أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مصطفى حنكر - السيجارة الأخيرة














المزيد.....

السيجارة الأخيرة


مصطفى حنكر

الحوار المتمدن-العدد: 5367 - 2016 / 12 / 10 - 22:25
المحور: الادب والفن
    


بدا لي اسم هذا البار ، بعض الشيء ، غريبا ، و مما زاد غرابته أني دخلت إليه معفيا من حذر العقل ، و في كامل قواي الجسدية .دخلته لاعقلانيا ، و قد أصابني هذا بلذة قصيرة ، بانتشاء عابر ولد لدي ابتسامة من خدع احدهم .البار يوجد في مكان شبه حقير لا يحتمل شبهة تواجده في هذا الشارع المهمش .كان صديقي يحمل صاكا اسفنجيا به سروال كان قد اشتراه للتو ، و بيرة هينيكن مغلفة في ميكا رمادية . لم يلاحظ الفيدور ، و هو يفتش ذاك الصاك اللعين، مرور بيرة أجنبية إلى الداخل .فكرت أني سآخد هذه البيرة إلى الطواليت ثم أتجرعها دفعة واحدة .كنت أريد أن أخبر صديقي بهذه الفكرة الخبيثة ، و لكني لم افعل .داهمنا هذه الجلسة الديونيزية بنقاشات حول دوستويفسكي تحديدا .كل مرة يجب أن نتحدث فيها عن الكتب ، و خصوصا في مكان مقدس قداسة ديونيزوس، لا نتاسبه عادة مثل هكذا نقاشات . كنت أسائل نفسي دوما لما هذا التمركز حول هذا الموضوع بالذات ، الحديث عن الكتب .ربما لأننا فاشلو كتب و لسنا فاشلي رقص أو فاشلي أي شيء آخر . المثقف يثرثر .إنه آلة ثرثرة ، و الجميل أنها ثرثرة مزعجة للآخرين ، ذوي السلط و النفوذ .لهذا يندفع التاريخ دوما بالثرثرة ، و خصوصا بثرثرة سكير . صديقي ع لم يخفي انبهاره بدوستويفسكي . كنت قد أخبرته أن هذا الرجل يكتب وحيا ، و أنه إله ما يسمى الآن بفن الرواية .الرواية الروسية ، خلافا للرواية الفرنسية التي تصيبني بالضجر ، رواية مسكونة بالحيوية ، بالقصف المتوالي للقارئ لكي يستفيق من احتمالات شروده عن النص . الروسي يعرف كيف يكتب بغريزته .و الفرنسي يتصنع الكتابة .إنه يحاول أن يكون كاتبا .و هذا ما أعتقده فرقا شاسعا بين العقل الروسي و العقل الفرنسي .إني أكتب الآن و أنا أفكر في بيرتي الخضراء ، كنت قد نسيتها في الصاك .لم نناقش أنا و صديقي شيئا ، و كنا نناقش كل شيء .كنا نتداعى بشكل حر من الكلام .كنا نتكلم فقط دون التخوف من انزلاقات الأقوال الجارحة .الجميل في السكر أنه لا يسمح بالإنتقاء ، إنه يدع كل شيء يقال ، يفضح المسكوت عنه و اللامفكر فيه .
التحق صديق آخر بنا .ثم صديق آخر مع زوجته الجميلة .و بما أنني أحسست بحضور الأسرة المتحررة ، كان علي ، و أنا الصعلوك السكير ، أن أكون محترما أيضا ، أن أرجع إلى حالة الحذر من الإنزلاق و الخدش ، أن أكون لائقا بحضور أسري شاب و استثنائي .كل شيئ إلى الآن عادي و محترم .أعجبت بهذه الفكرة المتحررة ، أن يحضر الرجل، وأنا لا أعلم من منهما أحضر الآخر في الحقيقة ، زوجته إلى البار للإلتفات إلى المتعة ، لممارسة الرذيلة الأسرية . هذا تخطي قيود اللياقة ، و كان هذا في الحقيقة شيئا مثيرا للإعجاب .أحببت ذلك .كنا نثرثر و نضحك بفجور .كنا لا نحترم قوانين السكر هنا ، و نلفت الإنتباه غالبا ، و يحدقون فينا ، و لا نكترث لهم ، فنضحك مرة أخرى ، و نتداعى من الثرثرة .جاءني نداء عاجل ، و قمت من مكاني .أردت أن أكون عاديا ، و لكن خطواتي كانت مترنحة .صعدت الدرج إلى فوق .كنت أتكئ بيدي اليمني على الدرابزين لمنعي من السقوط .وجدت آنسة جميلة بتنورة سوداء قصيرة تضع أحمر الشفاه أمام مرآة المرحاض .كنت أحدق في صورتها المنعكسة على المرآة و هي تحدق بي أيضا .لاحظتها في المرآة ذاتها .لم تدر نحوي.بقيت ساكنة للحظة ممعنة النظر نحوي .إن جسدها فاتن جدا .أصبحت غير مكترثة أيضا مثلي .لقد كانت مرفوعة و حقيقية .راقبت خطواتها الحذرة و المترنحة نازلة في الدرج ، إنها كانت تختفي أمامي ببطء . كنت أنظر إلى مؤخرتها الممتلئة أيضا .شعرت ببرودة في ظهري .أزعجني ألم ملح للتبول .مثانتي مليئة بخليط من البيرة و الروج و الشمندر الأحمر.تحررت أخيرا من البول .نزلت عبر الدرج بترنح غير مكترث بالسقوط ، و بالرغم من ذلك أمسك بالدرابزين كي لا أسقط .أحسست حينها أني حثالة ، كقطعة العلك التي يلصقها التلاميذ في المقاعد ، فيصيبها البرد بالجمود .كنت أريد أن أصرخ بصوتي الثخين :"أنا حثالة أيها الماجنون " ."أيها السكارى أنا أحبكم جميعا" .أيها الخطاؤون ..نخبكم جميعا " ..وصلت إلى مقعدي أخيرا .تفقدت سيجارة وضعتها فوق أذني فلم أجدها .اوووه .لقد ضاعت مني سيجارتي البيضاء .فأين سقطت ؟
ربما قد أسقطتها في الطواليت ..قال صديقي الذي كان يجلس بجانبي
سأذهب لأبحث عنها .لقد أحببت تلك السجارة اللعينة .إنها سيجارتي الأخيرة .و هي فوق ذلك رافقتني إلى المرحاض .أريد أن أنهض ، و أحاول التخلص من الكرسي .لكن مؤخرتي ملتصقة به .أحسست بثقل جسدي و قد أصبح بوزن لم يعد يحتمل المشي وسط الكراسي و الضجيج ، و تسلق الدرج مرة أخرى و رؤية مؤخرة أخرى و النزول عبر الدرج مرة أخرى .عدلت عن الفكرة فبقيت مكاني .فكرت أن الجلوس أحسن .أعطني سيجارة أخرى صديقي ..



#مصطفى_حنكر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نادي الصعاليك
- يوميات متشرد 4
- الجريمة و العقاب ..مرة أخرى
- ترانس لهبال: الجديدة_ مراكش
- القول الفلسفي في العلمانية ج2
- القول الفلسفي في العلمانية
- شبح الجنون _1
- دين ودنيا
- يوميات متشرد _3
- يوميات متشرد 2
- إنجذاب غير مرغوب
- حوار الفلاسفة __الجزء الأول
- خطبة كازانوفا في البار
- يوميات متشرد
- الإنسان بين فرويد و أدلر
- حينما نفكر على نحو مغاير


المزيد.....




- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مصطفى حنكر - السيجارة الأخيرة