أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد الطيب بدور - المجهول / قصة قصيرة














المزيد.....

المجهول / قصة قصيرة


محمد الطيب بدور

الحوار المتمدن-العدد: 5373 - 2016 / 12 / 16 - 17:48
المحور: الادب والفن
    


..لم تمهلها السعادة كثيرا...وجدت نفسها أرملة مبكرا...انصرفت تدفن حزنها تدريجيا ...و تواريه
بمساحيق و ملامح لم تستطع اخفاءها ...لم تعد بخفة الروح التي ميزتها خلال عملها...و أمام زميلاتها
في العمل و صديقاتها و جيرانها...
كل ما ورثته سلمى من زوجها منزل متواضع...في حي شعبي يتعاظم نموه و يكتظ بالسكان .تضاءلت
منذ أن توفي زوجها فرص الالتقاء بالجيران ...تنتظر يوميا ساعة الانطلاق الى العمل ..عزاؤها الوحيد
لتخرج من عزلتها....هناك تحاول صديقاتها التخفيف من مصابها ..حتى أن احداهن بدأت تزورها في المنزل في نهاية الأسبوع...لتؤنس وحدتها...و تعرف تفاصيل حياتها ...بما سمح لها بالدخول في أدقها..
...و دعوتها الى التفكير في الارتباط من جديد برجل يكمل معها مشوار الحياة....كانت في البداية ترفض الحديث...و مناقشة الأمر...لكنها و على غير عادتها...و خلال يوم راحة ...فاجأت صديقتها بسر لم تستطع الاحتفاظ به ..قالت أن شابا يصغرها سنا...شدد عليها الخناق عند ذهابها و رجوعها من العمل...لا يكلمها...يحاول الاقتراب منها...يبتسم لها عند مرورها ...و أنها لم تفتح له باب اللقاء
أو حتى الحديث عندما يتقاطعان في النهج المجاور لمنزلها...لكنها أعجبت بوسامته و مظهره اللائق..
و أنها خائفة من مفاجآت القدر..
لم يدم ذلك طويلا..التقت به ذات يوم بعيدا عن الحي..تحدثا...عرفت رغبته في الاقتران بها...و عزمه
ان رافقته في الحياة كزوج أن يستغل مهاراته في الميكانيك لفتح ورشة ...هو شاب يقلها سنا ...و لكن ليس بفارق واضح...لم يفلح في دراسته...تلقى تجربة في اصلاح كهرباء السيارات و الميكانيك...عاطل عن العمل في كثير من الأوقات...استطاع احتواءها ...و كان له ما أراد...تزوجا ...و مضت أسابيع
شعرت خلالها بتجدد الحياة...اكتسبت حيوية و اشراقة جديدة...لم تبخل عليه بمشاعرها و مالها...يساعدها في شؤون المنزل ...غير الكثير داخل بالمنزل...فوجدت متعة لا حدود لها وهي تجد يوميا شيئا يدخل عليها البهجة...تستنشق رائحة العطر عند الدخول الى المنزل...يبتسم لها فتلقي بأتعابها جانبا ...يستمع اليها و يحاول نصحها...لقد أحبته...و اهتمت بمظهره أكثر ...و انتظرت أن يبدأ في تنفيذ مشروعه...تلكأ ...و علمت عجزه لمواجهة الأمر لصعوبات مادية...اقترحت عليه حلولا ...كان يرفضها
باستمرار...لم يعد يكترث حتى بالحديث حول الموضوع...تعطلت لغة الكلام بينهما...و ساد الصمت ...صمت يقطعانه بكلمات حول وجبة العشاء...و بنظرات لا تستقر بملامح الوجه....تزيغ بالفكر ... تشقها تنهيدة من هذا الجانب أو ذاك...حتى أن الأمر تطور الى خلافات ...و مناوشات كلامية...عجزت عن أن تزحزح موقفه...و تعجبت من وضعه القانع بما لم تتعود عليه..تؤلمها بطالته و رضاه...و شعورها بأنها ضحية لطيبتها...لم يعد من الممكن تغيير ما تعود عليه...هو يعرف كيف يحصل على
المال منها...لكنها أصبحت عاجزة عن الايفاء بكل حاجياته المتزايدة...و رفضت أن تناوله المزيد...فركن الى ما يشبه الاكتئاب...و اعتراضها في الطريق و احراجها لأنه كان يصيح و يتفوه بعبارات لم تألفها...ينتهي مشوارهما بالخصام ...يصفعها ...ترد أحيانا...يغلق الباب و ينتهي الأمر ببكاء
و عويل و تهديد...اكتشفت أنها مقبلة على صراع لن ينتهي بسلام...تعودت هي الأخرى مجاراته
في حوار لم تختر ألفاظه .. تضع يديها على أذنيها أحيانا لاتقاء وابل من الألفاظ النابية ...تضطر للرد بما يثلج صدرها...أو هكذا تعتقد....تصمت...تغلق باب غرفتها لتتركه يرغي و يزبد...أصبحت حياتها جحيما لا يطاق...انعكس
حزنا و تشتتا ذهنيا في عملها...و نظرات شفقة من قبل صديقاتها و البعض من جيرانها....
و ذات مساء لم تعد للمنزل...حاول الاتصال بها ...لكن هاتفها لم يرد...بات ليلته يتقلب بالفراش...قصد مقر عملها صباحا...فعلم أنها في رخصة مرضية منذ الأمس...انتظر المساء و لكنها لم تعد...

و في الصباح...استيقظ على طرقات قوية...فتح الباب...استقبله رجل باعلام لجلسة طلاق...فرك عينيه..أمضى على الاستيلام ...تمشى في البهو...و هم بالخروج...تراجع ....و جلس يفكر....لم يدم ذلك طويلا...سمع طرقا جديدا...امرأة تعلمه بشراء المنزل الذي يسكنه...و أن عليه مغادرته في غضون أسبوع.....



#محمد_الطيب_بدور (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جحيم الصمت / قصة قصيرة
- انتهت المهمة / قصة قصيرة
- بيت الضفتين / قصة قصيرة
- عذرا أبي / قصة قصيرة
- لحظات موجعة / قصة قصيرة
- أمي تتغير / قصة قصيرة
- سيدة النساء / خاطره
- المتمردة / قصة قصيرة
- بطعم الذهول / قصة قصيرة
- لقاء أخير / قصة قصيرة
- تعاف يا وطنا / خاطره
- لم يعد سرا / قصة قصيرة
- هل أدركت الآن ؟ / قصة قصيرة
- في جنح الظلام / قصة قصيرة
- بين الضفتين / قصة قصيرة
- الزقاق / قصة قصيرة
- هل لي بزهرة ؟
- قولي للربيع لا تأت / قصيد
- حنين / خاطره
- نبض الروح / خواطر شعرية


المزيد.....




- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد الطيب بدور - المجهول / قصة قصيرة