أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عدنان حسين أحمد - الأدب الإنجليزي ومراحل تطوره عبر ستة عصور















المزيد.....

الأدب الإنجليزي ومراحل تطوره عبر ستة عصور


عدنان حسين أحمد

الحوار المتمدن-العدد: 5407 - 2017 / 1 / 19 - 14:16
المحور: الادب والفن
    


صدر عن مؤسسة "هنداوي" بالقاهرة كتاب "الأدب الإنجليزي: مقدمة قصيرة جدا" للناقد البريطاني جوناثان بيت، ترجمة سهى الشامي. يضم الكتاب تسعة فصول يتقصى فيها الباحث تاريخ الأدب الإنجليزي عبر ألفي سنة كي يتلمّس بدايته ومراحل تطوره عبر العصور منذ الأنكلوساكسونيين وحتى الوقت الراهن.
يركِّز الباحث في الفصل الأول على تعريف الأدب وضرورته، فالأدب يُقرأ مرة تلو الأخرى مثل رواية "جين إير" لشارلوت برونتي بينما لا تُقرأ الرواية البوليسية سوى مرة واحدة. أما الاختبار الوحيد للعظمة الأدبية فقد حدّده صمويل جونسون بـ "مدى الاستمرارية ودوام التقدير"(ص8). وإذا كان الناس في مختلف الأعمار يحبِّون القصص ويجدون ضالتهم فيها فإن الأطفال هم الذين يتلذذون بها، ويفهمون العالم من خلالها شرط أن تكون أدبًا مثل "رحلة الحاج" لجون بانيان، و "روبنسون كروزو" لدانييل ديفو وغيرهما من الأعمال التي حققت شهرة كبيرة ويمكن قراءتها عبر الأجيال لأنها تنطوي على عناصر النجاح المتمثلة بالسرد القصصي ووصف الشخصيات الروائية وجودة الكتابة. يجب ألا ننسى البذرة المهمة التي زرعها الباحث في هذا الفصل وسوف تنمو في الفصول اللاحقة ومفادها بأن إنكلترا هي أمة هجينة، ومتعددة الأعراق.
يتمحور الفصل الثاني على ماهية الأدب، فهي من وجهة نظر ليفيس وديكنز أيضا "أمرٌ تعرفهُ عندما تمرُّ به"(ص88)، وهي خطابات مكتوبة، و"مجموعة من أعمال الفن الإبداعي" بحسب دي كوينسي. ثم توالت الإضافات لتحديد معنى الأدب الذي يهدف إلى "التعليم والإمتاع" ويعزز الجانب الجمالي أكثر من الجانب المعرفي. ثم شدّدوا على أهمية الشكل والتقنية فليس مهمًا "ما يُقال"، وإنما "كيف يُقال؟"، ثم شبهوا العمل الفني بالكائن الحي، القادر على التطور، والتكيّف مع الظروف الثقافية الجديدة.
يكتظ الفصل الثالث بأسئلة كثيرة لم يُجَب على بعضها من بينها: متى بدأ الأدب الإنجليزي؟ هل بدأ مع الشعراء الكِلْتيّين Celts أم مع يوليوس قيصر، أم مع كادمون . . . أم مع تطور اللهجة الجنوبية الشرقية للغة الإنجليزية الوسطى التي جسّدها تشوسر في كتاباته؟ يُؤكد جوناثان بيت أن أقوى رواية عن أصل الأدب الإنجليزي توجد في أحد النصوص الكهنوتية المدوّنة باللاتينية في كتاب "التاريخ الكَنَسي للشعب الإنجليزي" 731م لعالِم اللغويات والمترجم "بيد الموقّر" The Venerable Bede، أما النص فهو "ترنيمة كادمون" التي كتبها بعد أن جاءه زائر في الحلم وأخبره بأن ينظم شعرًا في مديح الخالق. كما ترجم جيروم الإنجيل إلى اللغة الإنجليزية عام 1611 لتترسخ مقولة "أن الأنجيل أدبي، والأدب إنجيلي، وأن العهدين القديم والجديد، كما كتب وليم بليك هما "الدستور العظيم للفن"(ص58) فلاغرابة أن يكون هدف الأدب "هو محاولة لإضفاء معنى على حياة الإنسان" (ص58) وهو ذات الهدف الذي يسعى إليه الإنجيل أيضا. يخلص الباحث إلى القول بأن الإنجيل هو الكتاب الأكثر تأثيرًا على اللغة والعقل الإنجليزيين خلال الثلاثة قرون والنصف التالية.
نجح المثقفون الإنجليز في بناء أمتهم، وتشكيل هويتهم عن طريق إحياء التاريخ والأساطير، فقد استعمل الفيلسوف آدم سميث في محاضراته الأدبية اللهجة المحكية فيما وضع المعارضون للدين مقررات "الأدب الجميل" باللغة الإنجليزية وليس اللاتينية الأمر الذي دفع إلى ارتباط الأدب الإنجليزي بالمعارضة، وإدخال الديمقراطية في التعليم، ومقاومة الجامعات الراسخة. ثمة إشارات إلى كُتّاب مهمين أمثال صمويل جونسون الذي جمع قاموس اللغة الإنجليزية في تسعة أعوام، والكاتب سوم جينينز الذي قال بأن الغاية الوحيدة للكتابة هي أن تجعل القرّاء "يستمتعوا بالحياة أو يتحملوها على نحو أفضل"(ص65) يتوصل الباحث إلى أن الشخصية القومية لم تنتج الأدب الإليزابيثي، بل أن الأدب الإليزابيثي هو الذي أوجد شخصية للأمه.
يتناول الفصل الخامس ستة عصور وهي الأنكلوساكسونيين، والقرون الوسطى، والنهضة، والرومانسية، والعصر الفكتوري والحداثة غير أن جوناثان لم يتحدث إلاّ عن النهضة والرومانسية والحداثة. ومن بين الآراء النقدية المهمة أن الإبداع الإنجليزي أكثر تميّزًا في الأدب والمسرح بينما يشتمل الإبداع الإيطالي على الرسم والنحت والموسيقى. رأيان آخران لا يمكن تجاوزهما وهما أن "الفردوس المفقود" ساهمت في تشكيل الذوق الشعري الرفيع في القرن الثامن عشر، وفي انزياح القريض من القافية إلى الشعر الحرّ. والرأي الثاني هو تجريد الشعر الإنجليزي من الزخارف اللفظية التي تسيّدت على الشعر الرومانسي. لا يمكن إهمال الإشارة إلى "الأرض اليباب" التي تعتبر نصًا محوريًا في ذخائر الشعر الحديث.
لم يمِل شعراء الحداثة إلى الترحيب بمنصب شاعر البلاط، وقد قال وردزوورث ذات مرة "إذا كان للشاعر دور عام فقد تمثَّل في كونه نبيًّا يصرخ في البريّة، لا متحدثًا رسميّاً للملك والأمة’"(ص93) وهو نفس رأي بليك وشيلي. درايدن هو شاعر البلاط الوحيد الذي أُقيل من منصبه لأنه لم يؤدِ قسم الولاء للملك الجديد وليم الثالث. وتشغل المنصب منذ 2009 وحتى الآن الشاعرة كارول آن دافي.
يُعدّ شكسبير علامة فارقة في تاريخ الثقافة الإنجليزية وخاصة تراجيدياته الأربع، فقد قال صمويل جونسون أن "الملك لير" هي أكثر مسرحية "تثير مشاعرنا، ويتمتع تدفق خيال الشاعر بالقوة"(ص109). وقال عنها تشارلز لامب "عندما نقرأها لا نُشاهد لير، بل نُصبح لير نفسه"(109). لم يتوقع شكسبير أن تُخلّد أعماله الدرامية في نسخ مطبوعة، وسوف يُدهش إذا اكتشف أن مسرحياته قد تحولت إلى أدب. لقد تفوق شكسبير على أسلافه جون ليلي، وتوماس كِد، وكريستوفر مالرو لكن يظل رأي كوليردج مثار جدل في مسرحية "الخيميائي" 1610 لبِن جونسون التي اعتبرها "الأعظم حبكة في تاريخ البشرية لكنه أخفق في كتابة التراجيديا"(ص114).
يفحص الفصل الثامن الرواية الإنجليزية ويؤكد على تأثر جين أوستن بماريا أجوورث وفرانسيس بيرني وأن هذه الأخيرة هي التي علّمتها فن الكتابة من وجهة نظر بطلتها مع الاحتفاظ بصوت المؤلفة على مسافة محددة منها وهو نفس الأسلوب الذي اتبعه الروائي الأميركي هنري جيمس في "تقمص الشخصية والوقوف خارجها في الوقت ذاته"(ص133). ثمة إشارات إلى روايات ديكنز وجويس وفرجينيا وولف الذين أرسوا تيار الوعي في الرواية البريطانية.
يثير الفصل التاسع والأخير سؤالاً مهمًا يتمحور على ماهية الأدب الإنجليزي: هل هو الأدب الذي كتبهُ الإنجليز فقط أم أنه يشمل الأعمال الأدبية كتبها الأميركيون وغيرهم باللغة الإنكليزية؟ وماذا عن الكُتّاب الإنجليز الذي كتبوا أعمالهم بلغات أخرى كاللاتينية مثل "يوتوبيا" للسير توماس مور، وهل أصبح هذا الكتاب جزءًا من الأدب الإنجليزي حينما تُرجم لاحقًا إلى الإنجليزية؟ وفيما يتعلق بالأدباء البريطانيين المتوّجين بجائزة نوبل فقد بلغ عددهم 12 كاتبًا لكن حصة الأدب الإنجليزي هي ثلاثة كُتّاب إنجليزيّ المولد وهم غالزورثي وغولدينغ وبنتر.
يفرِّق الباحث جوناثان Bate بين "الأدب الإنجليزي" الذي يقتصر على إنكلترا وبين "الأدب البريطاني" الذي يضم بين دفتيه أدباء ويلز وأسكتلندا وآيرلندا وإنكلترا بطبيعة الحال لكن بعض الباحثين البريطانيين يتجاهلون هذين الإصطلاحين ويتحدثون عن "أدب شمال شرق الأطلنطي" ويؤمنون بأن بريطانيا العظمى هي بوتقة كبيرة انصهر فيها على مدى 2000 عام الكِلت والرومان والأنغلوساكسونيون والنورمان والهولنديون واليهود واللاجئون الجدد الذين جلبوا معهم لغاتهم الخاصة وساهموا في إثراء وتنوّع الأدب الإنجليزي.



#عدنان_حسين_أحمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جيرنيكا: أيقونة الألم البشري
- جاذبية اللغة البصرية في فيلم يوم الملِك
- مُذكّرات صيّاد لتورغينيف: قرأها القيصر فألغى نظام القنانة في ...
- أنثولوجيا شعرية تدور في فلَك الأم
- المنحى العجائبي في رواية -ياقوت- لمريم مشتاوي
- الدَّادائية والسِّريالية: دعوة لتجاوز المتعة والتأثير في حيا ...
- البنية النفسية والثقافية في رواية عِشق لمريم مشتاوي
- جمالية اللغة البصرية في فيلم -بأقصى سرعة- لرينغر هوفل
- الشكل الفني الجديد في -جوهرة التَّعْكَر-
- إشكالات الحَبْكة في رواية سماء قريبة من بيتنا
- رحلة الفنان سعد علي من صندوق الدنيا إلى أبواب الفرج والمحبّة
- التشكيلي الهندي بُوبِن كاكار : إرضاء الجميع غاية لا تُدرَك
- أوغادين: عار إثيوبيا المخفي
- قيثارة أور الذهبية وعبق الزمن السومري القديم
- زرادشت: النجمة الصفراء. . .مغامرة وثائقية بلا أدلّة
- الأحياء المتوهجة في ممالك العتمة وأعماق البحار
- الفنان الكوبي ويفريدو لام وشخصياته المهجّنة في التيْت غاليري
- رصانة القصة في فيلم -على حلّة عيني- لليلى بوزيد
- ترييف العاصمة المنغولية آلان باتور في فيلم وثائقي
- حيث تنمو الأعشاب عالياً


المزيد.....




- تردد القنوات الناقلة لمسلسل قيامة عثمان الحلقة 156 Kurulus O ...
- ناجٍ من الهجوم على حفل نوفا في 7 أكتوبر يكشف أمام الكنيست: 5 ...
- افتتاح أسبوع السينما الروسية في بكين
- -لحظة التجلي-.. مخرج -تاج- يتحدث عن أسرار المشهد الأخير المؤ ...
- تونس تحتضن فعاليات منتدى Terra Rusistica لمعلمي اللغة والآدا ...
- فنانون يتدربون لحفل إيقاد شعلة أولمبياد باريس 2024
- الحبس 18 شهرا للمشرفة على الأسلحة في فيلم أليك بالدوين -راست ...
- من هي إيتيل عدنان التي يحتفل بها محرك البحث غوغل؟
- شاهد: فنانون أميركيون يرسمون لوحة في بوتشا الأوكرانية تخليدً ...
- حضور فلسطيني وسوداني في مهرجان أسوان لسينما المرأة


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عدنان حسين أحمد - الأدب الإنجليزي ومراحل تطوره عبر ستة عصور