أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - حارث زهير الحكاك - لمحات عن معتقدات وفلسفة الماوريين















المزيد.....

لمحات عن معتقدات وفلسفة الماوريين


حارث زهير الحكاك

الحوار المتمدن-العدد: 5408 - 2017 / 1 / 21 - 16:25
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


لمحات عن معتقدات وفلسفة الماوريين
عندما جئنا إلى نيوزلندة هذا البلد الجميل، كنا فتيانا وشبابا لا نعرف شيئا عن السكان الأصليين
( الماوريين ) لهذه الجزر، ولكن بعد فترة أطلعنا عن بعض عاداتهم وخفايا أخرى من حياتهم. وفي السطور التالية سأدرج لكم بعضا من معتقدات وفلسفة هذا الشعب .
قبل كل شيء، يجب أن نعرف أن لغة التفاهم عند الماوريين بسيطة جدا، كما هي حياتهم، وهم يحبون هذه البساطة ويعتقدون أن حقهم في العيش يكمن في هذه البساطة ، خصوصا حقوقهم في هذه الطبيعة بالرغم من أنهم لا يعرفون ما هي بالضبط، فقط لأنهم ببساطة جزء منها, ولهذا تقوم لغتهم البسيطة بتجزئة الواقع الحياتي إلى نوعية أخرى من المقايضة مهمة جدا تجعلهم يشعرون بعدالة طبيعية لحماية النفس. فمثلا أنهم يعتقدون بأن الأرض ليست ملك الإنسان بل هي التي تملك الإنسان. وهنا يمكننا أن نذكر أنهم كانوا في أشد مشاعر الإستغراب عندما جاء الأوربيون يتفاوضون معهم لشراء الأرض، وقبلوا بالمقايضة وهم فرحين بأستغفالهم للرجل الأبيض الذي جاء ليشتري شيئا منهم وهم لا يملكون ذلك الشيء!!
تنبع أغلب المعتقدات الماورية من الطعم المتميز لما كانت تمارسه الشعوب السامية التي أستوطنت العالم القديم ، ومتأثرة جدا بالعبرانيين وبالديانة اليهودية التي ظهرت بينهم. حول هذا الواقع، ألتقينا بأحد شيوخ الماوريين، وأخبرنا، بعدما عرف إننا من العراق، بأن هناك أعتقاد قديم جدا، يتناقل بين قبائل الماوريين، بأن أصولهم تعود إلى سكان شمال الجزيرة العربية، وبأن أجدادهم بدأوا بركوب البحر والرحيل نحو المجهول أبتداءا مع ظهور ديانة التوحيد من قبل إبراهيم الخليل (ع) والديانة اليهودية فيما بعد، وظلوا لآلاف السنين يستوطنون ثم ينتقلون من مكان لآخر ومن جزيرة إلى أخرى إلى أن وصلوا قبل حوالي 800 سنة إلى هذه الجزر وأستوطنوها, وأحسن برهان على ذلك، أن الماوريين ما زالوا يمارسون عدة عادات قديمة تعود إلى تلك الأصول وأهمها أحترام التدرج داخل العائلة وختان المواليد الذكور. ولتأكيد هذا الإدعاء يعتقد الماوريون أبضا أن أصل الإنسان على هذه الأرض قد نتج من علاقة صداقة بين رجلين. كانا يسيران مع بعض، ووصلا إلى مكان بارد جدا أطلقا عليه أٍسم ( تانجيرورو). وللتخلص من البرد الشديد ألتجئا إلى مخاطبة عالم الأرواح، وأتصلا بأختيهما هناك. فلما سمع الأختان نداءاتهما المتكررة وصراخهما وآلامهما من البرد، جاءتا إليهما عبر البحار، وقامتا بأحتضانهم لتدفئتهم، ( لاحظ الشبه مع قصة أولاد آدم عليه السلام ... قابيل وهابيل لحد ما وكما جاءت في العهد القديم من الكناب المقدس ).
ومن الجوانب المثيرة عند الماوريين في هذا المجال ، هو أعتقادهم بأن ما حدث لقوم (لوط) قد نجم عن فقدان مفردات الصداقة بين أفراد المجموعة الواحدة بسبب ظهور الخداع والمخادعة كسلوك مشتبه به بينهم. وكشعور عام، أن هذا الخداع مربوط بالحقيقة بأن هؤلاء الأصدقاء قد يقعون قي شباك الحب الغير الطبيعي ( بين الذكر والذكر والأنثى والأنثى)، بالإضافة إلى تواجد الحب الطبيعي. ولكن الماوريين بسبب لغتهم البسيطة وقعوا في غيبوبة عدم الإستئناس بهذه الظاهرة كفكرة بديهية لا معنى لها، ومعاملتها بالضبط كأي مرض يمكن الإبتعاد عنه حتى يزول من المجتمع.
ولقد كتب حكماء الماوريين القدماء بأن بداية الإنسان عندهم مسألة روحانية كبيرة، تهتم بالدرجة الأولى على شعور كل فرد بأهمية العائلة والإنتماء إليها، وعدم أخفاء المشاعر مهما كانت. فالخائف مثلا، يجب عليه أن يواجه خوفه بالإعتراف به أول الأمر مع نفسه، ومن ثم مع باقي أفراد العائلة، الذين سيقررون فيما لو يسمح له بالتصريح به أم لا، لأن أي تصريح به سيكون مربوطا بمحاولاته في التخلص من الخزي والعار والخجل من هذا الشعور. أما إذا لم يصرح بشعوره بالخوف، فإن ذلك سيؤدي إلى أن تركيبة شخصيته ستكون في حالة إنفصام ما بين لعنة الروح أو التخلص منها بالموت. أما من ناحية الشجاعة والقدرة على القتال، فإن الماوريين يؤمنون جدا بأنهم يكتسبون هذه الصفات (المطلوبة) من القوة في إيمانهم بأهمية الإنتماء العائلي والقبائلي، والتفاني المطلق في المحافظة والدفاع عنهما. وكذلك يكون هذا التفاني مربوطا بقوة مع التضحية المطلوبة للدفاع عن قدسية الأرض لأنها بنظرهم مقدسة جدا، وتعود للجميع وليس لأحد ما، خصوصا إذا كان المعتدي عليها من أجناس أخرى من البشر. وعليه أستنبطوا وتوارثوا في أجيالهم سلسلة من التراتيل والأناشيد المحفزة لشجاعتهم في القتال والدفاع عن الأرض والعائلة أطلقوا عليها رقصات (الهاكا).
ومن هذه المعتقدات الفلسفية القديمة أنهم يربطون (عرق الجبين) مع (تشقق الأرض)، وذلك لأنهم يشعرون بأن التعب والإرهاق بسبب العمل هو من الأرض وإلى الأرض أصلا. ولذا فإنهم يعتقدون بأن الأرض تتشقق(عطشا) عندما تراهم كسالى لا يعملون ولا يهتمون بها. ولهذا ترى الماوري يحاول حهده إخفاء تعرق جبينه، لأن هذا سيؤدي إلى أعتباره كسولا وأنطوائيا وليس فعالا في العمل وضمن المجتمع. وبالتالي يعتقد الماوريون أن مثل هذا الإنطواء والكسل قد يولد إنفعالات العنف في الفرد ضد باقي الناس والطبيعة.
أما من ناحية الروحانيات، فالماوريون واضحون جدا في مشاعرهم الروحانية وتخيلاتهم الواسعة عندما يتبع الفرد قوانين الطبيعة فسلجيا وحيويا ونفسيا. فالبعد النفسي عندهم لماهية الإله، يؤدي إلى تخيلهم لصور مختلفة له. فهم مقتنعون بأن الروح لا تملك أي مظهر معين مثل وجود عيون، أنف، أذن وفم وغيرها، وبأنهم يتصورون أن جميع حركاتهم وتصرفاتهم يجب أن تكون مشابهة لما قيل لهم عن تصرفات وحركات أجدادهم وأصولهم من البشر.
أما علاقة الماوريين مع النجوم والكواكب (علم التنجيم) فهي مفرطة ومتناثرة لا يمكن جمعها ووضعها في إطار واحد، قد يكون سبب ذلك تفاعلهم مع شعوب مختلفة أثناء مسيرتهم البحرية القديمة والطويلة. فمثلا يعتقدون أن الحياة عبارة عن حب أنفطر بين السماء والأرض، وإن ما يحصل على الأرض هو دائما تحت أنظار ومراقبة النجوم.
في الوقت الحاضر، وبالرغم من التفاعل الكبير لأغلب هذه المعتقدات الماورية مع تلك التي جاءت إليهم مع المستوطنين الجدد خلال القرنين الماضيين، إلا أن الماوريين ما زالوا متمسكين في تطبيق الكثير من معتقداتهم القديمة في حياتهم، وبغض النظر عن المستوى الفكري والثقافي الذي قد يصل إليه بعض الأفراد، وانجرافهم مع عملية التمدن التي جاء بها الغربيون والشرقيون إلى هذه الجزر. فمثلا أن أغلب الماوريين ما يزالون متمسكين بأهمية الحياة والطبيعة، وأستغلال جمال العيش في الوقت الحاضر، ونسيان الماضي لأنه لم يعد بينهم، وترك المستقبل لمجهوليته. حــارث زهيرالحكـــــاك / نيوزلندة



#حارث_زهير_الحكاك (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حول فلسفة الحب والمحبة
- العلم والإتصال الروحي
- الأديان والأنانية
- الفرد والمجتمع (نظرة فلسفية)


المزيد.....




- قائد الجيش الأمريكي في أوروبا: مناورات -الناتو- موجهة عمليا ...
- أوكرانيا منطقة منزوعة السلاح.. مستشار سابق في البنتاغون يتوق ...
- الولايات المتحدة تنفي إصابة أي سفن جراء هجوم الحوثيين في خلي ...
- موقع عبري: سجن عسكري إسرائيلي أرسل صورا للقبة الحديدية ومواق ...
- الرئاسة الفلسطينية تحمل الإدارة الأمريكية مسؤولية أي اقتحام ...
- السفير الروسي لدى واشنطن: وعود كييف بعدم استخدام صواريخ ATAC ...
- بعد جولة على الكورنيش.. ملك مصر السابق فؤاد الثاني يزور مقهى ...
- كوريا الشمالية: العقوبات الأمريكية تحولت إلى حبل المشنقة حول ...
- واشنطن تطالب إسرائيل بـ-إجابات- بشأن -المقابر الجماعية- في غ ...
- البيت الأبيض: يجب على الصين السماح ببيع تطبيق تيك توك


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - حارث زهير الحكاك - لمحات عن معتقدات وفلسفة الماوريين