أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد جمول - أضغاث ثقافة مع جلال صادق العظم وآخرين














المزيد.....

أضغاث ثقافة مع جلال صادق العظم وآخرين


محمد جمول

الحوار المتمدن-العدد: 5367 - 2016 / 12 / 10 - 14:29
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


أضغاث ثقافة
مع جلال صادق العظم وآخرين
بقلم: محمد جمول
في الوقت الذي ربما يكون فيه جلال صادق العظم يودع الحياة تاركا وراءه إرثا ثقافيا كبيرا ومهما، قد يشعر كثير ممن قرأوا وأعجبوا أشد الإعجاب بما كتبه أنه خذل فكره وقراءه معاً. فمنذ كنا طلابا في الجامعة، أدهشنا العظم بجرأته وقدرته على مواجهة ركود الفكرالديني المسيطر بكل رواياته الغيبية التي تصدم أي عقل منفتح يريد أن يتحرر من المسلمات المرفوضة عقليا. ففي كتابه " نقد الفكر الديني" تجرأ العظم على طرح تفسير مختلف لما اعتاش عليه رجال الدين على مدى قرون، وقدم عرضا لقصة إبليس تشجع كل شخص أن ينظر إلى أية قصة من منظور مختلف عما هو مألوف ومسلم به، منظور يحرر العقل من قيود الماضي ويفتح أمامه كل الآفاق ليفكر ويشكك ويطرح أسئلته بحرية.
لم يتوقف الدكتور العظم عن العطاء المميز والمختلف عما هو سائد من فكر تدجيني. ومن هذه الأعمال المهمة كتابه " ذهنية التحريم" الذي كان فيه الصوت المختلف والمبدع في الموقف من رواية "آيات شيطانية" للكاتب سلمان رشدي التي سارع الجميع إلى إدانتها وتسفيه كاتبها من دون أن يقرأوها أو يعودوا لمصادرها. فكانوا مجرد أصوات تردد ما تريده السلطات ورجال الدين الذين هدروا دمه.
لم يحاول أحد منهم، باستثناء العظم (وحسب علمي وفي حديث خاص المرحوم أنطون مقدسي الذي ذكر آنذاك أن ما يقوله رشدي عن" الغرانيق" موجود في تاريخ الطبري، فلم نلوم رشدي بدلا من الطبري؟ )، أقول لم يحاول أحد منهم العودة إلى أحد مصادر الرواية الحقيقية، وهي كتب السيرة النبوية التي تتناول مسألة "الغرانيق" وتقدمها على أنها قصة حقيقية. وبالتالي كان يجب العودة إلى هذه الحكاية وتحليلها وصدور الفتاوى والانتقادات ضدها وضد مروجيها الذين جعلوها جزءا من العقيدة، قبل أن تصدر ضد سلمان رشدي. ربما يكون جلال صادق العظم وحده إلذي أراد أن يُجلَد الشخصُ بدل أن يُجلَد ظله. وبذلك أراد العظم، مثلما أراد سلمان رشدي، أن يلفت الانتباه إلى أن التراث مليء بقصص وروايات لايقبلها العقل، ولا تستحق أي تقديس، ويجب التخلي عنها ونقدها عقليا لأنها بشكل مؤكد تساهم في تكوين ثقافتنا السائدة حاليا. وبالتأكيد هذا سيفتح الباب أمام انهيارات كبيرة في كثير من الروايات المقدسة والقيم التي لم تعد قابلة للحياة إلا من خلال إحاطتها بقدسية متشددة ترفعها فوق النقد والتساؤل أو التشكيك، وبذلك نقدم ثقافة تخدم العقل والدين معا.
وهذه القيم هي التي تجعلنا متخلفين حتى عن آخر الشعوب والأمم في كل جوانب الحياة، وهي ذاتها التي تعطينا المرتبة الأولى في القتل" المقدس" والكراهية" المأجورة" للآخر. مثل هذه الثقافة القائمة على التسليم المطلق والطمأنينة المريحة تحرم من تربى عليها من التساؤل إن كان حقا هو" خير أمة أخرجت للناس". وهذه الثقافة القائمة على التسليم المطلق تجعلنا جاهزين للتسليم بكل التناقضات والتلفيقات التي امتلأ بها التراث والتي تساوي بين الحق والباطل إن كان هذا الباطل يخدمنا، وتجعلنا نسلم بأن القاتل والمقتول في النار إذا كانا مسلمين واقتتلا بغض النظر عمن هو على حق ومن هو على باطل، وأن الله" رضي" عن الجميع مع أن الآلاف منهم قتلوا آلافاً أخرى. وهي الثقافة التي تجعلنا نؤمن أننا على صواب في أي سلوك نسلكه ضد الآخر، وأن من حقنا أن نقتله ونسبيه ونبيعه في سوق النخاسة ( مع أننا لا نستطيع الدفاع عن أنفسنا، وأن أي قوة أخرى تستطيع غزونا وأسرنا إلخ..."، لأنه كافرما دام مختلفا عنا. وهي الثقافة ذاتها التي تجعلنا نعتقد أننا بالسيف قادرون على هزيمة الطائرات والصواريخ العابرة للقارات. يكفي أن نقرأ هذا التراث ونؤمن بكل ما جاء به لنكون على حق ولنكون الأقوى والأقدر على جعل العالم يركع عند أقدامنا.
لا أحد يستطيع إنكار مساهمات الدكتور العظم وآخرين بينهم الدكتور عبد الرزاق عيد. لكن الفاجعة الكبرى كانت حين رأينا هؤلاء يشكلون واجهة إعلامية وسياسية للقوى ذاتها التي خلدت لنا هذا التراث الذي تحدثنا عنه. وقد كانوا، بعلم أو من دون علم، ينظّرون للهدف ذاته الذي تسعى إليه هذه القوى الظلامية، ويبشرون بالطائفية التي يعمل من أجلها هؤلاء. فمنذ البداية تحمسوا لهذه القوى وما تقوم به. فهل أدركوا أنهم تنكروا لأفكارهم السابقة، وأنهم ساهموا في تأبيد ما كانوا يريدون نسفه حين حاولوا التخلص من الظلم بدعم ما هو أظلم، وحاولوا التخلص من اسستبداد قد يكون مؤقتا ليحل محله استبداد خالد يقتلك في الدنيا والآخرة إن وقفت ضده. إنها خيبة الأمل من بعض رواد الثقافة العلمانية الذين سقطوا أمام أول وهم أو إغراء بسلوك الطريق السهل المجرب للتغيير، وهو ركوب حصان الغرائز الطائفية
إن كان يأخذنا إلى ما نحب بغض النظرعن الصواب والخطأ.



#محمد_جمول (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المعارضة السورية والإنجاز الجديد
- المعارضة السورية ولولو اللبنانية
- فيصل القاسم والثورة الأمريكية في سورية
- الكفر بالمعرفة
- المعارضة السورية وجنيف
- عبد الرزاق عيد هل يحل لنا لغز داعش بعد جبهة النصرة؟
- هل على السوريين رؤية ما ليس موجودا؟
- من سيتبع الآخر: أمريكا أم السعودية؟
- هل تعب ثوار الفضائيات السوريون؟
- اهربوا: المسلمون قادمون
- التاريخ يستعرض دروس معركة قادش في القصير
- من قادش إلى القصير -كلمة للتاريخ
- مجموعة أكاذيب لا تصنع ثورة
- هل أمريكا مفتونة بالديمقراطية إلى هذا الحد؟
- حين خسر السوريون عقولهم
- من يخلص الإسلام من الإسلاميين؟
- عبد الرزاق عيد وأسواقه الطائفية
- الاستحمار أعلى مراحل الإمبريالية
- معارضة من أجل الوطن أم ضده؟
- المسافة بين عبد الرزاق عيد وعدنان العرعور


المزيد.....




- ماذا نعرف عن قوات الفجر الإسلامية في لبنان؟
- استمتع بأغاني رمضان.. تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 على ا ...
- -إصبع التوحيد رمز لوحدانية الله وتفرده-.. روديغر مدافع ريال ...
- لولو فاطرة في  رمضان.. نزل تردد قناة وناسة Wanasah TV واتفرج ...
- مصر.. الإفتاء تعلن موعد تحري هلال عيد الفطر
- أغلق باب بعد تحويل القبلة.. هكذا تطورت أبواب المسجد النبوي م ...
- -كان سهران عندي-.. نجوى كرم تثير الجدل بـ-رؤيتها- المسيح 13 ...
- موعد وقيمة زكاة الفطر لعام 2024 وفقًا لتصريحات دار الإفتاء ا ...
- أسئلة عن الدين اليهودي ودعم إسرائيل في اختبار الجنسية الألما ...
- الأحزاب الدينية تهدد بالانسحاب من ائتلاف نتنياهو بسبب قانون ...


المزيد.....

- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود
- فصول من فصلات التاريخ : الدول العلمانية والدين والإرهاب. / يوسف هشام محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد جمول - أضغاث ثقافة مع جلال صادق العظم وآخرين