أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رياض حسن محرم - الإنقسام والوحدة فى الحركة الشيوعية المصرية















المزيد.....

الإنقسام والوحدة فى الحركة الشيوعية المصرية


رياض حسن محرم

الحوار المتمدن-العدد: 5390 - 2017 / 1 / 2 - 17:26
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لم يكن تاريخ الحركة الشيوعية المصرية الاّ سلسلة من الإنقسامات ومحاولات الوحدة منذ نشأته فى الربع الأول من القرن العشرين وحتى الآن، دعنا لا ندرج نشأة حزب 1924 فى تلك السلسلة، فلم يكن تشكيل الحزب من رحم الحزب الإشتراكى الذى سبقه بسنوات بإعتباره إنشقاقا أو إنقساما ولكنه خروج مجموعة الأسكندرية الأكثر جذريا من ذلك الحزب الذى قاده سلامة موسى وتميز بتأثره الواضح بالإشتراكية الديموقراطية ومفكرى حزب العمال البريطانى وأشهرهم آنذاك جورج برناردشو، فقد كان خروجا لتأسيس أول حزب يتبنى النظرية الماركسية والإتجاه الشيوعى الأكثر إرتباطا بالإتحاد السوفييتى الحديث النشأة وإكتسابه عضوية الكومنترن وإستمر الحزب ذيليا لتلك المنظمة التى كان من شروطها تغيير إسم الحزب الى الشيوعى و إبعاد جوزيف روزنتال "مؤسسه الحقيقى" من بين صفوفه، كما لم يشهد هذا الحزب الذى تألق سريعا وتم تصفيته بشكل أسرع إنشقاقات أو إنقسامات فى صفوفه ولكن جاءت نهايته بالضربة القاضية بعد القبض على جميع قياداته وإلغاء وجوده بحكم المحكمة، وشهدت الحركة الشيوعية بعده غيابا طال لحوالى عقدين حتى عاد ذلك النشاط مرّة أخرى فى بدايات الأربعينات إبّان إشتعال نيران الحرب العالمية الثانية وإضطرار دولة الإحتلال "بريطانيا" للتحالف مع النظام الشيوعى فى روسيا لمواجهة النازية ما دعاها لتخفيف قبضتها قليلا على الحريات وتداول الكتب اليسارية بالداخل ما مكّن الإنتليجنسيا من تكوين عدة حلقات بدأت بجماعة أنصار السلام بقيادة جى دى كومب المناهضة للنازية والتى جذبت بالطبع اليهود لموقفهم المعادى للفكر النازى وبدأ تكوين مجموعات تتبنى الماركسية من قادة يهود وأعضاء أغلبهم مصريين، فشكل مارسيل إسرائيل منظمة "تحرير الشعب" وهليل شوارتز منظمة "الأيسكرا" بينما شكل هنرى كورييل منظمة "الحركة المصرية للتحرر الوطنى".
لم يكن وجود اليهود على قمة الحركة الشيوعية الوليدة مشكلة كبيرة أو سببا للإنقسام، فمارسيل إسرائيل إعتمد منذ البداية أن تتشكل مجموعته من المصريين فقط، كما أن مجموعة الأيسكرا إندمجت سريعا مع الحركة المصرية مشكلّة "حدتو"، ولكن أستغلت الرأسمالية المصرية وجود اليهود كذريعة للهجوم على الحركة وإتهامها بالعمالة لليهود والصهيونية، رغم أن أحدا لم يشكك فى وطنية هؤلاء النفر وتمسكهم بمصريتهم والدفاع عنها وقد ظهر ذلك جليا فى إستماتهم ضد تصرفات السلطة لإسقاط الجنسية عنهم أو إبعادهم خارج البلاد "هنرى كورييل مثالا"، هناك من يقول أن السلطة كانت المحفّز الأول لتمصير الحركة الشيوعية بإصرارها على إبعاد اليهود، وقد إستخدمت البرجوازية والقصر والإنجليز مسألة الدين فى طعن الحركة وإتهامها بالإلحاد بل وإستصدار فتوى من الشيخ مخلوف "مفتى الديار" تقضى بكفرها وخروجها من المّلة، ساعد على ذلك وجود بعض الممارسات من أفراد تؤكد ذلك.
لاشك أن الحلقة الثانية للحركة الشيوعية التى نشطت بقوة فى الأربعينات والخمسينات كانت هى الأكثر حيوية وتأثيرا فى الواقع المصرى وإتسمت بكثرة الإنقسامات إبتداءا من "التكتل الثورى" الذى قاده شهدى عطية، وشهدت تلك الحلقة أيضا محاولات جادة وقوية للوحدة بين تنظيماتها حتى أن بعض الإنشقاقات كانت تتم إنطلاقا من الرغبة فى الوحدة كمجموعة نحو حزب شيوعى "ن.ح.ش" ومجموعة وحدة الشيوعيين "و.ش" وغيرها، على أنه من الثابت أن الإنشقات والتكتلات كانت تحدث عادة فى لحظات تراجع الحركة وتخفت فى أحوال المد، وتوجد وجهات نظر متعددة حول أسباب هذا الميل الى الإنقسام يمكن تلخيصها على النحو التالى:
1- الأصل الطبقى للقيادة وإنحدار معظمهم من أصل برجوازى وخاصة من الطبقة الوسطى والشرائح الأعلى من الرأسمالية، وهذا يمكن إجماله على جميع الأحزاب الشيوعية فى العالم فلينين أو تروتسكى وغيرهم من قيادات الحزب البلشفى أتت من الطبقة الرأسمالية ولكن كان إنتماؤهم ثوريا للطبقة العاملة والكادحين.
2- غياب الديموقراطية داخل التنظيمات الشيوعية وتغليب المركزية بدلا منها وتلك سمة عامة تصبغ هذا النوع من التنظيمات خاصة التى مرّت بفترات طويلة من العمل السرى تحت الأرض، ولكن للحقيقة فقد لعبت المركزية دورا مهما فى حماية تلك المنظمات وإنضباتها، وعلينا أن نعترف أن فتح الصراع تمهيدا لعقد مؤتمر عام وإنتخاب قيادة جديدة كان موسما لحدوث التكتلات والإنشقاقات .
3- عدم الإهتمام كثيرا بقضية الوعى الطبقى للكادر، وتلك القضية محل نظر فقد ساهم الحزب الأول بموضوع تربية الكادر وأنشأ روزنتال عشرات المدارس المهتمة بالتربية فى الأسكندرية والمحافظات ويعتبر هنرى كوريل مؤسس أنشط مجموعة فى الحلقة الثانية مؤسس أول مدرسة للكادر بمزرعته بقرية المنصورية كان قوامها من المصريين وشارك بالتدريس بها مجموعة متميزة من الأجانب والمصريين وإستمرت تلك الجهود وإصدار كراسات التثقيف كالسلسلة الخضراء ورسائل منظمة طليعة العمال "التى فقدت جميعا فى إطار الهجمات البوليسية، وغيرها الكثير.
4- إن المراجع الأساسية للماركسية جاءت جاهزة من الغرب فى ترجمات ركيكة " نظام الوجبات الجاهزة" ولم يتم تمصير حقيقى للماركسية اللهم سوى بعض المحاولات الفردية والخجولة لشهدى عطية وفوزى جرجس وابراهيم عامر والجبيلى والعالم وصادق سعد وغيرهم، وللذكر هنا أنه مع بدايات الحركة كانت المصطلحات تكتب فى أدبياتها ووسائل الإعلام باللغة اللاتينية كالسوشيالزم والكوميونيزم.
5- لم يكن الإنقسام داخل الحركة فى غالبه عائقا حقيقيا أمام التطور، فالراجح أنه رغم تعدد التنظيمات فقد كان هناك دائما إتجاهان غالبان تحولق حولهما الكوادر أولهما إتجاه يغلّب العمل الجماهيرى وإختراق الطبقات الإجتماعية " العمال والفلاحين والجيش" مع عدم التركيز على الأمان الفردى والتنظيمى وهذا ما طبع الحركة الديموقراطية للتحرر الوطنى "حدتّو" بينما كان الإتجاه الآخر يركّز أكثر على القضايا النظرية والمبالغة فى التأمين على حساب العمل الجماهيرى ويشمل ذلك منظمة الحزب الشيوعى المصرى "الراية" وطليعة العمال وغيرها.
6- عدم الإهتمام ببناء حركة فلاحية قوية تعد رديفا وظهيرا للتنظيم "رغم بعض المحاولات المحدودة لحدتو فى هذا الإطار"، فقد غلب على الحركة بشكل عام الإطار المدينى " القاهرة والأسكندرية وبعض حواضر المحافظات" ما ميّزاتجاه الطبقة المتوسطة والطلابى داخل الحركة.
7- تقديس النصوص والقادة التاريخيين ما حول النظرية الماركسية من إطار للعمل الى نص يتلو الى يوم القيامة وتفاخر البعض بقدرتهم على حفظ النصوص حتى أن الكادر العمالى والفلاحى فى الحركة تحول بالتبعية الى حفظة نصوص مما أبعدهم كثيرا عن قواعدهم، فقد شاعت هيمنة المفسرين وتعدد المذاهب والإحتكار العقائدى والكهنوت النظرى ورد الإختلاف الى إنحراف يمينى أو يسارى وأسهمت الإختلافات حول طبيعة السلطة والبرنامج وأساليب العمل والتنظيم فى تعميق الإنقسام وأصبح الإنقسام حول ثورة أو ثورتان هو ديدن المرحلة وطلب الغوث من النصوص بينما لعبت القيادات دورا رئيسا فى ذلك لإستمرار حفاظهم على كراسيهم، مع تكرار الإتهام بالتحريفية والعمالة لأجهزة الأمن.
8- العزلة عن الواقع وليس الإهتمام بفاعلية نحو تمصير الماركسية بمرجعيات من واقعنا وتاريخنا، وغياب الجماهير كمعيار أساسى لقياس صحة هذه الأفكار فى الواقع ما سمح بتغليب الجانب التنظيرى من الكتب الجاهزة على حساب العمل الدؤوب لتمصير النظرية.
9- تقديس القيادة على مستوى الوطن أو التنظيم عادة مصرية متأصلة منذ مصر القديمة وحتى الآن "صناعة الفرعون"، ما رسّخ عملية الصراع على القيادة وعدم تداولها وقد ساعد على ذلك إستمرار السرية لمدد طويلة و إهمال المؤتمرات العامة بينما لا تدرى القواعد ما يحدث هناك بعيدا فى المركز.
10- النزوع الدائم نحو اليسارية والإتجاه يسارا بحكم ضغط القواعد من جهة وكون النظرية تتيح تلك النزعة كونها نظرية ثورية بالأساس.
تلك هى بعض الملاحظات على أسباب أزمة الحركة الشيوعية وما أكثرها، وأضيف هنا التأثير الهائل لإنهيار الإتحاد السوفييتى الذى كان يعتبر بمثابة القطب الهادى لجميع التنظيمات الشيوعية على إختلافها، هذا مع عدم إغفال دور الضربات البوليسية والإختراق والسجن لفترات طويلة والوحدات الفوقية فى إضعاف الحركة وتعميق الإنقسام الداخلى، وقد إنتقلت جرثومة الإنقسام من الحلقة الثانية الى الحلقة الثالثة التى إزدهرت فى السبعينات حيث أن مؤسسى تنظيمات الحلقة الثالثة جاؤوا تحديدا من الأربعينات بعد أن أسس إبراهيم فتحى حزب العمال الشيوعى وأسس طاهر عبد الحكيم منظمة 8 يناير وزكى مراد والهلالى للحزب الشيوعى المصرى كما أسس محمد عباس وطاهر البدرى والأخوة القصير للتيار الثورى حاملين معهم إنقساماتهم وإختلافاتهم.
أعتقد أن تلك مقدمة مهمة للباحثين فى أزمة الحركة الشيوعية المصرية وسبل الخروج منها وليست مصادرة لأى أفكار أخرى.



#رياض_حسن_محرم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- زكى مراد ..شهاب تألق فى سماء مصر
- عبّاس ودحلان .. وسياسة تكسير العظام
- -روج آفا- يوتوبيا الأكراد فى سوريا
- صعود اليمين المتطرف فى الغرب..محاولة للفهم
- مرّة أخرى .. الصين دولة رأسمالية
- هل تختلف مواقف ترامب كثيرا عن سلفه أوباما؟
- حالات تعرض الكعبة للهدم عبر التاريخ الإسلامى
- حزب الرئيس .. القرار المؤجل
- -المشاغب- فتح الله محروس .. وداعا
- داعش...وما بعد الموصل
- دابق .. الأسطورة المؤسسة للدولة -داعش-
- البرجماتية السلفية ... النور مثالا
- الأزمة السورية الى أين؟
- مبادرة واشنطن.. -وطن للجميع- محاولة للإقتراب من طرح موضوعى
- بين إنقلاب تركيا وحريق الرايتستاج
- إشتراكية عبد الناصر .. رؤية شخصية
- ذكرياتى مع الراحلة العظيمة شاهندة مقلد
- شيخ الإسلام رجب طيب إردوغان يفتى بتحريم تنظيم النسل
- قراءة فى مشهد الإعتداء على السيدة المسيحية فى المنيا
- البونابرتية الجديدة والنظام المصرى


المزيد.....




- أحد قاطنيه خرج زحفًا بين الحطام.. شاهد ما حدث لمنزل انفجر بع ...
- فيديو يظهر لحظة الاصطدام المميتة في الجو بين مروحيتين بتدريب ...
- بسبب محتوى منصة -إكس-.. رئيس وزراء أستراليا لإيلون ماسك: ملي ...
- شاهد: مواطنون ينجحون بمساعدة رجل حاصرته النيران داخل سيارته ...
- علماء: الحرارة تتفاقم في أوروبا لدرجة أن جسم الإنسان لا يستط ...
- -تيك توك- تلوح باللجوء إلى القانون ضد الحكومة الأمريكية
- -ملياردير متعجرف-.. حرب كلامية بين رئيس وزراء أستراليا وماسك ...
- روسيا تخطط لإطلاق مجموعة أقمار جديدة للأرصاد الجوية
- -نتائج مثيرة للقلق-.. دراسة تكشف عن خطر يسمم مدينة بيروت
- الجيش الإسرائيلي يعلن استهداف أهداف لحزب الله في جنوب لبنان ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رياض حسن محرم - الإنقسام والوحدة فى الحركة الشيوعية المصرية