أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طلعت رضوان - العلاقة العضوية بين المؤسسات الدينية وأنظمة الاستبداد















المزيد.....

العلاقة العضوية بين المؤسسات الدينية وأنظمة الاستبداد


طلعت رضوان

الحوار المتمدن-العدد: 5387 - 2016 / 12 / 30 - 16:46
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


العلاقة العضوية بين المؤسسات الدينية وأنظمة الاستبداد
طلعت رضوان
كلما قرأتُ فى تاريخ البشرية (القديم والوسيط والحديث) عن مؤرخين موضع ثقة ويتميـّـزون بدرجة عالية من الصدق والموضوعية، كلما تثبـّـت (إيمانى) بأنّ أنظمة الاستبداد تعتبرالمؤسسات الدينية (الخاضعة لها) هى خط الدفاع الأول لحمايتها من الجماهيرالشعبية، وذلك من خلال إدراك تلك الأنظمة أنّ المؤسسات الدينية تستعمل (سلاح) التخديرالميتافيزيقى، بالتركيزعلى أنّ (الحياة الآخرة خير وأبقى)
فلماذا تضافرتْ الحكومات الاستبدادية مع الأديان فى تكريس التمييزبين البشر؟ وهل هذا التمييز وليد العصر الحديث ، أم وُجد مع أول تجمع إنسانى ؟ ألم تكن الأرض فى البداية مشاعًا ؟ أى لا وجود لإنسان يتميّز على غيره بالملكية. الى أن جاء أول إنسان وقال : هذه الأرض ملكى. وكان هذا الإنسان بداية (منصب) رئيس القبيلة التى تطوّرت- بعد آلاف السنين- الى فكرة الدولة. ورئيس القبيلة- كى يحمى نفسه وأملاكه- عيّن أشخاصًا للحراسة ، ومن هنا جاءت ثنائية (يملك ولا يملك) وثنائية (سادة وعبيد). وكان هذا أول أشكال التمييز بين البشر.

وبينما تنص مواثيق حقوق الإنسان أن البشر متساوون فى الحقوق والواجبات، فإنّ المسكوت عنه هو إلى أى مدى يُترجم الأصوليون- فى كل دين- هذا المبدأ فى برامجهم ؟ ألا يصطدم هذا المبدأ مع العهد القديم الذى ذكرعلى لسان النبى موسى لربه ((فنمتاز أنا وشعبك عن جميع الشعوب الذين على وجه الأرض)) ويأتى الرد من الإله العبرى مؤيدًا ((فقال الرب لموسى هذا الأمر الذى تكلمت عنه أفعله)) (خروج 33 : 16،17) وجرثومة التمييز دخلتْ إلى الدين الواحد من خلال المذاهب. أليست كارثة أن يدّعى دعاة كل مذهب أنهم يملكون (الصواب المطلق) ؟
وهل يمكن فصل التمييز بين البشرعن التعصب سواء للدين أو للعرق ؟ لقد انقسم العرب بعد وفاة الرسول، وكانت الذروة بعد اغتيال عثمان وخدعة (التحكيم) بين على ومعاوية ، فنتج عنه ظاهرة (الخوارج) الذين رفعوا شعار(( لا حكم إلاّ لله)) وكان من بينهم عبدالرحمن بن ملجم الذى قتل على بن أبى طالب بعد أنْ أهدروا دمه. واستندوا إلى القرآن فى تبرير القتل، فقالوا إنه هو الذى أنزل الله فيه الآية 204 من سورة البقرة. أما قاتله فهو أيضًا مذكور فى القرآن وأنه هو الذى أنزل الله بشأنه الآية 207 من سورة البقرة (المستشارمحمد سعيد العشماوى- الخلافة الإسلامية- سينا للنشر 1990ص 117) استغلال الدين يؤكد العلاقة العضوية بين التمييز والتعصب لفهم نصوص الدين (وهو فهم يختلف فيه البشر) وما ذكره المستشارالعشماوى أكده أ. خالد محمد خالد فكتب (القرآن كما قال على حمّـال أوجه والسنة كذلك. وكان أصحاب على وهم يُحرّضون على دم معاوية وقتاله يُـقـدّمون بين أيديهم طليعة هائلة من الآيات والأحاديث التى كان يُحرّض بها أصحاب معاوية على دم على وقتاله. كذلك كان الحال فى الحرب التى دارتْ بين العباسيين والأمويين. ولطالما وقف يزيد الطاغية يخطب فى الناس ويُحرّضهم على قتل الحسين مسلحًا بآية وحديث) (من هنا نبدأ- ط 1950- دار النيل للطباعة- ص 135،136)
وإذا انتقلنا من التمييز المُـؤسس على مرجعية دينية ، إلى التمييز المؤسس على العرق ، نجد حديثًا منسوبًا إلى الرسول محمد (بغض النظرعن إنْ كان حديث آحاد أو منحولا إلخ تبقى الحقيقة المؤكدة أنّ قائله عربى قرشى إذْ ينص على ((لا تكون العرب كفؤًا لقريش والموالى لا يكونون كفؤًا للعرب كما قال صلى الله عليه وسلم)) (شمس الدين السرخسى- أحد أئمة الفقه الحنفى- فى المبسوط مجلد 3 ص 24 ط عام 1986- دارالمعرفة بيروت- نقلا عن أ. خليل عبد الكريم- الجذورالتاريخية للشريعة الإسلامية- سينا للنشر1990 ص 16) وعن نفس المعنى قال الإمام أبوحنيفة ((ليس أحد من العرب كفؤًا لقريش. كما ليس أحد من غيرالعرب كفؤًا للعرب)) والتعصب للعرق وصل لدرجة أن يقول سفيان الثورى ((إذا نكح (= الزواج) المولى (= غير العربى) العربية يُفسخ النكاح)) وقد أيّده أحمد بن حنبل (عبدالمتعال الصعيدى- المجددون فى الإسلام- هيئة قصورالثقافة- 2007 ص96) هذا التمييزالمؤسس على العرق أخذ عرفــًـا أقوى من القانون من العرب الذين غزوا مصر. ففى حين كانوا يستحلون لأنفسهم (نكاح) المصريات سواء بالزواج أو بالتطبيق للنص القرآنى لآيات (ملك اليمين) فإنهم رفضوا أنْ يتزوج المصرى من سيدة عربية ، ولذلك قالوا فى أمثالهم ((يأكلها التمساح ولا يأخذها الفلاح)) وبعد حوالى مائتى عام من الغزو العربى دخل أهالى قرية مصرية (الحرس) الإسلام وأرادوا أنْ يتساووا بالعرب فى جميع الوضاع الاجتماعية ، فكتبوا لأنفسهم نسبًا يعود إلى (حوتك) إحدى القبائل العربية. فثار العرب ضد هذه القرية. ذهب المصريون إلى القاضى العمرى ودفعوا له مبلغـًـا ليـُـثبت لهم نسبًا عربيًا. وبعد أنْ أعطاهم شهادة بذلك ، طعن العرب عليها وذهبوا إلى قاضٍ آخر فأبطل شهادة سلفه ففرح العرب . وكتب شعراؤهم قصائد تهجو القاضى الذى قبل الرشوة منها ((تقضى نهارك بالهوى / وتبيتُ بين مغنياتك / فاشرب على صرف الزمان / بما ارتشيتَ من الحواتك / إنْ كنتَ قد ألحقتهم / عربًا فزوّجهم بناتك)) (د. محمد حسين كامل- أدب مصرالإسلامية- دارالفكرالعربى - ص 25 نقلا عن الراحلة سناء المصرى- هوامش الفتح العربى لمصر- ط 2004- الشعاع للنشرص 164 والشاعرأحمد عبد المعطى حجازى- عروبة مصر- دارالآداب بيروت- عام 1979 ص 60 ،61) ورغم مئات الأمثلة التى تدل على واقعية العرب ورفضهم انتساب المصريين لعرقهم وثقافتهم، فإنّ غالبية شعبنا- خاصة بعد يولو52 صدّقوا أكذوبة أننا نحن المصريين عرب. ولأنّ أ. أحمد أمين كان يحترم لغة العلم وابن المرحلة الليبرالية ، لذلك كتب عام 1933 إنّ أهالى مصر والشام والمغرب ليسوا عربًا (ضحى الإسلام- ج 1 ص 76)

وهل يمكن فصل التمييزعن قتل الفلاسفة كما حدث فى أوروبا وفى الشرق فى العصور الوسطى ؟ ألم يُقتل السهروردى بأمرمن صلاح الدين الأيوبى ؟ وألم يُحرّم ابن الصلاح المنطق والفلسفة ؟ وألم يقل الأشرف بن موسى (من الأيوبيين) : من ذكرغيرالتفسير والحديث أو تعرّض لكلام الفلاسفة نفيته ؟ وألم يوضع رأس عبدالحميد الكاتب فى طست محمى راح يصعقه على مهل فى الخلافة العباسية ؟ ألم يتم تقطيع جسد ابن المقفع ورمى أعضائه فى النار وهو ينظرإليها ؟ إاذا قفزنا الى عصرنا الحاضر نجد أن تلاميذ معاهد الأزهر يتعلمون أنه ((لا يصح بيع كتب الكفر والتنجيم والشعوذة والفلسفة)) (الصف الثانى الثانوى الأدبى والعلمى- 2006/2007 ص 108 ، 390) وهكذا يتم تشويه الفلسفة بوضعها بجانب الشعوذة. والعداء للفلسفة يؤدى إلى الأحادية التى تغلق العقل ، فيتعلم التلاميذ أنّ البشر ينقسمون إلى سادة وعبيد ، إذْ يقول لهم أنّ ((للحرة ليلتان وللأمة (= عبدة) ليلة لحديث فيه مرسل)) وينص على إجبار الفتاة البكرعلى الزواج بغير موافقتها (المصدرالسابق ص 430 ، 462) .

وهل يمكن فصل التمييزعن العنف ؟ فمن بين المآسى التى تعرّض لها البشر ما حدث للعرب على يد العرب فى واقعة (الحرة) التى دمّر فيها يزيد بن معاوية المدينة وعبث بمسجد الرسول واتخذه مكانًا لخيوله ببولها وروثها وتغنى بالشعرالذى يجمع بين التعصب والعنف ((ليت أشياخى ببدرشهدوا / فزع الخزرج من وقع الأسل)) وذكرالطبرى وغيره أنّ عدد القتلى 1700 من الأنصار،1300 من المهاجرين ، 500 من الموالى وفض بكارة آلاف البنات. وألزم القائد المسلم من بقى من المسلمين أنْ يُبايعوا يزيدًا على أنهم عبيد له ومن رفض قـُـتل (الخلافة الإسلامية- مصدرسابق- أكثرمن صفحة) وفى عصرنا البائس قتل الإخوان المسلمون القاضى الخازندار والنقراشى إلخ ثم جاءتْ الجماعات الأكثرعنفًا وقتلت وزيرالأوقاف د. الذهبى وأنورالسادات وفرج فودة ومحاولة قتل نجيب محفوظ إلخ .
هل التمييز بين البشر قيدٌ أبدى؟
لهذا السؤال إجابتان : سيظل التمييز طالما ظلّ التعصب الذى هو إفراز للأحادية التى هى جرثومة (أنا الصواب المطلق) الإجابة الثانية عكس الأولى ، أى القضاء على التعصب والأحادية والصواب المطلق. وهنا يبرز سؤال جديد : كيف ؟ أعتقد أنّ علمنة مؤسسات الدولة. وتكريس فكرة أنّ تلك المؤسسات (شخصيات اعتبارية) ليس لها دين ولا تتعامل بالدين. وتعظيم دورالعقل فى التعليم والإعلام ، ربما تكون بداية لطريق طويل ، ولكن لا مفرمن الذهاب إليه لصناعة مستقبل أفضل ، كما فعلتْ الشعوب الأوروبية التى وقفتْ بجانب فلاسفتها وعلمائها ، فانقشع الظلام بانتصارالعقل . وهل العيب فى الحكومات التى كرّست التميز- ليس بين كل الشعوب فقط ، وإنما بين أبنائها كذلك ، أم فى الشعوب التى (آمنت) بالتمييز على مرجعية دينية؟ وهل يمكن أنْ يأتى يوم يُـعلن فيه البشرالتخلص من غيبوبة الميتافيزيقا؟
***



#طلعت_رضوان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لماذا بدأت الديانة العبرية بالقتل ؟
- لماذا يقول الإسلاميون (فتح) ولايقولون (غزو)؟
- أليست الآيات المتعلقة بالواقع تؤكد أنها ليست سابقة التجهيز؟
- لماذا تحتفى الميديا المصرية بالإسلاميين ؟
- الاعتداء على الكاتدرائية المصرية والسجل الإجرامى للإسلاميين
- الاقتصاد واختلاف الأنظمة
- أحادية أخناتون التى انتقلتْ للديانة العبرية
- هل يستطيع اليسارالمصرى التخلص من كابوس العروبة؟
- لماذا إصرار العروبيين على التزوير؟
- لماذا لايهتم صناع السينما المصرية بمأساة ماريه القبطية؟
- لماذا انقسم أبناء الديانة العبرية ؟
- ثوابت الدين وتغيرالبيئة والزمن
- هل الشيخ محمد عبده من التنويريين ؟
- لماذا أحرق عثمان المصاحف ؟
- حُلم الإسلاميين الطوباوى ب (تنقية) التراث
- دور البيئة الطبيعية والتأقلم
- ملاحظات حول مشكلات اللغة العربية
- التطور من الخلية الواحدة إلى الإنسان
- انعكاس الثقافة القومية على الإبداع (10)
- زراعة الأنسجة ودور العلم


المزيد.....




- “ثبتها الآن” تردد قناة طيور الجنة 2024 Toyor Aljanah لمشاهدة ...
- بعد اقتحامات الأقصى بسببه.. ماذا نعرف عن عيد الفصح اليهودي ا ...
- ما جدية واشنطن في معاقبة كتيبة -نيتسح يهودا- الإسرائيلية؟
- بالفيديو.. مستوطنون يقتحمون الأقصى بثاني أيام الفصح اليهودي ...
- مصر.. شائعة تتسبب في معركة دامية وحرق منازل للأقباط والأمن ي ...
- مسئول فلسطيني: القوات الإسرائيلية تغلق الحرم الإبراهيمي بحجة ...
- بينهم طلاب يهود.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين تهز جامعات أمري ...
- أسعدي ودلعي طفلك بأغاني البيبي..تردد قناة طيور الجنة بيبي عل ...
- -تصريح الدخول إلى الجنة-.. سائق التاكسي السابق والقتل المغلف ...
- سيون أسيدون.. يهودي مغربي حلم بالانضمام للمقاومة ووهب حياته ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طلعت رضوان - العلاقة العضوية بين المؤسسات الدينية وأنظمة الاستبداد