أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - الهيموت عبدالسلام - فيديل كاسترو وجدارة الحياة















المزيد.....

فيديل كاسترو وجدارة الحياة


الهيموت عبدالسلام

الحوار المتمدن-العدد: 5368 - 2016 / 12 / 11 - 00:44
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
    


غادرنا "فيديل كاسترو" ، قِدِّيس الثورة العالمية ،ورجل التضامن الأممي ،ومُلهم التوراث في أمريكا اللاتينية و العالم الثالث، غادرنا الثائر الذي لم يُفلح الرؤساء الأمريكيون 11 في اغتياله وهم بالاسم والصفة : "إزنهاور"،"كينيدي"،"جونسون"،"نيكسون"،"فورد"،"كارتر"،"ريغان"،"بوش الأب" ، "كلينتون" ،"بوش الابن"، وأخيرا "أوباما"، كل هؤلاء الرؤساء والذين يتزعمون أكبر دولة عظمى فشِلوا في اغتيال هذا الثوري الذي ينحدر من عائلة إقطاعية غنية مُفضِّلا الانحياز للفقراء والفلاحين والبسطاء ،فلَت من 638 محاولة اغتيال حبَكها ودبَّرها أكبر جهار استخباري في العالم .

ليس فقط مسلسل الاغتيالات المُطَّرِدة من لاحقَ "فيديل كاسترو" طيلة حياته ،بل لِحِصار تجويعي خانِق لبلده ،وكوبا بالمناسبة عبارة عن جزيرة لا تبعد عن أمريكا سوى ب150 كلم ،ولا تتجاوز مساحتها 100 ألف كلم مربع ،وبالكاد يصل عدد سكانها إلى 13 مليون نسمة ،إذ لم تستسغ أمريكا أن تنجح ثورة على حواشيها فقط ببضع رجال استطاعوا دفْن ديكتاتورية تبعية مقيتة أوصلت البلاد للهاوية ،ثورة نجحت في أن تستغفل جميع أجهزة الاستخبارات التي تُنصّب الرؤساء وتطيح بهم في دول العالم كما لو أنها لعبة شطرنج ،ثورة منفلتة عن الرصد والتعقب مثلما انفلت مؤسسُها عن مئات محاولات الاغتيال، ثورة فشلت الإمبريالية الأمريكية بسطوتها الهائلة العالمية لا في قتله ولا في تحييده عن رئاسة الدولة ولا في تأْليب الشعب عليه ولا حتى في خلق معارضة داخلية.

كوبا ليست نظاما ديمقراطيا وليس بها تعددية بمواصفات الديمقراطية الليبرالية الغربية، ولكن كوبا التي تعرضت لحصار ظالم وخانق استطاعت أن تقضي نهائيا على الأمية ، وأن تُخفِّض معدّل الوفيات من 42 % إلى 4 % ،كوبا استطاعت بنجاعة نظامها الصحي المعتمَد أمميّاً أن تخرِّج أكثر مِن 130 ألف طبيب أي طبيب لكل 130 نسمة ،في إطار النظام الصحي دائما تُخرّج كلية الطب 1500 طبيب أجنبي سنويا ،وقد أرسلت 30 ألف طبيب وبكفاءة عالية إلى 68 بلد أجنبي مُنجِزِين 600 ألف تدخُّل طبي إنساني ،في كوبا المحاصرة لأكثر من 50 عاما اختفت سوء تغدية الأطفال نهائيا ،وحققت الاكتفاء الذاتي أو الأمن الغذائي بلغة الأمم المتحدة في الخمسينات ،كما حققت معدلا للولوج للتعليم ب100% ،وبوعي سياسي عام قلّ نظيره ،في كوبا يقول لاعب كرة القدم العالمي "مارادونا" لا ترى في كوبا الأطفال مشردين يتسولون ويأكلون من القمامة وينامون في الشوارع ،لأن كوبا حققت اكتفاء غذائيا كما أسلفنا بفلاحة عضوية في الخمسينات من القرن الماضي، وأن متوسط عمر الحياة وصل إلى 79 سنة، و كوبا وحدها من قضت نهائيا على انتقال مرض فقدان المناعة المعروف بالإيدز من الأم المصابة لطفلها، والأشرف من ذلك أنه ترك بلاده بلا ديون وبدون فوارق اجتماعية بين الطبقات الاجتماعية كما هو الشأن في الأنظمة العالمثالثية.

إلى جانب الحصار الاقتصادي ومحاولات الاغتيال من طرف أعتى إمبراطورية عالمية ، ستخوض أمريكا حربا إعلامية تضليلية وقذِرة ضد كوبا ورئيسِها التي وصفته بالديكتاتور ،ليكتشف العالم بعد وفاته وبعد انقشاع الحملة التضليلية التسميمية أن "فيديل كاسترو" الذي لم يفارق بزّته العسكرية ولباسه الريّاضي لمحاربي الصحراء وسيجاره أنه لم يترك وراءه لا يخوتا ولا قصورا ولا أرصدة بنكية بل ورفض في وصيّته الأخيرة ألاّ يُقام له تمثال وألاّ يُطلق اسمه على الشوارع والمستشفيات والجسور ،يكفيه أنه نحث اسمه المقترن بالعزة والكرامة والأنفة في وجدان وقلوب البسطاء والشرفاء والأحرار في هذا العالم ، وأن كل ثروته هي عدم الخضوع والركوع للاستعمار وللإمبريالية والصهيونية العالميتين وأنه نقَل بلاده من الديكتاتورية والفقر إلى نموذج عالمي في التنمية المستدامة تقتذي به الأمم المتحدة : الصحة والتعليم والتغذية ،فماذا كان سيكون مصيرُ هذا البلد في التنمية والتقدم لولا هذا الحصار الظالم الذي ضُرب على هذا البلد لأكثر من خمسة عقود ؟

هذا التضليل الإعلامي هو ما دفع وزيرة البيئة الفرنسية "سيغولين رويال" والمرشحة السابقة لرئاسيات فرنسا ، والتي حضرت فعاليات تأبين الزعيم الكوبي (دفعها) للقول أن كوبا تعرضت لتضليل إعلامي مبالغ فيه بشأن وضع حقوق الإنسان في كوبا ، فدافعت عن حصيلة الزعيم الكوبي واعتبرت أن "فيديل كاسترو " يعود له الفضل في استعادة أراضي الكوبيين وحياتهم ومصيرهم" مما جرّ عليها الكثير من الانتقادات من أوساط اليمين المتطرف ولوبيات الصهيونية لدرجة اتهامها أي "سيغولين روايل" بالمسّ بشرف وعظمة وقيم فرنسا ،حتى أسطوانة تسليم "كاسترو" زعامةَ البلد لأخيه "راؤول " مجرد تضليل مُغرض، إن الزعيم "راؤول " هو حقا أخ "فيديل كاسترو" ولكنه كان الرجل الثالث في الثورة الكوبية بعد "كاسترو " و"تشي غيفارا"، لم يتم استقدامه للسلطة لمجرد أنه أخ "كاسترو"، إذ ليس في الأمر إذن توريثا للسلطة كما تُردّد معارضة حانات وفنادق ميامي وواشنطن ولندن ،معارضة تستظل وتستقوي بأعداء الشعوب للتآمر على بلدها وعلى ثورتها مقابل الترف والمتعة على حساب الشعب الكوبي الذي تحدّى حصار تاريخيا بل وبنى تحت هذا الحصار طرازَه الخاص في التنمية البشرية الإنسانية التي لم تستطع أن تبنيه أنظمة الاستبداد رغم الموارد الطبيعية والبشرية الهائلة التي تحوزها.

إنه لمِن الاستخفاف بذكاء القارئ والمتتبع أن نعقِد مقارنة بين ما أنجزته كوبا تحت الحصار وبين الأنظمة العربية الاستبدادية التي تنام على محيطات من البترول والغاز والفوسفاط والأراضي الزراعية والأنهار والبحار والمحيطات والمعادن ،هذه الأنظمة التي حصلت على استقلالاتها لما يزيد -ويا لِمكر الصدف -لأكثر من 50 سنة ، ولازالت شعوبها تغرق في الأمية ولا يجد فيه المواطن سريرا للعلاج ولا مقعدا للدراسة ،شعوبا ترفل في الجهل وشظف العيش وفي البؤس وفي القمع ،أنظمة وبدون حصار لم تحقق لشعوبها لا صحة ولا تنمية ولا أمن غذائي ولا سيادة اقتصادية ولا سيادة سياسية ،حتى الشعب الفلسيطيني الذي لازال يعاني من استيطان واغتصاب الكيان الصهيوني كان "ياسر عرفات" حين تُتْعِبه ضربات ودسائس إخوانه العرب كان يلجأ ل"فيديل كاسترو" الذي يدعمه ويخفّف عنه ضربات وطعنات ذوي القربى ، "فيديل كاسترو" بالمناسبة قطع علاقته مع الكيان الصهيوني في حرب أكتوبر 1973 وطرد سفيرها بغير رجعة ،ظل داعما للشعب الفلسطيني ومحتضنا لآلاف الطلبة الفلسطينيين في الجامعات الكوبية، وحين ضربت حركة القاعدة في شتنبر 2011 مركزي التجارة العالمي في أمريكا لم يخرج لا "كاسترو" ولا الشعب الكوبي يرقص طربا رغم أن الشعب الكوبي من أكبر الضحايا للسياسة الأمريكية ،لأن حصافة وحكمة الشعب الكوبي ورئيسه أن القاعدة حركة إرهابية وأن استهداف المدنيين والشعوب ليس نضالا ولا ثورة بل هو فقط إرهاب.



#الهيموت_عبدالسلام (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المزاد المخزني
- تلك الفصيلة البشرية
- مفارقات المشهد السياسي المغربي على ضوء انتخابات 7 أكتوبر
- على هامش التصويت والمقاطعة لانتخابات 7 أكتوبر
- على هامش قضية عمر وفاطمة القياديان بحركة التوحيد والإصلاح
- فصل المقال فيما بين النظام السياسي المغربي والأحزاب من اتصال
- الطرق الخمسة لولوج النخبة المخزنية
- في الحاجة الوجودية إلى الفلسفة
- صادق خان عمدة لندن وفزاعة الإسلاموفوبيا
- فقط في المغرب
- لاتصلح النصوص ما أفسدته النفوس
- الهجمات الانتحارية على بلجيكا وماذا بعد؟
- داعش التي في فكرنا
- التصفيق بين الطقس الاحتفالي والممارسة القهرية
- حول قاموس الأحزاب السياسية بالمغرب
- ما يجب أن نعرفه عن تقاعد الأجراء وعن تقاعد ومعاشات الوزراء و ...
- هل أتاكم خبر مشاركة المرأة السعودية في الانتخابات؟
- الإبداع بين المسلمين والإسلاميين
- على شفا الانفجار الثوري !!! كما تراءى ذات يوم لجون واتربوري
- هجمات 13 نوفمبر على باريس : السياق والتداعيات


المزيد.....




- اختيار أعضاء هيئة المحلفين في محاكمة ترامب في نيويورك
- الاتحاد الأوروبي يعاقب برشلونة بسبب تصرفات -عنصرية- من جماهي ...
- الهند وانتخابات المليار: مودي يعزز مكانه بدعمه المطلق للقومي ...
- حداد وطني في كينيا إثر مقتل قائد جيش البلاد في حادث تحطم مرو ...
- جهود لا تنضب من أجل مساعدة أوكرانيا داخل حلف الأطلسي
- تأهل ليفركوزن وأتالانتا وروما ومارسيليا لنصف نهائي يوروبا لي ...
- الولايات المتحدة تفرض قيودا على تنقل وزير الخارجية الإيراني ...
- محتال يشتري بيتزا للجنود الإسرائيليين ويجمع تبرعات مالية بنص ...
- نيبينزيا: باستخدامها للفيتو واشنطن أظهرت موقفها الحقيقي تجاه ...
- نتنياهو لكبار مسؤولي الموساد والشاباك: الخلاف الداخلي يجب يخ ...


المزيد.....

- يسار 2023 .. مواجهة اليمين المتطرف والتضامن مع نضال الشعب ال ... / رشيد غويلب
- من الأوروشيوعية إلى المشاركة في الحكومات البرجوازية / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- عَمَّا يسمى -المنصة العالمية المناهضة للإمبريالية- و تموضعها ... / الحزب الشيوعي اليوناني
- الازمة المتعددة والتحديات التي تواجه اليسار * / رشيد غويلب
- سلافوي جيجيك، مهرج بلاط الرأسمالية / دلير زنكنة
- أبناء -ناصر- يلقنون البروفيسور الصهيوني درسا في جامعة ادنبره / سمير الأمير
- فريدريك إنجلس والعلوم الحديثة / دلير زنكنة
- فريدريك إنجلس . باحثا وثوريا / دلير زنكنة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - الهيموت عبدالسلام - فيديل كاسترو وجدارة الحياة