أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عزيز مشواط - عالمية المصير الانساني وأزمات الهوية: النزعات القومية والدينية و الاثنية في مواجهة عولمة الحداثة














المزيد.....

عالمية المصير الانساني وأزمات الهوية: النزعات القومية والدينية و الاثنية في مواجهة عولمة الحداثة


عزيز مشواط

الحوار المتمدن-العدد: 1430 - 2006 / 1 / 14 - 10:34
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


تنظر العولمة الى شعوب العالم من منظور وحدة الجنس البشري بصورة تتجاوز الخصوصيات العقائدية أوالقيميةأواللغوية " ومن ثمة تسعى من حيث المبدأ الى تحطيم الحدود وإلغاء حالة الانغلاق بين الشعوب والأعراق والاثنيات،فلم يعد بالامكان الحديث عن حالة العزلة أوالنقاء الثقافي بفعل ما أحدثته ثورة الاتِّصالات وعولمة الاقتصاد من اختراق كاسح وتحطيم شديد لكل أشكال الحدود، لذلك صارت التخوم مفتوحة أمام عمليات التبادل بكل أنواعها .فكيف تحولت العولمة من اداة للبحث عن وحدة انسانية الى عامل انبثاق للنزعات الأصولية سواء كانت دينية أو قومية أو اثنية ؟
الاتصالات التي أسهمت في تحطيم الحدود أحدثت رجات كبرى وصادمة للذاكرة الجماعية التي تتشكِّل منها الهوية بمختلف أنواعها، فقد أدَّى تحطيم أسوارالانعزال الى انهيار أسطورة الصفاء الثقافي والعرقي وصارت المجتمعات مهددة بفعل افرازات ثورة الاتصالات وعولمة القيم المسنودة بأجهزة اعلامية ضخمةوبمؤسسات متعددة الجنسية من خلال أبعادها "العبر-قومية" .
التهديد الذي صار محط مساءلة و موضع نقاش حاد بفعل التخوفات التي اثارها، لا يجب ان يخفي الابعاد الاجابية للعولمة التي تؤكِّد عالمية المصير الانساني المشترك لكلِّ سكان المعمورة. لكن العولمة وهي تبحث عن وحدة عالمية مفترضة كشفت في أكثر من موضع عن سيطرة متخيل مبني على خطِّية زمنية مبسِّطة لحركة المجتمعات؛ من خلال النماذج التي فرضتها مؤسسات العولمة وهي نماذج مستمدة من قوة التقنية الغربية ونمط العيش الأورو أمريكي ،الامر الذي يهدد السيادة القومية من خلال البُعد "العبرقومي" للنشاط الحياتي البشري الذي بشرت به اتفاقيات الغاء الحدود التي لم تشمل الحدود بمعناها الاقتصادي و الجغرافي، بل تجاوزتها الى المستوى القيمي بما يعنيه ذلك من علاقات اللاتكافئ القائمة بين طرفي المعادلة،هذا اللا تكافئ افرز مقاومات تقف ضد الانسية الجديدة وضد مفهوم الهويات فوق قومية، وفي الوقت نفسه تحاول خلق نماذج جديدة .
وهكذا وعلى الرغم من ارتفاع شعارات انتهاء عصر القوميات في الشمال والغرب، نجد أنَّ المسألة القومية في ابعادها الهوياتية الدينية و العرقية لا تزال هي القضية الأساسية في الحِراك السياسي في الجنوب والشرق. ومازالت الحقوق القومية بندًا أساسيًّا على جداول أعمال الحكومات والأحزاب السياسية.
خلقت العولمة في سعيها نحو التنميط وخلق نموذج أحادي ما يشبه انفصاما جماعيا في أوساط المجتمعات المسماة ثالثية ،وذلك بفعل الاجبار الذي وجدت هاته المجتمعات نفسها ملزمة بالانخراط فيه،فالقيم العالمية الجديدة، والتي أضحت مفروضة بقوة المؤسسات الاعلاميةوالحقوقية واشاعتها عبر وسائط اتصال جد متطورة، خلقت فِصاما في توجُّهات هاته المجتمعات التي صارت مجبرة بفعل اكراهات اقتصادية على الدخول في سياق لبرلة الاقتصاد والقيم أوالانزواء في ركن من اركان المعمور في انتظار اوامر الغزو تحت يافطة عدم الالتزام بحقوق الانسان و غيرها من المبررات الأخرى ..
لقد فرضت العولمة منطقا جديدا على مجموعة من الدول و المجتمعات ،و أجبرتها إما أن تتخلَّى عن سيادتها، وإما أن تلغي دورها في النظام العالمي الجديد..
نجمت حالة الفصام هاته عن مضاعفات عملية التطور الشامل الناتج عن اتجاه كوني نحو التعقيد، مما أفرز نقاط التماس كثيرة بين الجماعات والأفراد استحالت معه كلِّ إمكانية للتقوقع، بل صار التداخل والتشابك ميزة الوجود الانساني ،في اطار اخترق كل نزعة خصوصية لصالح نزعة الاختلاط الثقافي العابر للاجناس و الحدود و الثقافات ، الأمر الذي يجبر الثقافات المحلِّية على الدخول في مواجهات عديدة و غير متكافئة في غالب الحالات ،فتعلن الجماعات الاثنية و الدينية الثقافية عن عداء مستعير لكل القيم الدخيلة أملا في الحفاظ على مرجعياتها و نقاط الارتكاز لديها،وهذا ما يرفع من حدة النزعات القومية والعرقية والدينية المحلِّية. يقول جيدنز
: «إنَّ عملية إحياء النزاعات القومية المحلِّية وتزايد حدة الهويات القومية مرتبطة ارتباطًا مباشرًا بتأثيرات العولمة».
تكمن تأثيرات العولمة على الثقافات والهويات المحلية من خلال الفعل التفكيكي الذي تمارسه على كل الخصائص المميزة لجماعة معينة،حيث التهديد المستمر بالغاء الحواجز الثقافية،ومضاعفات ذلك على موازين القوى التي تميل لصالح الثقافات العابرة للقوميات .
يدفع التهديد الذي تفرضه العولمة بهذه الثقافات إلى البحث عن الصيغ الكفيلة بحفظ البقاء ،الأمرالذي يفرز سلوكات مقاومة بدعوى الخصوصية، والانغلاق على الذات بدعوى التميُّز والصفاء والقدسية،وتشكل العودة الى الماضي بحثا عن ملجأ افتراضي محتمل احدى وسائل اثبات الجذور والبحث عن تعويض ، في محاولة مستميتة لنفي المستجدات والمتغيرات العالمية.
واذا كان رفض المستجدات يرمي الى حماية الهوية من الذوبان فانه بالمقابل "يؤدي إلى مزيدٍ من إقصاء الذات وإلى فقدان الفاعلية المسهمة في التأسيس لثقافة جديدة. وهذا ما يفضي إلى خلق استقطابات جديدة تغدو بؤرًا للصراع ومنابع للتطرف والرفض والأصولية في مختلف أشكالها: الدينية، القومية، العرقية، إلخ. ترفض الثقافات المحلِّية "التهجين الثقافي" الذي تبشِّر به عولمة الحداثة خوفًا من الذوبان في مجتمع التعدد الثقافي؛ ويأتي هذا الرفض من الثقافة المحلِّية الكبيرة المهيمنة على الثقافات "الصغيرة" لأنَّ التعددية تهدد سلطتها.
******
- نبيل علي،استخدام تكنولوجيا المعلومات و الاتصالات في التعريف بالهويةالعربية واثرائها و التحدي الاسرائيلي المعلوماتي،المجلة العربية للثقافة العدد 46سنة 2005ص82
-جيدنز، أنطوني، بعيدًا عن اليسار واليمين – مستقبل السياسات الراديكالية، ترجمة شوقي جلال، المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب – الكويت، سلسلة "عالم المعرفة"، العدد 286، أكتوبر 2002.



#عزيز_مشواط (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ثقافة الموت
- المثقفون واوهام أهل الكهف
- الهوية كمدخل لفهم صراع الحضارات
- اشكاليةالهوية في العلوم الانسانية
- قراءة في كتاب -الأصولية افة الاسلام- لعبد الوهاب مديب
- تهديدات الظواهري وتفجيرات لندن تعيد مقاربات - كيبل- للفعل -ا ...
- الحركات الجهادية و البحث عن الهوية بحد السيف و الدم
- الخصوصية والهوية الثقافية


المزيد.....




- هارفارد تنضم للجامعات الأميركية وطلابها ينصبون مخيما احتجاجي ...
- خليل الحية: بحر غزة وبرها فلسطيني خالص ونتنياهو سيلاقي في رف ...
- خبراء: سوريا قد تصبح ساحة مواجهة مباشرة بين إسرائيل وإيران
- الحرب في قطاع غزة عبأت الجهاديين في الغرب
- قصة انكسار -مخلب النسر- الأمريكي في إيران!
- بلينكن يخوض سباق حواجز في الصين
- خبيرة تغذية تحدد الطعام المثالي لإنقاص الوزن
- أكثر هروب منحوس على الإطلاق.. مفاجأة بانتظار سجناء فروا عبر ...
- وسائل إعلام: تركيا ستستخدم الذكاء الاصطناعي في مكافحة التجسس ...
- قتلى وجرحى بقصف إسرائيلي على مناطق متفرقة في غزة (فيديو)


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عزيز مشواط - عالمية المصير الانساني وأزمات الهوية: النزعات القومية والدينية و الاثنية في مواجهة عولمة الحداثة