أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - يعقوب زامل الربيعي - حكاية الشعبة (د) سيناريو قصة قصيرة















المزيد.....

حكاية الشعبة (د) سيناريو قصة قصيرة


يعقوب زامل الربيعي

الحوار المتمدن-العدد: 5420 - 2017 / 2 / 2 - 17:52
المحور: الادب والفن
    


التعليق : عندما أراهم في الصباح، فتية مفعمين بالنشاط وبالزهو، ينطلق خافقي بترنيمة حب وحنان. كنت أسمعهم قبل خروجي للعمل يتهامسون بلغة العصر. عصرهم .. القادم حتماً بعافية الشباب والفرح والصداقات السعيدة.
......
طرق على الباب. ثم صوت فتح الباب
.......
الفتى : صباح الخير عمو.
الرجل : أهلا. صباح الخير أبني.
الفتى : يوسف موجود ؟.
الرجل : نعم ، يرتدي ملابسه. تفضل أدخل.
الفتى : شكرا. سأنتظر هنا . أستعجله رجاءً. ما عندنا وقت.
الرجل : نعم .. نعم.
الفتى : بعد عشرة دقائق سيدق الجرس.
الرجل : سيأتيك حالا.
.........
موسيقى تتداخل مع التعليق
..........
التعليق : أخفف خطاك. أستعجله. قل له : " لا تتأخر فوقتك ضيق " عندها سيسرع بإتمام هندامه أمام المرآة. وكالعادة سيمرر المشط حول استدارة حاجبيه الكثين المعقودين. سيبتسم. وسيخفيها عنك لأنك تنتظره بصبر نافذ لأن لا وقت لديه. حينها سينظر بوجهك لحظة، وحين يلتقط رزمة كتبه المدرسية، سيبتسم وهو يخرج يلتحق بزمرة الطلاب.
.........
الرجل : لحظة تناهى اصطفاق الباب خلفه، شعرت بعصرة في قلبي. القلق شيء مرعب. دائما كنت أخاف عليه. ورغم أني سمعت صوته وهو يضحك بضحكته المدافة بسذاجة مع تعليقات وبراءة كلمات زمرة اصدقائه الطلبة، إلا أنني رأيت وجهي على المرآة ينظر إلي بكدر.
............
يتصاعد صوت الموسيقى. ثم ينخفض منساباً، حتى يتلاشى مع آخر التعليق التالي.
..............
التعليق : كانت بعض من رؤى الماضي وكوابيسه ، تشكل أمامي صوراً لنبوءات رعب تأبى أن تنصرف عن ذاكرتي.
..............
ينطلق صوت أغنية لناظم الغزالي " ياخشوف ".
.............
التعليق : يومها، ما زلت أتذكر بوضوح. كانت سماء مدينة " الكاظمية " ملبدة بغيوم بكر. فتشرين الأول من عام 1981هو أول باب من أبواب الشتاء الذي سيأتي قارصا بعد ذلك. وكان طلاب اعدادية الكاظمية للبنين، قد عادوا توا لمقاعد دراستهم.
............
صوت جرس بداية أول الدرس.
...........
التعليق : بعد جرس المدرسة الأول وحين اتخذ الطلبة مقاعدهم، ساد الهدوء جو المدرسة. إلا جو طلبة الصف الرابع الاعدادي الشعبة " د " فقد تلبد بالخوف. كان الطلبة هناك ما زالوا واقفين مشدوهين. مصعوقين مما وجدوه مكتوبا على سبورة الصف.
..............
فاصل موسيقي
...........
التعليق : كان طلبة الشعبة " د " يتهامسون بالنظر وحده. يلبد الخوف وجوههم. النظر المرعب يحولهم لكائنات ممسوسة بالقلق، حين يديرون ناحية السبورة السوداء تارة، أو لناحية مدير المدرسة أو لناظر الصف، تارة أخرى. الكل مسمر أمام تلك الحروف الركيكة التي خطت بعجالة على السبورة.
المدير : ( موجها بالكلام لناظر الصف ) هل أتصلت؟.
الناظر : نعم أتصلت.
المدير : ماذا قالوا ؟.
الناظر : قالوا سنأتي حالا. كما أمروني أن أمنع خروج أي طالب من صفه.
المدير : ( للطلبة ) ولكم.. ليش تعرضون أنفسكم للتهلكة؟. لازم تعترفون على كاتب هذا الشعار المخزي، وإلا ستلاقون ما لا يرضيكم.
الناظر : ولدي : ستار، عبد الكريم ، علي ، حازم. وأنت يا عادل، قولوا على الي كتب " يسقط صدام ". أنتم خوش ولد. تره من يجون الأمن بعد ما ينفع الندم.
...............
يتصاعد صوت الموسيقى .
............
التعليق: عندما توقف صوت كل شيء، كان صوت حفيف ملابس فراش الاعدادية المسن الذي راح يهرول ناحية الباحة ، ليفتح باب المدرسة. وحده، كان يضفي على المكان بعضا من حياة بائسة:
الفراش : ما أدري شجرالكم. العالم مجنون يا ناس. هل سيسقط " صدام " بالشخابيط؟.
........
التعليق : هَمسَ الفراش المعلول البنية لنفسه. ثم سار متباطئاً خلف مفرزة الأمن التي داهمت الصف بسرعة. وعند باب الشعبة " د " وقف لاهثاً ليسترد أنفاسه. كان باسطاً ذراعيه عند جنبيه بوهن وهو يسمع ويرى فصلاً من فصول ما يحدث في بداية الكارثة.
..............
موسيقى تختلط بأصوات الموجودين.
................
صوت : من كتب هذا الكفر؟!.
صوت آخر: من؟ من؟
صوت ثالث : من كتب هذه المهزلة.
صوت : من كتب.. قولوا سريعا؟.
صوت: اعترفوا أولاد الكلب.
صوت: اعترفوا قبل ما تموتون!
صوت : من كتب ، ( يتدارك ) أستغفر الله العظيم .. من كتب " يسقط صدام "؟!.
.............
التعليق : لم يدر بخلد مدير المدرسة الذي ما يزال مشدوداً بمشنقة عقدة الحروف الركيكة، أنه المعني بالجواب على سؤال المفوض " ف " إلا حين شد ياقة سترته المفوض " ف الدليمي " ليقول للمدير:
المفوض: أنت ما تسمع؟. من كتب هذه البلوة؟ .. من هو أبن الزانية الفاعل؟.
..........
التعليق: إلى ناحية الطلاب وجه المدير بصره، ودون كلمة واحدة، اهتزت رؤوس الطلاب بالنفي. حاول ثانية لكنه لم يفلح بجواب. عندها كان على الناظر أن يقول شيئاً بصوت تشوبه النعومة:
الناظر: ولّدي. لا تخافون. بس اعترفوا على الفاعل وانجوا بأنفسكم. أنتم خوش ولّد، وأبناء عوائل معروفة. لا تضرون أنفسكم وأرواح عوائلكم.
التعليق: عندها تشجع العريف ( ح. أ ) على قول شبيه لقول الناظر. تهامست العيون لبعضها أكثر من مرة. ودقت طبول القلوب ثقيلة في صدور الطلاب.
التعليق : مرات.. ومرات عديدة ، أقسم الطلاب بكل ما أنزله الله من كتب وأنبياء ورسل وأوصياء، بأنهم لم يكتبوا ولا يعرفون كاتب الشعار " يسقط صدام". كان فراش المدرسة النحيف البينة، يتحول إلى كتلة اسئلة لعينة، تربك في نفسه مساحة المنطق المعقول.
الفراش: ( يهمس لنفسه.. مع موسيقى منخفضة ) لماذا لم يمسح الطلاب شر تلك اللعنة قبل أن يدخل الناظر للصف؟ لماذا؟. لماذا لم يتدارك الناظر أمر هذه المصيبة؟ لماذا لم يكف هؤلاء المساكين شر البلية؟. لماذا دفع مدير المدرسة الناظر أكثر من مرة للاتصال بهؤلاء الظلمة القتلة؟. لماذا لم يصدق أي من هؤلاء أقوال وصحة براءة الطلاب المساكين؟ لماذا؟. لماذا؟ لماذا؟ ولماذا يا ناس ندوس على ذيل السبع النائم؟.
التعليق: ويختلط كل ما في مساحة الهواجس. تتشابك الصور بظلال رمادية وبعتم السواد المرير. وعلى وقع خطى وشخط بساطيل تمسح البلاط مرتبكة، يضيف الفراش بعد سقوط الحجة من بين يديّ المنطق والانصاف، ويسبق السيف العذل:
الفراش: ( مع جو من الموسيقى ) لماذا؟ لماذا يا ترى يساق الابرياء هؤلاء للموت؟!.
التعليق : في مديرية أمن بغداد، وتحت تشابك وقع العصي الغليظة والقضبان المطاطية الصلبة وارتطام الأكف المضمومة على أجساد ووجوه الطلبة الغضة، يلح الملازم الأول ( ل. التكريتي ) بالسؤال الموتور:
ضابط التحقيق: من منكم كتب هذا الشعار المشؤوم؟.
أحدهم: والله العظيم لا نعرفه.
الضابط : من هو؟
أحدهم : ( وهو يصرخ من شدة الألم ) لا نعرفه.
الضابط : إذا لم تعترفوا سوف نعدمكم جميعا.
أحدهم : شنو ذنبنا؟ والقرآن والانجيل ما نعرف الفاعل..
التعليق : ويتساقطون جماعات وافرادا تحت قسوة التعذيب والألم مضرجين بالدماء. كانوا شبانا لا يتجاوز أكبرهم، سن السابعة عشر من عمره. لم يقع أي منهم في مثل هذه المواقف القاسية من قبل. لم يكونوا صامدين ليخفوا جريمة أحدهم، ولا بذائدين عن حزب أو طائفة أو فكر معين.
.........
يتغير صوت الموسيقى
.................
التعليق : بعد عامين من الاستمرار في التحقيق والتعذيب، تصدر محكمة خاصة حكماً بالشنق حتى الموت بحق جميع طلبة الشعبة " د " الصف الرابع الاعدادي من اعدادية الكاظمية للبنين. على أن يجري التنفيذ بتواريخ مختلفة، اعتبارا من شهري حزيران وتموز عام 1983.
( يزداد ايقاع صوت الموسيقى ثم ينزل بهدوء )
بعد عشرين عاماً، ومن بين أطنان ركام أوراق الادانة، لم يعثر إلا على أسماء بعض الطلبة المعدومين، منهم :
1ــ عبدالكريم صبري الانباري 2ــ يوسف مصري 3ــ علي فؤاد عبد الرضا الحسيني 4ــ ناظم قاسم الجبوري 5ــ ستار عبداللطيف السلامي 6ــ ستار شكر محمود الطائي 7ــ جاسم علي السعدي *ــ حسين محمد علي السلامي 9ــ حازم عبد محمد العبيدي 10ــ عادل عبدالوهاب حسن 11ــ فرحان عبد الأمير 12ــ رزاق كاظم 13ــ محمد جواد محسن.
......



#يعقوب_زامل_الربيعي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لعمق جهاتكِ وجهي...
- موشح.. لما يعتري!..
- عليلا شفيتَ..
- بُنية القص في ( الغائب )..
- الغريبان والعنكبوت قصة قصيرة
- كن أول من يحطم الارض كأسه!..
- هكذا .. حدث هذا ببطء!.
- لمحاولة أبعد !..
- سوق الجمعة ....
- إلتماس...
- الفرص، غير مؤاتية دائماً..
- لا شيء أكثر من ذاك !..
- ما يُحلقُ صدفة...
- هناك، حيث ولدتُ تباعاً !...
- لمن أنّاه أنا !..
- مريء النطفة....
- بعض حالات التورية ..
- لطارش القداح والعصافير !...
- ما يأتي ببطء ..
- المخفوق بالطين قصة قصيرة


المزيد.....




- باتيلي يستقيل من منصب الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحد ...
- تونس.. افتتاح المنتدى العالمي لمدرسي اللغة الروسية ويجمع مخت ...
- مقدمات استعمارية.. الحفريات الأثرية في القدس خلال العهد العث ...
- تونس خامس دولة في العالم معرضة لمخاطر التغير المناخي
- تحويل مسلسل -الحشاشين- إلى فيلم سينمائي عالمي
- تردد القنوات الناقلة لمسلسل قيامة عثمان الحلقة 156 Kurulus O ...
- ناجٍ من الهجوم على حفل نوفا في 7 أكتوبر يكشف أمام الكنيست: 5 ...
- افتتاح أسبوع السينما الروسية في بكين
- -لحظة التجلي-.. مخرج -تاج- يتحدث عن أسرار المشهد الأخير المؤ ...
- تونس تحتضن فعاليات منتدى Terra Rusistica لمعلمي اللغة والآدا ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - يعقوب زامل الربيعي - حكاية الشعبة (د) سيناريو قصة قصيرة