أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - عبدالرحمن مطر - إشكالية التنظيم السياسي للمعارضة السورية















المزيد.....

إشكالية التنظيم السياسي للمعارضة السورية


عبدالرحمن مطر
كاتب وروائي، شاعر من سوريا

(Abdulrahman Matar)


الحوار المتمدن-العدد: 5396 - 2017 / 1 / 8 - 00:18
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية
    


كلما اشتدت المحنة السورية، تصاعدت وتيرة الحديث عن الحاجة الى إعادة تنظيم القوى السورية، وتأطيرها في مؤسسات تعنى بالعمل السياسي، تنقذ المعارضة من مآزق بات من الصعب تجاوزها، أو الوصول الى حلّ يغير في بنى وآليات العمل الذي قاد – ولا يزال – إلى جدران مغلقة. والإكثار من الدعوات تلك، هي بلا شك تعبير عن مدى القلق الذي آلت إليه أحوالنا، ومحاولة للقيام بفعل ما، من شأنه إحداث تشقق – على الأقل – في الراهن الذي يتظلل بالجمود، ولم يقد سوى إلى مزيد من تهميش المعارضة السورية، بكل قواها، وفقدانها كل خصيصة تسمها، ما أحدث شللاً في بيئة الثورة، وتلاشت فيه القدرة على الفعل والتأثير، في أي منحى، وراكم من الإشكاليات، بما لا يمكن تجاوزها، سوى بمعجزة، في زمن يتطلب فيه تزاوج المعرفة بالإرادة الذاتية، المتصلة بالإيمان بالفكرة، فكرة العمل.
لقد مرت سنوات ست، في تجربة الثورة والمجتمع السوري، وكان" التنظيم السياسي " - باعتباره ضرورة اجتماعية، وتعبير عن وجود الذات، وعن الغايات التي تسعى اليها الجماعات السورية، في إطار كلّي - على الدوام في حالة متقلبة، لم تشهد هذه السنوات حالة تنظيمية منتجة، تشي بمستوى الوعي السياسي والاجتماعي، وتنهض به من أجل مقاربة الواقع والتعامل مع تطوراته. ومن الطبيعي، أن هذا التقلب لن يقود الى الاستقرار على أشكال تنظيمية، يتأطر في سياقها العمل الوطني. لكن من غير الموضوعي، الاستمرار في هكذا حال، مع العجزالمتوالد، نتيجة القصد في تجاهل الأسباب، ومناقشتها، والاستفادة منها، في توليد أطر جديدة، أو في تصويب طرائق العمل وسياساته.
ينسحب هذا الأمر على معظم/ أو غالبية المؤسسات العاملة في إطار المعارضة السورية، بدءاً بالمجلس الوطني، مروراً بالائتلاف، وصولاً الى مؤسسات المجتمع المدني. إن مراجعة أولية لحصاد عمل تلك التنظيمات، بعد سنواتٍ ست، مقاربة مع تطورات المحنة السورية واستحقاقاتها، والإمكانيات التي توافرت لها، لن تخرج النتيجة عن العدم. لا شئ في كل المجالات: سياسياً وإعلامياً، ومجتمعياً. قد أبدو مغالياً في تصوراتي، لكني بالقطع غير مجحف!
في حينها، كان المجلس الوطني – على علاّته الكثيرة والمريرة – يمثل صيغة ملائمة للتنظيم السياسي الذي يمكن تأهُلَه لقيادة الانتفاضة السورية، لكن عيوباً أساسية حالت دون ذلك وفي مقدمها غياب الادارة والتنظيم، وعدم وجود آلية رقابة، رفض ذلك. كان يمكن إعادة انتاجه، بخلق توازن للقوى السياسية المعارضة. لكن استيراد المثال الليبي، لم يجلب معه سيطرة الإخوان المسلمين عليه فحسب، بل وحرف مساراته، والولوج في نفق التسلح أيضاً. وأضحى البحث عن مخرج من أزمة المجلس الوطني، عبئاً كبيراً لم تستطع القوى السورية على حمله، وإحلال توافق فيما بينها، بما يقدم المصلحة الوطنية على ما سواها من اعتبارات، سوف تصبح خاصية من سمات الصراعات فيما بينها على كل المستويات، في ظل اتكاء كل منها إلى مرجعية إقليمية او دولية، أو الاثنتين معاً. يمكننا القول بكل وضوح غياب المرجعية الوطنية، سبب أساسي في هشاشة المعارضة السورية.
ولد الإئتلاف الوطني، كحالة توافقية بين القوى الاقليمية والدولية الداعمة للمعارضة، وبدلاً من أن يكون ذلك قائماً على حل المشكلات الأساسية التي أعاقت عمل المجلس الوطني، ولد التنظيم الجديد، مشوهاً. مجتمع الإنتفاضة/ الثورة السورية لم يكن راض عن المجلس الوطني، وانسحب ذلك على الائتلاف منذ تشكيله.
لم يُلغَ المجلس الوطني، مع انتهاء دوره و وظيفته، واختارت المكونات ممثليها من أكثر الشخصيات التي كانت سبباً في مشكلات ونزاعات المجلس الوطني، وفي معظمها طالها النقد من المجتمع السوري، بسبب من سوء الأداء، ومن ظهور الفساد الذي بدأ يستشري في صفوف المعارضة. تجذرت – على نحو ما - مظاهر تملّك السلطة، المال السياسي، والاستحواذ على القرار، والإقصاء والتهميش، ورفض مبدأ جماعية العمل السياسي. وهي ذاتها الأمراض/ السمات التي استمرت قائمة في الإئتلاف الوطني، مضافاً إليه التنازع على الامتيازات، وعلى أدوار الصف الأول والثاني، والعلاقات مع الدول الداعمة، التي غالباً ماكانت تقف الى جانب جميع الأطراف، وتدعمها، بصورة منحازة لطرف دون آخر.
خلافاً لأهمية وجذرية دورها الداعم للثورة السورية، سنحت صراعات المعارضة السورية فيما بينها، للقوى الداعمة بالتدخل في شؤون مؤسساتها، بصورة مباشرة، أفقدتها القدرة على صناعة القرار، وعلى رسم السياسات الوطنية المستقلة، وهذا في الواقع ما شكل عبئاً إضافياً على القوى الإقليمية والدولية، في اعتقادنا، وكرّس غياب الشخصية السورية المعارضة المستقلة والمسؤولة.
لم تستطع – والحال هذه – أن تنتج المعارضة تنظيماتها السياسية، ولم يؤد تراكم التجارب والمعارف، إلى إنتاج قيادة للمعارضة، وبالتالي قيادة للثورة السورية، على أي من مستوياتها ومراحلها.
أدى ذلك الى خروج كل الكفاءات، عن مسار العمل. العودة الى الخلف، وحدوث فراغ تنظيمي وسياسي واجتماعي، عمق هوّة الخلافات بين الأطراف، ولم تكن تلك الخلافات على مشروعات وبرامج العمل السياسي وآلياتها، بقدر ما كانت تتصل بالأدوار التي تريد أن تتولاها مجموعة على حساب أخرى، وفي التسابق على محاولة إيجاد موضع قدم على الارض في الداخل، بمحاباة فصيل مسلح أو شراء ذمم قادة عسكريين من هنا وهناك، في ظل الفوضى العارمة في كل شئ.
قد يبدو تراجع درجة ومستوى مساندة " أصدقاء سوريا " أولى الخسارات، فلم تستطع قوى المعارضة مجتمعة ومنفصلة الحفاظ على سوية المواقف الداعمة للثورة والانتفاضة. ليصبح التغيير في أولويات المجتمع الدولي، من دعم الثورة، الى دعم التسوية السياسية، ومحاربة الإرهاب، بدلاً من محاسبة مجرمي الحرب، واعتبار ما يحدث في سوريا هو حرب أهلية. لقد بدأ انحدار كل شئ، في ظل معارضة لا تملك من قرارها وقدرها شيئاً.
بلا شك، تتحمل المعارضة بكل أطيافها ومؤسساتها التمثيلية الراهنة، نتائج سياساتها خلال السنوات الماضية حتى اليوم.وقد أصبح وجود الائتلاف والحكومة المؤقتة والأركان، عبئاً على السوريين، لا يغير وجودهما أو غيابهما، أي شئ.
لقد شاركتُ خلال السنوات الممتدة منذ صيف 2012، في العديد من اللقاءات والمشاورات، واللجان و " مطابخ " السياسة، وفرق العمل من أجل إيجاد أطر تنظيمية سورية، تبعاً لمبدأ الضرورة في الحياة السورية الراهنة. لكن كثير منها لم يصل الى الغاية المرجوة، وبالطبع ثمة اسباب كثيرة، ذاتية وموضوعية، رغم توفرها على جلّ المقومات التي تقود إلى إطلاق مشروع وطني جامع.
نحن – مرّة أخرى – بأمس الحاجة لانتاج مشروع وطني جامع، ولعلنا لا زلنا نختلف أو نحار حول كيف، ومَنْ، ومن اين ؟ وفي كل مرة علينا أن نبدأ من جديد، دون أن نأخذ بالتجارب وتراكماتها، نقداً موضوعياً، ننطلق من خلاله إلى فسحة أمل وعمل جادّةٍ جديدة. لم يعد أحدٌ – في الواقع – ذو همّة لكثرة ما أصاب العمل السياسي من وهن ! واستعادة الثقة بأنفسنا مسألة صعبة، لكن لا بد منها: لابد من الاحتكام الى العقل والضمير والإرادة الحرّة.



#عبدالرحمن_مطر (هاشتاغ)       Abdulrahman_Matar#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جرائم الحرب وحماية المدنيين
- درع الفرات: من الموصل الى الرقة
- المجتمع الدولي وشرعنة الاحتلال الروسي لسوريا
- حلب: الاغتيال المُباح
- أكثر من 300ألف معتقل و مختطف في سوريا
- الدم السوري و التفاوض الدولي
- تركيا: ليلة أميركية رعناء
- استخدام الأسلحة المحرمة دولياً في سوريا
- الفيدرالية ومآلات الصراع في شمال سورية
- حربٌ على حلب !
- الرقة : سباق محموم نحو القتل والتهجيروالتدمير
- التغاضي الدولي عن جرائم الحرب : عار العالم .. مفخرة الأسد
- يوميات في المعتقل ( 3-3 )
- يوميات في المعتقل ( 2-3 )
- يوميات في المعتقل ( 1-3 )
- الاختفاء القسري في سوريا
- مهرجان السينما السورية الأول في تورنتو
- اغتيال الكلمة : داعش ترهب الكتاب والإعلاميين
- تل أبيض.. بين سيوف داعش ومناجل الكوردستاني
- هرير الذئاب وخِسّة السجان


المزيد.....




- تحت حراسة مشددة.. بن غفير يغادر الكنيس الكبير فى القدس وسط ه ...
- الذكرى الخمسون لثورة القرنفل في البرتغال
- حلم الديمقراطية وحلم الاشتراكية!
- استطلاع: صعود اليمين المتطرف والشعبوية يهددان مستقبل أوروبا ...
- الديمقراطية تختتم أعمال مؤتمرها الوطني العام الثامن وتعلن رؤ ...
- بيان هام صادر عن الفصائل الفلسطينية
- صواريخ إيران تكشف مسرحيات الأنظمة العربية
- انتصار جزئي لعمال الطرق والكباري
- باي باي كهربا.. ساعات الفقدان في الجمهورية الجديدة والمقامة ...
- للمرة الخامسة.. تجديد حبس عاملي غزل المحلة لمدة 15 يوما


المزيد.....

- ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي / الحزب الشيوعي السوداني
- كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها / تاج السر عثمان
- غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا ... / علي أسعد وطفة
- يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي / محمد دوير
- احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها / فارس كمال نظمي و مازن حاتم
- أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة- / دلير زنكنة
- ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت ... / سعيد العليمى
- عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة / حزب الكادحين
- الأنماط الخمسة من الثوريين - دراسة سيكولوجية ا. شتينبرج / سعيد العليمى
- جريدة طريق الثورة، العدد 46، أفريل-ماي 2018 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - عبدالرحمن مطر - إشكالية التنظيم السياسي للمعارضة السورية