أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - طلال الربيعي - الماركسية والفلسفة (3)















المزيد.....

الماركسية والفلسفة (3)


طلال الربيعي

الحوار المتمدن-العدد: 5363 - 2016 / 12 / 6 - 09:48
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


نظرية الفوضى
تشكل نظرية الفوضى ومشتقاتها بشكل واضح شكلا من أشكال التفكير الديالكتيكي. على وجه الخصوص، إن فكرة تحول التغير الكمي إلى كيفي أمر أساسي لذلك. وان احد القوانين الأساسية للديالكتيك هو قانون تحول التغير الكمي إلى تغير كيفي. دعونا نذكر مثلا واحدا يسهل فهمه.

ففي حالة تسخين الماء، هناك قفزة من حالة واحدة من الوجود الى آخرى: في درجة الصفر, يكون الماء بحالة صلبة (ثلج). في درجة 100 مئوية يتحول الماء إلى الحالة الغازية (بخار). وإذا تم زيادة درجة الحرارة إلى 550 درجة مئوية، يصبح الماء في حالة البلازما، حيث يحدث تفكك لترابط الذرات والجزيئات مع بعضها البعض (تدعى البلازما الحالة الرابعة للمادة، والثلاثة الأخرى هي الصلبة والسائلة والغاز. ط. ا). وتكون كل مرحلة من هذه المراحل بمثابة مرحلة انتقالية. دراسة التحولات المرحلية تشكل فرعا مهما جدا من الفيزياء الحديثة. وتغييرات مماثلة يمكن ملاحظتها في تاريخ المجتمع. وما يعادل مرحلة انتقالية هو الثورة.

شهد التاريخ كلا النوعين من التطور: التطور (البطيئ، التدريجي) والثورة (قفزة نوعية، حيث تحدث عملية التطور بتسارع كبير). التطور التدريجي يمهد الطريق للثورة، وهذا بدوره يمهد الطريق لمرحلة جديدة من تطور على مستوى أعلى. وقد وصف هيغل هذه العملية الديالكتيكية بشكل أكثر بلاغة في التمهيد لكتابه Phenomenology of Mind (فلسفة الروح/ العقل):
"يختفي البرعم عندما تزهر النبتة، ويمكن أن نقول أن الثاني قد نفى الأول؛ بنفس الطريقة عندما تثمر النبتة، يمكننا القول ان الزهرة هي شكل كاذب من وجود النبتة لان الثمرة تشكل الطبيعة الحقيقية للنبتة بدلا من الزهرة. وهذه المراحل ليست مجرد نوعا من التمايز. أنها تحل محل بعضها البعض. لكن النشاط الطبيعي المتواصل والمتأصل في النبتة يجعل هذه المراحل في الوقت نفسه لحظات من وحدة عضوية، حيث ليس فقط انها لا تتعارض مع بعضها البعض، ولكن ايضا ان كل مرحلة تكون ضرورية للاخرى. وهذه الضرورة المتساوية لجميع اللحظات تشكل لوحدها، وبالتالي, الحياة كلها ".

ونحن كثيرا ما نرى تكرارا واضحا لمراحل التطور بعد فترة طويلة من تجاوزه. ونحن نرى الشيء نفسه في دراسة الأجنة، التي تمر هي ايضا على ما يبدو بمراحل تطور. يبدأ الجنين البشري كخلية واحدة، ثم ينقسم ويكتسب أشكالا أكثر تعقيدا. في احدى مراحل التطور يكون له خياشيم مثل الأسماك، وفي وقت لاحق له ذيل مثل القرد. التشابه بين أجنة الإنسان واجنة الحيوانات الأخرى، بما في ذلك الأسماك والزواحف، امر لافت للنظر، ولوحظ بالفعل من قبل الإغريق، الذين، كما رأينا، أكثر من ألفي سنة قبل داروين، استنتجوا ان الانسان قد تطور من الأسماك .

وقد استمرت عملية التطور بدون انقطاع من أول أشكال الحياة البدائية التي ظهرت، كما نعلم الآن، في فترة مبكرة من تاريخ الأرض. ربما ظهرت الكائنات البدائية الأولى في قعر المحيطات البدائية، والتي استمدت الطاقة ليس من الشمس، ولكن من فوهات البراكين، التي توْلد الحرارة من أسفل القشرة الأرضية. تطورت البروتوزوا (كائنات وحيدة الخلية تتصف بصفات حيوانية كالحركة والافتراس. ط. ا) الى الفقريات من خلال البرمائيات التي ظهرت في وقت مبكر، والتي تطورت إلى الزواحف والثدييات والبشر في وقت لاحق.

الفرق الجيني بين البشر والشمبانزي هو أقل من اثنين في المئة ونحن نشاطر نسبة كبيرة من جيناتنا مع ذباب الفاكهة وحتى الكائنات الحية الاخرى الأكثر بدائية. وقد حطم مشروع الجينوم البشري الهجوم المضاد اليائس الأخير القاضي بوجود الخالق (الذي يختبئ تحت شعار "التصميم الذكي"). ومع ذلك، فإن فرق اثنين في المئة الذي يفصل بيننا وبين الحيوانات الذكية الاخرى (مثل الشمبانزي) يعتبر نقلة نوعية او كيفية اوصلتنا الى مستوى عال ومختلف تماما.

هل يمكن فهم المجتمع البشري؟
لا يقتصر تطبيق المنهج الديالكتيكي عل الطبيعة فقط. فحتى الملاحظة الأكثر سطحية تظهر أن المجتمع الإنساني قد مر بعدة مراحل محددة, وقد تتكرر بعض العمليات فى فترات منتظمة. تماما كما في الطبيعة حيث نرى تحول الكم إلى كيف، يرينا التاريخ أن هناك فترات طويلة من البطء والتغير المحسوس بالكاد تتخللها فترات تتسارع فيها الاحداث لتسبيب نقلة نوعية.

توجد في الطبيعة فترات طويلة من التغير البطيء (ركود), التي يمكن أن تستمر لملايين السنين, حيث تتخللها أحداث كارثية, يرافقها دائما انقراض الأنواع الحيوانية التي كانت لها الهيمنة في السابق، وظهور الأنواع الأخرى التي كانت في السابق يستهان بها ولكنها تكيفت بشكل أفضل للاستفادة من الظروف الجديدة. تلعب الحروب والثورات في المجتمع البشري هذا الدور الكبير، بحيث اعتدنا على استخدامها كمعالم تفصل فترة تاريخية عن الآخرى.

كان ماركس وإنجلز هما اللذان اكتشفا ان قاطرة التاريخ الحقيقية هي تطور القوى المنتجة. هذا لا يعني صحة ما يزعمه أعداء الماركسية كثيرا أن ماركس اختزل كل شيء الى الاقتصاد. هناك العديد من العوامل الأخرى التي تؤثر على المجتمع: الدين والأخلاق والفلسفة والسياسة والمشاعر الوطنية والتحالفات القبلية الخ. فكل هذه العوامل تتداخل ضمن شبكة معقدة من العلاقات المتبادلة الاجتماعية التي تخلق فسيفساء غنية ومحيّرة من الظواهر والعمليات.

للوهلة الأولى يبدو من المستحيل فهم هذا. ولكن نفس الشيء يمكن أن يقال حول الطبيعة، إلا أن تعقيد الكون لا يردع العلماء عن محاولة الفصل بين العناصر المختلفة وتحليلها وتصنيفها. بأي حق يتصور الرجال والنساء أنهم بمستوى يضعهم فوق الطبيعة، وأنهم وحدهم في الكون كله لا يمكن فهمهم من قبل العلم؟ ففكرة كهذه هي سخيفة وتشكل مظهرا من مظاهر الرغبة المستعرة للبشر ليكونوا نوعا من خلق خاص، منفصل تماما عن سائر الحيوانات ومع وجود علاقة خاصة بهم ببقية الكون يحددها الله. ولكن العلم قد حطم بلا هوادة هذه الأوهام الأنانية.

منح الاثنان ماركس وإنجلز الشيوعية طابعا علميا. وأوضحا أن التحرر الحقيقي للجماهير يعتمد على مستوى تطور القوى المنتجة (الصناعة والزراعة والعلوم والتكنولوجيا) التي من شأنها خلق الظروف اللازمة للحد من طول يوم العمل و تمتع الجميع بالثقافة باعتبارها الطريقة الوحيدة لتغيير طريقة تفكير الناس وتصرفهم تجاه بعضهم البعض.

وأشار ماركس إلى أن أي نظام اجتماعي لن يختفي قبل استنفاده كل الامكانات لتطوير القوى المنتجة الكامنة داخله, وان كل تشكيلة اجتماعية واقتصادية لاحقة على التوالي توفر الإمكانية لمزيد من تطوير القوى المنتجة، وبالتالي تزيد من سطوة الإنسانية على الطبيعة. وبهذه الطريقة، يتم إعداد الأساس المادي لما وصفه انجلز بقفزة بشرية من عالم الضرورة إلى عالم الحرية.



#طلال_الربيعي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الماركسية والفلسفة (2)
- الماركسية والفلسفة (1)
- بعد رحيل كاسترو, الطريق الامثل (او الوحيد) لحماية الثورة الك ...
- فشل اليسار النيوليبرالي وتسبيبه بانتخاب ترامب
- جامعة واسط (العراق) واحالة الناس الى قطيع!
- ان تزوير الانتخابات هو تقليد أميريكي
- تضليل فكري يمارسه الحزب الشيوعي العراقي وتشويهه الفظ للماركس ...
- رفع العراقيين دعوى ضد الحكومة الامريكية
- شمعون بيريز -صانع السلام!-: دماء وجثث محترقة!
- -بياتريس لمبكين- شيوعية واكاديمية فريدة الطراز
- معضلة المشروع الثوري: -أيديولوجية الرقيق-!
- الماركسية, نقادها, التحليل النفسي, وامثلة من العراق
- الامبريالية الجديدة وخصائصها
- حزب نيوليبرالي يتَجَلبَبَ بجِلْبَابَ الشيوعية!
- باراك اوباما الوجه -الاسود- للامبراطورية!
- غزو العراق ومنطق ديكارت السقيم
- تقرير تشيلكوت يُثبِت صحة ما قلناه مرارا وتكرارا
- هجمات إرهابية تهز نظام بغداد العميل
- النقد الذاتي/الجلد الذاتي في الحزب الشيوعي العراقي
- فلسفة الطب ومجزرة اورلاندو


المزيد.....




- استطلاع يظهر معارضة إسرائيليين لتوجيه ضربة انتقامية ضد إيران ...
- اكتشاف سبب غير متوقع وراء رمشنا كثيرا
- -القيثاريات- ترسل وابلا من الكرات النارية إلى سمائنا مع بداي ...
- اكتشاف -مفتاح محتمل- لإيجاد حياة خارج الأرض
- هل يوجد ارتباط بين الدورة الشهرية والقمر؟
- الرئيس الأمريكي يدعو إلى دراسة زيادة الرسوم الجمركية على الص ...
- بتهمة التشهير.. السجن 6 أشهر لصحفي في تونس
- لماذا أعلنت قطر إعادة -تقييم- وساطتها بين إسرائيل وحماس؟
- ماسك: كان من السهل التنبؤ بهزيمة أوكرانيا
- وسائل إعلام: إسرائيل كانت تدرس شن هجوم واسع على إيران يوم ال ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - طلال الربيعي - الماركسية والفلسفة (3)