أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فيحاء السامرائي - دومينو عراقية














المزيد.....

دومينو عراقية


فيحاء السامرائي

الحوار المتمدن-العدد: 5399 - 2017 / 1 / 11 - 15:02
المحور: الادب والفن
    


ستندهش كثيراً، خذ هذه الـ (متريوشكا)، امسكها جيداً..ألم تسمع بدمية خشبية تراثية من روسيا؟..افتحها من وسطها، ستجد في داخلها دمية صغيرة، وفي داخلها دمية تصغرها تحتوي على دمية أصغر..فيها مفاجآت مسلية..افتحها، ستندهش كثيراً.
هل تفضّل أن تضحك كثيراً بل وتقضي وقتاً جيداً في تسلية طريفة أخرى؟..العب دومينو، لكن ليس بطريقة تقليدية..رصّ قطعها قطعة تلو أخرى لتكون قائمة على طرف واحد..بعد أن تفرغ، ادفع أول قطعة باصبعك على مهل باتجاه القطع الأخرى، ستسقط الأجزاء الباقية تباعاً، ستتهاوى قاطبة بايقاعية مسلية..ستضحك كثيراً.
لنلعب معاً..سنضحك ونندهش حد البكاء، ستكون أنت قطعة الدومينو الاولى أو المتريوشكا الكبيرة، ليتسلى بك من يهوى اللعب..هيا، امض الى جامعتك اليوم دون أن تعبأ بخطر قناص أو متربص خاطف.
- لا، لا، لا يجوز لشاب مثلي في جنين آماله أن يمضي مبكراً عن هذه الدنيا، ما زالت الحياة تنتظر مني الكثير وانتظر منها الأكثر.
هراء، هل تسمي تضاليع مرارات حياة؟ سنمنحك وآخرين فرصة التخلص منها والذهاب الى أفضل منها، وفي الوقت ذاته سنمتّع أنفسنا.
- ينبغي على الحياة أن تستمر بكل تلاوينها، مددها، عجائبيتها، وكيفما تكون، بيضاء رمادية سوداء، طويلة متوسطة قصيرة، مبهجة عادية محزنة، ستدوم بعدم تناسقها وعدم كمالها وتعرجاتها، فلها صعود مثلما لها هبوط.
عجّل، بدون لغو فارغ، ليس لديك في بلدك هذا سوى خيارين، أما ان تكون قطعة دومينو لا رقم لها أو أن تكون القطعة الاولى في اللعبة..كيف يمكن لنا أن نضحك أو نتسلى ونندهش إذن؟
يطلعون من حيث لا منفذ ولا أمل، يضعونني في سيارة مسرعة ويمضون.
كل شيء أظلم..لا أبصر سوى طفلاً يلعب في شوارع المدن، أمّاً تمسح عرقه و تحوطه بقلبها، أباً يغلفه بابتسامة حنون..يكبر الطفل، يصير شاباً لا يسعه عالم واحد، تنبت أحلاماً من جسد غض يسكنه، تعجز تربة تنمو فيها عن ريّها..أين أنا؟ أين آمالي؟
يقتلونها حين يقتلونك، علام لا تفهم قواعد اللعبة يا فتى؟..ستكون قطعة الدومينو الأولى، لكي يتسلوا ويضحكوا ويكبّروا ويباركوا بعضهم البعض..سيضعون مواد متفجرة في جوفك قبل أن يرمونك على عتبة باب أهلك.
ناس كثيرون يجهشون بالبكاء حول جسد مسجّى، يوجع الجثة دمع وشعر مقطع يتساقط عليها لأم ناحبة..تصهر لوعة في الهواء، ما في داخل الجسد الميت، ينفجر..يتمزق نسيج أمل وأسرة وآتٍ من زمان.
تتحرك قطعة الدومينو الثانية وتسقط.
ينصبون مجلس عزاء، يتجمع معزّون وحزن في سرادق أسود، يدخل عليهم من يرتدي حزاماً ناسفاً، يفجّر نفسه، تتناثر أشلاء بشر وحروف كلمات كتاب مقدس.
تتحرك قطعة الدومينو الثالثة وتسقط.
تأتي سيارات شرطة للاستعلام وللقبض على الجناة، تباغتها سيارة مفخخة، تنفجر، تتناثر هيْبة أزياء رسمية ونجوم حكومية.
تتحرك قطعة الدومينو الرابعة وتسقط.
يتجمع ناس، يضرب شخص كفاً بكف أسفاً، يجلب عربته، ينقل بقايا بشر وقطع لحم..بين المتجمعين، ثمة من يحرّك قطعة الدومينو الخامسة ويُسقطها، يصوّب سلاحه على من حوله مطلقاً عيارات نارية تجيد قتل كسبة وتتقن تعليم معاني جوع وحرمان لأفواه وبطون أطفال.
يفزع ناس، يتصلون بالاسعاف لكثرة عدد المصابين.
تنطلق سيارة اسعاف بجرحى وضمادات وأنين، تمرّ بالقرب من عبوة ناسفة، تنفجر، تتطاير أردية بيضاء وأيدٍ سمراء مكرّسة لإنقاذ وإشفاء.
تتحرك القطعة السادسة وتسقط.
تتواصل قطع الدومينو بالتساقط واحدة تلو الأخرى، لكنها تبدو لعبة غير مسلّية على الاطلاق، لأننا بكينا كثيراً، لم نضحك ولم نندهش، بكينا الى حد أغزر من الطوفان.
وبعد الطوفان، من سيبقى ليضحك؟



#فيحاء_السامرائي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نار (هلي) ولا جنتك
- العراق عام بعد مئة عام من التغيير، قصص خيال علمي
- فصل فيسي
- (خبال) علمي 2
- أنا صنعتكِ من خيالي
- قمامة وعمامة
- يوم همست المدن بكامرة قاسم عبد
- البيئة المحلية في الرواية.. زخرفة أم وظيفة عضوية؟.. رواية - ...
- الخالقون
- مش عيب يا محمد !
- (عشاء مع صدام)........مزاوجة بين السياسة والاستخفاف
- تلويحة وفاء
- -غودو- الهزلي ، رؤية إخراجية جديدة
- الى من يهمه العمر
- على معبر بْزيبيز
- العراق الى أين؟ الحلقات الدراسية للجنة تنسيق التيار الديمقرا ...
- رواية -أنا ونامق سبنسر- أرشفة ذاكرة ومشتقات حياة
- -تكفير ذبيح الله- رواشم سردية على قرابين بشرية
- نضوب
- يوم عادي


المزيد.....




- فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ ...
- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...
- حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال ...
- الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول
- الأسبوع المقبل.. الجامعة العربية تستضيف الجلسة الافتتاحية لم ...
- الأربعاء الأحمر -عودة الروح وبث الحياة
- أرقامًا قياسية.. فيلم شباب البومب يحقق أقوى إفتتاحية لـ فيلم ...
- -جوابي متوقع-.. -المنتدى- يسأل جمال سليمان رأيه في اللهجة ال ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فيحاء السامرائي - دومينو عراقية