أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - نوال السعداوي - التأويل الذكورى للتاريخ المصرى














المزيد.....

التأويل الذكورى للتاريخ المصرى


نوال السعداوي
(Nawal El Saadawi)


الحوار المتمدن-العدد: 5412 - 2017 / 1 / 25 - 00:20
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    



منذ خمسة آلاف عام قبل الميلاد، كتبت «نوت» وصيتها لابنتها «إزيس» تقول فيها «لا أوصى ابنتى التى ستلى العرش من بعدى أن تستمد سلطتها من قداسة الألوهية
بل أن تكون حاكمة رحيمة عادلة»، لكن مؤرخى الاستعمار الأوروبى طمسوا الفلسفة الإنسانية المصرية الرائدة، ليقولوا إن الفلسفة بدأت باليونان، ثم أشاعوا أن الثقافة المصرية القديمة قامت على الخرافات، وانتقلت هذه الفكرة المناقضة للتاريخ، الى المفكرين الناقلين عن الأوروبيين، وكانت مقررة لأجيال متعاقبة من التلاميذ بالمدارس المصرية فى كتاب من تأليف فيلسوف مصرى، وأذكر أننى نشرت مقالا بجريدة الأهرام (منذ أربعين عاما) أنقد الفكرة، ثم نشرت الجريدة حوارا بينى والفيلسوف، الذى أنكر وجود فلسفة مصرية قديمة، فما بال أن تقودها النساء؟

وفى منتصف الثمانينيات ظهرت مسرحية توفيق الحكيم بعنوان «إزيس»، جعل الصراع الرئيسى فيها يدور بين الذكور، ولم تظهر إزيس إلا كزوجة لأوزوريس، مع أن التاريخ يؤكد أن دور إزيس الفلسفى والسياسى والتعليمى كان أكبر من دور زوجها، بل هى التى علمته الفلسفة والطب والزراعة والكتابة والفنون، ويضحك توفيق الحكيم ويقول، طبيعى أن تكون نظرتى ذكورية لأنى رجل، لماذا لا تكتبين المسرحية من وجهة نظر أنثوية؟ وقلت، سأكتبها من حقائق التاريخ، لا ذكورية لا أنوثية، وفعلا كتبت المسرحية، بعد عام واحد من مسرحية توفيق الحكيم، ونشرتها فى كتاب بعنوان «إزيس»، إذ منعت السلطات الحاكمة ظهورها على المسرح المصرى، رغم محاولة «كرم مطاوع» لإخراجها.

وجاء فى تقرير الرقيب أن «المسرحية فيها مساس بقداسة الألوهية» وهى التهمة الأزلية المسلطة كالسيف على العقل الإنسانى المبدع، غربا وشرقا، وكانت من أهم أسباب طغيان العنف والحرب والقتل باسم الآلهة، فى كل العصور، وكان أرسطو ( ٣٨٤ – ٣٢٢ م) هو الذى قال إن «العبودية نظام إلهى عادل تتطلبه طبيعة العبد والمرأة» وبدأ فلسفته بأن «الإله هو السبب الأول للوجود» وأصبح تاريخ الفلسفة هو تاريخ البحث عن هذا اليقين، لم تنفصل الفلسفة عن الإيمان الدينى إلا نادرا، وظل علم الفلسفة منهجا للبحث النظرى لإثبات الفكرة الموجودة سابقا، رغم أن جوهر الفلسفة هو اكتشاف حقيقة جديدة غير سابقة، لكن أغلب الفلاسفة وقعوا فى هذا المأزق، إلا القليلين من المدرسة المادية الجدلية، أما الفلسفة المصرية القديمة فلم تقع فى هذا المأزق، إذ جعلت العدل والرحمة هما الأساس وليست القداسة الألوهية.

ويطلق على العبودية القديمة اسم النظام «الطبقى الأبوي» الذى أنتج الظلم والعنف والنظم الإقطاعية، التى تطورت الى النظم الرأسمالية القديمة والحديثة، بمنظماتها الاستعمارية الإرهابية السياسية العسكرية الدينية، التى تقتل باسم الإله، ألا تقتل إسرائيل الشعب الفلسطينى وتحتل أرضه باسم الوعد الإلهى؟

وقد بدأت فى مصر، مؤخرا، حركة لإحياء الحضارة المصرية القديمة، تحاول الكشف عن جذور الثقافة المصرية العريقة، وروافدها المتعددة الممتدة فى عمق تاريخها المتصل الحلقات، لا انفصال بين الفلسفة المصرية القديمة، وما بعدها من فلسفات وأديان أرضية وسماوية، منها اليهودية والمسيحية والإسلام، لكن ، بعض المتحمسين لهذه الحركة، يحاولون عزل مصر عن محيطها الخارجى السياسى والجغرافى، وعن حاضرها ومستقبلها، تحت إسم الماضى المجيد، مع أن الماضى والحاضر والمستقبل حلقات متواصلة متلاحمة، يتراكم فيها الوعى والمعرفة، ومنهما تنبع القوة والإبداع لأى شعب أو فرد، لا شك فى أن جرائم داعش (وأمثالهم) شوهت صورة العرب والمسلمين، لكن التاريخ يكشف أن جرائم العرب ليست أبشع من جرائم الأمريكيين والاسرائيليين والأوروبيين، وأن الدماء التى أريقت باسم اليهودية والمسيحية ليست أقل من التى أريقت باسم الإسلام.

ويدور الصراع بين الفلاسفة والمفكرين حسب توجهاتهم السياسية والدينية ومصالحهم الطبقية، إلا أنهم يتفقون فى نظرتهم الذكورية للتاريخ، لهذا تختفى أسماء النساء المفكرات، أو تصبح هامشية تابعة للرجل، كما حدث لإزيس المصرية، التى امتدت فلسفتها من مصر الى اليونان الى ألمانيا، وظلت باقية ومؤثرة فى أوروبا حتى القرن السادس الميلادى، رغم حروب الإبادة التى تمت ضدها.

وعلينا أن ندرس تاريخنا القديم بالعقل والعلم، دون مزايدة أو نقصان، وألا ندفن المصريات الفيلسوفات الأوائل، اللائى وضعن العدل والمساواة والرحمة فوق قداسة الألوهة، مما يضرب الإرهاب، السائد اليوم، تحت اسم الدين.



#نوال_السعداوي (هاشتاغ)       Nawal_El_Saadawi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الطب النفسى والإلحاد
- قضايا الحسبة والإرهاب
- قشرة الحياء الهشة .. يا أنت ؟
- الفدائيون وهدى عبد الناصر
- سقوط العرش المصنوع بالقش
- ثقب فى جدار العقل
- ضباب الرؤية وضوء الماضى
- كُحل ثقيل.. عقل خفيف.. والضحك
- الصخرة العاتية تتحدى أى دستور
- لكنهم لم يعثروا عليها أبدا
- رقة الشاعرة وحاملة الأثقال
- نكهة الشاى الأخضر بالنعناع
- تجاربنا الشخصية جدا تغير العالم
- ولم تسقط طائرة لندن
- ذكريات عن تعدد الزوجات
- ذكريات مع توفيق الحكيم
- أتكون الطفلة ملحدة؟
- فاطمة الميرنيسى
- كتابك غير حياتى
- امرأة تكتب مصيرها بيدها


المزيد.....




- “800 دينار جزائري فورية في محفظتك“ كيفية التسجيل في منحة الم ...
- البرلمان الأوروبي يتبنى أول قانون لمكافحة العنف ضد المرأة
- مصر: الإفراج عن 18 شخصا معظمهم من النساء بعد مشاركتهم بوقفة ...
- “سجلي بسرعة”.. خطوات التسجيل في منحة المرأة الماكثة بالبيت ف ...
- إيران - حظر دخول النساء الملاعب بعد احتضان مشجعة لحارس مرمى ...
- هل تؤثر صحة قلب المرأة على الإدراك في منتصف العمر؟
- اغتصاب وتحويل وجهة وسطو وغيرها.. الأمن التونسي يوقف شخصا صدر ...
- “الحكومة الجزائرية توضح”.. شروط منحة المرأة الماكثة في البيت ...
- جزر قرقنة.. النساء بين شح البحر وكلل الأرض وعنف الرجال
- لن نترك أخواتنا في السجون لوحدهن.. لن نتوقف عن التضامن النسو ...


المزيد.....

- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى
- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر
- تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل ... / رابطة المرأة العراقية
- وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن ... / أنس رحيمي
- الطريق الطويل نحو التحرّر: الأرشفة وصناعة التاريخ ومكانة الم ... / سلمى وجيران
- المخيال النسوي المعادي للاستعمار: نضالات الماضي ومآلات المست ... / ألينا ساجد
- اوضاع النساء والحراك النسوي العراقي من 2003-2019 / طيبة علي
- الانتفاضات العربية من رؤية جندرية[1] / إلهام مانع


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - نوال السعداوي - التأويل الذكورى للتاريخ المصرى