أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - شارلين سميث - شبيبة جنوب إفريقيا في مواجهة العنف الجنسي















المزيد.....

شبيبة جنوب إفريقيا في مواجهة العنف الجنسي


شارلين سميث

الحوار المتمدن-العدد: 1425 - 2006 / 1 / 9 - 10:12
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
    


إنّ سينديسوي مبانديوا، البالغة ثلاثة وعشرين عاماً، قد تعرّضت حتى الآن للعديد من الاعتداءات الجنسية؛ فقد تمّ اغتصابها خصوصاً من قبل جدّها. أصبحت الآن تحمل فيروس الإيدز وهي تشارك قدر 40 بالمئة من الأشخاص الذين يتعرّضون للاغتصاب، فغالبيّتهم لا يستطيعون الحصول على العلاج الوقائيّ الذي تعد به حكومة جنوب أفريقيا.

اتّفقت كلّ من منظمة الصحّة العالمية ومنظمة الإيدز التابعة للأمم المتحدة (أونوسيدا) على التصريح بأنّ العنف الجنسيّ عامل أساسيّ في انتشار الإيدز، في المناطق الأفريقية شبه الصحراوية. وإنّ غالبية النساء غير قادرات على التفاوض حول علاقات محميّة، وهذا ما يُصرَّح عنه بوضوح في الإحصائيات التي نشرت في آذار/مارس 2004، من قبل المبعوث الخاصّ للأمم المتحدة في أفريقيا، السيد ستيفين لويس، لدى عودته من سوازيلاند: "إنّ تفشّي فيروس الإيدز بين النساء اللواتي يقصدْنَ مراكز العناية، في مراحل ما قبل وما بعد الولادة، كان بنسبة 3,9 بالمئة في العام 1992؛ 16,1 بالمئة في العام 1994؛ 26 بالمئة في العام 1996؛ 31,6 بالمئة في العام 1998؛ 34,2 بالمئة في العام 2000؛ 38,6 بالمئة في العام 2002... إنها قفزة بنسبة حوالي 900 بالمئة خلال عشرة أعوام؛ 87 بالمئة من النساء المصابات بفيروس الإيدز تبلغْنَ أقلّ من ثلاثين عاماً؛ 67 بالمئة منهنّ أقلّ من خمسة وعشرين عاماً". في سوايزلاند، انخفض معدّل الحياة بسبب الإيدز إلى 37 عاماً. في أفريقيا الجنوبية، يصل هذا المعدّل إلى 49 عاماً.

من المحزن أن تكون قصّة سينديسوي مجرّد قصة عادية. فبحسب تقدير اب كرايسيس، جمعية متمركزة في الشمال [1]، إنّ عدد الاغتصابات الفعليّ أكثر بكثير من الـ000 52 حالة التي يتمّ إحصاؤها سنوياً. إلاّ أنه في 17 نيسان/أبريل 2002، أكّدت الحكومة أنه بإمكان كافة الأشخاص الذين يتعرّضون للاغتصاب الحصول على علاج وقائيّ مضادّ للفيروس، من أجل الحدّ من مخاطر الإصابة بفيروس الإيدز [2]. بعد انقضاء سنة على هذا الوعد، ألغت الحكومة من مشروع القانون هذا بنداً كان يرغمها على تقديم العلاج الوقائيّ بعد الاغتصاب بطريقة منهجية، بالإضافة إلى الأدوية المانعة للحمل والواقية من مختلف الأمراض التي تنتشر عن طريق العلاقات الجنسية، دون أن ننسى الاستشارة العلاجية والنفسية. لكنها احتفظت في المقابل بالبند الذي يسمح للمغتصب بالتمتّع بعلاج طبّي كامل، يتضمّن تكاليف المستشفيات الخاصّة والأدوية المضادّة للإيدز، بالإضافة إلى عملية إعادة التأهيل وتأمين العناية اللازمة له، في حال إدمانه على الكحول أو المخدّرات. بعد ثلاثة أعوام، لم يتمّ إعطاء أيّ تبرير بعد لهذا القرار.

الاغتصاب ليس الخطر الوحيد الذي يهدّد النساء. فقد وضع مجلس الأبحاث في العلوم الإنسانية، في تموز/يوليو 2004، معطيات تقول بأنّ أربعة نساء يمتْنَ يومياً بسبب الضرب الذي يتعرّضْنَ له من قبل رفيقهنّ.

شهدت طفولة سينديسوي أيضاً حالة من عدم الاستقرار السياسي. فإنّ الصراعات بين المجموعات التي كانت تتناحر حول إدارة الصراع ضدّ التمييز العنصري، في الثمانينات، أدّت إلى زعزعة عائلتها، الأمر الذي تركها وحدها. وكالعديد من الأطفال الذين تعرّضوا للاغتصاب، عاشت فيما بعد حياة جنسية مضطربة. فإن كانت في المدرسة تبحث غالباً عن شريك لها، تعرّضت أيضاً إلى بعض الحوادث الجنسية التي كانت تُفرَض عليها بالقوة.

نلاحظ لدى الشباب تناقضاً غريباً في ما يتعلّق بالاغتصاب. فبحسب تحقيق أخير - طال 000 300 ولد ومراهق بين العاشرة والتاسعة عشر من العمر، في 418 1 مدرسة وثانوية في البلد- قامت به مجموعة الأبحاث Community Information Empowerment and Transparency (CIET [3])، إنّ اغتصاب "شخص نعرفه" لا يُعتبَر اغتصاب جنسيّ - ولا حتى "المداعبات غير المرغوب بها". ويؤكّد أكثر من ربع الشباب بأنّ "الفتيات يرغبْنّ بالتعرّض للاغتصاب".

وبحسب الدراسة نفسها، إنّ الطريقة التي ينظر فيها المراهقون إلى العنف الجنسي وخطر التعرّض لالتقاط فيروس الإيدز "تتلاءم مع قبول الإكراه الجنسي وطرق "التكيّف" اللاّزمة للبقاء على قيد الحياة في مجتمع عنيف". في الواقع، 11 بالمئة من الصبيان و4 بالمئة من البنات يعترفون أنهم فرضوا علاقات جنسية على شخص ما. ويؤكّد ثلثا الصبيان وحوالي ثلاثة أرباع البنات بأنهم تعرّضوا إلى علاقات جنسية رغماً عنهم.

من جهة ثانية، إنّ الأولاد الذين تعرّضوا للاغتصاب يعتقدون أكثر من غيرهم بأنّ إقامة علاقة مع فتاة عذراء قد يشفيهم من فيروس الإيدز أو من الإيدز [4] -إنّ لهذا المعتقد علاقة بالعدد الكبير لحالات اغتصاب أولاد صغار، بما فيهم الأطفال. هكذا، وبحسب تقدير مستشفى الصليب الأحمر للأطفال في الشمال، بعد تسعة أعوام من البحث، في كانون الأول/سبتمبر 2002، إنّ الأولاد الذين يتمّ إدخالهم بعد اعتداء جنسي يبلغون في غالبيتهم ثلاثة أعوام. وقد كان هذا عمر سينديسوي، عندما تعرّضت للاغتصاب للمرة الأولى، من قبل الشخص الذي كان يهتمّ بها خلال فترة إقامة أمّها المريضة في المستشفى.

من غير المستغرب أن تكون عمليات الاغتصاب الجماعية كثيرة. إنها تشكّل 75 بالمئة من الاعتداءات الجنسية، وفقاً لتقديرات العيادة المختصّة في مستشفى غروت شور، في الشمال. وبحسب دراسة أجرتها الطبيبة أدريان وولفسون، في عيادة سانينغيل في جوهانسبرغ، يشكّل هذا النوع من الاعتداءات 60 بالمئة على أكثر من ألف حالة تمّت معالجتها.

وتشدّد العديد من الأبحاث على أنّ مُقترفي هذه الاغتصابات الجماعية لا يجدون لذّتهم في الاتصال الجنسيّ بحدّ ذاته، بل برؤية بعضهم البعض. من الممكن ربط هذا التصرّف بالمجتمعات التي شهدت صراعات خطيرة. لا شيء، في كلّ حال، خاصّ فقط بجنوب أفريقيا: على لائحة مناقشات منظّمة الصحّة العالمية المخصّصة لعمليات العنف الجنسية، كتب لوك بيراب - الذي يعمل لمنظمة كامبوديا للأجناس والتنمية، في تموز/يوليو 2004: "هنالك مشكلة في كامبوديا، مرتبطة بالطابع المعياري للمشاركة في عمليات الاغتصاب الجماعية، من قبل شباب يسكنون المدن وينتمون للطبقتيْن الوسطى والغنيّة (طلاب ثانويات وجامعات في الغالب). إنهم لا يدركون، أو بالكاد، السوء الذي يقترفونه؛ لا يتردّدون أبداً عن ذكر مشاركتهم. (...) بالنسبة لهم، إنّ الذكورية مرتبطة بكثرة النشاط الجنسيّ. يجدون فتاة ويأخذونها إلى فندق عائلي، ثمّ ينضمّ إليهم رفاقهم (أو يخرجون من مخبئهم) ويغتصبوا الفتاة معاً." إنّ هذا التصرّف شبيه بما يُسمَّى في أفريقيا الجنوبية بالـ"جاك رولينغ" (الاغتصاب المتناوب)، حيث أنّ المرأة التي ترفض تلميحات رجل "تُعاقَب" بالاغتصاب الذي يفرضه عليها أصدقاؤه.

وقد لاحظ بيراب في ما يتعلق بكامبوديا، أنه وفقاُ لرأي الصبيان أنفسهم، "تُُحيك الطبيعة الجنسية للمجموعة علاقات وثيقة بينهم؛ معاً يعبّرون عن ذكوريّتهم.(...) إنّ عدم الانضمام إليهم يعني المخاطرة بفقدان مكانته والتعرّض للرفض من قبل الآخرين". ويضيف، ضمن ملاحظة قابلة للتطبيق على أفريقيا الجنوبية، بأنّ "الأشخاص المعنيّين يعتقدون عامة أنه يحقّ لهم التهرّب من أيّ عقاب، بحكم موقعهم الاجتماعي. فهم ينظرون إلى ضحاياهم ككائنات دون المستوى البشري، أو بتعبير آخر طرائد مخصّصة."

ويُلاحظ في أفريقيا الجنوبية ارتفاعاً في عدد الأولاد الذين يغتصبون غيرهم من الأولاد؛ فـ24 بالمئة من مرتكبي اعتداء جنسي، الذين تتمّ متابعتهم في عيادة تيدي بير في جوهانسبرغ، يبلغون بين السابعة والرابعة عشرة من العمر- وبالرغم من ذلك، لا يُعمل شيء في المدارس من أجل معالجة الأولاد الذين تعرّضوا للاغتصاب، أو المغتصبين. لقد تمّ بالفعل تقليص خدمات المعالجة النفسية... على مستوى الكرة الأرضية، الاعتداء الجنسي ليس فقط الجنحة التي ترتفع بأكبر سرعة، إنما أيضاً تلك التي يجد فيها المقترفون أنفسهم أقلّ عرضة للملاحقة. بحسب السيد توكو ماجوكويني، المسؤول عن مركز خدمة الاعتداءات الجنسية المرتبط بمكتب المحافظ، تشكّل عمليات الاغتصاب نصف الحالات التي تتمّ مقاضاتها في محاكم جنوب أفريقيا - تصل هذه النسبة إلى 60 بالمئة في مدن دربان ومدانتسان، على ضفاف المحيط الهندي. في المقابل، إنّ النسبة القصوى لمعدّل اتّهام شخص بالاغتصاب، بحسب الأرقام الرسمية، هي 7 بالمئة - أفضل بقليل من بريطانيا (5 بالمئة). إنّ المتاجرة بالنساء والأولاد مُربحة أكثر من تجارة المخدّرات. وتقدّر منظّمة الهجرة العالمية أنها تحصي سنوياُ أكثر من مليون ضحية. فبيلاّروسيا، الخاضعة للسيطرة الديكتاتورية للسيد ألكسندر لاوتشانكو، "تصدّر" 000 10 امرأة وفتاة كلّ سنة، في الوقت الذي "تستورد" ألمانيا 000 50.

في الأعوام الأخيرة، تشكّلت في أفريقيا الجنوبية مجموعات ذكورية للتفكير بتلك المواضيع. وليس من النادر أن نسمع اعترافات بالاغتصاب. في نهاية مؤتمر حول الذكورية، في كانون الثاني/يناير 2005، روى أحد المشاركين كيف أنه كان، في صباه، يخرج مع مجموعة من الشباب لاحتساء الكحول واغتصاب الفتيات؛ بعد زواجه استمرّ بذلك من خلال إرغام زوجته. وقال أنه لم يعِ إلى اليوم مساوىء تصرّفه هذا وهو يبذل جهده لمعالجته.

في كامبوديا، وجد بيراب أحد العناصر التي تزيد من حدّة العنف الذكوري، وسط "النتائج التي ترتّبت على الجيل الثاني إثر الأذى الذي لحق بالكمبوديين من قبل نظام خمير الأحمر، والمشاكل العائدة إلى استمرار الفقر وضعف السلطة. (...) وبإمكاننا التأكيد على أنّ العديد من الأهل صُدموا كثيراً من نظام خمير الأحمر، لدرجة أنهم لم يعودوا قادرين على إقامة علاقة عاطفية مع أولادهم. يفسّر ذلك وجود هذا العدد الكبير من الشباب غير القادرين على التماثل بالآخرين."

يتساءل السيد سجيدي سيبيكوهو أيضاً، الذي ينظّم مجموعة "رجال كشركاء" في جنوب أفريقيا، حول فشل الراشدين هذا. أكان بعض الرجال في عائلته نماذج تُتّبع؟ " لستُ أرى واحداً. فكّرتُ بوالدي، بعمّي، بغيرهم من الرجال في محيطي، وقد ذهلتُ لدى اكتشافي بأنّ أيّاً منهم قادر على لعب دور النموذج الإيجابي. الصورة الوحيدة عنهم هي بأنهم أشخاص عنيفون."

في أفريقيا الجنوبية كما في كمبوديا، إنّ سنوات من الصراع في ظلّ أنظمة لا ترحم الشعب، دحضت الشعور باحترام الذات. فالمشاكل الضخمة اليومية والإهانات المتكرّرة باسم الحكومة أدّت إلى انهيار العديد من العائلات؛ فعندما يضطرّ الأهل إلى التفكير دوماُ بكيفيّة بقائهم على قيد الحياة، تصبح تربية الأولاد رفاهيّة بعيدة المنال. لذا، كبر أجيال من الشباب لوحدهم، دون توجيه، دون نموذج يقتدون به ودون أية كرامة ذاتية. وقد حمل غياب هذه الأخيرة العديد من الأشخاص إلى هذا الانسياق وراء تصرّفات أكثر خطورة (الأمر الذي يفسّر تفشّي فيروس الإيدز). ويكفي أن يعمل فشلهم المتكرّر في إيجاد عمل على تكدير نظرتهم لأنفسهم، لكي يصبحوا أقلّ تردّداً في التعدّي على الآخرين جسدياً. وفقاً للمعطيات التي أعطاها، في العام 2004، مجلس جإنهم يكوّنونلأبحاث في العلوم الإنسانية، 57 بالمئة من سكان جنوب أفريقيا يعيشون في الفقر، وقد ارتفع المعدّل الرسميّ للبطالة إلى 40 بالمئة.

لكن الاغتصاب ليس عمل الفقراء وحدهم: إنه، أكثر من أية جريمة أخرى، يتجاهل الحدود الاجتماعية والاقتصادية. لكنّ قاسماً مشتركاً واحداً يجمع كافّة المغتصِبين:إنهم يكوّنون عن أنفسهم صورة رديئة جداً.

تمكّنت الحكومة من الحدّ من كافّة أشكال الجنح باستثناء الاغتصاب، ولا يزال الأيدز يملأ المقابر: هذه السنة، تتوقّع مدينة جوهانسبرغ بناء أربع مقابر جديدة. في تموز/يوليو 2005، أعلنت الحكومة بأنّ البلد يُحصي 6,59 مليون شخص مصابٍ (ضمن مجموع سكّان يصل إلى 42 مليون مواطن)؛ أقلّ من 000 60 شخص منهم قادر على تأخير أجَل موته بالإيدز بفضل العلاج. إلاّ أنّ حملة الإنكار التي قادها الرئيس مبيكي ليست أقلّ فتْكاً. فقد كشف تقرير، نُشر في نهاية كانون الثاني/يناير من قبل مجلس الأبحاث الطبية في أفريقيا الجنوبية، بأنّ الإحصائيات الحكومية أساءت تقديرها بنسبة أكثر من 300 بالمئة لنسبة الوفيات التي يسبّبها الإيدز. على سبيل المثال، في العام 2001، إنّ أكثر من 74 بالمئة من الأولاد الذين توفّوا قبل الخامسة من العمر تعرّضوا للإصابة، لكنّ الوثائق الرسمية تعيد هذا الرقم إلى 25 بالمئة. وكشفت دراسة أُجريت في العام 2003، من قبل منظمة أونوسيدا، أنّ الإصابة بفيروس الإيدز في أفريقيا الجنوبية تطال النساء الشابات أكثر بمرّتين ونصف من الرجال.

ويُقرّ، بصورة عامة، أنّ النساء والأولاد هم أكثر عرضةً لالتقاط فيروس الإيدز الذي ينتقل غالباً من خلال العلاقات الجنسية المفروضة بالقوّة. إنّ المشكلة التي تواجهها السيدة نوزيفو متيمكوكو، المستشارة لمحاربة الإيدز في المقاطعة الشمالية الغربية لجنوب أفريقيا، تمثّل جيداً المشاكل التي تُطرَح فعلياً.

خلال العام الفائت، قام أخوها، رجل يبلغ ثمانية عشر عاما، بإحبال أربع نساء؛ عندما تحاول هي أن تفتح معه موضوع الوقاية، خلال العلاقات الجنسية، يُبعدها بغضب. "كيف يمكن تشجيعه على ممارسة الجنس الآمن ومعاملة النساء بصورة أفضل؟" تسأل خلال اجتماع حضره غيرها من المستشارين في محاربة الإيدز ومجموعة من الشباب. بدا أنّ الأمر باغت الجميع. "فلْيمُتْ!" صرخ أحد الصبيان لمعالجة المسألة. لم تحبّذ السيدة متيمكوكو الأمر. "من الممكن التحدّث إلى أهله والطلب إليهم أن يحدّثوه"، اقترح شخص آخر. "حسناً، لكن إذا كان جواب والده أنّ هذه هي طبيعة الرجال وأنهم لن يتغيّروا، وأنه يحقّ له إحبال عنزاته؟"، يسأل شخص آخر. في الصالة، كان العديد يوافقون على رأي الآخرين، البعض يهزّون رؤوسهم ويحكّونها. كيف نتوصّل إلى تغيير التصرّفات؟.

على بعد مئات الكيلومترات من حيث تقيم سيغكو، ملكة أمابوندو، حاكمة يوليها السيد نيلسن مانديلا كامل الاحترام. إنّ هذه المرأة الأنيقة من أصل سوازي، تهتمّ كثيراً بمصالح شعب زوجها، الأماكسوزا، والمشاكل الصحّية الخطيرة التي يعانون منها، بدءاً بالمعدّل المرتفع جداً للإصابة بفيروس الإيدز. واعترفت لنا "هنالك امرأة تعمل في منزلي. حبلتْ من أستاذ القرية. وعندنا الأساتذة أشخاص محترمون. بعد موته بالإيدز، عُرف بأنّ ثماني نساء حبلْنَ منه: أُصبنَ بالمرض هنّ والأطفال الذين أنجبنَ. إنّ ستة عشر شخصاً سيموتون لأنهم لم يعرفوا أنه كان عليهم التصرّف بطريقة مختلفة"، تُنهي الملكة كلامها وهي تهزّ برأسها.

أصبح العنف الجنسي "طبيعياً"، لدرجة أنّ ضمير المغتصبين وغيرهم من المُعتدين مرتاح، بحيث أصبح من الصعب جداً - وأكثر أهمية- محاربة هذه التصرّفات. من السهل جداً التنديد بعمليات الاغتصاب التي يتمّ اقترافها في زمن الحرب، والنسيان بأنّ العدد الأكبر من الاعتداءات الجنسية تستمرّ يومياً في مجتمعات تعيش في غالبيتها في حالة من السلم. ومن السهل أيضاً التركيز على الحالات المتطرّفة، كأولئك المتعصّبين الذين يغتصبون السحاقيات لـ"شفائهنّ"، لأنّ ذلك يسمح بتناسي العدد الهائل للآباء الذين يغتصبون أولادهم...

في العام 2003، تمكّنت مدينة نيويورك من تقليص كافّة أنواع الجرائم والجنح بنسبة 10 بالمئة -باستثناء عمليات الاغتصاب التي ازدادت بنسبة 6 بالمئة. إنّ محاربة العنف الجنسي ليس أبداً بالمهمّة الرومنطيقية التي تهدف إلى حلّ مشاكل الدول الأجنبية: يجب أن يتجرّأ المرء على النظر داخل سلّة النفايات الخاصة به وإخراج كافة أنواع القذارة الموجودة فيها والتخلّص منها.






--------------------------------------------------------------------------------

* صحافيّة،جوهانسبرغ، مؤلّفة كتاب Proud of Me, Penguin Books, Johannesburg, 2002


--------------------------------------------------------------------------------

[1] www.rapecrisis.org.za

[2] شبيه بالعلاج الذي يجب أن يخضع له أي طبيب أو ممرضة تتعرض لوخز إبرة، يجب إعطاء هذا العلاج الاحترازي إثر التعرض للفيروس، في أبكر وقت ممكن بعد الاعتداء، أي في غضون ثمانية وأربعين ساعة كحد أقصى.

[3] British Medical Journal, Londres, octobre 2004.

[4] تشكل هذه النظرية، منذ عدة أعوام، جزءً من "المعتقدات الشعبية"، أو "الخرافات المدنية"، في جنوب أفريقيا، التي لا يعرف مصدرها بالضبط؛ ونجدها ايضاً ضمن ثقافات أخرى بأشكال مختلفة.



#شارلين_سميث (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- شاهد حيلة الشرطة للقبض على لص يقود جرافة عملاقة على طريق سري ...
- جنوب إفريقيا.. مصرع 45 شخصا جراء سقوط حافلة من على جسر
- هل إسرائيل قادرة على شن حرب ضد حزب الله اللبناني عقب اجتياح ...
- تغير المناخ يؤثر على سرعة دوران الأرض وقد يؤدي إلى تغير ضبط ...
- العدل الدولية: على إسرائيل -ضمان مساعدة إنسانية عاجلة- لغزة ...
- زلزال بقوة 3.2 درجة شمالي الضفة الغربية
- بودولياك يؤكد في اعتراف مبطن ضلوع نظام كييف بالهجوم الإرهابي ...
- إعلام إسرائيلي: بعد 100 يوم من القتال في قطاع غزة لواء غولان ...
- صورة تظهر إغلاق مدخل مستوطنة كريات شمونة في شمال إسرائيل بال ...
- محكمة العدل الدولية: على إسرائيل -ضمان توفير مساعدة إنسانية ...


المزيد.....

- يسار 2023 .. مواجهة اليمين المتطرف والتضامن مع نضال الشعب ال ... / رشيد غويلب
- من الأوروشيوعية إلى المشاركة في الحكومات البرجوازية / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- عَمَّا يسمى -المنصة العالمية المناهضة للإمبريالية- و تموضعها ... / الحزب الشيوعي اليوناني
- الازمة المتعددة والتحديات التي تواجه اليسار * / رشيد غويلب
- سلافوي جيجيك، مهرج بلاط الرأسمالية / دلير زنكنة
- أبناء -ناصر- يلقنون البروفيسور الصهيوني درسا في جامعة ادنبره / سمير الأمير
- فريدريك إنجلس والعلوم الحديثة / دلير زنكنة
- فريدريك إنجلس . باحثا وثوريا / دلير زنكنة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - شارلين سميث - شبيبة جنوب إفريقيا في مواجهة العنف الجنسي