أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - صادق محمد عبدالكريم الدبش - تهنئة بالعام الجديد لشعبنا وللأنسانية جمعاء .















المزيد.....


تهنئة بالعام الجديد لشعبنا وللأنسانية جمعاء .


صادق محمد عبدالكريم الدبش

الحوار المتمدن-العدد: 5385 - 2016 / 12 / 28 - 04:08
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


نودع العام ! .. والعمر يجر اذياله رويدا رويدا ومن دون صخب ولا ضجيج !
حياة الأنسان ... لا تعدوا كونها عدد من السنوات والأشهر والأيام ..
نقضيها بين قيل وقال .. وكثرة الجدال !
والكثير نبحث عن المال .. والجاه والقوة !.. وبأي وسيلة كانت !.. بطرق مشروعة وغير مشروعة !
حتى وأن كان هذا على حساب الملايين !.. وعلى راحتهم وسعادتهم . والذي يسبب الجوع !باعث لالمهم وتعاستهم وبؤسهم .
هؤلاء المستغلون والجشعون !.. يدركون تمام الأدراك !... بأنهم سوف لم يأخذوا شئ مما يجمعوه من مال وجاه وقوة ونفوذ ... لم يأخذوا منه شئ !!.. سيتركوه لورثتهم أو سيتم مصادرته من قبل الدولة !
و هذا كله سينتج عنه بظلم وقهر هذه الملايين البائسة .. نتيجة للجشع والتسابق في النهب والفساد والأفساد !.. وأكلهم للسحت الحرام ، ويستحوذوا على ما ليس لهم حق فيه !
أن ترسيخ قيم أنسنة الحياة ومفاهيمها وقيمها الخلاقة ، وبعيدا عن الغلو والفساد والتمييز ، لهو الطريق نحو بناء الحياة الكريمة ، ... وبأن كل البشر لهم الحق في العيش بكرامة ، ولكل له نصيب في الثروة ، ولا أحد يمتلك حق التماييز والتمييز على أخيه مهما كان لونه ودينه وبلده وثقافته وقوميته !
وأن نسعى جميعا لتوعية من هم حولنا بهذه الحقيقة وتبيانها لهم !
ولن نرتضي لحكامنا بأن يقرروا مصائرنا ويرسمون مستقبلنا!.. بما يتفق ذلك مع مصالحهم وجشعهم وسطانهم !
ونتيجةلغياب العدالة !.. و لعدم تكافئ الفرص ، ولغياب المساوات والحرية والحقوق في نمط العيش والتفكير ، فيضطر الملايين من البشر ونحن منهم ، وما تشاهده البشرية ومنذ سنوات من هجرات مليونية ، والهروب من واقعهم المؤلم ، ويبحثوا عن حياة أفضل ، بعيدا عن وطنهم، ولأسباب قاهرة أجبرتهم على ركوب قاطرة الموت والهوان ، ويترك وطنه الذي أستوطنه وورثه عن أمه وأبيه ، ولعدم توفر الحد الأدنى من حقه على البقاء على قيد الحياة !
ومواطنونا !.. الذين عاشوا المعانات هذه من ولادتهم ، عندما كان مازال غض في كنف أمه وأبيه ، وأورثوهم هذا الظلم !.. والذي توارثوه عن أجدادهم !..
وهكذا ترى حياتنا عبارة عن مسلسل متصل ومتواصل !.. عبارة عن عقد وأدران ومتاعب وهموم ، نحملها معنا منذ طفولتنا وتستمر ملازمة لنا في حلنا وترحالنا .. وحتى الوفات !
فالعيش مع هذه الحقائق والمعانات ، التي هي متعددة ومتجددة ومتنوعة ، والتي أصبحت سمة من سمات حياتنا الصعبة والمعقدة ، والتأريخ ينبؤنا بألاف الأمثلة والعبر والدروس !... والسبب المباشر لكل هذه المعانات هو الجشع الذي ينتج كل شئ سيئ ( ينتج الجهل .. المرض .. الكراهية .. العنصرية .. الحروب .. والدمار العقلي والأخلاقي والمعرفي .. ويغيب فيه التعايش والحب والتعاون .. ويتوقف الانسان فيه عن الأبداع والعطاء .. وتغيب القيم الأنسانية السامية !.. من رحمة وتعاطف ومساعدة الغير .. ورعاية الأطفال والضعفاء وأصحابي الأحتياجات الخاصة ، ورعاية من حموك وربوك وقاموا على تنشئتك وجعلوا منك رجلا راشدا نافعا لنفسك ولمن هم بحاجة اليك !
نرى كم هو تأثير أنسنة الحياة وغيابها على حياة الناس ؟ .. وكم هو تأثير الأستغلال والجشع على حياة البشر ؟
وما الحروب التي نعيشها في العراق ومنذ ما يقرب من أربعة عقود ومازالت ألا نتيجة لما ذكرناه !
وما غربتنا وتغربنا زمانا ومكانا ومعرفة ألا نتيجة لتلك التراكمات المهولة .. وهذا لا يختلف عنا ما تعانيه ، وما تعيشه شعوب بلداننا العربية ، من اشقائنا في سوريا واليمن وليبيا والسودان وفلسطين والصومال وجنوب السودان ومناطق أخرى !... لا يختلف في جوهره وفحواه عما عشناه وما مررنا به وما أفرزه الواقع ؟.. فأنتقل الى من جاورنا .. وأمتد كما تمتد النار في الهشيم الى مناطق أخرى في بلداننا العربية والأفريقية ؟!
نأمل بأن يكون العام القادم خال من الحرب ومن الجشع ومن الكراهية والعنصرية والتمييز والتمايز ، وخالي من الجوع والمرض ومن الأمية ... عام خير ورخاء وأمان وسلام !
وهذا لا يمكنه أن يحدث بقدرة قادر !!... ومن دون ان نعي بأن مفتاح الأبواب المغلقة بأيدينا نحن !
وأن مائدة من السماء سوف لن تنزل علينا !... ولن تأتي قوة خارقة لتحررنا من عبوديتنا أبدا !.. مهما أنتظرنا من وقت !... فبجهدنا سنصنع حاضرنا ومستقبلنا الذي نريد ، ونبني وطننا كما نريده !.. حرا ومستقلا .. رخيا وسعيد ، وبجهد أبنائه ومكوناته وأطيافه ، برجاله ونسائه .. بشاباته وشبابه ... كل عالم وشعبنا بخير وسلام وأمان .
صادق محمد عبد الكريم الدبش
28/12/2016 م
مقتطفات مختارة من : قصــــائد لإبن الفـــــــــــارض /
يا ساكني البَطحاء، هل مِن عَودَة ٍ أحيا بها يا ساكني البطحاءِ
إنْ ينقضي صبري فليسَ بمنقضٍ وجدي القَديمُ بكُمْ، ولابُرحائي
ولَئِنْ جَفا الوَسميُّ ماحِلَ تُرْبِكُم، فمدامعي تربي على الأنواءِ
واحسْرَتي، ضاعَ الزَّمانُ ولم أفُزْ منكمْ أهيلَ مودَّتي بلقاءِ
ومتى يؤمِّلُ راحة ً منْ عمرهُ يومانِ يومُ قلى ً ويومُ تناءِ
وحياتكمْ يا أهلَ مكَّ
ة َ وهيَ لي قسمٌ لقدْ كلفتْ بكمْ أحشائي
حبَّيكمُ في النَّاسِ أضحى مذهبي وهواكُمُ ديني وعَقْدُ وَلائي
يا لائِمي في حُبّ مَنْ أجلِهِ قد جَدّ بي وَجدي، وعَزّ عَزائي
هَلاّ نَهاكَ نُهاكَ عن لَوْمِ امرِىء ٍ، لمْ يلفَ غيرَ منعَّمٍ بشقاءِ
لو تَدْرِ فيمَ عَذَلْتني لَعَذَرْتَني، خفض عليكَ وخلِّني وبلائي ...
ومقتطفات من قصيدة للشاعر : الشاعر محمود غنيم .
يا قلبي إني قد أتيتك ناصحـــــاً***فاربأ بنفسك أن تقودك محنتــي
إن الغريب سقته أيام الأســــــى***كأس المرارة في جحيم الغربــة
قد كان نومي هانئاً فوق الثرى***من غير شكوى أو عذول شامت
من غيرهم بالزمان وكربــــــه***من غير تسهاد يشتت راحتـــي
انا في ابتسامتي عرفت ولم أزل***حتى أتاني ما ينغص راحتـــــي
إن أسعفتني دمعتي في فرحتـي***أنزلتها طربا لأرسم بهجتـــــــي
أو أسعفني بالبكاء مـــــــــرارة***تتسابق العبرات تهجر مقلتــــي
واليوم أفرغ دمع عيني بالبكـاء***ندماً على ما كان مني ويلتـــي
جفت دموعي من فواجع ما أرى***لكن صبري في الشدائد قوتي
غريب على باب الرجـــاء طريــح *** يناديك من طول النوى وينــوح
يهون عذاب الجسم والروح سالم *** فكيف وروح المستهام جـروح
حيائـــــــــــي منــك يبعدنــــــــي *** وداعــي الشـــوق يدنينــــــي
ووجـــــه الصفــــــــح يخجلنــي *** و ذكر الذنب يبكينــــــــــــــي
مددت يدي فخذ بيدي.... إليك ومنك يا رباه.... وفي طول النوى أواه .... آه آه
وليس الذي يشكو الصبابة عاشقاً *** وما كــل باك في الغرام قريح
يقولون لي غنّّ وفي القلب لوعة *** أغني بها في خلواتي وأنوح .
وهذه مقتطفات من قصيدة للشاعر : فاروق جويدة .
كم عشتُ أسألُ: أين وجــــــــهُ بــــلادي
أين النخيلُ وأيـن دفءُ الــوادي
لاشيء يبدو في السَّمـَــاءِ أمـامنــــــــــا
غيرُ الظـلام ِوصــورةِ الجــلاد
هو لا يغيبُ عن العيــــــــون ِكأنــــــــه
قدرٌٌ .. كيوم ِ البعــثِ والميــــلادِ
قـَدْ عِشْتُ أصْــــرُخُ بَينـَكـُمْ وأنـَـــــادي
أبْنِي قـُصُورًا مِنْ تِـلال ِ رَمَـــادِ
أهْفـُـو لأرْض ٍلا تـُسـَـــاومُ فـَرْحَتـِــــي
لا تـَسْتِبيحُ كـَرَامَتِي .. وَعِنَــادِي
أشْتـَـاقُ أطـْفـَـــــالا ً كـَحَبــَّاتِ النـَّــــدَي
يتـَرَاقصُونَ مَـعَ الصَّبَاح ِالنـَّادِي
أهْـــفـُــــو لأيـَّـام ٍتـَـوَارَي سِحْــرُهَـــــا
صَخَبِ الجـِيادِ.. وَفرْحَةِ الأعْيادِ
اشْتـَقـْــــتُ يوْمـًا أنْ تـَعـُــودَ بــِــــلادِي
غابَتْ وَغِبْنـَا .. وَانـْتهَتْ ببعَادِي
فِي كـُلِّ نَجْــم ٍ ضَــلَّ حُلـْـــٌم ضَائـِـــــع ٌ
وَسَحَابَــة ٌ لـَبسـَـتْ ثيــَـابَ حِدَادِ
وَعَلـَي المدى أسْـرَابُ طـَيــر ٍرَاحِــــل ٍ
نـَسِي الغِنَاءَ فصَارَ سِـْربَ جَرَادِ
هَذِي بِلادٌ تـَاجَـــرَتْ فــِـي عِرْضِهـــَــا
وَتـَفـَـرَّقـَتْ شِيعًا بـِكـُـــلِّ مَـــزَادِ
لـَمْ يبْقَ مِنْ صَخَبِ الـِجيادِ سِوَي الأسَي
تـَاريخُ هَذِي الأرْضِ بَعْضُ جِيادِ
فِي كـُلِّ رُكـْن ٍمِنْ رُبــُــوع بـِـــــلادِي
تـَبْدُو أمَامِي صـُورَة ُالجــَــــلادِ
لـَمَحُوهُ مِنْ زَمَن ٍ يضَاجـِــعُ أرْضَهَـــا
حَمَلـَتْ سِفـَاحًا فـَاسْتبَاحَ الـوَادِي
لـَمْ يبْقَ غَيرُ صـُـرَاخ ِ أمـْــس ٍ رَاحـِـل ٍ
وَمَقـَابـِر ٍ سَئِمَتْ مـِــنَ الأجْـــدَادِ
وَعِصَابَةٍ سَرَقـَتْ نـَزيــفَ عُيـُـونِنـَــــا
بـِالقـَهْر ِ والتـَّدْليـِس ِ.. والأحْقـَادِ
مَا عَادَ فِيهَا ضَوْءُ نـَجْــــم ٍ شـَــــــاردٍ
مَا عَادَ فِيها صَوْتُ طـَير ٍشـَـــادِ
تـَمْضِي بـِنـَا الأحْزَانُ سَاخِــــرَة ًبـِنـَــا
وَتـَزُورُنـَا دَوْمــًا بـِـلا مِيعــَـــادِ
شَيءُ تـَكـَسَّرَ فِي عُيونـِــــي بَعْدَمَـــــا
ضَاقَ الزَّمَانُ بـِثـَوْرَتِي وَعِنَادِي
أحْبَبْتـُهَا حَتـَّي الثـُّمَالـَـــــة َ بَينـَمـَــــــا
بَاعَتْ صِبَاهَا الغـَضَّ للأوْغـَــادِ
لـَمْ يبْقَ فِيها غَيـرُ صُبْــح ٍكـَـــــــاذِبٍ
وَصُرَاخ ِأرْض ٍفي لـَظي اسْتِعْبَادِ
لا تـَسْألوُنـِي عَنْ دُمُـوع بــِــــــلادِي
عَنْ حُزْنِهَا فِي لحْظةِ اسْتِشْهَادِي
فِي كـُلِّ شِبْر ٍ مِنْ ثـَرَاهـَا صَــرْخَـــة ٌ
كـَانـَتْ تـُهَرْولُ خـَلـْفـَنـَا وتـُنَادِي
الأفـْقُ يصْغُرُ .. والسَّمَــاءُ كـَئِيبـَـة ٌ
خـَلـْفَ الغُيوم ِأرَي جـِبَالَ سَـوَادِ
تـَتـَلاطـَمُ الأمْوَاجُ فـَــوْقَ رُؤُوسِنـَــــــا
والرَّيحُ تـُلـْقِي للصُّخُور ِعَتـَادِي
نَامَتْ عَلـَي الأفـُق البَعِيـــدِ مَلامــــــحٌ
وَتـَجَمَّدَتْ بَينَ الصَّقِيـِع أيـــَـــادِ
وَرَفـَعْتُ كـَفـِّي قـَدْ يرَانـِي عَاِبـــــــــرٌ
فرَأيتُ أمِّي فِي ثِيـَــابِ حـِـــــدَادِ
أجْسَادُنـَا كـَانـَتْ تـُعَانـِـــقُ بَعْضَهـَــــا
كـَوَدَاع ِ أحْبَــابٍ بــِــلا مِيعـَــادِ
البَحْرُ لـَمْ يرْحَمْ بَـرَاءَة َعُمْرنـَـــــــــا
تـَتـَزاحَمُ الأجْسَادُ .. فِي الأجْسَادِ
حَتـَّي الشَّهَادَة ُرَاوَغـَتـْنــِي لـَحْظـَــة ً
وَاستيقـَظـَتْ فجْرًا أضَاءَ فـُؤَادي
هَذا قـَمِيـصـِـــي فِيهِ وَجْــــهُ بُنـَيتــِي
وَدُعَاءُ أمي .. كِيسُ مِلـْح ٍزَادِي
رُدُّوا إلي أمِّي القـَمِيـــصَ فـَقـَـدْ رَأتْ
مَالا أرَي منْ غـُرْبَتِي وَمُـرَادِي
وَطـَنٌ بَخِيلٌ بَاعَنــي فـــــي غفلـــــةٍ
حِينَ اشْترتـْهُ عِصَابَة ُالإفـْسَـــادِ
شَاهَدْتُ مِنْ خـَلـْفِ الحُدُودِ مَوَاكِبــًـا
للجُوع ِتصْرُخُ فِي حِمَي الأسْيادِ
كـَانـَتْ حُشُودُ المَوْتِ تـَمْرَحُ حَوْلـَنـَا
وَالـْعُمْرُ يبْكِي .. وَالـْحَنِينُ ينَادِي
مَا بَينَ عُمْـــــر ٍ فـَرَّ مِنـِّي هَاربـــــًـا
وَحِكايةٍ يزْهـُــو بـِهـَـــا أوْلادِي ..
وهذه مقتطفات من قصيدة : لأبو نواس عنوانها / يا دارُ! ما فعَلَتْ بكِ الأيّامُ .
يا دارُ! ما فعَلَتْ بكِ الأيّامُ، ضَـامَتْكِ ، والأيامُ ليسَ تُضامُ
عَرَمَ الزّمانُ على الّذينَ عهدتهمْ بكِ قاطِنين، وللزّمان عُرامُ
أيّـامَ لا أغْـشى لأهْلِـكِ مَنْـزِلاً ، إلاّ مُـرَاقَـبَـة ً ، عليّ ظَـلامُ
لقـد نَـهَـزْتُ مع الغُـوَاتِ بِدَلْوِهِـمْ ، وأَسَـمْـتُ صَـرْحَ اللّـهْـوِ حيثُ أساموا .
من شعراء المشرق الذين بكوا مدينة بغداد أثناء الفتنة بين الأمين والمأمون سنة سبع وتسعين ومائة للهجرة ( 197 ه _ 812 م ) الشاعر عمرو بن عبد الملك الوراق ،
يقول :
من ذا أصابك يا بغداد بالعين
ألم تكوني زمانا قرة العين
ألم يكن فيك قوم كان قربهم
وكان مسكنهم زينا من الزين
صاح الغراب فيهم بالبين فافترقوا
ماذا لقيت لهم من لوعة البين
ويقول الشاعر الخزيمي إسحاق بن حسان الفارسي :
يا بؤس بغداد دار مملكة
دارت على أهلها دوائرها .
وحينما اقتحم الزنج البصرة سنة خمس وخمسين ومائتين للهجرة ( 255 ه ) وهددوا كيان الدولة العباسية ، واعتدوا على الأموال والحرمات والأعراض ،
قال ابن الرومي ::
أي نوم من بعد ما حل بالبصرة
ما حل من هنات عظام
أي نوم من بعد ما انتهك
الزنج جهارا محارم الإسلام
كم أخ قد رأى أخاه صريعا
ترب الخد بين صر .
كثير من الناس من ارتشف شراب الهجر والغربة، في كؤوس من الحنين والأشواق...
وكم من مغترب قال بلوعةٍ بيتَ الطائي:
كمْ منزلٍ في الأرضِ يَأْلفهُ الفتَى وحنينهُ أبداً لأوّلِ مَنزلِ
وكم من مهاجرٍ يتغنى صباحَ مساء:
بلاديْ وإنْ جارَتْ عليَّ عزيزةٌ وأهلِي وإنْ ضنُّوا عليَّ كِرامُ
ومثله لفوزي معلوف:
مهمَا يَجُرْ وطَني عليَّ وأهلُه فالأهْلُ أهلِي والبلادُ بلادِي
والكلُّ يعلم أنّ طريق الهجرة وعرةُ المسلك، ومليئةٌ بالمنغّصات، ومهما بقي الإنسان في بلاد الغربة فاسمه "غريب"، ولن يجد قلباً حنوناً، بين الحجارة الصماء، مما حدا بالقَرويِّ في قروياته أن يقول بعدما أفنَتِ الغربةُ شبابَه:
دفنتَ ربيعَ عُمرِك في بلادٍ لها طالتْ لياليكَ القِصارُ
بلادٌ ربّما فيها كِرامٌ ولكِنَّ اللئامَ بها كثارُ
إذا لمْ تحوِ تربتُها حِجارا فبيْنَ ضلوعِ أهليها الحِجارُ .
قال بعض الأعراب قريباً من هذا، وعلّل بكاءَه وشوقه بأمرينِ اثنين، ومرحلتين جميلتين في حياة الإنسان، براءةِ الطفولة، وفتوةِ الشباب:
ذكرتُ بلاديْ فاستهلَّتْ مَدَامِعي بشوقي إلى عَهْدِ الصِّبا المتقادِمِ
حَنَنْتُ إلى أرضٍ بها اخضرّ شارِبي وقُطِّع عني قَبل عقدِ التّمائمِ
وعندما طال مقام ابنُ الرومي بسُرّ من رأى, قال أيضاً وهو يتشوّق إلى بغداد:
بلدٌ صحِبْتُ به الشبيبة والصِّبا ولَبِسْتُ ثوبَ العيشِ وهْوَ جديدُ
فإذا تمثَّلَ في الضميرِ رَأيتُهُ وعلَيهِ أغصانُ الشَّبابِ تمِيد .
فتراه يقول:
أَلا يا نَسيمَ الريحِ مِن أَرضِ بابلٍ تَحمَّل إِلى أَهلِ العِراق سَلامي
وإني لأهوَى أنْ أكونَ بأرضِهم على أنني منها استفدتُ غَرامي
والآخر يجعل هواءَ بغدادَ مؤرِّقاً له، ومُهيِّجا لأشواقه:
طِيبُ الهَواء ببغدادٍ يؤرِّقُني شَوقاً إليها وإن عاقتْ مَقاديرُ
فكيفَ أصبرُ عنها الآنَ إذ جمعتْ طيبَ الهوائين: ممدودٌ ومقصورُ؟؟ ..
والشاعر ابن الأبَّار بكى وطنه بقصيدة رائعة, أكثر فيها من التأوُّهِ, ومن ترويع الفراق, ومن عبرات البعد يقول:
أَبَيْنٌ واشتياقٌ وارتياعُ؟ لقد حُمِّلتَ ما لا يُستَطاعُ
تملّكني الهوى فأطعتُ قسراً ألاَ إنّ الهوى ملِكٌ مطاعُ
وروَّعني الفراقُ على احتمالي ومَن ذا بالتفرُّق لا يُراعُ؟
وليس هوى الأحبة غَير عِلقٍ لديَّ فلا يُعارُ ولا يُباعُ
فَلِلعبَراتِ بَعدهمُ انحدارٌ وللزفَرَات إثرَهُمُ ارتفاعُ
نأَوْا حقاً ولا أدري أيُقضَى تلاقٍ؟ أو يُباح لنا اجتماعُ ..
"فالشاعرُ الأعشى مقِيم بين سادات نجرانَ منعّماً، ولكن نفسه مشتاقة إلى العراق، وحوله مطايا أصحابه مثله, ليس لهم همٌّ إلا الوصول إلى العراق، لذلك يقول:
واضعاً في سراةِ نَجْرانَ رَحْلي ناعماً، غير أنني مُشتاقُ
في مطايَا أربابُهُنَّ عِجالٌ عن ثَواءٍ وهمُّهُنَّ العِراقُ
ولعلّ خير شِعرٍ يُظهر العلاقة المتينة بين المغترب ووطنه قولُ حاتم الطائي - وهو في الحيرة - مخاطباً جبلَي طيئ:
فقلت: ألا كيفَ الزّمانُ علَيكُما؟ فقالا: بخيرٍ.. كلُّ أرضكَ سائلُ" .
من أروع ما قرأت في تصوير الوقوف على الأطلال، قولُ جعفر بن أحمد السراج البغدادي:
وقفنا وقدْ شطّت بأحبابنا النَّوى على الدّارِ نبكِيها سقى رَبعَها المزْنُ
وزادتْ دموعُ الواكفين برسمِها فلو أرسلتْ سُفْنٌ بها جرَتِ السُّفْنُ
ولم يبقَ صبرٌ يُستعانُ على النّوى بهِ بعدَ توديع الخليطِ ولا جَفْنُ
سألْنا الصَّبا لما رأينا غَرامَنا يزيدُ بسكّانِ الحِمى والهوَى يدنُوْ:
أفيكِ لحملِ الشوقِ يا رِيحُ مَوضعٌ فقدْ ضعفتْ عن حملِ أشواقِنا البُدْنُ .
وقد يرحل الإنسان عن بلده ولا يعود إليها؛ بل يموت غريباً، فامرؤ القيس عندما "صار إلى بلدةٍ من بلاد الروم تدعى أنقرة احتُضر بها، ورأى قبر امرأةٍ من أبناء الملوك هناك، قد دُفنت في سفح جبلٍ يقال له عسيب، فسأل عنها، فأخبر بقصتها فقال:
أجارَتَنا إن المزارَ قريبُ وإنّيْ مُقيمٌ ما أقامَ عسيبُ
أجارتَنا إنَّا غريبانِ ها هُنا وكلُّ غريبٍ للغَريبِ نَسِيبُ .
ثم مات فدُفن إلى جنب المرأة، فقبره هناك"[25].
ويطلب مرار بن هباش الطائي ممن يحمل جنازته، أن ينزلوه في وطنه، ويدفنوه تحت ثراه:
سقى الله أطلالاً بأخيلةِ الحِمَى و إنْ كنَّ قد أبدَيْنَ للناسِ ما بِيَا
منازلُ لوْ مرّتْ بهنَّ جِنازتي لقال صدايَ: حامليَّ انْزِلا بِيَا[26]
وقدْ يعُود الإنسان إلى وطنِه، بعد فراقٍ طويلٍ، وعندما يصِلُ إلى أطلاله، تمتزج ذكرياتُ أطلال الهجرة، مع ذكريات أطلال العودة، فيناجيه قائلاً:
وطنَ النجومِ، أنا هُنا، حدّقْ.. أتذكُرُ مَن أنا؟
ألمحتَ في الماضيْ البعيدِ فتًى غريراً أَرعنَا؟
جذلانَ يَمرحُ في حقولكَ كالنّسيمِ مُدندِنَا
أنا ذلكَ الوَلَدُ الّذي دُنياهُ كانت ههُنَا!
أنا مِن مِياهكَ قطرةٌ فاضتْ جداولَ مِن سَنا
أنا مِن تُرابكَ ذرّةٌ ماجتْ مواكبَ مِن مُنَى
أنا مِن طيوركَ بُلبلٌ غنّى بمجدكَ فاغتنَى
حمَلَ الطّلاقة والبشاشةَ مِن ربوعكَ للدُّنا
كم عانقتْ روحِيْ رُباكَ وصفّقتْ في المُنحنَى! .
أخيراً؛ وللأمانة:
قد يعيش الإنسان لفترةٍ ما في وطنٍ غيرِ وطنه، وأرضٍ غيرِ أرضه، ويدخلها بداية غيرَ محبٍّ لها، لظروفٍ أجبرتهُ على الرّحيل، ولكنه ربَّما يحبُّ ذاكَ الوطن، ويحب أهله، لأنهم طيبون وجديرون بالمحبة، فالمحبة والطِّيب لا يعرفانِ وطناً ولا أرضاً، ولكنْ مهْمَا عاش بينهم فلا بدّ أن يفارقهم، ليعودَ إلى وطنه، مردّداً في طريق العودة:
دَخَلْنا كارِهينَ لهَا فلمّا ألفْناها خرجنا مُكرَهِينَا
وما حبُّ الدِّيارِ بنا، ولكِنْ أَمَرُّ العَيشِ فُرْقَةُ مَن هَوِيْنَا
تركتُ أقرَّ ما كانتْ لعَينيْ وخلّفتُ الفؤادَ بها رَهِينَا .



#صادق_محمد_عبدالكريم_الدبش (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مهادنة الطغات والمتحجرين .. خطأ ستراتيجي قاتل !!!
- الى سوريا أكتب .
- باقة ورد عطرة بالعام الجديد .
- ما الذي يسوقه نظامنا السياسي للرأي العام العراقي؟
- سألتني ...وهي في عجالة ... وكأنها تروم لشئ يشغلها !
- هل شرعنة الظلم ... سمة من سمات أرثنا الحضاري المتوارث ؟
- المؤتمر العاشر للحزب الشيوعي العراقي
- قراءة نقدية في الدستورالعراقي .
- تصويت مجلس النواب على قانون الحشد الشعبي هزيمة للديمقراطية .
- تغريدة اليوم للسيد موفق الربيعي على قناة الشرقية !
- خاطرة المساء...ليوم السبت !
- ال)كرى الثانية عشرة لرحيل أبا عمار .
- الذكرى الثانية عشر لرحيل ابا عمار .
- ترامب ... والشرق الأوسط الجديد !
- الأسلام السياسي ... وجريمة الخمور !!؟
- منع المشروبات الكحولية ... وأبعاد االقرار !
- تحية رفاقية وبعد
- لست أنا من يتكلم !
- قالت لماذا تتهيب في كلامك؟
- لا خيار أمام قوى شعبنا الديمقراطية ؟


المزيد.....




- وزير خارجية الأردن لـCNN: نتنياهو -أكثر المستفيدين- من التصع ...
- تقدم روسي بمحور دونيتسك.. وإقرار أمريكي بانهيار قوات كييف
- السلطات الأوكرانية: إصابة مواقع في ميناء -الجنوبي- قرب أوديس ...
- زاخاروفا: إستونيا تتجه إلى-نظام شمولي-
- الإعلام الحربي في حزب الله اللبناني ينشر ملخص عملياته خلال ا ...
- الدرك المغربي يطلق النار على كلب لإنقاذ فتاة قاصر مختطفة
- تنديد فلسطيني بالفيتو الأمريكي
- أردوغان ينتقد الفيتو الأمريكي
- كوريا الشمالية تختبر صاروخا جديدا للدفاع الجوي
- تظاهرات بمحيط سفارة إسرائيل في عمان


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - صادق محمد عبدالكريم الدبش - تهنئة بالعام الجديد لشعبنا وللأنسانية جمعاء .