أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سمير الأمير - فاروق شوشه














المزيد.....

فاروق شوشه


سمير الأمير

الحوار المتمدن-العدد: 5363 - 2016 / 12 / 6 - 00:58
المحور: الادب والفن
    


كانت جدتى لأمى تردد دائما مقولتها العاميه " أن الشاعر لشعوره أنانى"، وذلك حين تراقب سلوكى أو سلوك أحد أبنائها الشعراء ثم لا تجد حلا يريح الغاضبين من تصرف فعلناه إلا بترديد ذلك لتجعلهم يتقبلون ما نفعله دون لومنا، وكثيرا ما تذكرت تلك العبارة وأنا استمع لشعر " فاروق شوشه" وأسائل نفسى لماذا لم يلتفت النقاد والناس لأشعاره بالقدر الذى يجعلهم يعثرون على أصداف هذا البحر العميق؟
فى ظنى أن فاروق شوشه كان ينقصه هذا القدر من الأنانية الذى يلزم الشاعر ليجعله محتفيا بشعره ومعتدا به بالدرجة التى تجعل من حوله يدركون أن تجاهل إنتاجه قد يعيق أو يسبب المشكلات فى التواصل الإنسانى معه،
كان "فاروق شوشه" هو ذلك الغواص فى بحر اللغة المنشغل بالبحث عن درر غيره من المبدعين والشعراء وعرضها فى برنامجه الشهير " لغتنا الجميلة " ناهيك عن تميز وطغيان نبرة صوته الهادئة على كل ما يقرأه لدرجة أننى كثيرا ما لم أكن أميز اختلافا بين طريقة قراءته للسياب أو فدوى طوقان أو صلاح عبد الصبور وطريقة قراءته لأشعار أمرىء القيس أو البحترى أو أبى العلاء المعرى، فهو بحر هادىء دائما ينساب فى دعة وطمأنينة عميقتين ربما يصلح " بحر الشاعر الكبير " فاروق شوشه" للغواصين المتأملين والرومانسيين لكنه لا يغرى أبدا هؤلاء المغامرين الباحثين عن صخب الانفعال وتنوعه وهم معذورون،
ولعلنا لا نجافى الحقيقة إن اعتبرنا أن شهرة "فاروق شوشه" كمذيع أيضا قد طغت على شهرته كشاعر وربما حددت رؤية الآخرين له فى إطار عمله الذى بدأه حين التحق بالإذاعة المصرية فى نهاية الخمسينيات وتدرج فى سلمها الوظيفى حتى ترأسها فى منتصف التسعينيات تقريبا، إذن يمكننا القول أن مقتضيات العمل الوظيفى قد فرضت عليه على الأقل أن لا تكون آراؤه الفكرية والسياسية موضوعا للنقاش العلنى ومن ثم نحت قصائده نفس المنحى فى تناول الموضوعات التى لا يمكن الاختلاف عليها برومانسيتها أو قوميتها أو عموميتها وهو قيد كبير على موهبة حقيقية كموهبته وعلى ثقافة عميقة كثقافته وعلى دراية بمواطن الجمال فى تراث الأدب العربى كدرايته،
يمكننا إذن أن نصنف الشاعر الكبير "فاروق شوشه" فى طائفة المعتدلين الذين لا ينافقون أحد لكنهم فى نفس الوقت يتجنبون مشاعر الغضب المتحيزة للصراعات الفكرية والسياسية الواضحة وهو اعتدال يليق بطبيعة الشخصيات التى تعبر عن مجمل الأخلاق العامة للآباء والأجداد والفلاحين المصريين وهو أمر وثيق الصلة أيضا بعمله المبكر كمدرس للغة العربية،
ونظرة سريعة على إنتاجه الشعرى كفيلة بتزويدنا بفكرة عن هذا الاعتدال و عدم الخوض فى الصراعات التى يعتبرها المعتدلون غير لائقة بشاعر يطرح نفسه كصوت لأمته العربية لا كصوت يعبر عن رؤية محددة،
ففى بداية الثلاثين من عمره كتب ديوانه " إلى مسافرة" ثم أتبعه بديوان " العيون المحترقة" و " لؤلؤة فى القلب" ثم " فى انتظار مالا يجيء" و فى الأربعين من عمره جاء ديوان " الدائرة المحكمة" ثم " لغة من دم العاشقين الذى نشره مع بداية الخمسين من عمره، وانحسرت الموجة العاطفية فى شعره قليلا لتفسح مجالا لديوان " يقول الدم العربى" بعد أن مر الوطن بمتغيرات عنيفة لم تترك للشاعر مجالا للتمسك بينابيع رؤيته الأولى على الأٌقل حتى مطلع التسيعينات حين كتب " سيدة الماء" و تبعه " وقت لاقتناص الوقت" وفى عام 2000 جاء ديوانه " وجه أبنوسى " ثم " الجميلة تنزل إلى النهر"

عبر فاروق شوشه عن هذه المتغيرات العنيفة التى شهدها الوطن فى قصائد كثيرة منها قصيدة "بغداد " التى تناولت مفردات ذاكرتنا عن العراق ودوره وشعرائه وربما ازداد غضبه فاعتبر أن هناك من بنى جلدتنا من ساعدوا المحتل على احتلال وتخريب العراق لكنه أبدا لم يجاوز وصف المشهد تاركا للقارىء حرية الفعل دون أدنى تحريض ضد هؤلاء الذين اعتبرهم خونة، و عوضا عن ذلك راح يذكرنا بالحلاج والجاحظ وأبى تمام وبحكمتهم علنا نسترد وجدانا يجنبنا الوقوع فى الاستلاب بعد أن فشلنا فى مقاومة الاحتلال.
قطعا كان شعر فاروق شوشه ضد القبح والكذب والنفاق والاحتلال والخيانة والظلم كغيره من الشعراء فى كل الدنيا،
لقد وصف فاروق شوشه الحال وعبر عن شاعريته فى إطار هذا الوصف المتجرد الذى واجه القبح باستدعاء جماليات الحياة والتاريخ ونأى بنفسه كما يفعل "محمد الشهاوى" بعيدا عن الاحتدام الغاضب الذى شمل كثيرا من الشعراء المعاصرين من المصريين والعرب كمحمد عفيفى مطر وأمل دنقل وحلمى سالم وأحمد عبد المعطى حجازى ومحمود درويش وسميح القاسم ومظفر النواب وغيرهم ممن كانت قصائدهم هويتهم الأولى ولغتهم التى أرادوا أن يسمعها الناس،
كان فاروق شوشه مؤمنا قطعا برسائل هؤلاء المعاصرين وبرسائل الشعر منذ العصر الجاهلى والأموى والعباسى و كان محتفيا بهم وصائدا لأصدافهم ولكن حضوره الإعلامى والإذاعى ربما ظلم انتشار إبداعه، فقد كان عفيفا مهذبا متجردا عن الأنانية تلك التى قالت عنها جدتى أنها سمة طبيعية فى الشعراء بمعنى الاعتداد والاعتزاز بمشاعرهم وما يكتبونه وليس بالمعنى السلبى على الإطلاق.



#سمير_الأمير (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأدب بين الانعزال والمشاركة المجتمعية
- الذئبة الحمراء.... كيف ننظر إلى -الداخلية- و منظومة العدل
- الأدب الشعبى وبناء الشخصية
- بياض ساخن
- شعر العامية فى المنصورة - فصاحة التمرد-
- اغتيال النائب العام
- سيدة المطار وسيد القرار
- استشهاد شيماء الصباغ ( الاغتيال المادى والمعنوى للمناضلين من ...
- ليس تعليقا على الحكم ولكن على آراء القاضى
- آه يا وطن الأركان الأزلية
- ليس دفاعا عن الأحزاب ( الكرتونية) ولكن بحثا عن الحقيقة
- الشباب والمشاركة السياسية
- اليسار وانتخابات الرئاسة
- الانتخابات الرئاسية .... خنادق القتل المعنوى على الهوية
- آمال عبد الباقى
- رسالة السكرتير العام لجمعية الإخوة الإسلامية
- أحداث دهشور...دماء عماد عفت ومينا دانيال
- حزب الدستور........ طموح الجماهير وضعف البدايات
- الإخوان هم الإخوان .. و-الصيف ضيعت اللبن-
- عودة الإبن الضال


المزيد.....




- فنانة لبنانية شهيرة تكشف عن خسارة منزلها وجميع أموالها التي ...
- الفنان السعودي حسن عسيري يكشف قصة المشهد -الجريء- الذي تسبب ...
- خداع عثمان.. المؤسس عثمان الحلقة 154 لاروزا كاملة مترجمة بجو ...
- سيطرة أبناء الفنانين على مسلسلات رمضان.. -شللية- أم فرص مستح ...
- منارة العلم العالمية.. افتتاح جامع قصبة بجاية -الأعظم- بالجز ...
- فنانون روس يسجلون ألبوما من أغاني مسلم موغامايف تخليدا لضحاي ...
- سمية الخشاب تقاضي رامز جلال (فيديو)
- وزير الثقافة الإيراني: نشر أعمال لمفكرين مسيحيين عن أهل البي ...
- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- ألف ليلة وليلة: الجذور التاريخية للكتاب الأكثر سحرا في الشرق ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سمير الأمير - فاروق شوشه