أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الله عنتار - واقعة لا تنسى














المزيد.....

واقعة لا تنسى


عبد الله عنتار
كاتب وباحث مغربي، من مواليد سنة 1991 . باحث دكتوراه في علم الاجتماع .


الحوار المتمدن-العدد: 5361 - 2016 / 12 / 4 - 21:19
المحور: الادب والفن
    



مازلت أذكر تلك الإعدادية التي تقع عند المدخل الجنوبي لمدينة بنسليمان، وبابها الأخضر القديم الذي يذكرني بأبواب المدن العتيقة وينظر هذا الباب ناحية الشمال ويطل على مستشفى المدينة حيث تتراءى القطط المتصارعة حول حاوية الأزبال القريبة منه، تأسست هذه الإعدادية عام 1926، تتحيز أمامها صخرة ذات لون أحمر دائما ما كنا نصعد فوقها وتلوح لنا أمام الإعدادية مساحة واسعة وفارغة باستثناء نبات الصبار وبعض الأشجار والأحجار المتقاذفة هنا وهناك ولا ننسى أيضا بعض المقاعد الاسمنتية التي تآكلت بفعل الزمان، ناهيك عن أصحاب العربات المتنقلة، كان من بينهم رجلا سقيما ومسنا وطيبا اسمه " بنعلي" ورجلا آخر يدعى حميد، كانت إحدى عينيه شبه مغمضة، كنا آنذاك في سن 12، مازلنا بدويين صغارا، غادرنا الريف للتو، تكتنفنا الحشمة والوقار والحنين إلى الريف، كلما خرجنا من الإعدادية وخصوصا في الأيام الماطرة، كنا نهرع نحو "بنعلي" ونستظل بالقطعة البلاستيكية ونسخن أيدينا المثلجة على المجمر الدافئ ونحن نقضم "الزريعة" بقواطعنا الصغيرة منصتين إلى أزليات "بن علي" عن مغامراته مع الرجاء البيضاوي، كنت وداديا في ذلك الحين وشغوفا بالوداد وكم من مرة تغيبت عن الفصل وأذكر بشكل خاص مباراة الوداد والجيش وطلب منا إحضار أولياء أمورنا، ورافقني أخي في ذلك اليوم المشؤوم ووعدت نفسي ألا أغيب بعد الآن، تلك هي علاقتي بالكرة والتي تطورت حتى صارت منبوذة بالنسبة إلي وبت أنظر إليها على أنها أفيون الشعوب وأداة من أدوات من نسيان الوجود كما المس ذلك مع مارتن هيدجر بعد خمس سنوات من ذلك التاريخ في درس الفلسفة مع مدرسنا القدير إبراهيم الهاشمي في البكالوريا، إن الكرة تحقق بشكل موهوم ما لم أستطع أن احققه بشكل واقعي في حياتي، فمثلا حينما أعشق الريال وينتصر الريال، فاعتبر انتصاره هو انتصاري ولكن ليس ذلك في الواقع، فعندما تجوع أو وتحتاج إلى شيء لن تجد الريال بالقرب منك، هذا كان يحصل لي دائما، كثيرا ما كنت اتوفر على 5 دراهم وأنا في قمة الجوع أو مقبل على الطريق الى الريف كنت أدخل إلى المقهى لكي أشاهد مباراة الوداد وحينما تنتهي المباراة أشعر أن واقع الوداد ليس هو واقعي. منذ ذلك الوقت عكفت على الدراسة، ومراجعة دروسي، لم يكن يعجبني الصخب السائد في القسم الداخلي، في أوقات الفراغ، كنت اعتكف في غابة مجاورة للإعدادية وأجلس بالقرب من دورها الخربة واحفظ قصائد درويش أو فدوى طوقان أو قراءة بعض الجرائد، في هذه الفترة بالضبط لم يسبق لي أن قرأت أي كتاب اللهم الكتب المدرسية، ولكن كانت هذه هي البداية الجنينية لفعل القراءة الذي بعد مضي 6 سنوات ساتعلق به أكثر و أقول أنه سيلازمني طول حياتي، ذات يوم وأنا منعزل وحيد في غابتي رفقة كتابي جنوب الإعدادية حيث يمكنني رؤية سماء قريتي البعيدة فاجأني ياسين أحد أبناء قريتي الذي كان كثير الرسوب والغياب، قال لي : " ماذا تفعل ؟ " أجبته : " ألا ترى ماذا أفعل! " نظر جيدا في الكتاب ورحل وهو يقول : " أنت تريد أن تدرس وأنت مختلف كثيرا عن أخيك الذي كان كثير الغياب" . ظلت هذه الواقعة محفورة في الذاكرة لأنها حفزتني أكثر من ذي قبل على الاستمرار .

ع ع / 4 دجنبر 2016 / الدار البيضاء



#عبد_الله_عنتار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نحو انثروبولوجية الواقع الكرزازي
- لنكن كبارا وما يجمعنا هو الأرض
- الواقع الكرزازي: قراءة نقدية
- حكاية وردة التي قصت
- أرض آفلة
- هل هو الإفلاس التام ؟
- هل واقعنا واقع سرابي ؟
- الأرض العطشى
- رحلة إلى الشمال : بين أزلا وشفشاون : رحلة بطعم المغامرة
- رحلة إلى الشمال : أقشور : الغابة المطيرة
- رحلة إلى الشمال : واد لاو : حينما تصير القراءة فعلا استثنائي ...
- رحلة إلى الشمال : أزلا : المناظر الخلابة وتردي الخدمات
- رحلة إلى الشمال : أزلا : القرية الهادئة والأهالي الطيبون
- رحلة إلى الشمال : مارتيل : مزيج بشري
- تراتيل أزلا
- رحلة إلى الشمال : الفنيدق : أسى دفين
- رحلة إلى الشمال : بين طنجة والفنيدق: أسى عن رفيقة سليبة
- رحلة إلى الشمال : طنجة المدينة التي أرفضها
- رحلة إلى الشمال : أصيلة : تأمل في اللوحات أم تأمل في الجميلا ...
- رحلة إلى الشمال : في طريق الشمال : ما يجمعنا هو الوطن


المزيد.....




- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...
- -الضربة المصرية لداعش في ليبيا-.. الإعلان عن موعد عرض فيلم - ...
- أردوغان يشكك بالروايات الإسرائيلية والإيرانية والأمريكية لهج ...
- الموت يغيب الفنان المصري صلاح السعدني


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الله عنتار - واقعة لا تنسى