تدخل الولايات المتحدة الأمريكية في النزعات بين الدول الأروبية ، وقال “إن مشاركة حكومتنا في المؤتمر المغربي يمكن أن يؤدي إلى دخول الولايات المتحدة الأمريكية في التعقيدات الأروبية” . كما قال أيضا زعيم الحزب الجمهوري في مجلس الشيوخ أن “مؤتمر الجزيرة الخضراء مؤتمر سياسي، وأن الأمريكيين ليس لديهم أي مصلحة في المشاركة وإنما الأمر يتعلق بأروبا فقط” .

كان الرئيس الامريكي مقتنعا بالمشاركة في المؤتمر وكان دعما من داخل أجل الكونغرس ، وقد قال السيناتور سبونر Spooner أن مصلحة الولايات المتحدة الامريكية هي تجارية دون الدخول في الشؤون الداخلية للقوى الأروبية.

  في فاتح شهر أبريل من سنة 1906 أصبح من المؤكد أن مبعوثي الدول قد سووا خلافاتهم بشأن المغرب ، وأن المؤتمر كان نصرا حقيقيا لسياسة فرنسا بالمغرب وهزيمة غير معلنة لدبلوماسية ألمانيا ، واستفادة غير منتظرة للأمريكيين وهو ما أشعل حرب البلاغات بين هذه الأطراف . ف Bulow المستشار الألماني تعرض للنقد واعتبر مسئولا عن الهزيمة الدبلوماسية لبلده ، وقد حول جاهدا تحويل الهزيمة إلى نصر عندما صرح بأن، السياسة السلمية للقيصر قد انتصرت وأن تراجع ألمانيا لم يكن بسبب الضغط المعنوي لرئيس الولايات المتحدة ولكن لأن القيصر لم تكن لديه نية في السماح بانفجار حرب بسبب المغرب ، الحرب التي لم يكن لا أمراء الألمان ولا الرايخشتاخ ولا الشعب مستعدا لها .



#محمد_النحيلي (هاشتاغ)       Mohamed_Nhili#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- موقف الولايات المتحدة من حرب الريف المغربي


المزيد.....




- مشهد صادم.. رجل يتجول أمام منزل ويوجه المسدس نحو كاميرا البا ...
- داخلية الكويت تعلن ضبط سوداني متهم بالقتل العمد خلال أقل من ...
- مدمن مخدرات يشكو للشرطة غش تاجر مخدرات في الكويت
- صابرين جودة.. إنقاذ الرضيعة الغزية من رحم أمها التي قتلت بال ...
- هل اقتصر تعطيل إسرائيل لنظام تحديد المواقع على -تحييد التهدي ...
- بعد تقارير عن عزم الدوحة ترحيلهم.. الخارجية القطرية: -لا يوج ...
- دوروف يعلّق على حذف -تليغرام- من متجر App Store في الصين
- أبو عبيدة: رد إيران بحجمه وطبيعته أربك حسابات إسرائيل
- الرئاسة الأوكرانية تتحدث عن اندلاع حرب عالمية ثالثة وتحدد أط ...
- حدث مذهل والثالث من نوعه في تاريخ البشرية.. اندماج كائنين في ...


المزيد.....

- الجغرافيا السياسية لإدارة بايدن / مرزوق الحلالي
- أزمة الطاقة العالمية والحرب الأوكرانية.. دراسة في سياق الصرا ... / مجدى عبد الهادى
- الاداة الاقتصادية للولايات الامتحدة تجاه افريقيا في القرن ال ... / ياسر سعد السلوم
- التّعاون وضبط النفس  من أجلِ سياسةٍ أمنيّة ألمانيّة أوروبيّة ... / حامد فضل الله
- إثيوبيا انطلاقة جديدة: سيناريوات التنمية والمصالح الأجنبية / حامد فضل الله
- دور الاتحاد الأوروبي في تحقيق التعاون الدولي والإقليمي في ظل ... / بشار سلوت
- أثر العولمة على الاقتصاد في دول العالم الثالث / الاء ناصر باكير
- اطروحة جدلية التدخل والسيادة في عصر الامن المعولم / علاء هادي الحطاب
- اطروحة التقاطع والالتقاء بين الواقعية البنيوية والهجومية الد ... / علاء هادي الحطاب
- الاستراتيجيه الاسرائيله تجاه الامن الإقليمي (دراسة نظرية تحل ... / بشير النجاب


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - محمد النحيلي - الدور الأمريكي في مؤتمرالجزيرة الخضراء 1906 حول المسألة المغربية