أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عباس علي العلي - هل كان الإنسان الأول عاقلا كاملا؟ ح1














المزيد.....

هل كان الإنسان الأول عاقلا كاملا؟ ح1


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 5402 - 2017 / 1 / 14 - 20:17
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


هل كان الإنسان الأول عاقلا كاملا؟

النظرية الكلاسيكية تقوا أن العقل بدأ طفلا في حياة الإنسان وتطور نظام عمله من خلال التجربة ليبلغ بعد مراحل عديدة من الزمن مكانه الحالي، والمعرفة تراكمت من نتاجه الطبيعي م كانت أفكار طفولية حتى بلغت مرحلة التعقيد الحالية بموازة هذا النمو، فالعقل والمعرفة تزامنا مع الزمن ونشأ كل منهما معتمدا على الأخر في علاقة جدلية لا تنفصم، الدليل أن معارف الإنسان اليوم غي معارفه بالأمس وطريقة تفكيره ونظرته للأمور تغيرت تماما كلما تعمقت تجربته الوجوديه، الظاهر أن النظر للعقل والمعرفة من خلال هذا المنظار تتجاهل أنجازات العقل الأول التي شكلت في مضمونها وراهنيتها الزمانية ثورة قد تكون كل الثورات العقلية اللاحقة بلا قيمة من دونها، النار والكتابة والزراعة والتنظيم والعجلة لا يمكن أن تصدر من عقل طفل ما زال لم يلغ مرحلة الوعي والإدراك، وكذلك قدرته على أن يعيش ويتطور في تعامله مع الذات والخارج دون معلم يناقض فكرة الطفولة.
الفكرة الأصح أن الإنسان منذ إن وجد على الأرض وأقصد به الإنسان الناطق الذي ليس له صلة بالمخلوقات التي يزعم البعض إنها في مراحل تطورية متتالية قادته لأن يكون هذا الكائن المعروف حاليا كمنتج للمعرفة وخالق لها، ولا الإنسان الذي يزعم أخرون أنه هبط من الجنة ليرسم حكاية الوجود وهو عاري لكنه مفكر وناطق بدون أن يثبت لنا مكان الجنة أولا ولماذا نزل طالما أنه مكتمل العقل، القضية أن الإنسان الحالي حفيد أول كائن عاقل تمتع بالقدرة على التفكير والسؤال والعمل بعيدا عما إذا كان جاء من السماء أو خرج من البحر، هذا الكائن أساسا هو ذات الإنسان العاقل اليوم وجينه المولود في ذلك الوقت هو ذات الجنين المولود اليوم، وكل ما كسبه من معرفة إن لم تكن مدونة ومحفوظة بكل الوسائل الممكنة لم يتغير ولم يتطور، فهو ولد كاملا في نظامه العقلي وبدأ في تجميع المعرفة وإثرائها وتراكمها ليصل إلى مفهوم النيو إنسان هذا، الفرق أنه في حالته الأولى ينقصه المعطيات والمقدمات فخلقها من خلال التأمل والتفكر والحلم، أما اليوم فقد بدت هذه المكونات الأولى للمعرفة متوفرة لذا كان طريقه المعرفي الآن مغايرا ومختلفا ليس لأنه بات من غير الضروري التفكر والتأمل والخيال ولكن لأنه لديه ما يكفي من بدائل.
منذ أن عرف الإنسان أنه محتاج في وجوده لأفكار خلاقة تجيب على بعض أسئلته التي كانت تمثل له تحديا معرفيا ، حاول أن يستعين بالخيال وسلك طريق التأما مفترضا أن هناك عالم أخر مواز لعالمه قد تحدث فيها أو من خلاله أفكار وأفعال تنتمي إلى جنس أفكاره التأملية والخيالية، هذا طبعا يستند أولا لكون الإنسان عاقلا فهو بالتأكيد قادر على تحريك عقله في المجال الحيوي الأرحب وهو الحلم، كانت الأحلام وحدها هي المتنفس أمام عجز العقل عن إدراك البعد المخفي في الوجود ليس لأن طبيعة العقل كذلك ولكن لقلة التجربة ومحدودية الوسائل والأفكار، من مزج الفكرتين معا الحلم والتأمل ومحاولة التغلب على المشكل العقلي الذي يفسر أو يبرر للإنسان وجوده نشأت فكرة العالم الفوقي، عالم ما قبل وبعد الحس.
طبيعيا أيضا أن العقل لإنساني أن يوازن بين حاجاته وبين مساحة الحلم وهذا منهج عقلي معتمد لليوم، فكلما كبرت إشكالية الإنسان فهو يحاول حلها من خلال الهروب للأحلام التأملية والخيالات في طريق سلبي أو من خلال لبحث عن إجابات أفتراضية وحلول عقلية بأستخدام التأمل معادلات وواقع أفتراضي يحاول من خلاله أن يقارب ويقارن ويستكشف ثم يختبر ما أنتجه العقل من أقتراحات دون أن ينزلها للواقع الفعلي، هذه العملية التي غالبا ما يطلق عليها بالتفكر المركب هي التي قادت في الكثير من الأحيان إلى بلورة بدايات حقيقية وترعرت في مضمارها الكثير من الأفكار الخلاقة التي تحولت مع الزمن إلى نظريات وقوانين علمية ومعرفية.
إذا العقل الإنساني الحالم والمتخيل والمتأمل هو عنصر الأبداع الكوني الأول، ومن دون وجوده لا يمكن أن نسجل للإنسان أي وجود واع ومنتج للمعرفة، صحيح أن حياة الإنسان لا تخلو من تجارب حدثت خارج نطاق التأمل والتفكر والحلم المنتخب ذاتيا وشكلت بعض أس المعرفة البشرية، ولكن يبقى العقل هو المجسد لها والمظهر لكونيتها للواقع، التجربة الحسية بدون عقل كمركب في وسط نهر سريع بدون مجذاف وبدون ربان، هكذا لعب العقل البشري دورا أساسيا ومحوريا في صناعة الإنسان الواقعي وليس فقط مساعدته على البقاء متطورا وقادرا على الأستمرارية في الحياة، ومن ضمن أهم الأشكاليات التي واجهت هذا الإنسان العاقل فكرة أن عالمه الواقعي ليس فريدا بوجوده وليس خالصا من تأثيرات خارجية تلعب دورا محسوسا ولكنه ليس من خلال أدوات الحس بشكل كامل.
العقل الإنساني يؤمن بالواقع قبل إيمانه بالعلم بأعتبار أن الواقع تجسيد واع له لا يمكن إنكاره كما لا يمكن تجاوز حقيقة وجوده وإلا عد منكرا للضرورات العقلية، من هنا كان همه الأساس البحث عن الشركاء المفترضين ومحاولة النجاح في الإمساك بأي ليل يؤكد نظرته هذه أو يوثق حالات الدلالة، فسرح بخياله وتأملاته العميقة في محاولة لتطبيق الواقع الفعلي على الواقع المواز ومن خلال الأفتراض أن الإنسان ذاته محجوب لسبب ما أن يدرك هذا العالم ليكون هناك تنوع في الوجود يفسر له حالات التناقض وحالات التداخل معا، فلو أفترض الإنسان مثلا أن العالم المواز شبيها كاملا لعالمه لطالبه العقل في أول تساؤل ما سبب وعلة هذا الغياب إذا إذا كان العالمان متشابهان؟ وإذا كان كذلك فالمؤكد أن العالم المواز أيضا وبنفس الفرضية لا يمكنه رؤيتنا والتعامل معنا وبالتالي لا يمكنه التأثير على مجريات واقعنا كما نحن لا نستطيع التأثير على مجريات عالمه، هنا يسقط أول التساؤل وتنتفي الحاجة الى البحث والسؤال والتأمل والأكتشاف، إذا لا بد بالنتيجة أن يكون العالم الماز عالم مختلف بالتمام لا في الشكل ولا في المضمون ولا في طريقة الأداء والعمل.



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل كان الإنسان الأول عاقلا كاملا؟ ح2
- السيد دونالد ترامب رئيس دولة الولايات المتحدة الأمريكية المح ...
- مشروع عقلنة الوعي العربي بين حلم التحقيق وحالية الأضطراب
- المعرفة التأريخية المرموزية وإشكالات الأنتقال لمرحلة الحداثة ...
- إشكاليات العقل العربي من منظور ذاتي
- لا تلعن الريح ...... ولا تلعن الخطيئة
- سؤال وجواب
- الدخول إلى قلب المدينة ح 9
- الدخول الى قلب المدينة ح8
- الدخول الى قلب المدينة ح7
- الدخول الى قلب المدينة ح6
- الدخول إلى قلب المدينة ح5
- الدخول إلى قلب المدينة ح4
- الدخول إلى قلب المدينة ح3
- الدخول إلى قلب المدينة ح2
- الدخول إلى قلب المدينة ح1
- أزمة الهوية الدينية ... الألحاد والتكفير
- رسالة من الفرات إلى النيل النبيل
- الخوف والتردد في نقد التابو (المحرم المقدس) ودوره في تحرير ا ...
- حوار صامت 33 الأخير


المزيد.....




- رئيس الوزراء الأسترالي يصف إيلون ماسك بـ -الملياردير المتغطر ...
- إسبانيا تستأنف التحقيق في التجسس على ساستها ببرنامج إسرائيلي ...
- مصر ترد على تقرير أمريكي عن مناقشتها مع إسرائيل خططا عن اجتي ...
- بعد 200 يوم من الحرب على غزة.. كيف كسرت حماس هيبة الجيش الإس ...
- مقتل 4 أشخاص في هجوم أوكراني على مقاطعة زابوروجيه الروسية
- السفارة الروسية لدى لندن: المساعدات العسكرية البريطانية الجد ...
- الرئيس التونسي يستضيف نظيره الجزائري ورئيس المجلس الرئاسي ال ...
- إطلاق صافرات الإنذار في 5 مقاطعات أوكرانية
- ليبرمان منتقدا المسؤولين الإسرائيليين: إنه ليس عيد الحرية إن ...
- أمير قطر يصل إلى نيبال


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عباس علي العلي - هل كان الإنسان الأول عاقلا كاملا؟ ح1