أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عباس علي العلي - المصير خلق التجربة وإثبات لدور المعرفة















المزيد.....

المصير خلق التجربة وإثبات لدور المعرفة


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 5414 - 2017 / 1 / 27 - 17:15
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


المصير خلق التجربة وإثبات لدور المعرفة

لعل المشهد الصوري لقضية نزول سيدنا آدم من الجنة للأرض وبعيدا عن الرواية الدينية يذكرنا دوما بقضية المصير وعناصرها الأولى والحكمة من إيرادها بالشكل الذي طرحت فيه، القضية برمتها كانت تتركز على كيفية بناء ومواجهة التجربة الحياتية ومن ثم تقرير المصير بناء على منتج التجربة والملخص العقلي منها، تقول الرواية عندما أراد الله أن يمتحن آدم وضعه وجها لوجه أمام ثلاث تحديات كبيرة، الغرض من هذا لوضع ليس أمتحانا لإيمانه أو بلاءا من الله وأنتقاما للخطيئة كما يسوق دينيا، وإنما أراد الله من هذه التجربة أن يكون الإنسان وجها لوجه أمام مصيره من خلال القدر,.
العناصر الأساسية التي لعبت دور المحرك والدافع لآدم كانت أولا مواجهة النفس وتحدي الذاتية من خلال أستعراض مكامن القوة والقدرة فه وعلى رأسها العقل ، وثانيا كانت التحدي هو الخارج الأخر المتمثل بالنقيضوالضد النوعي أو ما يسمى بالعدو المبين، كان إبليس جزء من هذا التحدي والجزء الأخر هو الواقع الذي يجعلك في تماس وأحتكاك مع إبليس، وثالثا كانت التجربة الأهم في قضية المواجهة الأولى والثانية وكيفية أنتاج المعرفة منها لغرض تدعيم الموقف الإنساني وترجيح ميزان آدم وأبنائه في مواجهة والتصدي بمعرفة لقضية المصير، كل التجربة إذا وما فيها وما عليها كانت تعني المصير بالنهاية وبالتفاصيل.
إذن المصير أو ما يعرفه البعض من أنه النتيجة الغائية كانت هي قيمة التجربة الإنسانية التس سعى لها آدم من أول وجوده كائنا عاقلا في الحياة، ولذا أرتبط المصير دوما بالعقل كقيمة صانعة ومدركة وخالقه بوجه أخر، ومن لا يملك العقل لا يملك رؤية مصير ولا حتى يمكنه أن يدرك المعنى والقيمة الأساسية من تجربة تحديد وتقرير المصير, قدمنا بهذه الكلمات القليلة المفتاحية لكي ندخل إلى ساحة معرفية مهمة في ظل ما يواجهه الإنسان من تحديات إشكالية وجودية في عالم أختفت فيه العناوين الأساسية وأنشغل في البحث عن الظواهر العالقة والرؤى التي ترسم بقوة على إحساسة العقلي قضايا فرعية تغنيه عن مناقشة الأهم والأخطر وجوديا، من هذه الظواهر تحديدا قضية الصراع الدامي بين ما يعتبر خيرا وما يعتبر شرا دوت الإلتفات إلى أن قضية الصراع هذه لها وجه أكبر وأطار أمل وهي قضية صنع التجربة.
في مثال حي وحقيقي ومعاش مثلا وتركيزا على راهنية هذا الحال العراق البلد والأمة والشعب الذي يبحث اليوم نخبته ومفكريه وفلاسفته عن سؤال مهم يتلخص بأننا كمجتمع سائرون ولكن إلى أين؟ هذا السؤال تتبعه أسئلة فرعية وتنتابه الكثير من التوجعات والألم وكثيرا من التشاؤم ونحن في وضع التيه الذي أمتد طويلا وكأنه تيه بني إسرائيل ولكن بلا ميعاد، إذن السؤال بمجمله لا يتعدى البحث عن المصير ولكن بعد أن فصلنا التجربة عن الهدف، نجحنا أن فشلنا في إدراك ترابط الوعي مع شدة وقساوة التجربة وما صنعت لنا من وعي يقود للبحث عن المصير، كان السؤال الأجدر طرحه والبحث عن حلول له هو ما هو المصير؟
إذن علينا كباحثين ومفكرين ودارسين للقضية الأجتماعية أن نبحث في المسارات لا في الظواهر وأن نبحث في الأسس القديمة قبل أن نبحث في الشرفات العالية، الوجود الحياتي موجود مركب وممتد بروابط ومشاركات متعددة في كل التوجهات، وعندما نريد أن نبني بناء متقنا ومتوازنا علينا أن نرسم أولا الصورة ببعديها الأفقي والطولي كي ننجح في تجسيد شكلية الصورة في الذهن، لا يكفي أننا نشيد قواعد فقط لنطمئن على ما ستفضي عملية البناء لأن القواعد مهما أمتدت أفقيا لا تبني شكلا هندسيا يمكن الإستفادة منه، وكذلك الحال الأعتماد على البناء الطولي من دون قواعد عريضة ومتينة ومتناسبة مع طولية وشاقولية البناء سوف تكون مجرد محاولة فاشلة لا تصمد أمام القضية الهندسية السليمة.
إن عمليات بناء الرؤية الكونية وحتى المحدودة منها بمجتمع أو بزمان أو مكان مخصوص هي في الواقع عملية هندسية معقدة لمن لا يعرف فن التصميم والرسم الهندسي، لأن الحياة برمتها مجرد بناء هندسي بشكل أو بأخر يضيف إلية الإنسان روحيته الخاصة وطعم ومميزة حينما يعيشها بشكلها الطبيعي، المصير إذن هو رؤية ترتبط بعوامل ثلاث حينما نريد رسمها والبحث عنها ولو ذهنيا تمهيدا لبسطها بين الناس وهي:
• علينا إدراك أن التجربة مرها وحلوها إيجابياتها وسلبياتها موقفنا منها وموقف الأخرين وعلى كل الصعد هي الأساس في رسم وتحديد وتقدير تقرير المصير بناء على شكلية ومسارات وعناصر التجربة ذاتها، فرمي التجربة خارجا وأهمالها والبدء في البحث عن مصي هي كمن يرمي بالتأريخ كله في سلة المهملات وينتظر الوحي أن يرسم له خارطة طريق بشكل أعجازي وخارق لمفهوم تراكم المعرفة.
• الإيمان الحتمي بالتغيير كضرورة أو كنتيجة أساسية في حركة المجتمع هو جزء من عملية كينونة المصير، ولا يمكن الفصل أبدا بينحركة الزمن والمجتمع وعزلهما عن فكرة التجربة وما يتبعها من أليات تتراكم لتصنع المعرفة الضرورية للتمييز بين التغيير وبين التطور الطبيعي، هذا التمييز هو الأهم في قضية المصير حينما يكون المصير محددا وواضحا وجليا ينتج من تراكم التطور لأن مسارات السيرورة والصيرورة مسارات طبيعية فلا بد أن يكون التحديث هو السر في تجديد مفهوم المصير، أما في المجتمعات المتعثرة والفاشلة في تحديد حتى مساراتها الطبيعية هنا يلعب التغيير دورا محوريا وجذريا في بناء الرؤية وفي بلورة صورة المصير ورسمه هدفا وليس كما في المجتمعات الأولى أستحقاقا أكيدا.
• قضية المصير لا يمكن رسمه طبيعيا في مجتمع مأزوم وخارج من سلسلة خيبات وفشل بل من يرسمه هو الفكر الحر الغير خاضع لعوامل الفشل التي أصابت المجتمع، بمعنى أن المشتغل في البحث عن مصير يجب أن لا يكون أصلا عنصرا فاشلا هو نتاج ومنتج للفشل الأجتماعي، وهذا لا يعني أن المطلوب هو البحث عن خارجية المنشأ في العقلية التقريرية والتصورية، ولكن يجب البحث أولا في العنصر الوطني الذي لم يرضح ولم يشارك ولم يدع إلى تبني الخيارات التي قادت للفشل السابق والمتكرر، وهنا يرتبط مفهوم التحرربمفهوم تحديد المصير ورسم الخطوات الفكرية الأساسية ومن إيجاد الأليات والمناهج المناسبة في عملية إعادة الوعي الكلي والجزئي والفردي الذي سيساهم بصورة أو أخرى في الدعوى إلى تقرير المصير.
إن قضية البناء الجديد للذين يدعون للنضال والعمل السياسي والفكري والأجتماعي لا يمكن أن يغفلوا حقائق الواقع وأن لا يكونوا أيضا واقعيين مجارين ومسايرين لأحكامه، بل عليهم أن ينزعوا نحو العمل الثوري فكريا ومن غير أن ينقلوا الثورة من أطارها العقلي المعرفي لتكون في المجتمع عامل أهتزاز، العمل الثوري العقلي يستوجب منا كنخبة ومفكرين وقادة عمل خلاق إلى أحداث هزات عميقة بالوعي وتحريك السكون الفكري والثقافي والحضاري في وجه مهم من أوجه التغيير والعمل الأصيل في البدء بسلسلة من الأعمال الأبداعية على المستوى الأفقي والفوقي في تحريك عقلية الناس نحو مجاراة التغيير الذاتي وعدم أنتظار الحلول الجاهزة والأعجازية.
علينا أن ننفي وبشكل عملي ورصين فكرة الهروب من المواجهة والتحدي مع العدو المبين والأخر الضاد النوعي والواقع بمجمله لأننا لا نملك السلاح المناسب، علينا كإنسان صاحب عقل وفكرة أن يتحول كل منا إلى مثال لآدم البشر الذي قبل التحدي وعمل تحت عناصر التجربة لغرض مواجهة المجهول برغم من أنه كان لا يملك ما نملك اليوم من قاعدة بيانات لا محدودة ولا ممنكن الإحاطة بها من تراكم التجربة البشرية، هذا الإحساس بأننا أمام مصير لا بد من صنعه والتشرف به كنتيجة لا بد منها هو البداية للأنتفاض من عبودية وقلق الحاضر وهزيمة مشروع الفشل والبدء بالتغيير الجذري الذي يقودنا لرؤية المصير وأتجاهاته ودعائمه لنكون على بينة من أمرنا وبينه من خطواتنا القادمة.



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حين يتكلم الفاسدون عن العفاف والطهارة والوطنية
- نظرات أولية في نتائج تحرير الجانب الأيسر من الموصل
- أنشودة الدم المسفوح في روح القصيدة
- أمريكا وأحتمالات العمل العسكري في العراق
- الدين وإنسانية القيم الأخلاقية
- أمريكا وسياسة التوجه للداخل
- تجريف التربة الصالحة للزاعة وتلويث المياه ... حرب بأيقاع أخر ...
- ثورة الفقير ومشكلة السيد الأمير
- هاجس الأمن بين حاجة المجتمع وتقاطعات حماية حقوق الإنسان ح2
- هاجس الأمن بين حاجة المجتمع وتقاطعات حماية حقوق الإنسان
- كتابات طائشة
- هل كان الإنسان الأول عاقلا كاملا؟ ح3
- وظيفة الكتابة في زمن اللا قراءة
- هل كان الإنسان الأول عاقلا كاملا؟ ح1
- هل كان الإنسان الأول عاقلا كاملا؟ ح2
- السيد دونالد ترامب رئيس دولة الولايات المتحدة الأمريكية المح ...
- مشروع عقلنة الوعي العربي بين حلم التحقيق وحالية الأضطراب
- المعرفة التأريخية المرموزية وإشكالات الأنتقال لمرحلة الحداثة ...
- إشكاليات العقل العربي من منظور ذاتي
- لا تلعن الريح ...... ولا تلعن الخطيئة


المزيد.....




- فيديو صادم التقط في شوارع نيويورك.. شاهد تعرض نساء للكم والص ...
- حرب غزة: أكثر من 34 ألف قتيل فلسطيني و77 ألف جريح ومسؤول في ...
- سموتريتش يرد على المقترح المصري: استسلام كامل لإسرائيل
- مُحاكمة -مليئة بالتساؤلات-، وخيارات متاحة بشأن حصانة ترامب ف ...
- والدا رهينة إسرائيلي-أمريكي يناشدان للتوصل لصفقة إطلاق سراح ...
- بكين تستدعي السفيرة الألمانية لديها بسبب اتهامات للصين بالتج ...
- صور: -غريندايزر- يلتقي بعشاقه في باريس
- خوفا من -السلوك الإدماني-.. تيك توك تعلق ميزة المكافآت في تط ...
- لبيد: إسرائيل ليس لديها ما يكفي من الجنود وعلى نتنياهو الاست ...
- اختبار صعب للإعلام.. محاكمات ستنطلق ضد إسرائيل في كل مكان با ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عباس علي العلي - المصير خلق التجربة وإثبات لدور المعرفة