أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - كريم عبدالله هاشم - ثقافة الفساد














المزيد.....

ثقافة الفساد


كريم عبدالله هاشم

الحوار المتمدن-العدد: 5392 - 2017 / 1 / 4 - 20:13
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


حين أصبحنا نستمريء (( لقمة الحرام )) ويطيب لنا الحصول عليها بأية وسيلة ، بل ونسعى لذلك بما يتيسر لدينا من أساليب وحجج ، أصبحت تسود وتتجذر لدينا ثقافة الفساد .
وقد تمثلت هذه الثقافة في سلوكياتنا اليومية ومناحينا الحياتية وقد ولدت لدينا شعارات غريبة ولافتات عجيبة لتغطية وتبرير سلوكياتها . فقد برزت وأصبحت متفشية في جميع أوساطنا وشرائحنا الأجتماعية ، وفي جميع تفصيلاتنا وتشكيلاتنا الحياتية المدنية والرسمية - أقول انها موجودة كثيرا جدا ولاأقصد التعميم – وتتخذ أدوارا وفعاليات كثيرة ، وتشكل عوامل الهام وانجراف صغيرة كانت أم كبيرة بحسب موقعها ومكانها وبمقدار تأثيرها .
أبسط ماتظهر فيه هذه الثقافة في وسطنا الشعبي في سلوكيات فردية أو سلوكيات جماعية ، أو في تصريحات أو متبنيات لتبرير وتغطية وتوفير الحجة لحالة الأنحطاط هذه ـ كلها تتوافق وتنسجم مع تقولاتنا الشعبية التي لاتصلح حتى لتكون أمثالا : (( الشاطر يخلي بالسلة ركي )) و (( اليكدر يجيب نقش )) وغيرها من السذاجات التي تعكس جزء من بناء وجزء من منحى ثقافي تربوي فاسد أصبح من الممكن تبنيه والبناء عليه في ظل الفوضى العارمة في كل شيء وفي ظل تصارع واختلاف التوجهات والغايات والمآرب ، واختلاف وتقاطع الرؤى وتناحر واختلاف وتقاطع البنية الأجتماعية .
ان هذه الثقافة هي وليدة الفوضى ووليدة التردي الذي يحصل في حال الشعوب ، وهي نتيجة حتمية من نتائج ضياعنا ومحو المكونات والمغذيات الصحيحة في تربيتنا ، وانعدام ترسيخ الوجه الصحيح – المعافى – لعقائدنا ومعتقداتنا التي جرى تحريفها لأجل المنافع الفردية أو الجماعية الضيقة .
ثقافة الفساد هي النتاج الحقيقي الأكثر فعالية والأشد ضررا لسلسلة ثقافات تلقيناها ونحن نتدحرج قرونا من الزمن بين أقدام وفي خطوات ونزوات وأطماع الملوك والسلاطين وولاة الأمور والحكومات والقيادات الظالمة التي كانت أجيالنا المتعاقبة ترزح تحتها ، حيث عرضتنا هذه الحكومات ووظفتنا لأغراض خدمتها وتتويج عروشها المنحرفة ، وهي لم تراعي فينا واجب الراعي والرعية الا بما يتلائم مع غاياتها ، فخلقت لدينا مبررات الحاجة والحرمان والتعطش للصيرورة المظهرية بأية طريقة وأية وسيلة .
ثقافة الفساد هي المؤشر الواضح لعدم الأنتماء وعدم الولاء – عدم الأكتراث – التمرد – اسقاط القيم والمثل التربوية والأخلاقية سواء بالفعل الواضح والمفهوم أو الأسقاط بالأفعال غير المباشرة بأساليب مختلفة وطرق متفرقة تتسع بسعة مفهوم الفساد وتتعدد بتعدد جوانب كل الأشياء المحيطة بنا ، ولعل الأفساد المهني والوظيفي والأفساد بالحقوق والألتزامات والواجبات وجه من وجوهها المتعددة .
تتمظهر هذه الثقافة بأوجه عديدة من النتائج والحصائل والسلوكيات . وينتج من جراءها خراب غير محدود يتسع الى كل شيء ، وينتج منها تفاوت وهضم واجحاف وتغييب للأدوار الحقيقية الصحيحة وبوادر ونوايا الأفعال السليمة . فلو أمعنا النظر في البلاد التي تنتعش وتتفعل فيها هذه الثقافة وتجد المجال والمتسع لممارستها فأننا سنرى ونواجه حالات واضحة عديدة لامجال لحصرها : فكم من مجد مثابر وكم من متعلم مختص وكم من صاحب تجربة وخبرة وكم من ذي شأن وأهمية في أمر ما ، نجدهم ضائعين بين الركام ويتصدرهم أو يتسيد عليهم أو يقودهم فاشل أو منافق أو عديم فائدة أو كثير أذى أو قميء توفرت له الوسيلة والأداة التي مكنته من الوصول الى هذه النقطة ووفر لنفسه الغطاء والبرقع الملمع ومجموعة الشعارات والأعراف واللوائح التي يختفي وراءها . وكم من محق وصاحب أحقية مادية أو معنوية أو أدبية غارق ومضطرب في اللجة والطوفان وهويحاول اثبات شأنه واظهار أمره واحقاق حقه كما يجب لكن بدون فائدة وقد ضاعت كل حقوقه وكل أهدافه وتفتت في لجة الفوضى وفي ركام السباق بين الصحيح وغير الصحيح وخاب كل مسعاه .
كم من وجوه ومعاني الخراب والتردي والباطل نراها تطفو وتسود على سطح الحياة ، وكم من وجوه ومعاني النهوض والفضيلة والبناء نراها تكابد وتتمرغ في الوحل وتندثر .
الفساد والأفساد ليس بالموضوع الجديد ، فتاريخ الشعوب غارق في الأفعال الفاسدة أو المنحرفة ، وقد دفعت الشعوب أثمانا لاتقدر من جراء ذلك . ولكن الكثير من الأمم والشعوب تمكنت من مكافحة جذوره ودفن بوادره واعتبرت ان كل مايظهر من تصرفات أو أفعال في هذا الأطار فعلا شائنا – معيبا – منافيا – للعرف العام والأخلاقيات العامة ، واتخذت التدابير والأجراءات القانونية والتربوية والتوجيهية وتنشيط التغذية الفكرية السليمة لمحاربة ذلك بكل حزم وجدية وبكل الوسائل المتاحة لها ، ولذلك أصبح التشخيص لديها ممكنا والمعالجة عندها سهلة ويسيرة .
أما عندنا :
فقد ساهمت الفوضى التي تعرضنا لها ، ونتائج وافرازات هذه الفوضى الى تكوين ثقافة الفساد التي تتبلور وتنتج من ثقافة المكاسب والغايات والأطماع الضيقة .
ففي ظل ماعانيناه من سلسلة أنظمة حكم متعاقبة على مدى قرون من التاريخ ـ وفي ظل ماجرته هذه الأنظمة من تبعات تربوية وسلوكية وأخلاقية وضغوط متعددة الأتجاهات في تفاصيلنا الحياتية والمعاشية ، تعرضنا الى هدم ومحو وتمزيق في أبسط مكوناتنا وثوابتنا التربوية والفكرية حيث تحول النفع والأنتفاع بأية طريقة كانت الى غاية ووسيلة وطريقة تفكير وسلوك غالب ، وتحول الى ثقافة في الصياغة والتخطيط والتفكير والطرح والرسم والأداء .
أصبحت ثقافة ،
وأصبحت نتائجها ومغرياتها تطغى على المشهد العام ، وتوفر مغريات متعددة لمزيد من الأنجراف .
علينا أن نستفيد من تجارب الأمم والشعوب ونحذو حذوها اذا أردنا المعالجة والتصحيح والتقويم .

كريم عبدالله هاشم
[email protected]



#كريم_عبدالله_هاشم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ثقافة الشعارات
- اسلامنا . . العقد والأصلاح
- ثقافة التبرير
- من أجل استعادتنا
- حين قتلنا الحسين
- تواقيع الشظايا (( عدنان حسين في أسفاره ))
- خارطة الموت (( قراءة نقدية في رواية - مثلث الموت - للكاتب عل ...
- وليمة الأله الجديد (( قراءة نقدية في المطولة الشعرية - خطبة ...
- دخان 11 سبتمبر الكاذب
- وهم الأنتخابات
- كلمة للطرشان
- لمواجهة الموت الجماعي
- وطن ومواطنة : (( هاشم الزيدان نموذجا ))
- الفلوجة
- المطلوب : اعادة نظر
- لاوجود لنا . . . (2)
- لاوجود لنا . . . (1)
- من جد لم يجد
- بين ملك هاشمي وسلطان نجدي : تبعثرنا
- سقوط القلعة


المزيد.....




- متى تتوقعون الهجوم على رفح؟ شاهد كيف أجاب سامح شكري لـCNN
- السعودية.. القبض على شخصين لترويجهما مواد مخدرة بفيديو عبر و ...
- مئات الغزيين على شاطئ دير البلح.. والمشهد يستفز الإسرائيليين ...
- بايدن يعلن فرض الولايات المتحدة وحلفائها عقوبات على إيران بس ...
- لماذا تعد انتخابات الهند مهمة بالنسبة للعالم؟
- تلخص المأساة الفلسطينية في غزة.. هذه هي الصورة التي فازت بجا ...
- شاهد: لقطات نشرها حزب الله توثق لحظة استهدافه بمُسيرة موقعًا ...
- ألمانيا تطالب بعزل إيران.. وطهران تهدد بمراجعة عقيدتها النوو ...
- مهمات جديدة أمام القوات الروسية
- مسؤول إيراني: منشآتنا النووية محمية بالكامل ومستعدون لمواجهة ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - كريم عبدالله هاشم - ثقافة الفساد