أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مديح الصادق - السُلطان... قصَّة قصيرة














المزيد.....

السُلطان... قصَّة قصيرة


مديح الصادق

الحوار المتمدن-العدد: 5389 - 2017 / 1 / 1 - 13:15
المحور: الادب والفن
    


لا يقبلُ المزاحَ بردُ كانونَ، وإن قبل المزاح فإن سلاحه ذا الحدَّين نافذٌ من الجلد حتى العظام، وفي أرضٍ جرداء يُطلق له العنانُ بلا قيود، كما هو الجوعُ في بطون الفقراء، ولو صحبته الريحُ فلا الخيام التي تهالكت تصدُّهُ، ولا المناخل التي طوَّقت مُخيَّم المُهجَّرين، ذلك البائس إلاَّ من أغطية جادت بها منظماتٌ تبنَّت أهدافاً لها قضيةَ الإنسان، وما يسدُّ شيئا من جوع، أغذية قد انتهت صلاحيَّتُها أو أوشكت، مفرزة طبيّة في أدراجها الشاش والقطن وأقراص للزكام والصداع، لا غير، وهما ضيفان ثقيلان في هذا الفصل على من شاءت الأقدار أن يكونوا ضحايا خيانةٍ ممَّن سلَّم الأرض والناس بلا قتال للهمج الرعاع، وإن تعشَّقت النار خيمة؛ فإن فريقا كاملا منها في لحظة يغدو رمادا بمن فيه من الأحياء.
عليها أن ترتدي من الثياب ما يدرأُ عنها لسعة البرد، ويحميها من غيثٍ غاضبا قد انهمر، فأغرق الخيام ومن فيها، وفي مثل ذا الحال فإن كلاًّ عن موضِعِه يُبعِد السيل؛ وإن أُغرِق الجار فلن يبالي، هي الوحيدة بين الرجال، الوالد الطبيب مجهولٌ قبرُه، أعدمه الظلاميُّون ذوو السراويل القصار شنقا على عمود وسط المدينة، قالوا في قرار قاضيهم إنه مُرتدّ، تحت جنح الظلام وفي ليلة سوداء قد لاذت بالفرار، تجرُّ أختين وإخوة ثلاثة صغارا، وأمَّها التي ساقُها كُسرت بضربة أخمص من شيشاني وسخ دجَّال، لم يبق في الدار سوى أُطرٍ لشهادات تخرّج وتكريم، وماذا يحمل المرء في مخلاته غير ما خفَّ حمله في مثل تلك المأساة؟ وهي التي في ليلة حفل التخرُّج أطفأ البغاةُ عليها الأنوار.
ألقت عليه التحيَّة جهرا، بيديها واللسان، وما أخفت عيناهما كان أبلغ في التعبير، لم تأبه بمن حولها من جمع الرجال، وماذا تعنيه عندهم تحية النساء للرجال، بالمجرفة التي يحمل أشار لها أن تعود لخيمتها، وهو الذي سينجز عنها ما خرجت لأجله، شكرا لك يا جارنا الطيب، قالتها باحتيال كي تُسمِع مَن حولها، على النساء أن يخرجن من المخادع لا أن ينصرفنَ للنوح وندب الحظوظ، له خفضت طرفا من حاجبها، أجابها بما يُجيده عاشقٌ من صنف الشعراء، وما أفصحها لغة العشَّاق! كلاهما يُجيد الرصف، مهندسةٌ من فنونها خلق أجمل العوالم في الخيال لتنقلها للحياة، أستاذٌ خَبِر الحروفَ حرفاً حرفاً، وغاص في أسرارها، فصاغ منها أندر العقود في حبِّ الجمال والوطن والناس، أُخرِج من داره قسراً؛ على سطح داره قد علَّق الوالدُ راياتٍ خضراءَ، وسوداءَ خُطَّ عليها ( لبَّيك يا حُسَين ).
الشمسُ قد عانقت أفقاً بلونِها، وحولهما طالت ظلالُ الخيام، لم يبقَ في الساحة إلاَّ هُما، كلٌّ على حبل خيمته مُتَّكئ لصاحبه يطيلُ الطرف، بالأمس كانت شجيرات حدائق الصرح الجامعي لهما خيرملاذ، بها يستظلاَّن ويأمنان، يسترقان لحظة اللقاء، سفَراً يُسافران في عالم الحبِّ الجميل، لم يُثنِها عن حبِّه أنه يمدُّ الذراعين عند الصلاة، له والدان مُتزمِّتان، ولها نظرة في الدين على أنه جزء من حريَّة الفرد، وأن الدين هو الأخلاق وحبُّ الوطن والناس والجمال، مع أنَّها لأُمِّها تُجهِّزعدَّة الصلاة كي تؤديها مُكتِّفة ذراعيها، هكذا هو الحبُّ عندما يغزو العباد، دون وعد أو شرط، يأسر القلوب ببعضها، لا يردعه فرق في اللسان أو المذهب والدين، هو العبودية بعينِها وما منها خلاص، سلطان جائر هو الذي ليس من حكمه فرار، وفي الخيمتين خلفهما يقبعُ من يظنَّان أنهما صبيَّان بالنار يلعبان، ولا فرار من حكمهما، ففي أيديهما يكمنُ القرار.
حانَ موعدُ الصلاة، أنجِز وضوءَك، يا عبَّاس.
لا يليقُ المكوثُ ليلا خارجا للنساء، ادخلي الخيمة، يا إشراق.
1- 1 - 2017 الساعة الواحدة صباحا



#مديح_الصادق (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إنَّ غدَ الثوَّارِ لآتٍ، آت
- ادعموا المُعتصمين، نداء إلى الناشطين في الجالية العراقية في ...
- اضطهاد المرأة جزء من اضطهاد أكبر، ملف المراة والتطرف الديني ...
- خواطرُ ليلةٍ شتويِّة
- صلاةٌ في حضرةِ الحبيبةِ... نص شعري
- في ذكرى انتفاضة معسكر الرشيد ( حركة الشهيد حسن سريع ) 3 - 7 ...
- ( تالي الليل تسمع حِسّ العِياط )...
- حبيبتي ووجهُ الوطن... نص شعري
- تراتيلُ الدماء.... نص شعري
- سلاماً، سلاماً، سلاما، للذكرى الحادية والثمانين لميلاد الحزب ...
- شباطُ الأسودُ في عَينَي صَبِي
- أبِلا أوتارِهِ يَعزِفُ العود؟... قصة قصيرة
- صدى المنافي
- تراتيل للوطن والحبيبة
- صديقتي .. نص شعري
- راحِلُون
- الحلقة العاشرة ( المشرح ) دماً ما زلتُ أنزفُ، يا عراق، مشاهد ...
- دماً مازلتُ أنزفُ، يا عراق.. مشاهد من رحلتي الأخيرة.. الحلقة ...
- الحلقة الثامنة.. دماً مازلتُ أنزفُ، يا عراق... مشاهد من رحلت ...
- دماً مازلتُ أنزفُ، يا عراق... مشاهد من رحلتي الأخيرة.. الحلق ...


المزيد.....




- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...
- -الضربة المصرية لداعش في ليبيا-.. الإعلان عن موعد عرض فيلم - ...
- أردوغان يشكك بالروايات الإسرائيلية والإيرانية والأمريكية لهج ...
- الموت يغيب الفنان المصري صلاح السعدني


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مديح الصادق - السُلطان... قصَّة قصيرة