أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد عبد المجيد - الزمن الأطرش هو الأسمع!














المزيد.....

الزمن الأطرش هو الأسمع!


محمد عبد المجيد
صحفي/كاتب

(Mohammad Abdelmaguid)


الحوار المتمدن-العدد: 5382 - 2016 / 12 / 25 - 11:56
المحور: الادب والفن
    


الزمن الأطرش هو الأسمع!

في 26 ديسمبر 1974 أسلم الروحَ لبارئـِـها بعد حياةٍ ملؤها التحدي والحب والعشق والنغم رسمتها أناملُ ذهبيةٌ علىَ أوتار عودٍ دمشقيٍّ في قاهرة المُعِزّ، إذا عزفتْ تراجعتْ كلُ الآلات الموسيقيةِ إلىَ الخلف، فالعودُ شرقيٌّ وهذا ملعبــُـه، وقد ينافسه الماندولين اليوناني والناي المصري لبعض الوقت، لكن هذا الأميرَ القادمَ من الجبل لم ينزل كعادة المتسلقين، إنما صعد في عاصمة الفن حتى عرف الناسُ أنَّ للرقةِ عضلاتٍ مفتولةً بأوتار ولــَّـتْ وجهَها شطرَ القاهرة حيث حلبات المصارعة الفنية لا ترحم، فمن يسقط في شارع محمد علي ليس كمن يتلعثم في دمشق أو يتردد في بيروت.
العبقريُ الوحيدُ الذي لم يعرف الخبثَ، ولم يتآمر علىَ فنانٍ مثلـِـه، ولم يقف في طريق طموح شاب، وبدأ بمصرَ مع رحيق شامي ( يا ريتني طير لا أطيـر حواليك)، وطالت قامتُه القصيرة أمام عمالقة الفن.
تمصَّر كأمير درزي فأخذ الجبلَ معه وتحدث بلهجة لا تــُـفرّقه عن عبد المطلب، ولا تستطيع أن تميّز لسانَه عن لسان محمد فوزي أو كارم محمود.
قاطعه الكبار أملاً في أن يحتاج إلى مساعدتهم في التلحين، فلم يمدّ كلماته لأوتارهم وغنى ( يا قلبي يا مجروح ) و( يا وحشني طال غيابك ليه يا قاسي .. يا وحشني إنتَ فاكر ولا ناسي).
اختار أجملَ فصول العام ووضع عليه اسمَه، فإذا جاء شهر مارس و"البدر هلت أنواره وفين حبيبي اللي رماني من جنة الحب وناره"، كان الربيع فريدًا درزيـًـا و .. فريدًا من نوعه و.. فيفالدي مصر بفصولِها الأربعة.
كانت أخته وحْيــَــه حتى لو غنّت: "يا حبيبي تعالَ الحقني شوف اللي جرالي .. ولا عندي لا أب ولا أم ولا عم أشكي له"، فلحن لها كأنها هو!
تمنَّى أن يلحن لأم كلثوم، لكن السنباطي والقصبجي وزكريا أحمد كانوا على ناصية الطريق، كلما أعجبتها كلمات؛ أسرعوا إليها بأحضانهم إلى أن جاء عبد الوهاب بطلب من عبد الناصر فغنت له: رجعوني عينيك لأيامي اللي راحت، فوقفت مصر كلها تدندن معها إنتَ عُمري لساعتين ونصف الساعة في المرة الأولىَ، 1962.
لم يعطه العندليب الأسمر صوتَه ليلحن له، فعبد الوهاب بالمرصاد، وابنه بالتبني النغمي أهدىَ حنجرتــَـه لموسيقار الأجيال ولبليغ حمدي وكمال الطويل والموجي والدائرة ليست مفتوحة لفريد الأطرش.
ورحلت نصفُه الآخر، وحشر أحزانَ أسمهان في عوده، واستمر يصارع في مدينة الألف مطرب، ولحّن لشادية وفايزة أحمد وصباح ومها صبري ونور الهدى، وغنى للثورة وللنضال ولمصر، لكنه كان الأقرب لقلوب العرب فبساط الريح يحمله إلى كل قطر عربي ثم يشتاق لوادي النيل " البُعد عليَّ يا مصر طويل"!
اشترك في 31 فيلمـًـا رومانتيكيا وحزينا ومفرحا منذ بداية الحرب الكونية الثانية إلى عام وفاته، وكلما غاب عن مصر وعاد إليها جن جنون جماهيره الأكثر وفاءً من عالم الفنانين فغنى:" سنة وسنتين وانت يا قلبي تقول انا فين
وتهت ودبت في اشواقي وشفت النيل وعرفت انا فين
في مصر يا عمري يا نور العين
ع الشطين انا شفت احبابي واخواتي واهلي واصحابي
وهواكِ والنخل العالي ونجومها ف الليل بتللالي
بكيت من الفرْح وطاب الجرح غني يا قلبى اتهني يا عين
في مصر يا عمري يا نور العين"
غنىَ ولحن أصعبَ القصائد: أضنيتني بالهجر، عدت يا يوم مولدي، لا وعينيكِ، يا زهرة في خيالي، اسألي الفجر والغروب.
ولم يغب عن مصر في وطنياتها وحروبها وثورتها ( اليوم يوم الشجعان وحبيببك يا مصر بان) فهو ليس أقل من نجوم الصف الأول .. بل قبل الأول.
فريد الأطرش حالة خاصة في التلحين، إذا لحن فرَّدَ الصوتَ، فتظن أنه لمس أوتار صوت سعاد محمد أو نور الهدىَ أو وردة الجزائرية، وقد يبدو أنه ركَّب صوتا آخر في حنجرة مطرب يلحن له كما فعل لنازك فبدت كأنها أسمهان!
خالداته معجونة بتراب مصر، وإذا تلقـَّـف عودُه كلمات حب ظهر كأنه هو العاشق( حبيب العُمر حبيتك، وأخلصت في هواك عمري، لا يوم خنتك ولا نسيتك) و( اديني ميعاد وقابلني وكفاية بعاد وخصام) و( وسألني الليل بتسهر ليه، ما دام قلبك صبحك خالي، سهرت يا ليل أنادي عليه، وأعيد الذكرىَ على بالي) وهنا تنظر حولك فترىَ ظلام الليل ولو كانت الشمس في كبد السماء.
في 26 ديسمبر 1974 رحل فريد الأطرش ولم يرحل، غاب ولم يغب، فكل عاشق لأنغامه يردد: بنادي عليك، تسمع نداي معايا قبل أندهلك، وأحن إليك، وفي كل لحظة تفوت من عُمري تشتاق لك. نسيت حياتي اللي قبلك وذكرياتي اللي فيها، وروحي تتمنى ضلك، يمشي ويخطر عليها.
رحم اللهُ فريدَ الأطرش الذي جاء زائرًا، ثم اصبح ضيفـًـا، ثم تحول إلى صاحب بيت، وتمصَّر، ووضع بصماته على الأذن المصرية، وظل عروبيـًـا حتى النخاع، وكان كل قُطر عربي بلدَه، وكل شبر في العالم العربي وطنه.
محمد عبد المجيد
طائر الشمال
أوسلو في 26 ديسمبر 2016



#محمد_عبد_المجيد (هاشتاغ)       Mohammad_Abdelmaguid#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الإعلام المصري يحارب الشعب والجيش .. مع صمت الرئيس!
- الرئيس السيسي .. هل تسمح لي أن أبحث عن بديلٍ لكَ؟
- إنه محلل سياسي؛ يا له من أمرٍ مخجٍل!
- حوارٌ بين قفا و .. كفٍّ!
- عشرة أسباب لاستخدامي كلمة أقباط بدلا من مسيحيين!
- مستر تشانس في كل العصور!
- كلمات موجوعة .. نصرخ حين يصمت آخرون!
- حوار بين مغترب و .. مقيم!
- حوار بين الرئيس السيسي و .. بيني!
- حوار بين خروف و .. فاطمة ناعوت!
- لماذا نحب السباب من وراء حجاب؟
- المسيحية والإسلام في فضائيات القردة!
- التوك شو وصناعة الجهل!
- المواد الأولية لصناعة الطاغية
- من عاش زمن أم كلثوم فقد عاش الدهر كله!
- رسالة مفتوحة لرئيس لا يسمع!
- الإعدام أو الرجم أو الجلد لفاطمة ناعوت!
- هل مصرُ ماتزال عربية؟
- خرافة نسخ الثورة!
- الديمقراطية البيضاء و.. الاستبداد الأسمر!


المزيد.....




- تابع HD. مسلسل الطائر الرفراف الحلقه 67 مترجمة للعربية وجمي ...
- -حالة توتر وجو مشحون- يخيم على مهرجان الفيلم العربي في برلين ...
- -خاتم سُليمى-: رواية حب واقعية تحكمها الأحلام والأمكنة
- موعد امتحانات البكالوريا 2024 الجزائر القسمين العلمي والأدبي ...
- التمثيل الضوئي للنبات يلهم باحثين لتصنيع بطارية ورقية
- 1.8 مليار دولار، قيمة صادرات الخدمات الفنية والهندسية الايرا ...
- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد عبد المجيد - الزمن الأطرش هو الأسمع!