أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عايد عواد - إيليا النبي بين الخرافة والعنعنة !















المزيد.....



إيليا النبي بين الخرافة والعنعنة !


عايد عواد

الحوار المتمدن-العدد: 5422 - 2017 / 2 / 4 - 17:31
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    




إِيلِيِّا النبي

شرح كلمة

إِيلِيِّا



← اللغة الإنجليزية: Elijah - اللغة العبرية: אֱלִיָּהוּ - اللغة اليونانية: Ηλίας - اللغة القبطية: Hliac - اللغة السريانية: ܐܸܠܝܼܵܐ.



اسم عبري ومعناه "إلهي يهوه" والصيغة اليونانية لهذا الاسم هي إلياس (أو إليا) وتستعمل أحيانًا في العربية. وهو:

إيليا النبي

إيليا ابن يروحام

إيليا الكاهن، ابن حاريم

إيليا ابن عيلام.


إِيلِيِّا النبي في الكتاب المقدس بمنظور وشرح الأرثوذكس :

اسم عبري ومعناه "إلهي يهوه" والصيغة اليونانية لهذا الاسم هي إلياس (أو إليا) وتستعمل أحيانًا في العربية. وهو:

نبي عظيم عاش في المملكة الشمالية. وبما أنه يدعى التشبي فيرجّح أنه ولد في "تشبة" ولكنه عاش في جلعاد (1 مل 17 : 1) وكان عادة يلبس ثوبًا من الشعر (مسوحًا) ومنطقة من الجلد (2 مل 1 : 8) وكان يقضي الكثير من وقته في البرية (1 مل : 17 : 5 وص 19) وبما أن إيزابل ساقت زوجها وشعب بني إسرائيل إلى عبادة البعل فقد تنبأ إيليا بأن الله سيمنع المطر عن بني إسرائيل واعتزل النبي إلى نهر كريت وكانت الغربان تعوله وتأتي إليه بالطعام وبعد أن جفّ النهر ذهب إلى صرفة وبقي في بيت امرأة أرملة، ووفقًا لوعد إيليا لها لم يفرغ من بيتها الدقيق والزيت طوال مدة الجفاف. ولما مات ابن الأرملة صلى إيليا فأعاد الله الحياة إلى الصبي (1 مل ص 17). وفي السنة الثالثة من الجفاف قابل إيليا عوبديا وكيل آخاب وكان مؤمنًا بالله واتفق معه على مقابلة الملك. وطلب النبي من الملك أن يجمع الشعب إلى جبل الكرمل وأن يحضر معه أنبياء البعل وأشيرة ليرى أيهما يرسل نارًا تلتهم المحرقة، الرب أم البعل. فصلّى أنبياء البعل ولكن لم يكن من مجيب لصلاتهم. ولكن دعا إيليا الرب فاستجاب له ونزلت نار من هذه السماء والتهمت المحرقة. ويشير التقليد إلى أن هذه المعجزة تمت على جبل الكرمل في مكان يدعى حاليًا "المحرقة" فاقّر الشعب بأن الرب هو الله الإله الحقيقي. وبناء على أمر إيليا قتل أنبياء البعل. عندئذ أعلن إيليا بأن المطر سوف ينزل وجرى قدام مركبة الملك إلى مدخل يزرعيل (1 مل ص 18).

ولما توعدت إيزابل بقتل إيليا لأنه قتل أنبياء البعل هرب إلى الجنوب إلى بئر سبع وطلب إلى الله أن يأخذ حياته، ولكن الله أرسل إليه ملاكًا ليشجعه وليعطيه طعامًا وماء. وبقوة هذه الأكلة أمكنه أن يسافر مدة أربعين يومًا إلى جبل حوريب الذي يدعى أيضًا جبل سيناء ويقول التقليد أن المغارة التي على جبل موسى هي المكان الذي أقام فيه إيليا، ثم هناك أتى الرب بالريح والزلزلة والنار ولكنه في النهاية تكلم إلى إيليا في صوت منخفض خفيف. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في صفحات قاموس وتفاسير الكتاب المقدس الأخرى). ثم بعث الله إيليا ليمسح ياهو ملكًا على إسرائيل وليمحو شر بيت آخاب وعبّاد البعل، وليمسح حزائيل ملكًا على آرام وليمسح أليشع نبيًا ليخلفه (1 مل ص 19).

وقد دبرت إيزابل قتل نابوت ليرث زوجها آخاب كرم نابوت. ولما دخل آخاب ليأخذ الكرم قابله إيليا وتنبأ بالموت الشنيع الذي سيموته آخاب وإيزابل وكذلك أنبأ بمحو بين آخاب (1 مل ص 21).

وسقط احزيا ابن آخاب وخليفته على العرش من النافذة فمرض، وأرسل رسلًا ليسألوا بعل زبوب إله عقرون عن شفائه فقابل إيليا الرسل وأرجعهم إلى السامرة فأرسل اخزيا ضابطًا مع خمسين رجلًا ليأخذوا إيليا ولكنه صلى فأتت النار من السماء والتهمت الضابط والخمسين رجلًا معه. وحدث ذات الأمر مع ضابط ثاني وخمسين رجل آخرين. أما الضابط الثالث الذي أُرسل إليه لأخذه فإنه تضرع لأجل حياته وحياة رجاله الخمسين فذهب معه إيليا إلى الملك اخزيا وأنبأه بأنه مادام قد حاول أن يستشير إلهًا وثنيًا فإنه سيموت حالًا. وهكذا حدث وتمت هذه النبؤة (2 مل ص 1). ويسجل لنا 2 أخبار 21-15 رسالة من إيليا إلى الملك يهورام ملك يهوذا، فيها ينتقد إيليا سلوك الملك وشروره وينذره بمرض يأتي عليه وبموته.

وفي نهاية أيامه ذهب إلى الأردن مع أليشع وضرب إيليا الأردن بردائه فانشق الماء وسار النبيان على اليابسة ثم جاءت مركبة وفرسان نارية وحملت إيليا إلى السماء وترك ردائه لأليشع (2 مل 2 : 1-18).

وقد وردت آخر إشارة إلى إيليا في العهد القديم في ملا 4 : 5 و6 والتي فحواها أن الرب سيرسل إيليا النبي قبل يوم الرب العظيم. ويترك بعض اليهود مقعدًا خاليًا على مائدة عيد الفصح لإيليا.

أما في العهد الجديد فقد وعد الملاك أن يوحنا المعمدان سيتقدم المسيح برؤيا إيليا وقوته (لو 1 : 17) وفي هذا المعنى قال المسيح أن إيليا قد جاء في شخص يوحنا المعمدان (مت 11 : 14 و17 : 10 - 12) وقد ظن بعض الناس خطأ أن يسوع نفسه هو إيليا (مت 16: 14) وفي عظته التي ألقاها في الناصرة أشار يسوع إلى إقامة إيليا في بيت أرملة صرفة (لو 4 : 26 و27) وقد ظهر إيليا وموسى مع يسوع عند التجلي (لو 9: 28-36 وغيره من الأناجيل). وكان يعقوب ويوحنا يفكران فيما حدث لجنود اخزيا (2 مل ص 1) عندما طلبا من يسوع إذا ما كانا يدعوان أن تنزل نار على السامريين ولكن يسوع وبخهما على ذلك (لو 9: 54 و55) ويشير بولس إلى تشجيع الرب لإيليا بأن مؤمنين كثيرين كانوا بين بني إسرائيل في أيام إيزابل وآخاب (رو 11: 2-4) ويذكر يعقوب (ص 5: 17 و18) وصلاة إيليا لأجل امتناع المطر لأجل امتناع المطر وصلاته لأجل نزول المطر كمثال لقوة صلاة البار.


كيف يقول سفر التكوين "وسار أخنوخ مع الله ولم يوجد لأن الله أخذه" (تك 5: 24) ويقول سفر الملوك الثاني "وكان عند إصعاد الرب إيليا في العاصفة إلى السماء" (2 مل 2: 1) مع أن السيد المسيح قال "ليس أحد صعد إلى السماء إلاَّ الذي نزل من السماء ابن الإنسان الذي هو في السماء" (يو 3: 13)؟!

ج: من يتأمل أقوال الكتاب يدرك على الفور أنه لا يوجد أي تعارض على الإطلاق بين تلك النصوص، فيجب الالتفات إلى:

1- سواء أخنوخ أو إيليا فإنهما أُصعدا إلى السماء، أي أن الله أصعدهما، ولم يصعد أحد منهما بقوته الذاتية، أما السيد المسيح فقد صعد إلى السماء بقوة لاهوته.



2- السماء التي أُصعد إليها كل من أخنوخ وإيليا هي السماء الثالثة (الفردوس) أما السماء التي صعد إليها السيد المسيح في سماء السموات، وقال الكتاب عن الله " هوذا السموات وسماء السموات لا تسعك" (1مل 8: 27) كما قال بولس الرسول عن السيد المسيح " وأما أنه صعد فما هو إلاَّ أنه نزل أيضًا أولًا إلى أقسام الأرض السفلى. الذي نزل هو الذي صعد أيضًا فوق جميع السموات لكي يملأ الكل" (أف 4: 9، 10) كما قال أيضًا عن السيد المسيح " قد اجتاز السموات يسوع ابن الله" (عب 4: 14).



3- أُصعد أخنوخ وإيليا إلى السماء، وهما لا يعرفا أسرار السماء. أما السيد المسيح فقد صعد إلى السماء وهو يعرف أسرارها لأنه مبدعها وكائن فيها.



4- لماذا لم يعلق الناقد على عدم محدودية السيد المسيح، فهو نزل من السماء ومازال في السماء، لأنه غير محدود وغير متناه فوق الزمان والمكان؟!



5- يقول أحد الآباء الرهبان بدير مار مينا العامر " في الكتاب المقدَّس تشمل " السماء " عدة سموات، فمعلمنا بولس الرسول يذكر أنه أُختطف إلى السماء الثالثة (2كو 12: 4) وعلى هذا فإن أخنوخ وإيليا صعدا إلى سماء غير التي نزل منها وصعد إليها السيد المسيح التي هي " سماء السموات" (مز 148: 4) وكقول القديس بولس الرسول " هو الذي صعد أيضًا فوق جميع السموات" (أف 4: 10) وقول المرنم " رنموا للسيد للراكب على سماء السموات" (مز 68: 32، 33).. كما أن الكتاب لم يذكر أن أخنوخ أُصعد إلى السماء، بل قال " ولم يوجد لأن الله أخذه " فقد يكون الرب أخذه في مكان لا يعلمه سواه، وذلك لأنه عاش القداسة ومارس الفضيلة بطريقة خارقة، فنقله الرب حيًّا"(1).

6- يقول أبونا أغسطينوس الأنبا بولا " كلمة (السماء) في الكتاب المقدَّس تستخدم للتعبير عن السماء الأولى وهي (سماء الطيور) وعن السماء الثانية (الأفلاك والكواكب) والسماء الثالثة (الفردوس) وهو الذي أُصعد إليها أخنوخ وإيليا، وهناك أيضًا سماء السموات أي عرش الله وهذه التي صعد إليها السيد المسيح"(2).



7- يقول الأستاذ توفيق فرج نخلة " قال السيد المسيح ليس أحد صعد إلى السماء إلاَّ الذي نزل من السماء، وأخنوخ وإيليا لم ينزل أحدهما من السماء ليعرفنا أسرار الملكوت كما فعل السيد المسيح الكائن في السموات وعلى الأرض وفي كل مكان في نفس الوقت"(3).



8- يقول الدكتور ملاك شوقي إسكاروس " إن صعود أخنوخ وإيليا للسماء لا يتعارض مع قول السيد المسيح أنه ليس أحد صعد إلى السماء إلاَّ الذي نزل من السماء، فأخنوخ وإيليا صعدا إلى السماء (الثالثة) وهما يجهلان أسرارها. أما السيد المسيح فهو الوحيد الذي صعد إليها، وهو عالِم بها، لأنه مبدعها، ولم يظهر أخنوخ ولا إيليا في السماء بسلطان السيد المسيح ومقامه وعمله حيث استرضى الآب بذبيحته الكفارية وفتح طريق الفداء أمام البشرية"(4). !!!!!!!!



مادام الله يريد أن يُصعِد إيليا للسماء فما لزوم هذه الرحلة العبثية من الجلجال إلى بيت إيل إلى أريحا إلى الأردن (2مل 2: 1-13)؟ وما معنى طلب أليشع من إيليا أن يعطه نصيب أثنين من روحه؟ وكيف يصعد إيليا بشحمه ولحمه إلى السماء مدينة الأرواح؟!!


يقول " ليوتاكسل": "تبرز هنا ملاحظات لا بُد منها، إذ كان يهوه قد أزمع إصعاد إيليا إلى السماء بعظمه ولحمه، كما كان قد فعل مع أخنوخ، فلماذا أرغمه على قطع تلك الرحلة العبثية من الجلجال إلى بيت إيل، ثم إلى أريحا ومنها إلى الأردن؟ ولماذا أرغمه على اجتياز الأردن نفسه؟ ألم يكن بمقدور حوزي المركبة النارية الهبوط بها على الضفة اليسرى للأردن؟ وماذا يعني نصيب أثنين من روح إيليا..؟ أن اللاهوتيين يؤكدون على أن " مملكة السماء " تتآلف من الأرواح فقط. ألا يتناقض هذا مع حدثي صعود أخنوخ وإيليا إلى السماء؟ وما الفائدة من جسد ذلك البطريرك (أخنوخ) وهذا النبي (إيليا) في مملكة السماء الروحية..؟ أي حديث ذلك الذي جرى في السماء بين موسى وإيليا عندما كانت الروح تتحدث بأفكار فقط، بينما يتحدث الجسد بفم وصوت؟! (1 )


ج: 1- لم تكن رحلة إيليا الأخيرة من الجلجال إلى بيت إيل إلى أريحا إلى الأردن رحلة عبثية، إنما هي رحلة قام بها إيليا بإرشاد إلهي لكيما يتفقد بني الأنبياء في مقارهم، ليبعث فيهم روح الأمل والرجاء، وأن يُشعِرهم بأن السماء صارت قريبة من الأرض، فهو يود تشجيعهم ويشد من أزرهم في وقت اجتاحت فيه عبادة الأوثان الكل من قصر الملك إلى كوخ الفقير، يريد أن يخطف أنظارهم نحو السماء مسكن الإله العلي الحقيقي، ومادام له مكانًا في السماء فلابد أن لهؤلاء الأمناء مكانًا أيضًا بجوار معلمهم ومرشدهم إيليا النبي الناري.. فكم كانت هذه الرحلة معزية ومشجعة لبني الأنبياء، وقد طبعت أثرًا عميقًا في حياتهم لا تستطيع الأيام أن تمحوه من الذاكرة.. اجتاز إيليا هذه الأماكن وعَبَرَ شرق الأردن، وكأنه يعانق أرض إسرائيل قبل أن ينطلق نحو السماء.



2- هذه الرحلة الأخيرة جاءت بإرشاد إلهي، والدليل على هذا قول إيليا النبي أكثر من مرة " الرَّبَّ قَدْ أَرْسَلَنِي" (2مل 2: 2، 4، 6) فالرب هو الذي رسم خط سير إيليا في الساعات الأخيرة من حياته، بما يتوافق مع المشيئة الإلهيَّة، وسار إيليا كل هذه المسافات برضى كامل وبدون أدنى تذمر، رغم ما عاناه وكابده من مشقات السفر، وجاء في هامش " الكتاب المقدَّس الدراسي": "بنو الأنبياء.. كان بنو الأنبياء مقيمين في بيت إيل وفي أريحا (ع 5) وفي الجلجال (2مل 4: 38). ويبدو أن إيليا سافر بإرشاد إلهي إلى الجلجال (ع 1) وبيت إيل (الآية 2) وأريحا (الآية 4)، ليجتمع لأخر مرة مع كل جماعة من جماعات بني الأنبياء هذه"(2).

وأيضًا كان هناك هدفًا من الانتقال من مكان إلى مكان لعلَّ أليشع يوافق أن يترك إيليا منفردًا، فيصعد بعيدًا عن نظر أليشع حتى لا تؤلمه لحظات الفراق القاسية، ويشعر باليتم بعد فراق أبيه الروحي، ويقول " القمص تادرس يعقوب": "الرَّبَّ قَدْ أَرْسَلَنِي: بدعوة من الله انطلق إيليا النبي في ساعاته الأخيرة ليفتقد الأنبياء في محلاتهم المختلفة لكي يُثبّتهم ويشجعهم بكلماته الوداعية.. ولعله أشفق على تلميذه، فلم يرد أن يرى لحظات اختطافه من هذا العالم، ليجد التلميذ نفسه وحيدًا. ولعله أراد اختبار محبته وأمانته، وقد أظهر أليشع النبي محبته الشديدة بقوله: "حي هو الرب وحيَّة هي نفسك إني لا أتركك".

لحظات حاسمة، فقد أدرك إيليا أنه حان وقت انتقاله من وسط متاعب هذا العالم ليقف أمام الله وجهًا لوجه، ويعيش على مستوى علوي لا يحتاج جسده إلى ضروريات الحياة هنا. وفي نفس الوقت أدرك أليشع بأنه حان الوقت ليفارقه معلمه إيليا كما يدعوه " أبي مركبة إسرائيل وفرسانها".."(3).

ويقول " القديس مار يعقوب السروجي": "رأى التلميذ أنهم فصلوا مُعلّمه من على يمينه، فصرخ بأصوات مملوءة بالألم، لأنه أنفصل عنه بكي الوارث، ورافق أباه الروحي، وحُرم الوارث من العشرة المملوءة فوائد. صرخ الابن الحكيم وهو يولول: يا أبي، يا أبي، ومزَّق ثوبه لأن الأب الروحي انفصل عنه. دعاه مركبات وفرسان كل الشعب، لأن به انتصر إسرائيل في كل المعارك"(4).

- طلب أليشع من إيليا أن يعطه نصيب أثنين من روحه، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. أي يكون له نفس سلوك إيليا في محبته الإلهيَّة ومحبته لشعبه، في شجاعته ووداعته، في قوته ورأفته، ولم يقصد أليشع أن يصنع ضعف المعجزات التي صنعها معلمه إيليا. مع أن هذا تحقق إذ صنع أليشع ضعف معجزات إيليا، وجاء في " التفسير التطبيقي": "طلب أليشع نصيب أثنين من قوة إيليا النبوية، ويساعدنا ما جاء في (تث 21: 17) على فهم طلب أليشع إذ كانت العادة أن يأخذ الابن البكر نصيب اثنين من ميراث الأب (تك 25: 31) فهو يطلب أن يكون وارثًا لإيليا أو خليفة له، ليواصل عمل إيليا كقائد للأنبياء، ولكن قرار منح أليشع سؤله كان من حق الله"(5).

وجاء في هامش " الكتاب المقدَّس الدراسي": "لم يرغب أليشع في أن تكون له خدمة تفوق عظمتها عظمة خدمة إيليا بمقدار الضعف، ولكنه استخدم ألفاظًا مقتبسة من قانون الميراث ليعبر عن رغبته في الاستمرار في خدمة إيليا"(6).

ويقول " الأرشيدياكون نجيب جرجس": "طلب أليشع أن يكون له (نصيب اثنين) من روح إيليا، وليس معنى هذا أن يكون مركزه الروحي ومواهبه الروحية ضعف ما كان لمعلمه، بل بما أنه تلميذ إيليا الأول والأقرب، طالب أن يكون له من المواهب ضعف ما يكون لأي واحد آخر من تلاميذ إيليا، فيكون بذلك في مكانة الابن البكر الذي كان يرث ضعف ما يرثه أي ابن آخر.. ولم يكن قصد أليشع أن يتميز عن أخوته كما يتميز أهل العالم بأمور مادية، وإنما أراد أن يكون أبًا روحيًّا ومعلمًا لرفقائه بعد انطلاق إيليا لأنه كان أقربهم إليه وقد تسلَّم وتعلَّم منه ما يؤهله لذلك"(7).



4- لقد أُصعد إيليا بجسده وهذه حالة فريدة لم يسبقه إليها غير شخص واحد وهو أخنوخ، ولا بُد أن الله القادر على كل شيء، قد وضعهما في مكان مميز لا يعلمه أحد، وقد أبطل الوظائف الحيوية لهما، فلا يحتاجان فيما بعد للطعام والشراب والراحة والنوم، ولا يتعرضان فيما بعد للمرض والشيخوخة والعجز والموت.. لقد حفظهما الله لمهمة خطيرة قرب نهاية الأيام، إذ سيهبطا إلى الأرض ثانية ويتصديا لضد المسيح فيقتلهما، وتظل جثتيهما ملقاة في أورشليم لمدة ثلاثة أيام ونصف، ثم يبعث الله فيهما روح حياة فينهضان من الموت (رؤ 11: 3 - 12).

5- لم يجتمع موسى وإيليا في السماء كقول الناقد، إنما التقيا مع السيد المسيح وبطرس ويعقوب ويوحنا على جبل التجلي، وقد وهبهم السيد المسيح جميعًا روح الفهم والوحدة، بالرغم من اختلاف حالاتهم، فموسى مات ودُفن جسده وصعدت روحه، وإيليا صعد بجسده للسماء، وبطرس ويعقوب ويوحنا كانوا أحياء على الأرض بجسديهما، ولكن حيثما وُجِد السيد المسيح فلن تكون هناك قط ثمة أية مشكلة.

_____

الحواشي والمراجع

(1) التوراة كتاب مقدَّس أم جمع من الأساطير ص 433.

(2) الكتاب المقدَّس الدراسي ص 860.

(3) تفسير سفر الملوك الثاني ص 53.

(4) القمص تادرس يعقوب - تفسير سفر الملوك الثاني ص 71.

(5) التفسير التطبيقي ص 779.

(6) الكتاب المقدَّس الدراسي ص 861.

(7) تفسير الكتاب المقدَّس - سفر الملوك الثاني ص 32.


......................


هل سخرية الأطفال من رجل الله أليشع تستوجب افتراس 42 طفلًا منهم (2مل 2: 23، 24)؟!


يقول " ليوتاكسل": "أليشع يشبه خادمًا اغتنى فشرع يقتنص كل من يسخر منه. تبًا لك يا إمَّعة النبي الكريه! لقد أرغمت الدببة على تمزيق الأطفال أشلاء لمجرد أنهم عيَّروك بالصلع. ولكن لحسن حظ الأطفال أن فلسطين.. لم تعرف الدببة في أي زمان كان، وعليه فإن غباء هذه الحكاية يخفف من فظاعتها"(1).


ج: جاء في سفر الملوك عن أليشع النبي: "وَفِيمَا هُوَ صَاعِدٌ فِي الطَّرِيقِ إِذَا بِصِبْيَانٍ صِغَارٍ خَرَجُوا مِنَ الْمَدِينَةِ وَسَخِرُوا مِنْهُ وَقَالُوا لَهُ اصْعَدْ يَا أَقْرَعُ اصْعَدْ يَا أَقْرَعُ. فَالْتَفَتَ إِلَى وَرَائِهِ وَنَظَرَ إِلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ بِاسْمِ الرَّبِّ، فَخَرَجَتْ دُبَّتَانِ مِنَ الْوَعْرِ وَافْتَرَسَتَا مِنْهُمُ اثْنَيْنِ وَأَرْبَعِينَ وَلَدًا" (2مل 2: 23، 24) وهنا نسجل الملاحظات الآتية:

1- هؤلاء لم يكونوا أطفالًا بل صبيان في سن الحداثة، فعندما سبى لوط " فَلَمَّا سَمِعَ أَبْرَامُ أَنَّ أَخَاهُ سُبِيَ جَرَّ غِلْمَانَهُ الْمُتَمَرِّنِينَ وِلْدَانَ بَيْتِهِ ثَلاَثَ مِئَةٍ وَثَمَانِيَةَ عَشَرَ " فهؤلاء الشباب الذي اقتحم بهم إبراهيم أربعة ملوك دعاهم الكتاب غلمان وولدان، وقال إبراهيم لملك سدوم " لَيْسَ لِي غَيْرُ الَّذِي أَكَلَهُ الْغِلْمَانُ " (تك 14: 24) وإسحق كان في سن الشباب وقال عنه أبوه أنه غلام: "أَنَا وَالْغُلاَمُ" (تك 22: 5) وعندما تولى سليمان الملك قال عن نفسه: "أَنَا فَتىً صَغِيرٌ لاَ أَعْلَمُ الْخُرُوجَ وَالدُّخُولَ" (1مل 3: 7). فهؤلاء الذين سخروا من أليشع كانوا شبانًا في الحداثة من عمرهم يدركون ما يقولون ويعقلون ما يفعلون.



2- هؤلاء الشباب لم يكونوا يلهون في مكان اللعب، إنما اجتمعوا عن قصد لإهانة نبي الرب في " بيت إيل " المكان الذي جعله يربعام موضع العبادة الوثنية، وفيه أقام عجلًا ليعبده الشعب قائلين: "هُوَذَا آلِهَتُكَ يَا إِسْرَائِيلُ الَّذِينَ أَصْعَدُوكَ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ" (1مل 12: 28) وأقام هيكلًا يزاحم هيكل أورشليم، هيكل الله العلي الحقيقي. وربما لم يكتفِ هؤلاء الأحداث بالتقريع، بل ربما قذفوا النبي بالأحجار، وغالبًا كان أليشع يغطي رأسه مثله مثل بقية أهل الشرق في تلك الأيام، فقولهم "أصعد يا أقرع" يوضح أن أحدهم قد تجرأ عليه ونزع عنه غطاء الرأس مستهزءًا به وساخرًا منه، وربما الذين دفعهم لهذا العمل الهمجي آباؤهم الأشرار في تحد مباشر لإله إيليا وأليشع، وفي قولهم "أصعد يا أقرع" أي يريدون أن يقولوا له لماذا لا تصعد كما تزعم أن معلمك صعد في مركبة نارية إلى السماء، وفي استهزائهم هذا فأنهم ينكرون معجزة صعود إيليا، ويزدرون بالعمل الإلهي، فكان افتراس الدبتين لهؤلاء الشباب هو أكبر تأديب لأبائهم الذين هربت منهم المخافة الإلهيَّة.

ويقول " القمص تادرس يعقوب": "كان أليشع يغطي رأسه كعادة الشرق الأوسط في ذلك الحين، فعبارة "يا أقرع.. يا أقرع" لم تكن سخرية أطفال، بل إهانة لرئيس بني الأنبياء في بيت إيل، وهي إهانة مباشرة لله، ولا بُد أنها كانت بإيعاز من أبائهم الذين على وجه الخصوص جنوا العقاب الذي وقع على الصبيان.. كان العبرانيون يقدرون الرأس الجميلة المملوءة بالشعر، ويستنكرون تمامًا الصلعة (أش 15: 2) يستخدم تعبير " أصلع " للسخرية والاحتقار، يعني إنسانًا وضيعًا وتافهًا.. ويقول "القديس أفرآم السرياني".. أظن أن هؤلاء الأطفال لم يشيروا فقط إلى صلعته، إنما صبُّوا له شتائم لتشويه سمعته، حتى لا يصدق أحد كلامه.."(2).

وجاء في " التفسير التطبيقي": "لم يكن ضحايا لعنة أليشع أطفالًا، ولكنهم كانوا عصابة من الشباب. ولأنهم كانوا من بيت إيل، مركز الديانة الوثنية في المملكة الشمالية، فالأرجح أنهم كانوا يحذرون أليشع من أن يوبخ فجورهم، كما فعل إيليا من قبل. فلم يكونوا يغيظون أليشع لصلعه فقط، بل كانوا يبدون شدة احتقارهم لرسالة أليشع، ولقوة الله، ولعلهم سخروا منه أيضًا لعدم إيمانهم بالمركبة النارية التي أخذت إيليا، وعندما لعنهم أليشع، لم يكن هو الذي استدعى الدبتين، بل أرسلهما الله عقابًا لهم.. لقد سخر أولئك الشبان ممن أرسله الله، ودفعوا حياتهم ثمنًا لذلك. والسخرية من القادة الدينيين مسألة مشهورة على مدى العصور"(3).


3- كان إيليا يمتاز بروح القوة، فلم يجرؤ أحد على إيذائه أو التعدي عليه، ولكن عندما اختفى عن الأعين وظهر خليفته أليشع، ظنه هؤلاء القوم أنه لقمة سهلة سائغة، فخرج عليه هؤلاء الشباب الطائشين يتعدون عليه بالشتيمة والتحقير، وكانوا جماعة كبيرة فإن لم يجدوا من يردعهم فأنهم سيتعدون على رجال الله ونبي الأنبياء، وكل ما فعله أليشع أنه " لعنهم باسم الرب " فقد إستغاث منهم بالعدل الإلهي، واضعًا أمامهم قول الرب في الشريعة: "وَإِنْ سَلَكْتُمْ مَعِي بِالْخِلاَفِ، وَلَمْ تَشَاءُوا أَنْ تَسْمَعُوا لِي، أَزِيدُ عَلَيْكُمْ ضَرْبَاتٍ سَبْعَةَ أَضْعَافٍ حَسَبَ خَطَايَاكُمْ. أُطْلِقُ عَلَيْكُمْ وُحُوشَ الْبَرِّيَّةِ فَتُعْدِمُكُمُ الأَوْلاَدَ، وَتَقْرِضُ بَهَائِمَكُمْ، وَتُقَلِّلُكُمْ فَتُوحَشُ طُرُقُكُمْ" (لا 26: 21، 22) وجاءت الاستجابة سريعة لأن من يضطهد خدام الله فهو يضطهد الله ذاته، فقال الله لشاول الذي اضطهد المؤمنين: "شَاوُلُ، شَاوُلُ! لِمَاذَا تَضْطَهِدُنِي..؟ صَعْبٌ عَلَيْكَ أَنْ تَرْفُسَ مَنَاخِسَ" (أع 9: 4، 5) وقال الرب " فَإِنِّي أُكْرِمُ الَّذِينَ يُكْرِمُونَنِي، وَالَّذِينَ يَحْتَقِرُونَنِي يَصْغُرُونَ" (1صم 2: 30).

4- اعتبر البعض أن هذه الحادثة قد حدثت بمجرد الصدفة، فلم تتحرك الدُبَّتان نتيجة لعنات أليشع النبي، فقالوا: "وفي الوقت الذي حدثت فيه الحادثة تصادف وجود دُبَّتين ثاكلتين فهجمتا على الأولاد وقتلت منهم 42 ولدًا، ولأن الحادثة اقترنت بلعنة أليشع اعتبروها الناس يومئذ والكاتب منهم نتيجة ملازمة للعنة"(4).

والحقيقة أن الذين ينكرون المعجزات يحاولون تبرير حدوثها بأي وسيلة، فينسبونها لعوامل طبيعية أو للصدفة البحتة، ولكن ارتباط هجوم الدبتين على هؤلاء الأولاد باللعنة التي نطق بها أليشع النبي يبطل مثل هذه الظنون، فلو كان الأمر من قبيل الصدفة فلماذا لم يحدث قبل أن ينطق أليشع باللعنة، أو بعد أن نطق بها بوقت طويل..؟! ولماذا افترستا الشاب الساخرين ولم تفترسا غيرهم ولم تقترب أحدهما للنبي أليشع وهو على مقربة منهما..؟! كما أننا نؤمن بأن كاتب الأسفار المقدَّسة لم يكتب شيئًا بناء على ظنون أو تخيلات أو إشاعات أو تصوُّرات خاطئة، إنما كتب كلمة الله بصدق وأمانة ووحي من روح الله القدوس.

5- الذين ينكرون وجود الدببة في ذلك الزمان في فلسطين يخطئون لأن هناك كان نوع من الدببة تعيش ولاسيما في الشمال من نوع الدب البني السوري، وهو حيوان يقتات على اللحوم والحشرات والفاكهة والأعشاب، ويبلغ ارتفاعه 140 سم عند الكتفين، وموطنها الأصلي الأناضول وإيران، وكانت توجد بوفرة في بلاد الشمام قديمًا، وآخر دب سوري تمت مشاهدته سنة 1917م جنوب جبل الشيخ (جبل حرمون). وقال عاموس النبي لشعبه: "كَمَا إِذَا هَرَبَ إِنْسَانٌ مِنْ أَمَامِ الأَسَدِ فَصَادَفَهُ الدُّبُّ" (عا 5: 19). كما كانت الأسود تقطن تلك المنطقة في ذات العصر، فالتقى داود بدب وأسد وقتلهما، وقتل شمشون شبل الأسد، والنبي الذي جاء من يهوذا لمملكة إسرائيل لأنه لم يستمع للوصية الإلهيَّة صادفه أسد وقتله، وبناياهو بن يهوياداع ضرب أسدًا في وسط الجب يوم الثلج، وقد سبق مناقشة هذا الموضوع(5).

6- يقول " القمص تادرس يعقوب: "يتساءل البعض: لماذا يسمح الله بافتراس اثنين وأربعين صبيًا بسبب كلمات سخرية نطقوا بها ضد أليشع النبي؟

أولًا: كانوا شبابًا مثل جماعات الـgangs غالبًا ما كانت سخريتهم هادفة نحو تحطيم الإيمان بالله الحي، وربما كانوا يجتذبون أعدادًا كبيرة من الشباب حولهم. لذا كانت حياة أليشع النبي في خطر لكثرة عددهم وطبيعة إثمهم وعدم احترامهم الواضح للسلطة.

ثانيًا: أراد الله بما حدث أن يتغلغل الخوف في قلوب أية عصابة أخرى مثل هذه، فلو لم يخف هؤلاء الصبيان من سخريتهم برجل الله أليشع، لصاروا خطرًا يهدد حياة جميع رجال الله.

ثالثًا: يرى البعض في قولهم لأليشع: "أصعد يا أقرع" مكررين ذلك أنهم يسخرون مما أعلنه للشعب عن صعود معلمه إيليا. وكأنهم يقولون: "إن كان إيليا ذو الشعر الطويل قد صعد في مركبة نارية إلى السحاب، فما الذي يمنع صعودك أيها الأقرع؟".

أيضًا كان ذلك نوعًا من التسخيف لإيليا الصاعد في مركبة نارية نحو السماء، فقد بقى الأشرار يقاومونه حتى بعد صعوده. لم تكن السخرية موجهة ضد أليشع شخصيًا، وإنما كانت ضد رسالته النبوية والعمل الإلهي خلاله وخلال مُعلمه إيليا.

ما فعله هؤلاء الصبيان كان يُمثّل خطة خطيرة قام بها أهل بيت إيل، فقد سمعوا كيف كرَّمه بنو الأنبياء في أريحا عندما رأوه قد شق نهر الأردن بقوة الله خلال رداء إيليا، وأصلح مياه النبع بطريقة فائقة لحساب كل أهل المدينة، بهذا بدأت أريحا تشهد لصعود إيليا رجل الله، فلكي يُحطموا هذه الكرازة قبل وصول أليشع إلى بيت إيل أرسلوا هؤلاء الصبيان، لتحطيم نفسيته، ولكي لا يصغِ أحد من بيت إيل إلى كلماته بخصوص صعود إيليا بمركبة نارية"(6).


الحواشي والمراجع

(1) التوراة كتاب مقدَّس أم جمع من الأساطير ص 435.

(2) تفسير سفر الملوك الثاني ص 86.

(3) التفسير التطبيقي ص 781.

(4) الغوامض المتعلقة بالمبادئ العمومية الأدبية الواردة في العهد القديم والجديد جـ 1 ص 193.

(5) فيُرجى الرجوع إلى مدارس النقد جـ9 س 1129.

(6) تفسير سفر ملوك الثاني ص 87.



.................................



إيليا في الإسلام :




ملخص قصة النبي إلياس

‏أرسل إلى أهل بعلبك غربي دمشق فدعاهم إلى عبادة الله وأن يتركوا عبادة صنم كانوا يسمونه بعلا فآذوه، وقال ابن عباس هو عم اليسع

قال تعالى في سورة (الصافات):

وَإِنَّ إِلْيَاسَ لَمِنْ الْمُرْسَلِينَ (123) إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَلَا تَتَّقُونَ (124) أَتَدْعُونَ بَعْلًا وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخَالِقِينَ (125) اللَّهَ رَبَّكُمْ وَرَبَّ آبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ (126) فَكَذَّبُوهُ فَإِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ (127) إِلَّا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ (128) وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ (129) سَلَامٌ عَلَى إِلْ يَاسِينَ (130) إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (131) إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ

هذه الآيات القصار هي كل ما يذكره الله تعالى من قصة إلياس.. لذلك اختلف المؤرخون في نسبه وفي القوم الذين أرسل إليهم.. فقال الطبري أنه الياس بن ياسين بن فنحاص بن العيزار بن هارون.. أما ابن كثير فيقول أن إلياس والياسين اسمين لرجل واحد فالعرب تلحق النون في أسماء كثيرة وتبدلها من غيرها.

أما دعوته فسنذكر أشهر الروايات عنها:

جاء في تاريخ الطبري عن ابن اسحق ما ملخصه:
إن الياس عليه السلام لما دعا بني إسرائيل الى نبذ عبادة الأصنام ، والاستمساك بعبادة الله وحده رفضوه ولم يستجيبوا له ، فدعا ربه فقال : اللهم إن بني إسرائيل قد أبو إلا الكفر بك والعبادة لغيرك ، فغير ما بهم من نعمتك فأوحي الله إليه إنا جعلنا أمر أرزاقهم بيدك فأنت الذي تأمر في ذلك، فقال إلياس: اللهم فأمسك عليهم المطر فحبس عنهم ثلاث سنين ، حتى هلكت الماشية والشجر ، وجهد الناس جهداً شديداً ، وما دعا عليهم استخفي عن أعينهم وكان يأتيه رزقه حيث كان فكان بنو إسرائيل كلما وجدوا ربح الخبز في دار قالوا هنا إلياس فيطلبونه ، وينال أهل المنزل منهم شر وقد أوي ذات مرة إلى بيت امرأة من بنى إسرائيل لها ابن يقال له اليسع بن خطوب به ضر فآوته واخفت أمره. فدعا ربه لابنها فعافاه من الضر الذي كان به واتبع (إلياس) وأمن به وصدقه ولزمة فكان يذهب معه حيثما ذهب وكان (إلياس) قد أسن وكبر ، وكان اليسع غلاماً شاباً ثم إن (الياس) قال لبني إسرائيل إذا تركتم عبادة الأصنام دعوات الله أن يفرج عنكم فأخرجوا أصنامهم ومحدثاتهم فدعا الله لهم ففرج عنهم وأغاثهم ، فحييت بلادهم ولكنهم لم يرجعوا عما كانوا عليه ولم يستقيموا فلما رأي (إلياس) منهم دعا ربه أن يقبضه إليه فقبضة ورفعه.

ويذكر (ابن كثير ) أن رسالته كانت لأهل بعلبك غربي دمشق وانه كان لهم صنم يعبدونه يسمي (بعلا) وقد ذكره القرآن الكريم على لسان إلياس حين قال لقومه ( أَتَدْعُونَ بَعْلًا وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخَالِقِينَ (125) وَاللَّهَ رَبَّكُمْ وَرَبَّ آبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ ).

ويذكر بعض المؤرخين أنه عقب انتهاء ملك (سليمان بن داود ) عليه السلام وذلك في سنة 933 قبل الميلاد انقسمت مملكة بن إسرائيل إلى قسمين، الأول ، يخضع لملك سلالة (سليمان) وأول ملوكهم (رحبعام بن سليمان والثاني يخضع لاحد اسباط افرايم بن يوسف الصديق واسم ملكهم جر بعام . وقد تشتت دولة بنى إسرائيل بعد (سليمان عليه السلام بسبب اختلاف ملوكهم وعظمائهم على السلطة ، وبسبب الكفر والضلال الذي انتشر بين صفوفهم وقد سمح أحد ملوكهم وهو (أخاب) لزوجته بنشر عبادة قومها في بني إسرائيل ، وكان قومها عباداً للأوثان فشاعت العبادة الوثنية ، وعبدوا الصنم الذي ذكره القرآن الكريم واسمه (بعل) فأرسل إليهم (الياس) عليه السلام الذي تحدثنا عن دعوته فما توفي (إلياس) عليه السلام أوحي الله تعالى إلى أحد الأنبياء واسمه (اليسع ) عليه السلام ليقوم في نبي إسرائيل ، فيدعوهم إلى عبادة الله الواحد القهار.

وأرجح الآراء إن إلياس هو النبي المسمى إيليا في التوراة.


؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛



إدريس عليه السلام هل رفع وهو حي !!!

السؤال /




هل نبي الله إدريس رفع إلى السماء ؟


الإجابــة


الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن كان المقصود السؤال عما إذا كان نبي الله إدريس عليه السلام رفع الى السماء قبل موته، كما وقع لعيسى عليه السلام.. فالجواب أن ذلك لم يثبت في رواية صحيحة. وقد ورد فيه خبر نسبه بعض أهل العلم إلى الإسرائيليات. جاء في فتح الباري لابن حجر : ... وكون إدريس رفع وهو حي لم يثبت من طريق مرفوعة قوية، وقد روى الطبري أن كعبا قال لابن عباس في قوله تعالى: ورفعناه مكانا عليا. أن إدريس سأل صديقا له من الملائكة فحمله بين جناحيه، ثم صعد به، فلما كان في السماء الرابعة تلقاه ملك الموت، فقال له: أريد أن تعلمني كم بقي من أجل إدريس؟ قال: وأين إدريس؟ قال: هو معي، فقال: إن هذا لشيء عجيب أمرت بأن أقبض روحه في السماء الرابعة، فقلت: كيف ذلك وهو في الأرض؟ فقبض روحه فذلك قوله تعالى: ورفعناه مكانا عليا. وهذا من الاسرائيليات. والله أعلم بصحة ذلك. انتهى.

وإدريس عليه الصلاة والسلام ثبت في الصحيحين وغيرهما أن النبي صلي الله عليه وسلم رآه ليلة المعراج في السماء الرابعة. وهذا هو المقصود بقوله تعالى في شأنه : { ورفعناه مكانا عليا } كما صححه الإمام القرطبي في تفسيره.

ورؤيته صلى الله عليه وسلم لإدريس في السماء الرابعة إنما هي رؤية لروحه مصورة في صورة بدنه لا رؤية لجسمه. جاء في مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام ابن تيمية : أَمَّا رُؤْيَا مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي الطَّوَافِ فَهَذَا كَانَ رُؤْيَا مَنَامٍ لَمْ يَكُنْ لَيْلَةَ الْمِعْرَاجِ كَذَلِكَ جَاءَ مُفَسَّرًا كَمَا رَأَى الْمَسِيحَ أَيْضًا وَرَأَى الدَّجَّالَ . وَأَمَّا رُؤْيَتُهُ وَرُؤْيَةُ غَيْرِهِ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ لَيْلَةَ الْمِعْرَاجِ فِي السَّمَاءِ لَمَّا رَأَى آدَمَ فِي السَّمَاءِ الدُّنْيَا وَرَأَى يَحْيَى وَعِيسَى فِي السَّمَاءِ الثَّانِيَةِ وَيُوسُفَ فِي الثَّالِثَةِ وَإِدْرِيسَ فِي الرَّابِعَةِ وَهَارُونَ فِي الْخَامِسَةِ وَمُوسَى فِي السَّادِسَةِ وَإِبْرَاهِيمَ فِي السَّابِعَةِ أَوْ بِالْعَكْسِ فَهَذَا رَأَى أَرْوَاحَهُمْ مُصَوَّرَةً فِي صُوَرِ أَبْدَانِهِمْ . وَقَدْ قَالَ بَعْضُ النَّاسِ : لَعَلَّهُ رَأَى نَفْسَ الْأَجْسَادِ الْمَدْفُونَةِ فِي الْقُبُورِ ؛ وَهَذَا لَيْسَ بِشَيْءِ . انتهى



.......................






روابط المصادر :


http://st-takla.org/Full-Free-Coptic-Books/FreeCopticBooks-002-Holy-Arabic-Bible-Dictionary/01_A/A_500.html

http://st-takla.org/Full-Free-Coptic-Books/FreeCopticBooks-002-Holy-Arabic-Bible-Dictionary/01_A/A_500_1.html

http://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/402.html

http://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/1320.html

http://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/1321.html

http://www.islamguiden.com/profeter/017.htm

http://fatwa.islamweb.net/fatwa/index.php?page=showfatwa&Option=FatwaId&Id=160425


.




....................................



ما الفرق بين المسلمين والمسيحيين في العنعنة وتقديس أقوال الرجال من السلف والخلف ؟!!!!



.



#عايد_عواد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الخرافة بين سفر الرؤيا والإسراء والمعراج
- قديسان ومبتدع بين المعجزة والخرافة
- الحمار والمؤمنون بالأديان والحقيقة
- ايدن حسين وعبدالله اغونان والأديان
- داعشيات سعودية حكومية - الجزء الأول
- أرثوذكسيات - الحلقة الثانية
- أرثوذكسيات - الحلقة الأولى
- كشف المستور بين الأرثوذكس والكاثوليك الجزء الرابع
- الأرثوذكس وسلطان الكنيسة والكهنة والخرافة
- كشف المستور بين الأرثوذكس والكاثوليك الجزء الثاني
- كشف المستور بين الأرثوذكس والكاثوليك الجزء الأول
- الزنا الروحي والأرثوذكس وحزقيال نموذجا


المزيد.....




- مجلس الأوقاف بالقدس يحذر من تعاظم المخاوف تجاه المسجد الأقصى ...
- مصلون يهود عند حائط البراق في ثالث أيام عيد الفصح
- الإحتلال يغلق الحرم الابراهيمي بوجه الفلسطينيين بمناسبة عيد ...
- لبنان: المقاومة الإسلامية تستهدف ثكنة ‏زبدين في مزارع شبعا ...
- تزامنًا مع اقتحامات باحات المسجد الأقصى.. آلاف اليهود يؤدون ...
- “عيد مجيد سعيد” .. موعد عيد القيامة 2024 ومظاهر احتفال المسي ...
- شاهد..المستوطنين يقتحمون الأقصى في ثالث أيام عيد -الفصح اليه ...
- الأردن يدين سماح شرطة الاحتلال الإسرائيلي للمستوطنين باقتحام ...
- طلاب يهود بجامعة كولومبيا: مظاهرات دعم فلسطين ليست معادية لل ...
- مصادر فلسطينية: أكثر من 900 مستعمر اقتحموا المسجد الأقصى في ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عايد عواد - إيليا النبي بين الخرافة والعنعنة !