|
- نظرية البقلاوة -
امين يونس
الحوار المتمدن-العدد: 5392 - 2017 / 1 / 4 - 15:33
المحور:
كتابات ساخرة
الوفرة في الشئ تُؤدي تدريجياً ، إلى التقليل من الرغبة فيهِ أو حتى الإنتقاص من قيمته . فعلى سبيل المثال إنك تحبُ " البقلاوة " .. وتستغل أية فُرصة تسنح بين إسبوعٍ وآخَر ، كي تلتهم عدة قطع . لكن لو توفرتْ يومياً على مائدتك وبكميات كبيرة ، فأن شهيتك لها ، سوف تقل بالتأكيد ! . وإستناداً إلى المعلومةِ أعلاه ... فأن حكومتنا المُوّقَرة في أقليم كردستان العراق ، وإقتناعاً كاملاً منها ، بنظرية البقلاوة .. فأنها لجأتْ منذ سنين ، إلى تطبيق هذه النظرية ولكن بشكلٍ مقلوب ، من أجل إعادة تربية المواطِن وتدجينه أكثر ، بما يتوافَق مع المصلحة الوطنية والقومية العُليا . وإليكُم الدليل : * إبتداءاً من 2005 والسنين اللاحقة ، تضاعَفَتْ الرواتب عدة مرات ، وأصبحَ الموظَف والمعلم ، يستلم نهاية كُل شهر ، مبلَغاً مُحترماً من المال ، لا يعرف ماذا يفعل بهِ .. فأصبح يلجأ إلى تبذيره في مجالات كمالية أو حتى يقوم بسفرات الى الخارج .. لقد أصبح الناس بطرانين إلى درجة ، بحيث أسموا المئة دولار أمريكي " ورقة " والعشرة آلاف دولار " دفتر " ! . فتفتقَ ذكاء الحكومة عن فكرةٍ عبقرية : تأخير دفع الرواتب أولاً / ثم إستقطاع أكثر من نصف الراتب بحجة الإدخار الإجباري / ثم الإستمرار بدفع أنصاف الرواتب كُل أربعين او خمسة وأربعين يوماً . وبهذه الخطوات ، أجبروا المواطِن على التخّلي عن " بطرنته " ، وإحترام الفلوس إحتراماً حقيقياً ، بل وإنتظار يوم إستلام نصف الراتب ، بلهفةٍ وشَوق ! . * قبلَ سنوات .. كانتْ هنالك مقرات حقيقية لمختلف الأحزاب في مُدن الأقليم ، وكذلك صحف ومجلات تستطيع الإنتقاد الواضح والصريح ... بل كانَ هنالك برلمانٌ شُبه نَشِيط ، فيهِ أعضاءٌ يكشفون علانيةً ، مكامن الفساد والخلل في الإدارة .. وحتى كانتْ هنالك مظاهرات ومسيرات وإحتجاجات ومُطالبات بمزيدٍ من حرية الرأي والتعبير . وكما في " نظرية البقلاوة " ، فأن الناس في أقليم كردستان العراق ، لم يُقّدِروا كمية الحُرِية المُتاحة والمُتوفِرة ، وأصبحوا " بطرانين " ... فإضطَرَتْ الحكومة الرشيدة ، إلى تقليصها بصورةٍ مُضطردة ، إلى درجة طرد بعض الوزراء من الحكومة ، بل وشَل البرلمان وإيقافه عن ممارسة مهامه بصورةٍ كاملة ! . وبالفعل فأن هذه السياسة أثمرتْ تماماً ... فاليوم ، وبعد كُل هذه المُدّة من تحديد الحُريات وإيقاف البرلمان ، فأن المواطن ينتظر بلهفة ، عودة ولو جزءٍ من المعافاة ، للحياة السياسية والبرلمانية ! . * قبل أشهُر ، كانتْ الكهرباء متوفِرة ، بنوعَيها " الوطنية " و " المولدات " ، فعندما تنقطع الوطنية أو الرئيسية ، تشتغل المولدات الأهلية ولو بعد منتصف الليل .. فكانتْ الأمور ماشية على أية حال . وكالعادة ، فأن المواطِن ونتيجة توّفُر الكهرباء المُستمر بنوعيها ، أصبح " بطراناً " ، وكان يستهتر بصرف الطاقة ويُبذرها ، على أشياء غير ضرورية ، مثل السهر الى ساعات مُتأخِرة ومتابعة الأخبار في التلفزيون ، أو الإنشغال بالإنترنيت وما إلى ذلك من أمور .. فإنتبهتْ الحكومة إلى هذه الحالة الخطيرة ، وسارعتْ إلى إتخاذ خطواتٍ سريعة ، فقلصَتْ ساعات الكهرباء الوطنية او الرئيسية ، وكذلك قللَتْ كميات الكازاويل المُجهزة للمولدات الأهلية ، فقام أصحاب المولدات بعدم تشغيل مولداتهم لساعات كثيرة ، إلى جانب رفع سعر الأمبير المُستَوفى من المواطنين . إذن اليوم ، صرنا نحن المواطنين ، نتمتع بأوقاتٍ شاعرية طويلة ، على ضوء الشموع الجميلة . وبدأنا نشعر ببطرنتنا السابقة حين كانت الكهرباء متوفرة . .................... بعد تنفيذ الحكومة ، لتفاصيل " نظرية البقلاوة " في كافة المجالات ... أصبحنا نحن المواطنين ، نتحّسرُ على " شْوّية " الحياة البرلمانية السابقة ، وعلى شْوّية الحريات . أصبحْنا نحلم بإستلام راتبٍ كامل في نهاية الشهر ... أصبحْنا نتمنى أن ترجع الكهرباء كما كانتْ قبل شهرَين مثلاً . وعندما يتحقق جزءٌ من هذه الحقوق " إن شاء الله " في قادم الأيام ، سنصفق طبعاً للحكومة ونُهّلِل لزعماءنا الميامين ونُبّجِل قادتنا الأبطال . على أية حال ... أن عدم توفُير البقلاوة بشكلٍ دائمي ، له فوائِد ولا سيما لأصحاب مرض السُكري .
#امين_يونس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مَلِكٌ .. وشُرطي
-
- حَمه - الذي لن يدخل الجّنة !
-
في العَجَلة .. النَدامة
-
هزيمةٌ شنيعة للمالكي وحزب الدعوة
-
29% من نفوس الأقليم ، مُستلمو رواتِب
-
أسئِلةٌ وأجوبة
-
هل سيشعل الكُرد شرارة حربٍ جديدة بالوكالة ، في الشرق الأوسَط
...
-
حّجي حّسان
-
بَرْدٌ وإنجماد
-
هل مِنْ نهايةٍ لمُسلسَل - مجهولون - ؟
-
مُرّشَحين لخلافة البارزاني
-
حول الموصل . الوضع الحالي والآفاق
-
الميراث
-
نحنُ وترامب
-
بعدَ ستينَ سنة
-
حنفية المطبخ المكسورة
-
تحرير الموصل ... وما بعده
-
بابا .. بابا .. لقد أخذتُ عشرة
-
لَمْ تَعُدْ نكاتكُم تضحِكَني
-
أللهُمَ ... كَما قُلْتُ لكَ البارِحة
المزيد.....
-
هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية
...
-
بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن
...
-
العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
-
-من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
-
فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
-
باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح
...
-
مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل
...
-
لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش
...
-
مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
-
مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف
...
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|