أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - عروسة مولد وشجرة ميلاد














المزيد.....

عروسة مولد وشجرة ميلاد


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 5369 - 2016 / 12 / 12 - 16:23
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    



في أحد أيام القرن الحادي عشر ميلاديًّا، خرج الحاكمُ بأمر الله، الخليفة الفاطمي، يجوب طرقات وأزقّة مصر الطيبة، ممتطيًا حصانه، وإلى جواراه زوجته التي بدت حسناء في فستانها الأبيض وعلى رأسها إكليلٌ من الياسمين الناصع البياض. وقرر صنّاعُ الحلوى في ذلك العصر تخليد ذلك المشهد الشعري الفاتن، فقاموا بتشكيل الحلوى البيضاء، المعقودة بالسكر والماء، على شكل عروس بيضاء جميلة في فستانها المزركش ذي الكرانيش الواسعة، وكذلك على شكل فارس مغوار يمتطي الفرس. حدث ذلك في مثل هذا اليوم الطيب، ذكرى ميلاد الرسول عليه الصلاةُ والسلام. من هنا بدأ الاحتفال بذكرى المولد النبوي الشريف، شعبيًّا، بالعروسة الحلاوة والحصان والفارس.
وفي إحدى الروايات الكثيرة، قيل إن قبيلة وثنية ألمانية كانت تعبد "إله الغابات" واسمه "ثور" في القرون الوسطى. وكانوا يعلّقون على شجرة بلوط قربانًا بشريًّا ثم يذبحونه، تقرّبًا من إلههم المزعوم! وفي عام 727 حدث أن مرَّ بهم راهبٌ مسيحي ورآهم يعلقون طفلاً تمهيدًا لذبحه، كقربان! نهرهم الراهبُ وأنقذ الضحية، الطفل المسكين، ثم علّمهم أن السيد المسيح جاء للخلاص والسلام، لا للقتل والتعذيب. ومن يومها صارت تلك الشجرة، وفق الرواية، دائمةَ الإخضرار، وصارت رمزًا للحياة. وكان الألمانيُّ "مارتن لوثر"، أبو البروتستانتية، أول من أضاء الشجرة بالشموع في القرن السابع عشر في ذكرى ميلاد السيد المسيح عليه السلام. ثم تحولت تلك الشموع، مع الوقت، إلى مصابيحَ كهربائيةٍ صغيرة، تتلألأ في الظلام. وفي موسوعة بريتينيكا روايةٌ أخرى تقول إن المصريين القدامى أوّل من اعتبروا الشجرة الدائمة الخضرة رمزًا للخلود. وفي روايات أخرى، حسب الأساطير القروسطية، كانوا يعتبرون يوم 24 ديسمبر يومَ آدم وحواء، والشجرةَ الخضراء رمزًا لشجرة الفردوس. لهذا كانوا يزينونها بالتفاح الأحمر (رمزًا للخطيئة الأولى )، وبقطع الحلوى (رمزًا للغفران والخلاص). وفي رواية أخرى، كما يشير علماء الفلك، فإن 25 ديسمبر هو يوم الانقلاب الشتوي حين تصل الشمسُ إلى أقصى مداها ويبلغ النهارُ أقصرَه، يليه يومُ صعود الشمس وميلادُها، فكان الرومان يحتفلون بتزيين الشجرة تمجيدًا لرب الشمس، وفق معتقدهم آنذاك. ولما جاءت المسيحية تحول ذلك الطقس إلى احتفال بميلاد السيد المسيح. وتشير رواية أخرى إلى رحلة العائلة المقدسة أرض مصر هربًا من السفاح هيرودس، ولما كاد جنود هيرودس يقبضون على السيدة العذراء وطفلها والقديس يوسف النجار، لجأ الثلاثة إلى إحدى الشجرات، ليحتموا بها. فمدّت الشجرةُ أغصانها لتُخبئ الأسرة المقدسة؛ فكافأها اللهُ بأن جعلها دائمة الإخضرار، فأضحت رمزًا للخلاص والخلود.
وأيًّا ما كانت الروايات حول نشوء فكرة عروسة المولد بُسكّرها وألوانها وفستانها المرزكش، وشجرة الميلاد الخضراء بنجومها المتلألئة وصناديق الهدايا تحت جذعها، فإن كلتيهما يُسرُّ من يراهما، وتُشعّان الفرحَ في القلوب، وتمدّان الروح بالرجاء بأن يسود الحبُّ بين بني الإنسان، فيُهدى كلُّ إنسان إلى أخيه هديةً مُغلّفه بأمنياته ومشاعره الطيبة، وينزع من قلبه أية شوائب تعكّر صفو نفسه.
وتلتقي هذا العامُ أيضًا عروسُ المولد مع شجرة الميلاد. ليعطينا هذا اللقاءُ رسالةً ناصعةً تقول إننا أمةٌ واحدة، نقف تحت مظلة الإنسانية طامعين في وجه الله. تصبو عيوننا للسماء، آملين في الرحمة والغفران. نعبد آلهًا واحدًا لا شريك له، كلٌّ يراه عبر زاويته. وأينما ولّينا شطرَنا فثمّ وجهُ الله الذي لا تحيط به أعين ولا تحدّه سموات ولا أرض. كل سنة وكل البشر أكثر سواءً ومحبة ورحمة ونبلا وتحضّرًا.



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أنتم تخدشون حياءنا
- حلوى المولد .... والبيض الأرجنتيني
- حلوى المولد والبيض الأرجنتيني
- صباح فيروز … وجه الفرح
- هل الآخر جحيم … نعيم؟
- “فن- الحذر من الآخر
- فن الحذر من الآخر
- خيانة الأفكار
- ماذا يعني مهرجان الموسيقى العربية؟
- متى المسافرُ يعود؟
- هل نحب؟
- لن تدخلوا الجنة حتى تحابّوا
- شريهان.... العصافير أنبأتنا عن مخبئك!
- حوار مع أبي .... وألحقني بعبادك الصالحين
- سوف يكبرون ويحبّون العالم
- بيان من فاطمة ناعوت بخصوص مؤتمر واشنطن | لماذا يهاجمني بعض أ ...
- الحرفُ يقتل!
- المعادلة المستحيلة ... لا تطفئوا مِشعلها!
- كيف تصير مشهورًا دون تعب؟
- حُرّاس لغتنا الجميلة، وقاتِلوها


المزيد.....




- دولة إسلامية تفتتح مسجدا للمتحولين جنسيا
- فيديو البابا فرانسيس يغسل أقدام سيدات فقط ويكسر تقاليد طقوس ...
- السريان-الأرثوذكس ـ طائفة تتعبد بـ-لغة المسيح- في ألمانيا!
- قائد الثورة الإسلامية يؤكد انتصار المقاومة وشعب غزة، والمقاو ...
- سلي عيالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على النايل سات ولا يفو ...
- الاحتلال يستغل الأعياد الدينية بإسباغ القداسة على عدوانه على ...
- -المقاومة الإسلامية في العراق- تعرض مشاهد من استهدافها لموقع ...
- فرنسا: بسبب التهديد الإرهابي والتوترات الدولية...الحكومة تنش ...
- المحكمة العليا الإسرائيلية تعلق الدعم لطلاب المدارس الدينية ...
- رئيسي: تقاعس قادة بعض الدول الإسلامية تجاه فلسطين مؤسف


المزيد.....

- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود
- فصول من فصلات التاريخ : الدول العلمانية والدين والإرهاب. / يوسف هشام محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - عروسة مولد وشجرة ميلاد