أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - شوقي ناجي جواد - الوطنية















المزيد.....



الوطنية


شوقي ناجي جواد

الحوار المتمدن-العدد: 5379 - 2016 / 12 / 22 - 10:10
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



الوطنية: وتُعْرَفُ باسمِ الفخر القومي كذلك، هي التَعَلُّقُ العاطفي بأُمة يعترف بها الفرد وطنا له. والوطني هو من يحب بلاده، ويدعم سلطتها ويصون مصالحها. ويمكن النظرإلى هذا الارتباط من خلال العلامات المميزة للأمة والتي قد تشمل جوانب إثنية وثقافية، سياسية وتاريخية. تنبع المشاعر الوطنية من حِسٍّ بالارتباط والانتماء، والتضامن والالتزام. وتتضمن الوطنية مجموعة مفاهيم وثيقة الصلة بالقومية، لأن واقع الحال يفيد بأن المصالح ملك للأمة، وليس للبلاد بمعناها الحرفي.
تُستخدم الوطنية والقومية بشكلٍ متعاوض في كثير من الأحيان. وإن أمكن التمييز بينهما نظريًا. والوطنية مفهومٌ أخلاقي، وهو أحد أوجه الإيثار لدفعها المواطنين إلى التضحية براحتهم، وربما بحياتهم من أجل بلادهم. والوطنية حجر الأساس الذي تقوم عليها القومية. ويمكن وصَف الوطنية ب "المشاعر السياسية"، واعتبر مبدأ تضحية المرء بفرديته الشخصية لصالح تفرد الدولة من أعظم اختبارات الوطنية، شريطة وجود الحوكمة. ولا تنفصل الوطنية عن الحرية بل يستحيل وجودها في مجتمع مستعبد، وأستغرب ممن يُظهرون انتمائهم للإنسانية دون التزامٍ لأقوامهم.
تقليديًا، اقترنت الوطنية بالحركات القومية اليمينية أكثر من اليسارية. وهذا لا ينفي الوطنية عن اليسار أو يقترحُ امتلاك اليمينِ لحقوقها الحصرية، إنّما لميلِ اليَمينِ إلى تقديم الولاء على العدل. وقد وضِعَ تقييمًا رفيعًا للوطنية في كتاب الأمير، واستبعدَ الحرية عن بلاد ٍدون شعوب حاضرة لتقديم التضحياتِ اللازمةِ لأوطانها. وكان كتابه مناشدة لتخليصِ إيطاليا من الهيمنة الأجنبية والحكامِ الضُعفاءِ قصيري النظر، بِغَضِّ النظر عن عدل أو ظلم الوسائل.
ومثاليًا، الوطنية مهمة للدولة نظرًا لاحتياجها إلى جنود وشرطة، بيروقراطيين وضباط استخبارات، وغير ذلك من وظائفَ ممهدة للسلامة الجسدية والنفسية. أما في بلدٍ ديمقراطي، فإن الوطنية تُوَفِّرُ شعورًا بالولاء والتفاني وتُقَدِّمُ للمواطنين غرضًا حياتيًّا يرتكز عليه النظام. وبرغم عالمية اعتبار الوطنية فضيلة ضرورية، تعددت مظاهر وحجج معاداة الوطنية التي قد تتخذ أشكالاً متطرفة مثل الشوفينية. فالوطنية مفهومٌ مُعَقَّد دون حلٍ نظري متكامل، تعددت أشكالها من وطنية معنية بصالح البلدِ ومواطنيه، إلى الطاعةِ العمياء للحاكم.
ويعود أصل مصطلح الوطنية إلى كلمة (يونانية πατριώτης - باتريوتيس) التي أُستخدمت في اليونان القديمة لوصف وتمييز البرابرة بشكل حصري. وكلمة ( πατριά - باتريا) تعني عشيرة، وأراد اليونانيون الذين يعودون إلى دولة مشتركة تمييز أنفسهم عن البرابرة الذين يرجعون إلى أصل أو جد مشترك. ووجدت الكلمة طريقها إلى اللغات الرومانسية في القرن السادس عشر، ودخلت الكلمة قيد الاستعمال في اللغة الانجليزية في نفس الحقبة خلال العصر الإليزابيثي. وكانت الكلمة بدورها مجرد دلالة على الأصل الإثني المشترك، وتعني ابن البلد حرفيًّا.
اُستُعمِلت كلمة الوطنية خلال حروب الإصلاح الأوروبية على نطاقٍ واسع، وبداية التحول الحاسم في مغزاها، كان خلال حرب الثمانين عاماً ضد الهيمنة الأجنبية للتاج الإسباني والإمبراطورية الرومانية على هولندا. إذ وصف أحد الحكام وغيره من الراديكاليين أنفسهم بالوطنيين، وترسخت الكلمة في الثقافة السياسية لسكانِ البلدان المنخفضة منتصف القرن السادس عشر. ودعي أهلها بالوطنيين الجيدين tout bon citoyen et patriote) ) القادرين على حمل السلاح والدفاعِ عن فرنسا ضد التحالف الكاثوليكي وحلفائه الإسبان. وفي القرن الثامن عشر، أُضيفت ياءُ النسبِ إلى كلمة "وطني" وكان ديفيد هيو قد أدخل المصطلح إلى الثقافة السياسية البريطانية. واُعتمِدَ المصطلح لتمييز الثوريين الأميركيين خلال الثورة عن الموالين للإمبراطورية البريطانية. وألهمَ الثوريون الأميركيون محرضي الثورة أمير أورانيا، الذين وصفوا أنفسهم بالوطنيين كذلك تمييزاً لأنفسهم عن الموالين للأمير. وبعد سنتين، اندلعت الثورة الفرنسية ضد الإقطاع. ويُمكِنُ تعقب القومية الفرنسية إلى فترةٍ مبكرة بدأت مع جاندارك، إلا أنَّ الثورة كانت نقطة التحول الفاصلة. وساهمت حروب وغزوات نابليون التي كانت بداعِ نشر قِيَم التنوير في سطوعِ القومية الرومانسية في القارة الأوروبية.
وتوضح هذه الأمثلة معنى الوطنية، فهي منقبة أو فضيلة في إطار حالة اجتماعية تُحَرّض المرء على حب بلاده والعمل لتحقيق وحماية مصالح الأمة. وهي ليست هوية في حد ذاتها، ذلك أنَّ الهوية معقودة بالقومية. وكان َرفاعة الطهطاوي من أوائل من نقلوا المصطلح إلى اللغة العربية، وكان مدعوماً من الأسرة المصرية الحاكمة والتي سعت إلى الاستقلال عن الإمبراطورية العثمانية. عَرَّفَ الطهطاوي الوطن بأنه: "عش الإنسان الذي فيه درج، ومنه خرج، ومجمع أسرته، ومقط عسرته، وهو البلد الذي نشّأّته تربتُه وغذاؤه وهواؤه، ورُبّاه ونسيمُه. ولم يرغب محمد علي باشا أن يتعلم المبتعثون المصريون إلى فرنسا أكثر مما يجب، فقد كان حاكمًا أوتوقراطيًا في نهاية المطاف. غير أنَّ الليبرالية وجدت طريقها إلى كتابات الطهطاوي الذي عاصر ثورة يوليو وكتب عنها بإسهاب. ولم يَنظِّر للديمقراطية، واكتفى بالكتابة عن قيود أخلاقية مستمدة من الإسلام على سلطات الحاكم، فكان بذلك من أوائل من كتبوا عن فصل السلطات. وكان دافعه من وراء الكتابة عن تقييد سلطات الحكام هو كشف حقيقة أنَّ الطبقة الحاكمة في مصر كانت خليطًا من أتراك وشركس، بينما هيئة الفقهاء الدينيين كانت المجال المتاح والوحيد أمام سكان البلاد الأصليين للمشاركة في تيسيرالشأن السياسي. كما لعبت الاضطرابات الطائفية في سورية العثمانية دوراً في بلورة رؤى البرجوازيين اللبنانيين وأيقضت آثار مصر القديمة في باريس القومية المصرية بصورةٍ لم تكن مألوفة من قبل. وأراد أن يقول بأنَّ المصريين اليوم هم أحفاد ذات الشعب الذي بنى أعظم حضارات العالم القديم، كما ينظر إليها على نحوٍ واسع. وقد حَمَّل الطهطاوي مسؤولية انحطاط مصر حضاريًا على الحكم الأجنبي، بما في ذلك هيمنة الأسرة التي عَمِل َلصالحها. ودعا إلى حسن معاملة الأجانب والتعلم منهم، وأشاد بأسرة محمد علي ماسعت إلى ”إحياء أمجاد مصر“.
والوطنية عند بطرس البستاني هي حماية المواطنين لأغلى حقوق الوطن بما في ذلك حياتهم وكرامتهم، وممتلكاتهم وحرية ثقافتهم المدنية وحقوقهم الدينية. بالنسبة للبستاني، لا يكونُ الإخلاص لشخص الحاكم لأن الوطني الحقيقي يُكَرِّسُ نفسه لما فيه مصلحة بلده. كان البستاني قوميًا سوريًا، وكتب عن ضرورة التعاون على قدم مساواة لجميع أبناء البلد الواحد، ويتحقق ذلك بالاعتراف بجميع الأديان بما أنها ”تعبد ذات الإله الواحد“.
وتَصعُبُ دراسة طبقات الهوية في الشرق الأوسط. إذ تَكشِفُ طريقة استعمال مصطلحات الوطنية والقومية عن ارتباك، واستخدامات حصرية بالدول الأعضاء في الجامعة العربية. عادت كلمة الوطنية بعد إنهيار القومية العربية، وسميت مرحلة ما بعد قمة الخرطوم بـ”الوطنية“، ويقصدون القومية الإقليمية. لم يكن مفهوم القومية الإقليمية غريبًا عليهم في الممارسة والواقع، إذ عَبَّرَ ساطع الحصري عن استياءه من ترسيخِ الحدود برغم رحيل الاستعمار. ذلك أنَّ كثيرًا من بلدان المنطقة معروفة كأفكار تاريخية ومراكزَ إدارية بغض النظر عن التقسيم الاستعماري. وكانت النخب السياسية والاقتصادية حريصة على نجاةِ بلدانها لاستثماراتهم الراسخة فيها، وجادل بعضهم في أن القومية العربية ليست أكثر من رخصة لبعض النخب لإرهاب نخبٍ أخرى. على سبيل المثال، استخدم العراقيون حججًا ثقافية وجيوسياسية للدفاع عن الحدود القومية، وأظهروا تحفظًا إزاء عبارات مثل "الشعب العربي في العراق". ولذلك أضاف عبد الكريم قاسم نجمة عشتار على الشعار القومي تأكيدًا على هوية البلد وصد دعوات الانضمام إلى الجمهورية العربية المتحدة. وفي حالة مشابهة كانت في تونس الحبيب بورقيبة الذي اتخذ سياسة مستقلة وأكثر انفتاحًا وشدد على حق بلاده في السعي إلى تحقيق مصالحها القومية.
الوطنية هي أن تدعم بلادك في جميع الأوقات، وحكومتك عندما تستحق ذلك، ويصف قاموس أكسفورد الوطني بالشخص الذي يدعم بلاده بقوة، والمستعد للدفاع عنها من الأعداء أو المنتقصين. وأشارت موسوعة ستانفورد للفلسفة الى تعريف قياسي للوطنية وهو حب المرء لبلاده، ويتضمن التعريف :عاطفة أو تعلق وجداني بالبلد، وبرفاهية وخير البلد، إلى جانب الاحساس بهوية خاصة مع البلد، والاستعداد لتقديم تضحيات تعزز من مصالح البلد. وتقول الموسوعة أنَّ ما من فرق بين كلمتي عاطفة وحب ويمكن استعمالهما بشكل متعاوض، غير أن الحب من دون القلق ليس كافياً للوطنية، ولذلك وجب تضمين الاهتمام أو القلق في التعريف. الاهتمام والقلق بحالة البلد ينطوي ضمناً على استعدادٍ بتضحية لصالحها.
الاحساس بالخصوصية عبارة مبهمة وتسمح للمرء أن يطلق على بلد ما خاصته بصورة رسمية وبالغة الشكلية. لذلك، يمكن تمييز الوطني من طريقة تعريفه عن نفسه مع بلده من خلال التعبير عن مشاعره بشكل غير مباشر، من فخر بمزاياها وانجازاتها أو شعور بالعار لإخفاقاتها، وتشمل الاعتراف بجرائمها، إن وجدت، بدلاً من إنكارها. هذا مُجَرَّدُ تعريف تجريدي وليس تقريراً متكاملاً تقول الموسوعة، لأنه لا يتطرق لمعتقدات ومواقف الوطني إزاء شمائل بلاده، فضلاً عن الظروف السياسية والاجتماعية المؤثرة على المد والجزر الوطني، وتأثير الوطنية ثقافياً وسياسياً. وترتبط الوطنية بالهوية القومية. والهوية تعريف أو تفسير للذات يُحدد موقع وماهية الشخص من الناحيتين الاجتماعية والنفسية. وتظهر الهوية ضمن نظام من التمثيل والعلاقات الاجتماعية، وتتطلب اعترافاً متبادلاً، ومعاييرها التعريفية هي الاستمرارية عبر الزمن، والتمايز عن الآخرين. تنبع الاستمرارية من إدراك الأمة ككيان متجذرٍ تاريخياً مع بناء تَصَوراتٍ واضحة عن المستقبل، ويستوعب الأفراد هذه الاستمرارية من خلال مجموعة من التجارب الزمنية التي يفهمونها بشكلٍ موحد. التمايز نابعٌ من وعي بتَشكل مجتمع متميز بثقافة، وماضٍ، ورموز وتقاليد متعلقة بأراضٍ محددة ومُعرَّفة. لا يتأتى الإحساس بالحدود الإقليمية للبلد بشكل طبيعي، لأنَّ النخب عادةً ما تكونُ أولَ من يكتسب مفهوماً واضحاً لها عبر التعليم.
لاتُكَوِّنُ المجتمعات القروية إحساساً بالأمة من تلقاء نفسها لأن فردها لا يسافر ولا يتجول في أنحاء بلده وبالتالي لا يستطيع تَخَيُّلَ حدود بلاده بشكلٍ واضح. الوطنية ظاهرة حديثة في التاريخ الإنساني ارتبطت بظهور المجتمعات الحديثة والتقسيم العقلاني للعمل. هذا لا يعني أن فضيلة الإخلاص للجماعة لم تكن معروفة في الثقافات البشرية، ولكن مغزى الوطنية المتعارف عليه حديثٌ نسبيًا.
تعمل المجتمعات التقليدية على أساس النَسب، الدين، النوع، الطبقة الاجتماعية ومثيل ذلك من الخصال. يكتسب القرويون، أو الجماهير بشكل عام، قِيَمهم ويتعلمون التعريف عن أنفسهم من خلال ما يُسمى بثقافة النخبة، أيًّا كان محتواها، إذ تُسقط النخبة نسخة مختارة من ”ثقافتها العالية“ على هؤلاء. أن نجاح تعميم نسخ معينة من ثقافة النخبة يتطلب بيئة ترتبط فيه هذه الثقافة بهياكل السلطة، لتكون قادرة على توفير فرصٍ للجماهير التي ستتبناها، وأن تقدم النخبة بعضًا من التنازلات وتدمج ثقافتها العالية بعناصر من الثقافة الشعبية حتى تتمكن الجماهير من امتصاصها وتبنيها كأنها مِلكهم. وتقوم النخبة بانتقاء الموروثات التاريخية بعناية شديدة، ثم تحورها بصورة راديكالية وتقدمها بلغة مفهومة للعوام.
وتتضمن الاستراتيجيات العامة لبناء الوطنية في العادة، الآتي:
= بناء ونشر أو تعميم صورة معينة عن الأمة.
= إيجاد وترويج مجموعة من الرموز والطقوس بهدف تعزيز الاحساس بالمجتمع بين المواطنين.
= النهوض بالمواطنة التي تنطوي على مجموعة محددة وواضحة المعالم من الحقوق الفردية والقانونية، وحقوق سياسية، وحقوق اقتصادية اجتماعية. من شأن ذلك تعزيز مشاعر الولاء، وترسيخ تمييز حاسم بين أولئك المشمولين (المواطنين) والمستبعدين (الأجانب)، إيجاد عدو خارجي مشترك للأمة، ليس توجهًا تقليديًا ولكنه أثبت فعاليته في تعزيز الإحساس بالمجتمع سواء كان الخطر وشيكًا، محتملاً أو مصطنعًا.
= التوطيد التقدمي للتعليم القومي والنظم الإعلامية لترسيخ صورة الأمة. وبالتحديد، اختلاق تجسيد نمطي عن (المواطن الصالح).

وبما أن الوطنية والهوية القومية هي نتيجة إسقاط فهم النخبة لذاتها على الجماهير، فإنه يُمكن التمييز بين نوعين رئيسين من الوطنية:
1- الوطنية السلطوية: والتي تروج إلى أن البلد بطبيعته وقبل أي شيء آخر، متفوقة على البلدان الأخرى. وهنا يتوقع من المواطنين الولاء الكامل وغير المشكوك، ويتم اتباع القادة بشكل غرائزي وغير مشروط. وغالباً ما تتجاهل أوجه القصور والعيوب والشقاق الاجتماعي داخل الأمة، وترى المعارضة بحد ذاتها خطراً وزعزعة للاستقرار.
2- الوطنية الديمقراطية: وتتميز باعتقاد سائد بين المواطنين أن القِيَم والمُثُل العليا للبلد جديرة بالاحترام والاعجاب، وبذلك يكون الولاء للقيم المؤسسية للديمقراطية. والولاء فيها متعمد ومستطلع وليس غرائزياً، والأهتمام بالمجتمع من حولهم نابعٌ من مبادئ محددة مثل الحرية والعدالة. يتحدث فيها المواطنون عن أوجه القصور أو العيوب وحرية الشجب والاستنكار مكفولة، بمعنى أنهم يعتبرون المعارضة وليس الامتثال عملاً وطنياً.
كان سقراط قد عرَّف المواطن الصالح بذلك الذي يتحدى الأفكار الشعبية عبر محادثات تأخذ مكانها في المساحات العامة والخاصة. فبالرغم من أنَّ بناء وتشكيل هوية وثقافة قومية عمل نخبوي. ويسعى إلى توحيد المواطنين داخل مجتمع سياسي مقيد إقليميًا، فالمواطنة ليست مشروعاً رأسياً من أعلى إلى أسفل. لأن البناء يعتمد على مواطني الدولة القومية كذلك ليلعبوا جميعاً دوراً نشطاً في إعادة إنتاج التقاليد القومية، سرد التاريخ القومي، والمشاركة في الاحتفالات والطقوس القومية. هذه الأنشطة تساعد على (تخيل الأمة) كمجتمع مُوَحَّد من خلال مهام المجتمع المدني.
الوطنية أخلاقيًا
تُستوعب الوطنية كقيمة إيجابية في معظم دول العالم، مع اختلاف الانطباعات المعيارية عن تجلياتها المختلفة. يجيب معظم الناس عن أنهم يحبون بلادهم لمناقبها وإنجازاتها. وإن كانت هذه هي الحالة فعلاً، فسيقوم الوطني باعلان ولائه لدولة أخرى تحمل نفس القيم وتطبقها بطريقة أفضل، غير أنَّ ما من وطني حقيقي سيفعل ذلك. وعندما يتم مواجهة هذا المنطق، يجيب الوطني أنه يحب بلاده لمُجَرَّد أنها بلاده ولايحتاج لمزيد من الأسباب للولاء وإظهار إهتمامٍ خاص بمصالحها. فمن منظور فلسفي، قد لا يكون هذا الجواب مقنعًا، وهو غير عقلاني واعتباطي، ولكنه بالتأكيد وطني. بعض تقاليد الفلسفة الأخلاقية تعتبرالوطنية حالة نرجسية جماعية، واعتباطية في أصلها وتخالف مطالب العدالة العالمية والتضامن الإنساني المشترك. كان سقراط الذي شكك في أخلاقية التفرد، قاد عدداً من الفلاسفة الأخلاقيين إلى إستنتاج عالمية وحياد الأخلاق وضرورة التعامل مع جميع البشر على قدم المساواة. وأن الإشفاق، وإن كان عاطفة متأصلة في بيولوجية الإنسان، فهو لا يخلو من التفكير الوطني عند الفرد. الفكرة الأساسية أن الولاء لا ينبغي أن يكون لشكل من أشكال الحكومة أو السلطة الزمنية، بل لمجتمع أخلاقي يتألف من إنسانية جميع البشر. بما أن الإشفاق عاطفة تتضمن تفكيراً، فبالإمكان تطوير وسائل تمديد المشاعر القوية وتطوير القدرة على تخيل أوضاع الناس حول العالم. التعليم القومي الذي يتضمن تعاليمًا أساسية وعالمية عن حقوق الإنسان ليس كافيًا، وينبغي على الطلاب أنَّ يتعرفوا على تواريخ الأمم الأخرى بالإضافة إلى نجاحاتها أو إخفاقاتها المقارنة.
قال أحدهم بأنَ ّبعض مجتمعات الدول الأعضاء في الجامعة العربية تنقصها الثقة المجتمعية، وتتسم ثقافتها السياسية بالشك والغيرة والعدائية المستترة أو السافرة حيال أي شخص ليس من أفراد الأسرة، أو القبيلة أو القرية وتٌغرس هذه القيم المتخلفة في الأطفال منذو قت مبكر. ولكي تنجح هذه النخبة، عليها تقديم بدائل للعادات التقليدية السائدة وإظهار ثباتٍ وصبر حتى تفعيل هذه التغييرات. السلطوية المستنيرة قد لا تكون الوسيلة الوحيدة، فما من وصفة جاهزة للانتقال الديمقراطي ولا توجد ضمانات أن الحاكم السلطوي سيكون أخلاقيا في سياسته. الفكرة الأساسية هي أنَّ المجتمعات ذات الهوية القومية الضعيفة تفشل في بناء الدولة.
التحديث السلطوي ليس الطريقة الوحيدة، ولا توجد ضمانة أن يكون الديكتاتور مستنيرًا بغياب سيادة القانون، ولم تنتج الديمقراطية في العراق دولة حديثة ولاحكومة مسؤولة بمستويات فسادٍ منخفضة، قادرة على احتكار العنف وحفظ الأمن وتوفير الخدمات العامة. العراق بلد متنوع طائفيًّا وإثنيًّا، بدون مجتمع مدني فاعل وبدولة عاجزة عن فرض المساواة أمام القانون. هذه ظروف سمحت للنخب السياسية بالتمييز بين المواطنين وبناء شبكات زبائنية بين رعاة وعملاء، وفشلت الديمقراطية وخرجت الأمور بنتائج سلبية عندما بسبب تقسيم السلطة وفقاً لأشكال التضامن الطائفي. وهنا لا ينجح تقسيم السلطات فيدِرالياً، إذا كانت الحكومة ضعيفة، لأنَّ ضَعف الحكومة المركزية يؤثر سلبًا على فاعلية الحكومة المحلية والعكس صحيح.
تشترك العديد من المجتمعات في تقاليدَ موحدة، غير أنَّ قدراً كبيراً من اللَبْسِ يشوب استيعابها للدولة الحديثة خصوصاً ما كان تم نظمة على طول خطوط قبلية وعشائرية. هذه المجتمعات ليست معتادة على سيادة القانون في الغالب، ولا فرصة للتطور الديمقراطي بدون إيجاد متنفسات تدريجية أو استبدادية لتطوير هذا العامل. لا يوجد حلم ريح، ويتطلب البناء جهدًا متواصلاً. لأنَّ غياب الطابع المؤسسي للدولة من أهم أسباب انتكاس الديمقراطيات الناشئة. في اليمن مثلاً، تركز الهوية القومية على الولاء للعائلة أو القرية بدلاً من فكرة مجردة. تاريخ البلاد السياسي مثقل بالطبقية العضوية والتمايز القبلي، ولم يشهد تبلور صيغة واسعة وشاملة لتعريف شرعية النظام. وكنتيجة، لم يكن التنافس الانتخابي كافيًا للحديث عن ديمقراطية يمنية بشكل جدي. البيروقراطية الحكومية ضعيفة بصورة متعمدة، وصيغة النخب للاستقرار السياسي هي الاعتماد على وجهاء محليين يسمون أنفسهم مشايخ. ولا ينشغل السياسي بصياغة سياسات وبرامج، فنشاط السياسي ليس أكثر من مدخل لبناء وتعزيز علاقات زبائنية مع المجتمع. ويوفر لأنصاره مكافآت مادية مباشرة تنتج مصالحًا فئوية وليست عامة، ويفضل المحاباة الشخصية على صياغة سياسة اقتصادية قومية. لذلك أصبح التفريق بين القوى السياسية اليمنية صعبًا وبغياب كلي للعدالة الإجرائية، غدت وعودها أقل أشكال الالتزام السياسي مصداقية على مستوى العالم.
وفيما يتعلق بالناحية النظرية، القومية ومعها الوطنية التي تولد بفضلهما اتجاهات صالحة لبلد، وهي ليست قيمًا ليبرالية أصيلة في حد ذاتها، لكلا المفهومين خط واحتمال تطور متباين. أقصى امتدادات القومية هي الفاشية، بينما لليبرالية واللاسلطوية الرأسمالية امتدادات محتملة أو فلسفات متأثرة بالليبرالية الكلاسيكية. وقد يلجأ السياسيون إلى النثريات الوطنية بهدف التغطية على الفشل الحكومي وتفادي التطرق إلى مشاكل البلد الحقيقية. وفي أوقات، قد تُستخدم القومية في مشاريع سلطوية معادية للديمقراطية، بتوجيه الغضب الشعبي نحو وجهة خاطئة واختلاق كبش فداء سهل ومريح يتم تحمليه المسؤولية عن تردي الأوضاع. وهكذا تتحول الوطنية من هذا الذي نعيش لأجله إلى هذا ما نحن ضده. وقد تتسبب القومية في تنظيم التعصب الذي يخلق نظرة مشوهة إلى العالم، وقد تكون أداة للصراعات الداخلية والخارجية ويسهل انحرافها إلى عنصرية.
اقتصاديًا، قد تشجع الوطنية سياسات بمردود جيد على المدى القريب مثل التصنيع لاستبدال الواردات، ولكن نجاح هذه السياسة يتطلب شيئًا من التخطيط الحكومي الحذر. الهدف الأساسي خلق سياسة حمائية كهذه هي مواجهة صعوبات في ميزان المدفوعات، ونجاحها يتطلب حجمًا معينًا للسوق المستهدفة، وخبرة في التصنيع ومساحة من الحريات تسمح بتطور ريادة الأعمال. وقد تكون مضرة إذا أدت إلى حمائية طويلة الأجل أو غير محدودة تجاه الرأسماليين الأجانب والشركات متعددة الجنسيات أو فرض رسوم جمركية باهظة وشبيه ذلك من سياسات مناقضة للتجارة الحرة ومبادئ الليبرالية الاقتصادية. سياسات كهذه قد تزيد من الأعباء الإدارية وتؤثر سلبًا على روح المبادرة بتوفير حوافز للريع بدلاً من التخطيط المؤسسي طويل الأجل. بالإضافة إلى ذلك، يمكن لها تثبيط حوافز رفع الكفاءة التكنولوجية والإنتاجية، وقد تبقي على صناعات مكلفة وغير فاعلة لمجرد أنها محلية. ومهما يكن، فإن نجاح الدول النامية، يعتمد على ما تريد تحقيقه، وإلى نوع من الحمائية المدروسة خلال مرحلة ما من تاريخها من أجل تأسيس نمط داخلي مولد للرفاه. لأن الفكرة ليست مجرد بناء اقتصاد مرن باستطاعته استغلال الفرص المتولدة في العالم من حوله، بل بقدرة هذا الاقتصاد على توليد فُرَصِ أقتصادية خاصة كذلك. وتستبدل عمليات التصنيع سياسات الهوية بنظام طبقي، ومن ثم تتقلص مستويات التفاوت نتيجة الحراك الاجتماعي الذي يتعزز بفضل الإعلام، وما تحدثه وسائل المواصلات والاتصال. كل هذه عوامل تساعد على تبني هويات متعددة تتجاوز تلكم التي كانت قبل الحداثية، وبالتالي الحد من مشاعر التظلم والتهميش والتيقد تتزعمها أقلية إثنية أو دينية.
وقد بين ذوي الأتجاه الإسلامي أنَّ للفرد مسؤوليات معينة تجاه وطنه، فإنَّ واجبها الأعظم هو للأمة الإسلامية. والوطنية ليست مفهومًا مركزيًا في كتاباتهم البلاغية، وكتب عنها البنا في معرض ردوده على أعداء جماعته وقسمها إلى خمسة أنواع:
1- وطنية الحنين: ويقصد بها التعلق بمسقط الرأس أو مكان النشأة، واعتبرها مسألة فطرية ومأمور بها في الإسلام.
2- وطنية الحرية والعزة: ويقصد بها الجهود الساعية إلى تحرير الوطن من الغاصبين وتوفير استقلاله. يقول البنا أنه مع الوطنيين في هذه المسألة وزَعَمَ تشديد الإسلام عليها. واقتبس نصا من القرآن لتدعيم جداله وهما: (الذين يتربصون بكم فإن كان لكم فتح من الله قالوا ألم نكن معكم وإن كان للكافرين نصيب قالوا ألم نستحوذ عليكم ونمنعكم من المؤمنين فالله يحكم بينكم يوم القيامة ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا. ووفقًا لمنطق البنا، يثبت النص ان تشديد الإسلام على (وطنية الحرية والعزة).
3- وطنية المجتمع: يقول إذا كان المقصود بالوطنية تقوية الروابط بين أفراد القُطر الواحد، فجماعته توافق الوطنيين في هذا الجانب بدليل: أثر منسوب للنبي عليه الصلات والسلام جاء فيه (لا تحاسدوا، ولا تناجشوا، ولا تباغضوا، ولا تدابروا، ولا يبع بعضكم على بيع بعض، وكونوا عباد الله إخوانا). والثابت أن المسلم أخو المسلم، لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقره.
4- وطنية الفتح: في هذا النوع، يقول البنا إذا كان مقصد الوطنيين فتحا لبلدان وسيادة الأرض، فالإسلام جعل من ذلك فريضة ووجه الفاتحين إلى أفضل أنواع الاستعمار وأكثرها بركة، على حد تعبيره. بدليل النص القرآني القائل: (وقاتلوهم حتى لاتكون فتنة ويكون الدين لله فإن انتهوا فلا عدوان إلا على الظالمين).
5- وطنية الحزبية: يُعَرِّف البنا مايسميه وطنية الحزبية بـ”تقسيم الأمة إلى طوائف تتناحر وتتضاغن وتتراشق بالسباب وتترامى بالتهم ويكيد بعضها لبعض، وتتشيع لمناهج وضعية أملتها الأهواء وشكلتها الغايات والأغراض وفسرتها الأفهام وفقا لمصالح الشخصية“. هذا النوع مرفوض لعدة أسباب وهي استغلال ”العدو“ لهذه الحالة حتى ” يفرق بين المسلمين عن الحق ويجمعهم على الباطل“.
جميع القوميين يعتبرون أنفسهم وطنيين. ولكن بالإمكان اعتبار بعض السلوكيات قومية دون وطنية اعتمادًا على موقع المتحدث من المفهومين. كتب أحد السياسيون مقالا بعنوان ملاحظات على القومية، أنَّ الوطنية إخلاص لمكان ونمطِ حياة مُحدد، واعتبرها دفاعاً عسكريًّا وثقافيًّا. في المقابل قال، لا تنفصل القومية عن الرغبة بالقوة أو السلطة. إذ يسعى القومي لتأمين المزيد من القوة والهيبة لأجل الأمة أو أي مجموعة متكاملة. القومية متنوعة بشكل لا يسمح لنظريةٍ واحدة بشرحها بصورة متكاملة. إذ تُحدَد كثير من محتوياتها في أمم مختلفة بتقاليدَ ثقافية مميزة تاريخياً، وبالقرارات الخلاقة للقادة السياسيين والحالات الطارئة ضمن النظام الدولي. ووصف القومية بالآيديولوجية، ويقترح أنها نوع فلسفي مستقل بمستوى الليبرالية أوالماركسية، ومعظم القوميات لم تتطور أو تصل إلى مستوى التنظيم والتماسك الذي وصلته النازية.
تُعتبر الخدمة في القوات المسلحة سلوكًا وطنيًا من منظور عالمي تقريبًا. ولكن الإقبال على الخدمة العسكرية أو العمل السياسي والحكومي عموماً، ليس دليلاً على الالتزام الوطني في كل الحالات خصوصاً في الدول النامية والأقل نماءً. لأنَّ القطاع الخاص في هذه البلدان ليس حيوياً، وإن تواجده، يكون مغلقاً أمام الطيف الأوسع من الشعب في أغلَبِ الحالات نظراً لافتقاره المهارات المطلوبة. حينها يصبح الانضمام إلى بيروقراطية الحكومة أوالانخراط في العمل السياسي الوسيلة الوحيدة لجمع الثروات وتأمين المستقبل. الأمر الذي سيلقي بأثره السلبي على فاعلية الأداء الحكومي بأوجه مختلفة. مثل التعامل مع المنصب كامتداد للعائلة ولما يصاحب ذلك من فساد، ومحسوبية وزبائنية أو إغراق الأجهزة البيروقراطية للدولة بأكثرِ الموظفينَ رداءة. وتتخذ الوطنية أشكالاً مختلفة فما من حاجة لارتداء الزي العسكري أو العمل في السياسة للتعبير عنها.
يشير مصطلح الاقتصاد القومي إلى اقتصاد البلاد عموماً، في حين تشير القومية الاقتصادية إلى مجموعة واسعة ومتنوعة من السياسات الحمائية التي تفرضها أو تسعى إليها الحكومات اقتصادياً. وقد يُستعمل المصطلح بصورةٍ متعاوضة مع الوطنية الاقتصادية التي تتطرق بالتحديد إلى سياسات هادفة لحَثِّ الأفراد والمؤسسات الخاصة والعامة إلى شراء السلع المصنعةِ محلياً. مثلاً، أصدر الكونغرس الأميركي قانوناً وقع عليه الرئيس هربرت هوفرعام 1933 يُلزم الحكومة الفيدرالية شراء السلع المصنعة في الولايات المتحدة، وشنت الحكومة البريطانية حملة شعبية خلال الكساد الكبير لحمل الشعب على شراء المنتجات البريطانية. ومن مظاهر الوطنية كذلك ابتداء جلسات البرلمان والأيام المدرسية بتلاوة قسم الولاء. ومن يعتبر ترديد قسم الولاء أو النشيد القومي في المدارس صيغة مبتذلة للوطنية، يجادل في إدراج وظائف الحكومة وكيفية عملها في المناهج الدراسية أكثر فاعلية وعملية. لأن من شأن ذلك تعليم الطلاب أن الحكومة ليست مجرد جسم كبير وضعيف الارتباط بحياتهم ومصائرهم.
تحقيق مفهوم الوطنية
إنّ مفهوم الوطنيّة الذي ينبغي أن يتحلّى به كلّ إنسانٍ يعيش على تراب الوطن يعني الكثير من المعاني، ويفرض على الإنسان الكثير من الواجبات والالتزامات؛ فالوطنيّة لا تعني الاستفادة من خدمات الوطن واستنزاف مقدّراته فقط، ولا يعني أنها الزي الشعبي الذي نرتديه ولا أسماء المناطق ولا هي خيمة ورقصات شعبية أو أهازيع وطبول، بل هي مفهوم يدلّ على حسّ الانتماء إلى الوطن والولاء له، وحتّى يحقّق الإنسان هذا المفهوم في نفسه يجب عليه أن يقوم بمايلي:
"أن يكون وطنه أحب إليه من جميع الأوطان؛ فالإنسان الذي يحب ّوطن غيره أكثر من وطنه، ترى ولاءه ناقص وشعوره الوطني مهزوز يتغيّر بتغيّر الظّروف والأحوال، بينما ترى الإنسان المحبّ لوطنه أكثر وطنيّةً وإخلاصًا وولاءً له. يجب أن يعلم الإنسان أنّ وطنه ينتظر منه أن يؤدّي إليه عددًا من الواجبات، فكما أنّ للإنسان حقوقًا على وطنه حيث يتلقّى فيه تعليمه، ويعيش على ترابه ويتنعّم بخيراته، ويستفيد من مرافقه وخدماته، فإنّ عليه أن يقابل كلّ ذلك بالمسؤوليّة الوطنيّة؛ بحيث يحافظ على مرافق وطنه فلا يقوم بتخريبها، وأن يستخدم موارد وطنه وينتفع منها دون أن يسرف فيها أو يهدرها؛ فالماء والكهرباء كلّها من نعم الأوطان وخيراتها، وإنّ الحفاظ عليها يعدّ واجبًا وطنيًّا ومسؤوليّة اجتماعيّة تحقّق مفهوم الوطنيّة الصّادقة". ولإثبات ذلك وقعت على الإنسان الوطني جملة اعتبارات منها .
= أن يكون الإنسان مستعدًا للدّفاع عن وطنه في أيّ وقتٍ يتعرّض فيه وطنه للاعتداء أو التّهديد، وهنا تتجلّى الوطنيّة الصّادقة حينما ترى الإنسان لايتردّد للحظةٍ في الدّفاع عن وطنه وتلبية نداء الواجب والمرابطة في الثّغور، بينما ترى الإنسان فاقد الوطنيّة متردّدًا في الدّفاع عن وطنه، ولا يشعر بالمسؤوليّة اتجاهه .
= أن يعلم الإنسان أنّ وطنه هو جزءٌ من الوطن العربي والإسلامي الأكبر؛ فقد نجح الاستعمار في تفريق الأمّة إلى أوطانٍ كثيرة، وأنّ الأصل هو تعلّق قلب المسلم بوطنه الأكبر الذي تجمع أقطاره قواسم مشتركة واحدة وهي الدّين واللّغة والهدف الواحد.
لم يجعل الإسلام مفهوم الوطنيّة مفهوماً قاصراً محدوداً، فحين جعل بعض من تغنّى بالوطنيّة والقوميّة من هذا المعنى شعاراً لهم فاعتبروا أنفسهم قوميين وطنيين، كان الإسلام قد سبقهم بمئات السنين بترسيخ هذا المعنى في نفوس المسلمين وقد جعله الإسلام مفهوماً شاملاً مرتبطاً بالعقيدة، وقد كان الرّسول عليه الصّلاة والسّلام مثالاً للمحبّ لوطنه المنتمي له، فقد نادى وطنه معبراً بلسان المحبّ عن محبته له حين خرج مهاجراً من مكّة فقال " والله إنّ كل البقاع أحب إلى الله وأحبّ البلاد إلي، ولولا أن قومك أخرجوني منك ما خرجت أبدا "، فانتماء المسلم لوطنه مطلوبٌ شرعا، فالمسلم حريصٌ على وطنه أشدّ الحرص، فتراه يدافع عنه ضد أعدائه، ويحرص على نظافة طرقه وساحاته، فالوطنيّة هي مشاعر المحبة والولاء والعطاء التي يحملها الإنسان في قلبه اتجاه وطنه ويترجمها افعالاً واقعةً على الأرض.
وقد نهى الإسلام عن العصبيّة والقبليّة ودعوى الجاهليّة، فقد كان الكفّار في الجاهليّة يفتخرون بقبائلهم وأنسابهم وربما حصلت بينهم الحروب الضروس لأجل ذلك، وعندما تداعى الأوس والخزرج وافتخر كلّ منهم بنسبه وحاله حتى كاد الشيطان يوقع بينهم البغضاء، ونهاهم الرّسول صلّى الله عليه وسلّم عنذلك مبيناً، أنّ ذلك من دعوى الجاهلية ونتنها، فلا فضل في الإسلام لغني على فقير أو عربي على أعجمي، فقد صهر الإسلام الجميع في بوتقة المحبّة والمساواة والوئام وبيّن أنّ معيار المفاضلة بين البشر هو معيار التّقوى والإيمان في قلوبهم .
وقد ضرب الإسلام أروع المثل في تقديم نماذج حيةً لرجال دخلوا في الإسلام فكان وطنهم وسكنهم، فرأينا بلال الذي أتى من الحبشة وترك وطنه هجرةً إلى الله ورسوله وكان صهيب الرّومي وسلمان الفارسيّ وكلّهم صحابةٌ عدولٌ اتخذوا الإسلام دينهم ووطنهم، فالمسلم يفهم الوطنيّة بمفهومها العقيدي، غيرالمرتبط بالجغرافيا والمكان ففي حين جعل القوميون هذا المعنى ضيقاً محدداً بما رسمه الاستعمار لهم من حدودٍ جغرافيةٍ، وسّع الإسلام هذا المفهوم وربطه بالعقيدة فالمسلم يرى كلّ بلاد المسلمين وطنه ويتمنّى رؤيتها موحدةً قويةً، فكما يجمعنا الدّين واللّغة والقواسم المشتركة الكثيرة فحقّ لهذه الأمّة أن يجمعها المكان والجّغرافيا لتصبح بلداً واحداً يهابها الأعداء وتخشى جانبها الأمم.
الـوطــن
الوطن هو عبارة عن مساحة الأرض أو المنطقة التي يرتبط بها الشعب ارتباطا تاريخيا طويلا. المنطقة التي تولدت فيها الهوية الوطنية للشعب. ليست هذه المنطقة الجغرافية بالضرورة مكان ولادة الشخص، بل هي المنطقة الجغرافية التي ولدت فيها أمته. وتعني هذه الكلمة في لغات مختلفة الوطن في السياق المعبر عن الانتماء كما في اللغة الألمانية : Heimatland وفي اللغة الإنجليزية : Homeland، أي أرض البيت، أو في السياقات القومية، مثل: أرض الآباء (Fatherland)، أو أرض الأم (Motherland) ، أو الأرض الأم ( (Mother country
الـوطـنـيــة
الوطنية مصطلح يستخدم للدلالة على المواقف الإيجابية والمؤيدة للوطن من قبل الأفراد والجماعات. أمثلة من المواقف الوطنية تشمل التالي: الفخر بالثقافة، الفخر في الإنجازات، الرغبة في الحفاظ على طابع وأساس الثقافة، وتحديد الهوية مع الأعضاء الأخرين في الأمة. ففي زمن السلم الوطنية تعتمد على أفعال رمزية مثل: احترام العلم، النشيد الوطني، المشاركة في التجمع الجماهيري، وإبداء مظاهر الوطنية مثل وضع ملصق يمثل الوطن على السيارة أو في المنزل أو غير ذلك، أو أي طريقة أخرى لإعلان الولاء للدولة مثل مساندة الوطن في سياسته السلمية مع دول العالم لتوثيق الروابط بينهم ومع شعوبهم. وفي زمن الحرب رمزية الوطنية تكمن في رفع الروح المعنوية لأبناء الوطن الواحد وبدوره المساهمة في المجهود الحربي المشروع بالقانون.
المواطنة
المواطنة هي وحدة الانتماء والولاء من قبل كل المكون السكاني في البلاد على اختلاف تنوعها العرقي والديني والمذهبي للوطن الذي يحتضنهم، الأمر الذي يقتضي أن تذوب كل خلافاتهم واختلافاتهم عند حدود المشاركة والتعاون في بناء الوطن وتنميته والحفاظ على العيش المشترك فيه.. وإذا كان أجدادنا قدموا أرواحهم فداء للوطن وفي سبيل نيله حريته وكرامته في ظرفية كانت الشجاعة فيها عملة لاتقدر بثمن وكان هذا الوطن في حاجة إلى أبنائه المخلصين فإن ذلك بمثابة درس بليغ في الوطنية، ولم يمتلك الإنسان شيئا أغلى يمكنه التضحية به أكثر من حياته؟ إن حب الوطن هو تلك الرابطة العاطفية القوية التي تجعل المواطن في ارتباط شديد معه يفرح لأفراحه ويحزن لأتراحه، ويشعر أن همسته دفء في ذاته كلما تعرض الوطن إلى تهديدات أوتحرشات الأعداء. إنه أكبر بكثير من مجرد رموز نرفعها وشعارات نرددها وتزويقات لخطاباتنا واجتماعاتنا.…ولجاذبيته وقدرته على سلب مشاعر الناس ووجدانهم فهو غالبا مايجعل منه قناعا لستر وإخفاء كل الممارسات الخادشة للحس الوطني، ولقضاء المارب الشخصية.
يعد مفهوم الانتماء الوطني من المفاهيم العالمية المهمة في عالمنا المعاصر الذي أصبح من المفاهيم المتكررة في وسائل إعلامنا وفي محاضراتنا وندواتنا بل أصبح مفهومًا رئيسًا في حياتنا العامة. ولقد تناول المهتمون بأدبيات التربية موضوع الانتماء الوطني من خلال البحوث التربوية والكتب المتخصصة من خلال إيراد تعريفات لمفهوم الانتماء ومدلولاته. وقد عرف هذا المفهوم لغة بأنه الانتساب، فانتماء الولد إلى أبيه انتسابه إليه واعتزازه به، والانتماء مأخوذ من النمو والزيادة والكثرة والارتفاع فالشجر ينمو وكذلك الإنسان.
كما عرف البعض الانتماء اصطلاحًا بأنه هو الانتساب الحقيقي للدين الإسلامي والوطن، فكرًا ومشاعراً ووجدانًا. واعتزاز الفرد بالانتماء إلى دينه من خلال الالتزام بتعاليمه والثبات على منهجه وتفاعله مع احتياجات وطنه وتظهر هذه التفاعلات من خلال بروز محبة الفرد لوطنه والاعتزاز به والانضمام إليه والتضحية من أجله.
الوطنية والمواطنة موضوعان اتخذا حيزا من الحوار ينبئ عن أنهما مازالا محل تساؤل وبحث ودراسة، ومن المسلمات المتفق عليها أن الوطنية شعور والوطنية ممارسة، والوطنية حب ووفاء بينما المواطنة قبول برضا أو تبرم. والوطنية حرارة وانفعال وجداني، أما المواطنة فهي سلوك وتصرفات، والوطنية أداء يحدث في المناسبات العامة.. أما المواطنة فهي الأداء الفردي للواجبات اليومية، والوطنية ارتباط عاطفي بالأرض والمجتمع، بينما المواطنة ارتباط عملي، والوطنية حس قلبي ضميري داخلي، أما المواطنة فهي سلوك فعلي ظاهري، والوطنية لا تعدد فيها ولاتبدل، أما المواطنة فهي تكيف ومرونة بما، أي أن الوطنية نتيجة لواقع، بينما المواطنة وسيلة لهدف ومن المتفق عليه أيضا أن الوطنية هي محصلة للمواطنة، فلا وطنية جيدة، بدون مواطنة جيدة، لكن المواطنة يمكن أن تكون أمتداد للموطنية. فالوطنية ذات علاقة بالتاريخ والهوية، أما المواطنة فهي التناغم والإيقاع الحياتي اليومي والتساؤل الذي يطرح نفسه ما المقصود بالوطنية والمواطنة لغة واصطلاحا، وما الفرق بينهما؟ في اللغة قال ابن منظور الوطن: المنزل تقيم فيه، وهو موطن الإنسان، ومحله.
أقوال في كلمة وطن
الوطن: ثلاثة حروف بأكثر من مليون معنى .
الوطن: بمثابة الأم التي حملتك ثم أرضعتك ثم سهرت الليالي وشقيت وتعبت من أجلك.
الوطن: هو البيت الذي يحتضنك ويدفيك من البرد ويقيك من الحر .
الوطن: هم أناس كالذين تستأنس بوجودهم وتستمتع بأحاديثهم .
الوطن: هو بمثابة الحبيب. وحينما تبعد عنه تفقده وتشتاق له .
الوطن: بدونه كالطفل بدون أم .
الوطن: هو الأسرة التي تنتمي إليها بكل فخر واعتزاز، وتتباها به بين الأوطان الأخرى.

العلاقة بين الوطنية وأخلاقيات الأعمال
التعريفات أو المعايير التي يحملها كل منا عن الهوية الوطنية متباينة، فأن لكل فرد منا نظرة مختلفة عن معنى الهوية، بل هناك الكثيرون، يحصرونها في أمور سطحية وهامشية، فيرون أن الهوية هي "الزي" أو الأدوات أو القرى الشعبية والتراثية. فالهوية عبارة عن الصورة "المثالية" التي يجب أن يكون عليها المواطن، هذه الصورة ليست محصورة في زيّه وشكله الخارجي، بل تتضمن ما هو أهم وأكبر وأشمل من ذلك، هناك أكثر من معياراً "علمياً" "حديثاً" لقياس هذه الصورة المثالية، تبدأ من كيفية شعور المواطن بأهمية الوقت إلى إنتاجيته وحبه لبلده وولائه له، إضافة إلى التزامه بالقيم الثابتة، والفضائل الصغرى، واهتمامه بالنهل من المعرفة والتعلم، وحبه للعمل الجماعي بعيداً عن الأنانية. يتحدث باللغة، ويرتدي الزي الوطني ويحفظ تراث وطنه، لكن هذا لا يكفي؛ ما الفائدة من شخص يرتدي الزي الوطني لكنه غير منتج في عمله، وغير مهتم بتنمية مهاراته التعليمية والمعرفية، وغير حريص على مصلحة وطنه، ويفضل العمل لمصلحته الشخصية على حساب المصلحة العامة، أو يتصرف تصرفات لا أخلاقيه في بيئة العمل والمجتمع هل يعني ذلك أن الهوية الوطنية حاضرة في مثل هذا الشخص؟ بل ربما يقوم هذا الشخص بلبسه لزي بلده في الإساءة إلى بلده إذا ما قام بأفعال سيئة تعطي انطباعا سيئا عن بلده بلبسه الزي الشعبي الذي يعرف بهويته.
من هنا فإنني أرى أن الهوية ليست سلوك فردي من قبل الأشخاص بل هو ما تقوم به الحكومات والمجالس المنتخبة والمواطن أي بمعنى آخر جميع أركان المجتمع من سلطات مختلفة: تشريعيه، تنفيذيه، قضائية، ورقابية. وبالتالي المواطنة هي الأساس وكلنا يجب أن نلتف حولها ونحميها ونتفق عليها لتبقى المواطنة واضحة في تصرفات الجميع. إذا هي حاله أخلاقيه شامله متفق عليها من جميع أركان المجتمع، كما نرى ونسمع في المجتمعات المتقدمة التي يلازمها حاله أخلاقيه حدت بكثير من الدارسين إلى حد وصف أخلاقهم الخاصة والعامة بأنها إسلاميه بلا إسلام، وعلى النقيض إننا مسلمين بلا إسلام. كون الدين الإسلامي يدعو إلى الأخلاق في العمل وفي السلوك بشكل عام.
ومن هنا فإنني أرى أن المواطنة هي حاله أخلاقيه متفق عليها من قبل الجميع بحكم التربية الخاصة من البيت إلى كل مراحل الحياة التي نعلم أبنائنا المواطنة الصالحة المبنية على الأخلاق في العمل وان نكون متفقين فيما بيننا حتى لو كنا مختلفين بين أشخاصنا. فالجميع متفق على حب الأسرة حتى لو كان شخصين في الأسرة غير متفقين شخصيا.
فالهوية الوطنية هي على ما تقوم به الحكومة من اعتبارات للشعب ورفع معاناته وتسهيل جميع مستحقاته وان تسعى بكافة المجالات الحكومية والأهلية بالدولة لإرضاء المواطن وتامين المعيشة الكريمة له داخل الدولة وخارجها والقضاء على طبقة الفقر نهائياً, وعلى الشعب أن يكمل ذلك بإخلاصه وانتمائه لهويته التي سعت الحكومة جاهده لتامين أفضل العيش لشعبها وإلا لن يكون هناك أي هوية للوطن إذ لم تتوفر فيه تلك السبل فمن الطبيعي أن يكون الإنسان لا هوية له مادام لا يوجد حكومة تؤمن جميع احتياجاته.
أخيراً، فإن المحافظة على الهوية الوطنية يعني تعزيز معاني الولاء للوطن. وتعميق المعرفة بتاريخ الوطن وجغرافيته. الهوية الوطنية في أن يعرف الإنسان تاريخ أرضه وتاريخ أجداده وما قدموه من تضحيات كبيرة من أجل بناء هذا الوطن والحفاظ على هذه الأرض.
الهوية الوطنية تعني قيام الدولة بواجباتها نحو المواطن، التي جاءت نتيجة عقد تاريخي معه. لذا فإن الإهمال أو التعالي أو الفساد الحكومي والإداري يضعف من نسيج المجتمع ومنعته ويضع الوطن في خطر التمزق والتناوش والضياع نتيجة الرؤية الخاطئة للدولة وانعدام المسؤولية الوطنية، فالوطنية تعني الإخلاص والولاء لخدمة المواطن، التي تعني الولاء للوطن وتحصينه والإخلاص له .فالدولة ومسئوليها وممثليها من نواب الأمة يجب أن يكونوا بالمبدأ العام قدوة لسائر المواطنين بما اؤتمنوا عليه من مقدرات الدولة وأموالها والدفاع عنها والدفاع عن حقوق المواطن كممثلين له مع انتخابه لهم بما يعني توكيلهم وتوكلهم في الدفاع عن حقوقه وبناء الوطن وفق الصالح العام والمنفعة العامة لمستقبل أفض. فهم إن أساءوا فالإساءة ستعم الوطن بأجمعه بما يتيح للأعداء التسلل وشحن النفوس والتخريب والانقسام الذي هو بدء التقهقر للوطن على الصعيد الاقتصادي والاجتماعي والوطنية تعني القيادة الصالحة فإن فسدت فذلك يعني فساد في الأمة التي يجب أن يختار مواطنيها من هم أهل للمراكز والمناصب وفق ما يتاح لهم من اختيار لنواب الأمة والمجالس المحلية وأمثالهم.



#شوقي_ناجي_جواد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الجهل و صناعة الجهل
- الحاكمية المؤسسية
- أثر نظم معلومات الموارد البشرية على فاعلية إدارة الموارد الب ...
- الريادة والمشارع الصغيرة
- متطلبات نجاح وإمكانية تطبيق الحكونة الألكترونية
- ناجي جواد (طيب الله ثراه)
- مدخل إلى بيئة الأعمال الدولية
- عرض لكتاب قصة الوقت
- الشرق أوسطيةأقتصاديا وسياسيا
- تقديم وعرض لكتاب السياسة والحيلة عند العرب
- الاختزال بللغة العربية - طريقة الفراهيدي
- الإستراتيجية مفهمومها ومغزاها


المزيد.....




- صدمة في الولايات المتحدة.. رجل يضرم النار في جسده أمام محكمة ...
- صلاح السعدني .. رحيل -عمدة الفن المصري-
- وفاة مراسل حربي في دونيتسك متعاون مع وكالة -سبوتنيك- الروسية ...
- -بلومبيرغ-: ألمانيا تعتزم شراء 4 منظومات باتريوت إضافية مقاب ...
- قناة ABC الأمريكية تتحدث عن استهداف إسرائيل منشأة نووية إيرا ...
- بالفيديو.. مدافع -د-30- الروسية تدمر منظومة حرب إلكترونية في ...
- وزير خارجية إيران: المسيرات الإسرائيلية لم تسبب خسائر مادية ...
- هيئة رقابة بريطانية: بوريس جونسون ينتهك قواعد الحكومة
- غزيون يصفون الهجمات الإسرائيلية الإيرانية المتبادلة بأنها ضر ...
- أسطول الحرية يستعد للإبحار من تركيا إلى غزة


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - شوقي ناجي جواد - الوطنية