أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - طلال الربيعي - ماركس ووايتهيد والميتافيزيقيا والديالكتيك (8)















المزيد.....

ماركس ووايتهيد والميتافيزيقيا والديالكتيك (8)


طلال الربيعي

الحوار المتمدن-العدد: 5406 - 2017 / 1 / 18 - 00:46
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


انسجاما مع اطروحة المؤرخ الماركسي Chris Harman, المتوفي في مصر في عام 2009, والذي هو المؤرخ الوحيد في العالم الذي قدم قراءة ماركسية مفصلة وشاملة لتاريخ العالم منذ القدم وعبر العصور وقبل ظهور الطبقات وبعده, وذلك في كتابه A People s history of the World الذي يمكن تنزيله بالكامل في 1, يقول وايتهيد (2) "ان العبيد كانوا هم الضحايا الذين كدحهم جعل التقدم ممكنا".

ويؤكد Richard Curtis من جامعة Claremont Graduate في الولايات المتحدة, وهي جامعة تعني باجراء البحوث فقط, في دراسته الممتعة والمنشورة في عام 2003 في المجلة الاكاديمية العالمية Process Studies (دراسات الصيرورة) (3), ألتي تعني بتطبيق فلسفة الصيرورة لوايتهيد في مجالات مثل الجماليات, البيولوجي, علم الكون, الرياضيات, السياسة, علم النفس, والفيزياء, ان ميتافيزيقيا الصيرورة لوايتهيد تدعم، بل وحتى تدعو، الى تأكيد أكثر إلحاحا وعملية على دور العبيد من دور المثقفين (العبيد بمفهوم ديالكتيك هيغل العبد-السيد, او البروليتاريا غير المالكة لوسائل الانتاج بمفهوم ماركس) (4). هذا التركيز يكتسب تشابها ملحوظا مع المادية التاريخية. وهذا التشابه يمكّن, بل ويحتم على, فلسفة وايتهيد في الصيرورة الاستفادة من الاستنتاجات الماركسية، بما في ذلك الاستنتاج بأن الخطوة القادمة الكبيرة إلى الأمام في التاريخ البشري تتطلب ثورة اجتماعية لإسقاط هيمنة الرأسمالية العالمية. ويضيف Curtis أن الأرض خصبة بما فيه الكفاية لان تخاطب فلسفة الصيرورة الجياع والمظلومين ومعذبي الارض, وذلك في اشارة ضمنية الى اطروحة الطبيب النفسي والفيلسوف والثوري الكبير فرانز فانون, التي تضمنها كتابه "معذبو الارض" (5), الذي في مقدمة له يقول جان بول سارتر "اما ان نحقق الاشتراكية الثورية معا في كل مكان, واما ان يصرعنا, واحدا بعد واحد, الطغاة الذين... يحكموننا" ص. 5. وكأن سارتر يتحدث هنا عما يحدث في دول مثل عراق الاحتلال وما بعده وعما تقوم به الميليشات فيه من قتل وترويع بحق الناس, بقوله في مخاطبته لقوى الاستعمار "تتظاهرون بانكم تنسون ان لكم مستعمرات وان هناك اناسا يقومون باعمال القتل الجماعي باسمكم ...تسلحوا بالجرأة واقدموا على قراءة هذا الكتاب. لهذا السبب الاول والذي سيشعركم بالخجل, والخجل (كما قال ماركس) عاطفة ثورية" ص. 7. لذا ان انعدام الشعور بالخجل من قبل مَن عمل مع محتلي العراق يؤكد من جديد لاثورية ولاماركسية شيوعيي السلطة الذين اشتركوا في مجلس الحكم وصنيعته "العملية السياسية".

ان طريقة وايتهيد في فهم دور الأفكار مشابهة الى حد كبير لطريقة هيغل. وايتهيد نفسه علق على التشابه بينه وبين هيغل على النحو التالي: "هذا التطور (غير المحدود للثابت او غير المتغير), الذي يكتسب سمة جديدة من خلال الصيرورة, هو لا شيء آخر غير التطوير الهيغلي للفكرة (6, ص. 167). ولكن في مجال تطور الوعي الذاتي البشري في التاريخ, فان معظم الناس ركزوا على الفروق بين الاثنين, هيغل ووايتهيد. ومن المعلوم ان هيغل في كتابه The Phenomenology of Spirit, فلسفة الروح (7) ,اكد ان العبد او الرقيق هو الذي سيعتلي عرش التاريخ باكتسابه الوعي كانسان حر. أو على الأقل هو الذي يبدأ هذا الطريق (يشرح هيغل هذا في قسم الكتاب الخاص باستقلال الوعي الذاتي او عدمه). لأن العبد منتج ويواجه الخوف من سيده، فان هذا سيؤدي, حسب هيغل, الى الحالة التي يكون فيها السيد هو الذي يعتمد على العبد, وليس العكس, وذلك بتقدم مسيرة العبد. قد لا تكون اطروحة هيغل صحيحة تاريخيا، ولكن الفكرة المهمة هنا هو أن المظلوم يٌحرّك عجلات التاريخ إلى الأمام من خلال تمرده ضد سيده. ويمكن ان نلاحظ بشكل عابر هنا, ان اية دعوة للمصالحة بين العبد والسيد, كما في حالة الدعوة في العراق الى ديمقراطية توافقية او "تسوية تاريخية!", تعني وضع عراقيل كأداء امام العبد, او الانسان المهمش, لاكتسابه وعيه بنفسه وقمع لدوره كمحرك لعجلة التاريخ, ويناقض بالتالي مسعى اطروحة غرامشي لدمج العامل البشري كعنصر ديناميكي ضمن الفلسفة الماركسية, كما وضحت ذلك في الحلقة السابفة.

الا انه في حين ان هيغل ووايتهيد اكدا كلاهما على الدور الذي يلعبه مفهوم الحرية، الا ان الفرق الظاهري بينهما يكمن في التساؤل بخصوص أية طبقة من الناس تُطور هذه الفكرة لأول مرة. ومع ذلك، ان هذا الاختلاف بين الاثنين يتقبله العديد بسبب ان وايتهيد ركز على دور الأفكار، ولكن ما كان يقوله حقا هو أقرب بكثير إلى هيغل مما يعتقده العديد من هؤلاء. والتشابه هو ليس فقط مع هيغل، ولكن, وهو الاهم بالنسبة لنا هنا, هو تشابه وايتهيد مع كارل ماركس ونظريته في الصراع الطبقي والثورة الاجتماعية، التي طورها ماركس استنادا الى ديالكتيك هيغل "العبد-السيد". كتب هيغل: "من خلال إعادة اكتشاف نفسه بنفسه، يدرك العبد أنه بالضبط من خلال عمله, الذي كان يبدو له كاغتراب, يكتسب هو وعيه الخاص به (7, ص. 118-119). وكانت فكرة هيغل (ووايتهيد أيضا) أنه من طبيعة الوعي ان يكون حرا ومدركا لنفسه self-knowing. في هذه الدينامية من السيد والعبد يمكن ان يكون احدهما فقط حرا، وفي نهاية المطاف سيحقق احدهما فقط ادراكه لذاته. والحجة هي أنه نظرا لأن العبد في الواقع هو الذي ينتج، أو, بتعبير اصح, يعيد انتاج حياته وحياة سيده معا, يمكن للعبد ان يتوصل الى ان يدرك انه هو الانسان المنتج وانه حر, على الاقل نظريا. ولكن عيش حياة القهر تناقض ادراكه بكونه هو المنتج, ومن ثم انه مع استمرار الاضطهاد على أيدي أولائك الذين لا ينتجون, وبسبب استخدام وسائل العنف والخوف، يصبح الظلم امرا لا يطاق ويتحتم عندها على العبد أن يثور، على الأقل فكريا إن لم يكن في الواقع. وبالتالي يطور العبد الشعور بالذات للخروج من هذا التناقض. ومن خلال النضال من أجل التحرر، يطور شعوره بالحرية. على العكس من ذلك، بحكم الاعتماد الرئيسي للسيد على العبد لاعادة انتاج وجوده، يفقد السيد شعوره بكونه انسان حر وواعي- ليكون واضحا ان هذه الديناميكية تنطبق على الطبقات الاجتماعية اثناء نضالها لتحقيق دورها التاريخي اكثر من انطباقها على الأفراد في حياتهم الخاصة-. هذا الكلام قد يبدو للوهلة الأولى مناقضا للبديهة. ولكن في الواقع لا يمكن للسادة ان يعيشوا بدون عبيدهم، وكذلك ان العبيد يعيشون على الرغم من أسيادهم. ولكن كون ان الأفكار السائدة في أية ثقافة, كما اكد ماركس, هي افكار الطبقة الحاكمة, تبدو الامور غير بديهية. هيغل كان يقول لنا أن تحقق الوعي الذاتي بالكامل يأتي من الجانب السفلي من التاريخ (الرقيق)، وليس من جانب الحكام. ثم اتفق ماركس مع هيغل على الرغم من الشعور المناقض الذي ترغب الطبقة الحاكمة في اسقاطه. ولكن في الواقع ان العبيد هم الاعلى منزلة لانهم يحققون وعيهم بذاتهم self-consciousness, وبالتالي فان المظلومين هم الذين يقودون التاريخ إلى الأمام وهم يكافحون من أجل تفعيل وعيهم كبشر أحرار.
يتبع
..........
المصادر ذات الصلة
1. A People s History of the World
http://digamo.free.fr/harman99.pdf
2. Alfred North Whitehead, Adventures in Ideas. New York: P. 2, The Free Press, 1933
3. Dr Barry Whitney: Process Studies Editor s Page for 1996-2009
http://drbarrywhitney.com/blw-12resources-3.html
4. :Process Via Marx
Marx s Potential Contribution to Whiteheadian Social Theory
http://www.richardcurtisphd.com/pdf/academic/Process%20Via%20Marx.pdf
5. معذبو الارض
https://docs.google.com/file/d/1gLzdbtvBaJBJ49jSwphiDRcbQRAEannoiit672Xu-Z0i3zt98VCbhqko19LG/edit
6. Alfred North Whitehead, Process and Reality Corrected Edition. New York: The Free
Press, 1978
7. G.W.F. Hegel, The Phenomenology of Spirit. New York: Oxford University
Press, 1977



#طلال_الربيعي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ماركس ووايتهيد والميتافيزيقيا والديالكتيك (7)
- ماركس ووايتهيد والميتافيزيقيا والديالكتيك (6)
- ماركس ووايتهيد والميتافيزيقيا والديالكتيك (5)
- ماركس ووايتهيد والميتافيزيقيا والديالكتيك (4)
- ماركس ووايتهيد والميتافيزيقيا والديالكتيك (3)
- ماركس ووايتهيد والميتافيزيقيا والديالكتيك (2)
- ماركس ووايتهيد والميتافيزيقيا والديالكتيك (1)
- ملاحظات اولية بخصوص نداء الحزب الشيوعي العراقي
- هل ل(قيادة) الحزب الشيوعي العراقي مشكلة مع مشاعر الحب والقلق ...
- العلم يكشف كذبة اخرى للادارة الامريكية
- الشيوعيون والتعاطف وتحسس مشاعر الآخرين
- اشتراكية ماركس احتجاج ضد انعدام الحب
- الماركسية والفلسفة (4/4)
- الماركسية والفلسفة (3)
- الماركسية والفلسفة (2)
- الماركسية والفلسفة (1)
- بعد رحيل كاسترو, الطريق الامثل (او الوحيد) لحماية الثورة الك ...
- فشل اليسار النيوليبرالي وتسبيبه بانتخاب ترامب
- جامعة واسط (العراق) واحالة الناس الى قطيع!
- ان تزوير الانتخابات هو تقليد أميريكي


المزيد.....




- الجيش الإسرائيلي: دخول أول شحنة مساعدات إلى غزة بعد وصولها م ...
- -نيويورك تايمز-: إسرائيل أغضبت الولايات المتحدة لعدم تحذيرها ...
- عبد اللهيان يكشف تفاصيل المراسلات بين طهران وواشنطن قبل وبعد ...
- زلزال قوي يضرب غرب اليابان وهيئة التنظيم النووي تصدر بيانا
- -مشاورات إضافية لكن النتيجة محسومة-.. مجلس الأمن يبحث اليوم ...
- بعد رد طهران على تل أبيب.. الاتحاد الأوروبي يقرر فرض عقوبات ...
- تصويت مجلس الأمن على عضوية فلسطين قد يتأجل للجمعة
- صور.. ثوران بركاني في إندونيسيا يطلق الحمم والرماد للغلاف ال ...
- مشروع قانون دعم إسرائيل وأوكرانيا أمام مجلس النواب الأميركي ...
- بسبب إيران.. أميركا تسعى لاستخدام منظومة ليزر مضادة للدرون


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - طلال الربيعي - ماركس ووايتهيد والميتافيزيقيا والديالكتيك (8)