أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - ناهده محمد علي - عرس الدم في الموصل














المزيد.....

عرس الدم في الموصل


ناهده محمد علي

الحوار المتمدن-العدد: 5398 - 2017 / 1 / 10 - 09:03
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    



تحت النيران الحارقة نزح من الموصل حوالي 133 ألف نازح من كافة الأديان والطوائف وقد دُفن في أرضها من دُفن ، ومنهم من جاء من أقصى الجنوب أو الوسط لكي يموت في هذه الأرض .
كان من بين هؤلاء الشباب شاب جاء من بغداد جيبه فارغ وقلبه مليئ بحبه لوطنه ، وكان قلبه مليئاً بالأمل بأنه سيعود ذات يوم لأمه وخطيبته لكي يستطيع أن يؤسس بيتاً صغيراً وعائلة ، وإنتظرته أمه لكي يجلب لها الفرح والأحفاد بعيداً عن الرصاص والدم . ذكرتني قصته وشخصية أمه بشخصية الأم في مسرحية لوركا ( عرس الدم )
كان يوم عرسه قد تحدد في 1 / 1 / 2017 ، لكن الشاب قد قتل في 31 / 12 / 2016 . جاء من يطرق الباب فهرع الجميع لكي يلقوا العريس ، لكن السيارة الواقفة بالباب لم تكن تحمل أشرطة ملونة أو وروداً منثورة فوقها بل حملت صندوقاً صغيراً كتب عليه الشهيد فلان والرقم كذا . بحثت الأم بعينيها وحينما لم تجده في السيارة أدركت أنه هو الذي فوقها فقفزت إلى الأعلى تريد إحتضان الصندوق لكن الصندوق كان مقفلاً ولا يحوي سوى الرماد . لم تستطع الأم أن تقدم شيئاً رغم فزعها وحزنها الشديد إلا أن تفي بوعدها .
تحول وجه الأم إلى اللون الأزرق الأرجواني وكأن جلدها الخارجي قد أصبح حديداً مصفحاً ، عيونها زائغة لا تستطيع التركيز على شيئ أو أحد ما . دخل إليها الكثير من المعزين ، بحثت بين وجوههم عن وجهه وكان لها بصيص من أمل أنه لا زال موجوداً وتحت صفيح جلدها بركان من الألم لا يمكن لأية قصيدة أو مسرحية أو أغنية رثاء أن تعبر عنه . وقررت أن تقيم العرس بموعده ، ودقت الطبول في أرجاء البيت . كان الكل واجماً وهي الوحيدة التي ترقص وتلطم وتضرب بقوة على عينيها وكأنها إكتفت بما رأته في حياتها ولم تعد تريد المزيد ، وذكرني رقصها ببيت الشعر العربي القديم :
( لا تحسبوا رقصي بينكم طربا … فالطير يرقص مذبوحاً من الألم )
كانت زغاريد النساء أشبه بصراخ الولادة وكأنها تعيد ما عانينه منذ اللحظة الأولى لولادة هؤلاء الشباب ، وقد عدنا إلى نقطة الصفر علهن يبدأنا من جديد لكن ما زرعنه قد إحترق وأمست أرضهن بوراً يابسة .
ظلت الطبول تدق في هذا البيت وفي بيوت كثيرة لسبعة أيام وإجتمع الثكالى مع بعضهن لكنهن لم يتبادلن الكلام ولا النظر بل بحثن بالوجوه الداخلة والخارجة عن الوجه المحبب لديهن
إنهم الكثير من أبناء العراق الذين ولدوا لكي يموتوا أو أنهم لم يولدو قط ، أو ربما ولدوا ليموتوا بعد الرضعة الأولى .



#ناهده_محمد_علي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لماذا تُختن المرأة في المجتمعات الشرقية
- لماذا يُدمن الشاب العراقي على المخدرات
- حينما يُظلِم المرء من الداخل هل يبحث عن البريق
- لماذا يضع الإرهابيون اللثام
- جيل الملاجيء
- لماذا لا يتخلص العرب المحدثون من سيف تأبط شراً .
- دور الإعلام العربي في تشكيل شخصية الفرد العربي ( 2 - 2 )
- دور الإعلام العربي في تشكيل شخصية الفرد العربي ( 1 - 2 )
- رسالة إلى الله من طفل محترق
- إزدياد ظاهرة العنف ضد المرأة بعد الربيع العربي
- هل يصبح التوحد ظاهرة عامة لدى الأطفال العرب
- حوارية عن الوطن والأدب
- ماذا تفعل أفلام ال Action العربية بالشباب العربي
- هل ينقلب الربيع العربي في العراق إلى خريف
- المرأة والعهر الإجتماعي والعهر السياسي
- حينما يفقد الفرد المسلم حسه الإنساني
- هل تعشق المرأة العربية واقعها أم خيالها
- طيور بلا أجنحة ( 3 )
- طيور بلا أجنحة ( 2 )
- طيور بلا أجنحة ( 1 )


المزيد.....




- صدمة في الولايات المتحدة.. رجل يضرم النار في جسده أمام محكمة ...
- صلاح السعدني .. رحيل -عمدة الفن المصري-
- وفاة مراسل حربي في دونيتسك متعاون مع وكالة -سبوتنيك- الروسية ...
- -بلومبيرغ-: ألمانيا تعتزم شراء 4 منظومات باتريوت إضافية مقاب ...
- قناة ABC الأمريكية تتحدث عن استهداف إسرائيل منشأة نووية إيرا ...
- بالفيديو.. مدافع -د-30- الروسية تدمر منظومة حرب إلكترونية في ...
- وزير خارجية إيران: المسيرات الإسرائيلية لم تسبب خسائر مادية ...
- هيئة رقابة بريطانية: بوريس جونسون ينتهك قواعد الحكومة
- غزيون يصفون الهجمات الإسرائيلية الإيرانية المتبادلة بأنها ضر ...
- أسطول الحرية يستعد للإبحار من تركيا إلى غزة


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - ناهده محمد علي - عرس الدم في الموصل