أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عدنان حسين أحمد - أنثولوجيا شعرية تدور في فلَك الأم















المزيد.....

أنثولوجيا شعرية تدور في فلَك الأم


عدنان حسين أحمد

الحوار المتمدن-العدد: 5375 - 2016 / 12 / 18 - 13:20
المحور: الادب والفن
    


صدرت عن دار "دون كيخوته للنشر والتوزيع" بدمشق أنثولوجيا شعرية تحمل عنوان "أمي" وهي من إعداد وتقديم الشاعرة السورية ملك صوفي المُقيمة بلندن حاليا. تضمّ الأنثولوجيا قصائد مُنتخَبة لـ 68 شاعرًا من مختلف أنحاء العالم تتمحور جميعها حول ثيمة الأم، وهي، في حقيقة الأمر، ثيمة إشكالية مثيرة ترصد علاقة الشعراء والشواعر بأمهاتهم.
لم تنبثق هذه الأنثولوجيا من فراغ، ولا تكمن خلفها رغبة محمومة لإصدار إضمامة من القصائد لشعراء ينحدرون من القارات الخمس، بل ثمة تجربة شخصية يمكن تلمّسها في قصيدة الشاعرة ومُعِّدة الأنثولوجيا مَلَك صوفي التي تصف الأم بـ "الحضن الدافئ" تارة، و "الوطن والانتماء" تارة أخرى، لكن ما إن خطفَ الموتُ الأمَّ حتى أصبحت الابنة تائهة، حيرى تهيم خارج ملاذها الأمومي الآمن.
انتظمت قصائد هذه الأنثولوجيا حسب الأحرف الأبجدية لأسماء الشعراء، فالأول لا يعني أهمهم، والأخير لا يعني أسوأهم بكل تأكيد. ما يلفت الانتباه في هذه المختارات هو هيمنة العديد من الأسماء الشعرية العربية، وتحديدًا السورية والعراقية، حيث كان نصيب سوريا ستة شعراء وهم على التوالي: آرام كرابيت، فرج البيرقدار، ملك مصطفى، مروان علي، نوري الجرّاح وسعيد لحدو. أما الشعراء العراقيون فهم: عبد الهادي سعدون، عدنان الصائغ، أمل الجبوري، أنور الغسّاني، باهرة عبداللطيف، فيما اقتصرت السعودية على علي الحمزي، واليمن على همدان مطيع دمّاج، ومصر على جيهان عمر، والجزائر على حليمة مالكي، وعربستان على ناصر حيدري فيما غابت 16 دولة عربية.
لا يعني اشتراك بعض الشعراء العرب في هذه الأنثولوجيا بأنهم أفضل من غيرهم لأننا نعرف جيدًا أن هناك العشرات، وربما المئات من الشعراء العرب، يكتبون أفضل من هذه القصائد العربية المُنتخَبة، وأعمق منها بكثير، لكن اشتراطات موضوع "الأم" هو الذي حدّد سلفًا أسماء الشعراء العرب والأجانب الذين انتظموا في هذا الإصدار، ربما لأنهم كتبوا عن هذه الثيمة تحديدًا بينما أغفلها شعراء آخرون.
لا يتسع المجال لتحليل هذه القصائد برمتها لكننا سنتوقف عند بعض الالتماعات والصور الشعرية المتوهجة التي تعْلق في ذاكرة القارئ. لابد من الإشارة إلى أن آرام كرابيت هو شاعر سوري من أصول أرمينية، وقد تعرضت عائلته للقمع والتشريد، كما تعرّض هو للسجن في وطنه الجديد فلا غرابة أن يسأل أمه عن السبب الذي دفعها لإنجابه "في بلادٍ عابرة للمتاهة والسراب".
تتميز قصيدة "أحزان تليماخوس" لنوري الجرّاح بانفتاحها على الغرب وتلاقحها مع "أوديسة" هوميروس وإن كان التركيز منصبًّا على تليماخوس الابن الوحيد لبينيلوبي الذي وُلد قُبيل استدعاء والده أودسيوس للمشاركة في حرب طروادة. قصيدة الجرّاح مكتوبة بنَفَس حداثي متقدم جدا. أما فرج البيرقدار فقد كتب "وِرد . . . من أجلهن" وهي قصيدة منكفئة على الذات الداخلية له ولأمه في آنٍ معا، ولا غرابة في ذلك فقد أمضى هذا الشاعر أربع عشرة سنة في السجون السورية ومن الصعوبة بمكان مطالبته الآن بالانفتاح على الثقافة الغربية والتراسل معها.
يتكرر سؤال الموت غير مرة في قصيدة ملك مصطفى لكن شغفها الكبير بالأم أثار فيها كل مشاعرها الدفينة التي انهمرت دفعة واحدة على الورق ولم تمنح القارئ فرصة لالتقاط أنفاسه المتهدجة. أما قصيدة مروان علي فقد أضرّ بها اللهاث وراء القافية مع أن قصائده الأخر حداثية وذات إيقاع نثري جميل. ربما تكون قصيدة "كيف فُتحت الأبواب" لسعيد لحدو هي الأكثر شعرية ليس لجهة تساميها اللغوي وإنما لاجتراحها صورة شعرية أصيلة لم يسبقهُ إليها أحد حيث يقول عن أمه: "حينما غادرتْ أخذت الطرق معها، لذلك لم يتبعها". تخيلوا معي صورة أم تجمع كل الطرقات وتأخذها معها حينما تموت كي لا يتبعها هذا الابن الصغير المتماهي معها!
يحتل العراق عدديًا المرتبة الثانية لجهة تمثيله بخمسة شعراء من أجيال مختلفة وأولهم عبد الهادي سعدون، صاحب قصيدة "قرب دجلة" التي تكتظ بالتساؤلات الوجودية على الرغم من جريانها على لسان الأم البسيطة التي قالت كل شيء دفعة واحدة مُحيطة إيّانا بأسئلة الغربة، والانتظار، والحرب، والموت، وربما كانت هذه الأم الصادقة أكثر بلاغة من الابن الشاعر الذي رسم وجعه اللاهث على معالم وجهه الذي افترسته الحروب المتناسلة بلا هوادة. القصيدة منشورة بالأسبانية ومترجمة إلى الإنكليزية، بينما غاب النص العربي!
يرصد عدنان الصائغ في قصيدته ثنائية الحزن الشفيف والخوف المتأصل في قلب الأم، فهي تخاف من الدركيّ، وتخشى على أبنائها من"عيون النساء، وغول المساء، وغدر الزمان". تبني أمل الجبوري قصيدتها بناءً فنيًا يقوم على مرحلتين وهما قبل الاحتلال وبعده، وتُوصِل فكرتها الثاقبة من دون أن تعوّل على المحسنّات البديعية أو التزويق اللفظي الممجوج.
أما قصيدة "ميراث" لأنور الغساني فقد نُشرت باللغتين العربية والأسبانية وكان حريًا بمعدّة هذه الأنثولوجيا أن تنشر النصوص العربية مع ترجماتها الإنكليزية خصوصًا إذا كان الكتاب موجهًا للقراء العرب. تحيلنا قصيدة الغساني إلى النثر المكثّف الذي يتناغم مع قصيدة النثر الغربية.
ينطوي عنوان نَصّ "سيرة كائن غير قابل للاختزال" على كل ما تريد أن تقوله الشاعرة باهرة عبداللطيف في قصيدتها عن الأم، فقد عرفناها شاعرة مرهفة، وناقدة حاذقة، ومُترجمة متمكنة من اللغتين الأسبانية والعربية، وقد حازت ترجمتها لكتاب "الغابة الضائعة" لرافائيل ألبرت على جائزة أفضل كتاب مُترجَم في العراق عام 1993، لكن ما لفت نظري في هذه القصيدة أنها لم تفرّق ما بين "الصُرّة" و "السُرّة" حيث تقول "حبل الصُرّة لا ينفصم بالولادة بل برحيل الأمهات" وهي تعني بذلك (حبل السُرّة)!
لم تنجُ قصيدتا السعودي علي الحمزي والجزائرية حليمة مالكي من السقوط في فخ الخواطر المنفلتة التي لا تقول شيئًا، ولا ترقَ في خاتمة المطاف، إلى مستوى الشعر. أما قصيدة "عقوق" للمصرية جيهان فقد تخطّت الخاطرة الأدبية وانتظمت في بنية شعرية مشذّبة أبعدتها من السقوط في حمأة الترهل والتكرار. تحضر اليمن باسم شاعرها المجوّد همدان مطيع دمّاج الذي تألق في قصيدته المكثفة وهو يحتفي برفقة أمه التي وصفها بـ "وردة الدار " التي لا تُنسى، وهي كذلك فعلاً لأن صورتها لا تغادر ذاكرة القرّاء بسهولة.
ثمة تركيز واضح على الشعر الأسباني وعلى الشعراء الناطقين بالأسبانية في أميركا الجنوبية ومنطقة الكاريبي وبقية بلدان العالم. فقد مثلت الأرجنتين شاعرتان إحداهما مشهورة جدًا وهي أيتانا ألبرتي ليون ابنة الشاعر الأرجنتيني الكبير رافائيل ألبرتي والروائية ماريا تيريزا ليون التي اشتركت بقصيدة جيدة تحمل عنوان "مرثاة تقريبًا". أما الشاعرة الثانية فهي غلاديس لوبيز بيانيس التي قدّمت نصًا مهلهلاً جدًا ساهمت الترجمة في تشويهه وإرباكه.
لا يقتصر التشويه أو ضعف الترجمة على هذه القصيدة تحديدًا وإنما تعداها إلى مجموعة أخرى من القصائد، بل أن هناك نصوصًا لم تترجم من الأسبانية أو العربية أو غيرها من اللغات إلى الإنكليزية مثل قصيدة الشاعر الأسباني خوان كارلوس آبريل والشاعر الكندي لوك لاكومبتا أو قصيدة الشاعر العربستاني ناصر حيدري الأمر الذي يُربك القارئ كثيرًا ولا يدعه يعرف اللغة التي تستهدفها هذه الأنثولوجيا.



#عدنان_حسين_أحمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المنحى العجائبي في رواية -ياقوت- لمريم مشتاوي
- الدَّادائية والسِّريالية: دعوة لتجاوز المتعة والتأثير في حيا ...
- البنية النفسية والثقافية في رواية عِشق لمريم مشتاوي
- جمالية اللغة البصرية في فيلم -بأقصى سرعة- لرينغر هوفل
- الشكل الفني الجديد في -جوهرة التَّعْكَر-
- إشكالات الحَبْكة في رواية سماء قريبة من بيتنا
- رحلة الفنان سعد علي من صندوق الدنيا إلى أبواب الفرج والمحبّة
- التشكيلي الهندي بُوبِن كاكار : إرضاء الجميع غاية لا تُدرَك
- أوغادين: عار إثيوبيا المخفي
- قيثارة أور الذهبية وعبق الزمن السومري القديم
- زرادشت: النجمة الصفراء. . .مغامرة وثائقية بلا أدلّة
- الأحياء المتوهجة في ممالك العتمة وأعماق البحار
- الفنان الكوبي ويفريدو لام وشخصياته المهجّنة في التيْت غاليري
- رصانة القصة في فيلم -على حلّة عيني- لليلى بوزيد
- ترييف العاصمة المنغولية آلان باتور في فيلم وثائقي
- حيث تنمو الأعشاب عالياً
- إشكالية الموت في فيلم -شبابِك الجنّة- لفارس نعناع
- الدورة الحادية والعشرون لمهرجان بورتوبيللو السينمائي بلندن
- قبل زحمة الصيف: قصة مفكّكة في بناء بصري رصين
- أفلام تخترق التابوهات السياسية والاجتماعية في مهرجان سفر الس ...


المزيد.....




- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عدنان حسين أحمد - أنثولوجيا شعرية تدور في فلَك الأم