أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - الصوفية في ديوان -كأنه فرحي- محمد ضمرة














المزيد.....

الصوفية في ديوان -كأنه فرحي- محمد ضمرة


رائد الحواري

الحوار المتمدن-العدد: 5360 - 2016 / 12 / 3 - 02:02
المحور: الادب والفن
    


الصوفية في ديوان
"كأنه فرحي"
محمد ضمرة
دائما نقول بأن الاستمتاع بالقراءة الأدبية يعد أحدى أهم عناصر الأدب الجيد، وهذا الاستمتاع ينتج أما من خلال الفكرة التي يقدمها النص ، أو من خلال اللغة، أو من قدرة الكاتب على استخدم شكل خاص يقدم فيه مادته الأدبية، أعتقد باننا أمام نص ممتع يجمع ما بين اللغة والفكرة معا.
منذ بداية سبعينيات القرن الماضي و"محمد ضمرة" يكتب الشعر، لكنه متأني في كتابته، فما يكتبه وينشره يعد قليلا إذا ما قورن برفاقه من الشعراء، لكنه يبقى صاحب لغة خاصة، تميزه عن الآخرين، في هذا الديوان نجد مجموعة من القصائد، تمثل حالة التماهي مع الله، مع الشعر، مع الطبيعة، مع الذات، وكأن الشاعر يتملص/يهرب من الواقع إلى عالم هادئ، بعيد عن المنغصات التي تستحوذ على العديد من نواحي حياتنا، لكنه في قصائد أخرى نجد الواقع يشده إلى ما هو كائن/حاصل، فلا مجال للهرب، فواقعنا يبقى مؤثرا وفاعلا مهما حاولنا/عملنا على تجاوزه/التملص منه، فهو قدرنا.
يبدأ الشاعر ديوانه بقصدة "تجليات" والتي من عنوانها نستطيع أن نستنتج ما تحمله من أفكار ومضامين فكرية:
لغيرك ما سكبت خواطري
لحنا يرش النور والألقا
وعشقا قد تصفد
في زوايا الروح
من زمن
وظل ينوء بالأهواء منغلقا
وكنت إذا دعوتك
في رحاب النفس
تصعقني رؤى قلب
تشظى في فراغ
يبعث لحظة
والصمت وحي
هاتف كالظل
فوق الرمل
يثري حلما شبقا
يحاورني السكون
فينتش نبضي
كأن هواك في الأعطاف
قد خفقا
يثير سحابة
فأمدها ما تكثف
من بخار الران أو علقا" ص7 و8 و9، يتماهى الشاعر مع الذات الله، فنجد غالبية الألفاظ المستخدمة في المقطع السابق تعطي دلالة الفضاء الرحب والبياض الناصع، "النور، عشقا، الروح، الاهواء، رحاب، يبعث، وحي، هاتف، يثري، يحاورني، فينتشي، الأعطاف، خفقا، ساحبة" كل هذه الألفاظ تنسجم مع الفكرة الصوفية التي تسعى نحو الفضاء/البياض/السكون/التوحد/الراحة، وإذا ما استثنينا لفظ "تصعقني، تشظى" التي جاءت للتناسب حالة الفراغ التي يعيشها الراوي إذا ما ابتعد عن الحبيب/المخلص/الله، نكون أمام نص مطلق البياض، منسجم بين الالفاظ والفكرة المراد طرحها، وهذا الأمر يشير إلى حالة التوحد والانسجام بين الشاعر وما يكتبه/ما يشعر به.
ونجد هذه اللغة في قصيدة "كأنه فرحي":
"ساءلت نفسي في زوايا البوح
عما يطفيء الشحنات
في الروح يزنرها الغرام
كمعطش لندى الطهارة
أستحل نصاعة القطرات
تحت الضوء
أدخل في بياض القصد
حتى لا يؤرقني الحرام" ص13و14، التوق للوصل إلى الضوء والابتعاد عن الظلام، الأمل في نيل الصفاء والابتعاد عن التشويش، التقرب بالحب والهوى من الحبيب، وهجر البعد، بهذا الشكل يعمل الشاعر للوصول إلى مبتغاه، الخلاص من مأزق الواقع، والتقرب/اللقاء/الوصول إلى فضاء الخالق، فنجده يستخدم هذه اللغة الهادئة والناعمة والبعيدة عن الشدة والغضب، وهذا يؤكد على سيطرته على لغته الشعرية وعلى قدرته على الانتقال من حالة إلى أخرى وبشكل مبدع، فليس من السهل على الشاعر، أي شاعر، أن يتخلى/يخلع/يتجاوز واقعه، لما يحمله من مشاعر مرهفة واحاسيس رقيقة، يمكن لأي نسمة هواء أن تؤثر عليها وتخدشها، وهنا يكمن ابداع الشاعر.
ونجد اللغة الصوفية حاضرة أيضا عندما أراد الشاعر أن يتحدث عن الوطن، فيقول في قصيدة "ترانيم العبور":
"يا زينة الدنيا ودرة عقدها لك في القلوب مكانة تستأثر
فلأنت من بدء العصور محجة ولأنت في أخرى الحياة المحشر
فعليك يا أرض السلام محبة مني، وهذا الوصل منك مقدر
فخذي القلوب رهينة أبدية والشانيء المبغوض عندك أبتر" ص47،
هذه المقاطع تشير إلى تماهي الشاعر مع اللغة الصوفية التي استخدمها في بداية الديوان، وكأنها أصبحت لغته التي يتعامل/يتكلم بها في كافة المواضيع/الحالات، فاللغة والألفاظ التي يتعامل بها الشاعر تعطي دلالة إلى ما يحمله في العقل الباطن، من هنا نستنتج بأن الشاعر إنساني، رقيق، رهيف، هادئ.
كما قلنا يبقى الواقع فارضا/مسيطرا علينا، لكننا نستطيع أن نتجاوزه من خلال استخدام لغة ناعمة/هادئة، لكنها تقدم رؤيتنا عما نحمله من غضب إنساني، في قصيدة "ويبقى السيف" يتحدث الشاعر عن العراق، وعندما نقول العراق ـ خاصة بالنسبة للفلسطيني فنحن نتحدث عن همنا نحن، فالعراق والعراقي له مكانة خاصة واستثنائية، فما زالت قبور الجيش العراقي في جنين شاهدة على ما قدمه العراق لفلسطين، ولهذا لا يمكن لأي فلسطيني أن يتعامل مع العراق إلا كوطنه فلسطين، هكذا هو العراق والعراقي، اعطا ولم يأخذ، من هنا ما زالنا نحتفظ بذاك الجميل.
"سل بغداد في التاريخ حاضرة تنبئك أن زمان الحق ما غربا
فكيف رمت جيوش الغزو حاقدة هتك الثوابت تبغي اللب لا القببا
اعطاك ربك من الآئه هبة كي يجتبيك. فسبحان الذي وهبا
فنهر دجلة يجري في أعنته والنخل حولك هزا يسقط الرطبا" ص81، رغم همجية والشراسة العدو نجد الشاعر متمسك باللغة البياض/لغة الخير والأمل/لغة الإيمان، وهذا ما يؤكد إنسانية الشاعر، الذي يسعى نحو البناء وردع المعتدي، فهذا اللغة التي تتناقض تماما مع ما يقوم به المحتل من حصار وقصف للعراق، أرد بها الشاعر أن يقول بأننا نحن الإنسانيين، نحن من يمتلك الحضارة والثقافة الإنسانية، ولهذا نخاطب العدو الهمجي والوحشي بهذه اللغة التي لا نستطيع التخلي عنها، لأننا إذا ما استخدمنا لغة العدو المتوحشة والعدوانية نكون مثله، فاقدي لإنسانيتنا.
الديوان من منشورات دار الكرمل، عمان، الأردن، الطبعة الأولى 1999.



#رائد_الحواري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المعرفية التاريخية والجغرافية في -رواية قبلة بيت لحم الأخيرة ...
- المكان والإنسان في مجموعة -رسول الإله إلى الحبيبة- أسامة الع ...
- من يحترق فلسطين أم إسرائيل؟
- الغربة والوطن في قصيدة -أبحث عن وطني في وطني- نزيه حسون
- المدينة والمرأة في ديوان -صورة في الماء لي ولك الجسد- سميح م ...
- النص الساخر في قصة -النباح- عصام الموسى
- الحيرة في قصيدة -حرف على الهامش- وجدي مصطفى
- النص الجديد في ديوان -بائع النبي- سلطان القيسي
- الابداع والتألق في ديوان -المسرات- مازن دويكات-
- روح الشباب في قصيدة -جنة الله بقرار ثوري- مصباح حج محمد
- مداخل إلى ديوان -نهر الهوى- جاسر البزور
- سرد الوقت في رواية -آخر الحصون المنهارة-
- أثر الجنس في العقل الباطن للسارد قي رواية -آخر الحصون المنها ...
- تعرية المحتل في رواية -آخر الحصون المنهارة- مشهور البطران
- الأرض في قصة -رسول الإله إلى الحبيبة- أسامة العيسة
- السواد في قصيدة -مديح متوحش- كاظم خنجر
- الأديب المفكر الصهيونية في كتاب -بيان الوعي المستريب- إلياس ...
- المقدس الفني
- الضياع الادبي في رواية -أوديستي- أحمد سليمان العمري
- رواية السماء قريبة جدا (كاملة) مشهور البطران


المزيد.....




- أرقامًا قياسية.. فيلم شباب البومب يحقق أقوى إفتتاحية لـ فيلم ...
- -جوابي متوقع-.. -المنتدى- يسأل جمال سليمان رأيه في اللهجة ال ...
- عبر -المنتدى-.. جمال سليمان مشتاق للدراما السورية ويكشف عمّا ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- يتصدر السينما السعودية.. موعد عرض فيلم شباب البومب 2024 وتصر ...
- -مفاعل ديمونا تعرض لإصابة-..-معاريف- تقدم رواية جديدة للهجوم ...
- منها متحف اللوفر..نظرة على المشهد الفني والثقافي المزدهر في ...
- مصر.. الفنانة غادة عبد الرازق تصدم مذيعة على الهواء: أنا مري ...
- شاهد: فيل هارب من السيرك يعرقل حركة المرور في ولاية مونتانا ...
- تردد القنوات الناقلة لمسلسل قيامة عثمان الحلقة 156 Kurulus O ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - الصوفية في ديوان -كأنه فرحي- محمد ضمرة