|
مالثسية مبارك وشوبنهاورية السيسي -بؤس الرأسمال-
عصام أسامة عبد العزيز
الحوار المتمدن-العدد: 5389 - 2017 / 1 / 1 - 19:25
المحور:
الادارة و الاقتصاد
منذ العهد البائد وإعتادنا سماع الخطابات من المخلوع وحكومته وما يصحبها من مبررات لمعوقات الفشل الإقتصادي والتأخر في التنمية وأبرز ما تُعلق عليه الأسباب هي الزيادة في التعداد السكاني ، ومن هنا كانت سياسة الدولة الإقتصادية تعتمد مبرر يعفيها من اللوم تكبح به نفوس العامة وتُرجئ به سبب تراكم سوء الاوضاع إلي أنفسهم هُم ، إلي سبب خارج نطاق عمل الدولة وبذلك كثر الترويج والدعوات لـ ما يسمي تحديد النسل كـعائق شرط للتنمية . من الموقف السابق لنمط سلوك وعقلية الدولة المباركية يسهل تحديد تحيز الحكومة وارتباطها بنظريات سوق رأس المال ، فإذا ما رجعنا لنظرية مالثس في السكان " أحد رواد المدرسة الكلاسيكية " ، تُعبر النظرية بـ " أن من المحتم تزايد السكان بمعدل أسرع من معدل ازدياد الإنتاج الغذائي ، ومع الربط بين النظرية وموقف دولة مبارك يستنتج الآتي : - إعتبار مالثس الزيادة في التعداد السكاني مؤشر سلبي وهذا موقف الدولة في اعتبار الزيادة ظاهرة معيقة للتنمية ويجب الحد منها ، وذلك تحيز مسبق باعث للتشاؤم وقلة الحيلة الإقتصادية فمن البديهي أن التكاثر مستمر وذلك يزيد التعداد وبالطبع ما الحل إلا سيطرة الناس علي أنفسهم والحد من التكاثر . - ومن خلال العقلية المالثسية التشاؤمية ينبثق موقف رإسمالي محافظ ومعادي لأي تغيير جذري ويفضل إبقاء الوضوع كما هو وبالتالي : - يتبلور الموقف والتحيز الأهم لطبقة الرأسمال للإبقاء علي مصالحها واستفادتها من بقاء الوضع وبذلك تُخضع الطبقة المتضررة للإستغلال وتغمس أكثر في هيمنة قواعد السوق ، إذ أن الزيادة في المرتبات والأجور تؤدي إلي ازدياد الطلب علي الانتاج الغذائي فيكون الموقف السليم إبقاءهم عند أمل حد الكفاف وذلك مما يظهر زيف شعار " الانحياز لمحدودي الدخل " عند عصابة مبارك الرأسمالية . وبذلك تتعامل نظرية السكان مع الإنسان علي أنه كائن استهلاكي غرائزي يجب تنميطه وإخضاعه لرغبة الأقوي . ومع عصر السيسي بعد ثورة وإنقلاب واضطرابات اقتصادية حادة ، فُرض علي الجيل الحالي والأجيال القادمة المعاناة الحياتية سياساً وإقتصادياً لدرجة أكبر أثرا من سابقيها حتي أن تشاؤمية مالثس ما عادت تكفي ! ، وبعد خطابات التقشف كنهج مستمر لإقتصاد السوق إلي أن قال طبيب الفلاسفة في أحد خطاباته " نجوع .. ما نجوع " المهم نبقا كدا " والأمثلة متنوعة علي بلوغ خطاباته منحي دلالي يدق مؤشر الفزع للعامة وبلغت تشاؤميته نفسها درجة ترقيها لموقف اللا انجابية في فلسفة الألماني شوبنهاور ، وأصبح وجود المواطن المصري في بلده ثقيل عليه ورخيص عند أصحاب المصالح ومنظومة المال ، وما عادت دعوات الحد من النسل صالحة، ففي أيام مبارك كان التحكم بالنسل واجباً ، أما في ظل ما نمر به من وضع مظلم ومستقبل دائن يصبح العزوف عن الزواج والتكاثر فرضاً ، وبعد ما وصلنا إليه من حالة بؤس عامة يقبع الجميع آسري اليأس والاحباط حتي المعارضة الراغبة في التغيير ، أغلب شبابها وقواعدها تحلم وتأمل بالهجرة بعيدا عن القبضة الأمنية والبؤس الإجتماعي والإقتصادي ! ، وظاهرة كالهجرة غير الشرعية تستشري بين فاقدي الأمل لأي تحسن لأحوالهم ، يفرون هلعاً من جحيم المناخ التشاؤمي الناتج عن تراكمات الفشل الاقتصادي والسياسي لا كما يدعي أصحاب نظرية المؤامرة !. البؤس حالة تراكمية وليدة المنظومة لا السيسي ، يرحل مبارك والسيسي وتبقي المنظومة وتستمر الخطوات والسياسات النيوليبرالية من خصخصة وتعويم للعملة ورفع للدعم وزيادة الضرائب والخضوع أكثر لقبضة التقشف وصندوق النقد الدولي ، وما السيسي وغيره بـمصالح جيشه ورجال أعماله إلا أداة تعبر عن نمط عقلية الفردية والربحية في السوق العالمي ومنظومة اللا عدالة ، هنا تكمن الأزمة !
#عصام_أسامة_عبد_العزيز (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الردة #حد ديني أم سياسي ؟!
المزيد.....
-
مصر.. انخفاض كبير في أسعار السلع لأول مرة
-
مصر تبني منطقة جديدة لتصنيع القوارب وتصديرها
-
ستاندرد آند بورز تخفض تصنيف إسرائيل
-
هل فشلت خطة بوتين لإزاحة الدولار من عرش التجارة الدولية؟
-
-ستاندرد آند بورز- تخفض تصنيف إسرائيل الائتماني
-
البنك المركزي المصري يعلن القضاء على السوق السوداء للدولار
-
أسعار النفط تقفز وسط تقارير عن ضربات إسرائيلية على إيران
-
أسواق آسيا تلونت بالأحمر والذهب ارتفع.. كيف تفاعلت الأسواق م
...
-
حرب السودان.. كلفة اقتصادية هائلة ومعاناة مستمرة
-
مفاجأة جديدة اليوم|.. أسعار الذهب اليوم الجمعة 19 أبريل 2024
...
المزيد.....
-
تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر
...
/ محمد امين حسن عثمان
-
إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية
...
/ مجدى عبد الهادى
-
التنمية العربية الممنوعة_علي القادري، ترجمة مجدي عبد الهادي
/ مجدى عبد الهادى
-
نظرية القيمة في عصر الرأسمالية الاحتكارية_سمير أمين، ترجمة م
...
/ مجدى عبد الهادى
-
دور ادارة الموارد البشرية في تعزيز اسس المواطنة التنظيمية في
...
/ سمية سعيد صديق جبارة
-
الطبقات الهيكلية للتضخم في اقتصاد ريعي تابع.. إيران أنموذجًا
/ مجدى عبد الهادى
-
جذور التبعية الاقتصادية وعلاقتها بشروط صندوق النقد والبنك ال
...
/ الهادي هبَّاني
-
الاقتصاد السياسي للجيوش الإقليمية والصناعات العسكرية
/ دلير زنكنة
-
تجربة مملكة النرويج في الاصلاح النقدي وتغيير سعر الصرف ومدى
...
/ سناء عبد القادر مصطفى
-
اقتصادات الدول العربية والعمل الاقتصادي العربي المشترك
/ الأستاذ الدكتور مصطفى العبد الله الكفري
المزيد.....
|