أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عالية خليل ابراهيم - الوطن بريشة الام-غرام الربيعي-















المزيد.....

الوطن بريشة الام-غرام الربيعي-


عالية خليل ابراهيم

الحوار المتمدن-العدد: 5359 - 2016 / 12 / 2 - 14:45
المحور: الادب والفن
    


في مجموعتها الشعرية "ضباب ليس ابيض" تطرح الشاعرة غرام الربيعي الخيارات الشعرية الاصعب فهي تتخذ من قصيدة النثر فضاء" لنصوصها ،ويعد النثر الشعري النموذج الاشق في الكتابة الادبية بالرغم من اغراءته التي توحي بالبساطة وقرب المتناول ،وتكمن صعوبته بانه يعتمد على تطويع طاقة النثر التي تشتغل في مساحات نوعية لغوية تختلف عن الشعر وكما يقول ياكبسون ب"الشعر يرتكز على ائتلاف التماثلات اما النثر فلا عهد له بمثل هذا القصد في اثارة الانتباه بربط تماثل مقصود في اجزاء،فالسرد ينتقل من موضوع الى اخر بالتجاور،متبعا مسارات ذات طبيعة سببية او مكانية او زمانية"(قصيدة النثر،ميشيل ساندرا/44).
والخيار الاخر انها ارتأت ان تبتعد عن الهم الانثوي الذاتي الخاص الى الهم الانساني الوطني العام ففي اهداء الديوان تقول"الى...... والتاريخ" وهذا يدل انها تريد ان تدخل مدخلا سياسيا مقترنا بالسرد فالتاريخ رهين الزمن والذاكرة والمكان وهو بذلك اقرب للقص منه للشعر،وقد يكون التفسير لهذه الاختيارات الوعرة هو تجربة الشاعرة التي عرفت في بداياتها بوصفها فنانة تشكيلية ولم تلج عوالم اللغة والكتابة الشعرية الا الفترة الاخيرة وبعد ان اصبحت اما لأولاد وبنات في سن الشباب وهذا مما يجعلها تكون متحفظة ازاء الكثير من الموضوعات ذات السمة الانثوية الحساسة والتي تتطلب قدرا من الجرئة والتصريح الصادم في اللغة والاداءوهذا ما تحاول غرام الربيعي تجنبه او النأي بنفسها عنه،لذلك كان مدخلها الانثوي الذي تجيده وتقدسه هو الامومة وكانت موضوعة الوطن الجريح والمريض هي الانطلاقة والمدار لنصوص المجموعة،فالوطن هو الام الحانية وقد تكون القاسية احيانا والشاعرة بدورها مثلما تشعر بالوطن شعور مرهف مفعم بحب وود عميق تحاول بدورها ممارسة امومتها على الوطن في محاولة لتبادل الادوار بينهما،فالشاعرة هي ام الوطن الحانية تارة تصف حالته المتردية وتارة تلومه على اقتتال ابنائه وتارة تقرعه وتارة تعاتبه على ركام الحزن والالم الذي يعيشه ابنائه،انها تريد لهذا الوطن ان يكون على شاكلة المرأة الام او انا الشاعرة حنّوا ورعاية وتضحية:

"انت بي وطن
وبك انا الغريب
ما الضير لو كنا بلا وطن
الضير انت بلا....نا" (15) وتقول ايضا

"على مشارف وطن
غير معافى
مذ ابيضّت ليالينا
والغسق اجهض حمرته
التعاويذ ترهلت
على جسد متناسل الرزايا"(16)

ما سبق هو مقاربة المجموعة من الجانب الدلالي اما اذا تطرقنا للجانب الفني اللغوي والتشكيلي وبألتاكيد انه ليس ببعيد عن الجانب الاول وكما سلف فأن المدخل التاريخي للمجموعة قد اسبغ على بعض قصائد المجموعة التعاطي مع فن القصة القصيرة مع الابقاء على روحية القصيدة في الايحاء والايجاز والتكثيف،ومن اجمل النصوص التي كانت ذات نفس قصصي وطاقة شعرية مكثفة،النص غير المعنون اذ ان حذف العنوانات الفرعية والاكتفاء بعنوان رئيسي لاغلب القصائد وهو "الغيمة" سمة قصدية لاغلب القصائد وتتسلسل القصائد يأتي على شكل"الغيمة الاولى، الغيمة الثانية، الغيمة الثالثة وهكذا،والشاعرة تبتغي من الغيوم الواعدة بالمطر ان تعادل الضباب الذي يلف البلد بكآبته وحزنه،مع ملاحظة ان الغيوم والضباب كليهما من مواصفات الفضاء الكوني الزمكاني وتأثر الشاعرة بالفضاء يعد جزءا من اهتماماتها الرئيسة بوصفها تشكيلية وهما اي الضباب والغيوم يشكلان طرفي من معادلة اللونية الصعبة بين السواد والبياض اللذين يكرسان وبقوة اللوحة التشكيلية .
تقول الشاعرة في الغيمة الاولى:
" ايقظ ذاكرتي
نشيد الدللول
بحثا عن ام لم تكمل عبور الجسر
لانها
على موعد مع الماء
عند توقيت الخيانة" (11)
تستنهض الشاعرة الذاكرة وتستعيد رمز الام من خلال قولها نشيد الدللول،ومن ثم تؤسس نصها على قصة ام غرقت ولم تكمل عبور الجسر المتأكل وهذا ما يمكن ان يعيد المتلقي الى استعادة واقعة جسر الائمة الاليمة ،وتسترسل في قصة امها وفي الوقت ذاتها قصتها ،الى ان تصل بالقول الى:
"اني لم ابك يوما
الا يوم رحل ابي
ويوم
تمرغت سبابتي بالندم" (12)
تأتي المفارقة الشعرية بين رحيل الاب الذي يمثل لحظة انهزام نفسي حزنا على ضياع الاب الراعي والحامي والمدافع عن ابنته وبين لحظة انهزام الوطن وفشلة في تحقيق الامان والكرامة للشعب بعد الانتخابات.

وتستعيد الشاعرة في اكثر من قصيدة رمزية قصة الطف الخالدة وتعكسها على الواقع الحالي،فتقول
"كان الحلم... على مقاس وطن
في ذاكرة الماء والنخيل
حزّ من قفاه
على مقربة من حروف ثلاث
والذكرى حروف تهجّى
تفض بكارة الوطن
لينزف موتى..موتى... خافتين" (29)
تقابل الشاعرة بين نزيف كربلاء الغائر في الذاكرة والوجدان ونزيف الوطن الماثل في الواقع والقصيدة :
ولكون غرام الربيعي فنانة تشكيلية في الاصل فأنها تدرك القصيدة كما اللوحة رؤية ولون وتعاضد محسوسات ومجردات على فضاء اللوحة لذلك
نجد انها لاتؤسس لايقاع اخاذ تلتقطه الاذن والعين وتتأثر به مباشرة وانما تستند الى الرؤية لزوايا النظر او الموضوع الذي تطرحه لذلك تظل نصوصها رهينة بأعادة القراءة مرارا لاكتشاف تواشجاتها النسبية صوغا وايقاعا والوقوع على مكمن جمالياتها الشعرية ،ومن تلك القصائد المتواشجة مع اللوحة التشكيلية قولها:
"احلام تراكمت
جعدت الشوارع
والمصفحات
تحلم بالسير فوق الجراح" (18)
نلحظ هذا التناوب بين المحسوسات"شوارع،مصفحات،جعدت وبين المجردات" احلام،تحلم ،جراح الذي ولد لوحة تشكيلية مميزة وشكل ومضة شعرية رؤيوية مكثفة.
وللومضة الشعرية النصيب الاوفى في المجموعة،هذا اللون الشعري الذي يأخذ اهتماما متزيدا من شعراء قصيدة النثر في الاونة الاخيرة،ومن الومضات الجميلة
"كي امنحني رؤيتك
منحت اليقظة اجازة طويلة" (55) ،والومضة الاخرى
"ولدتني امي
تاء
طال انتظارها" ( 60 )

ان غرام الربيعي"الام العراقية" شاعرة مثابرة وتريد الوقوف بثبات على ارض قصيدة النثر الوعرة ونجدها في كل مجموعة جديدة تصدرها تجاهد وتتحدى الذات واللغة لكي تأتي بالشي الجديد المختلف ولتقف في وجه من يتهمون القصيدة النسائية الحالية بالفتور والضعف، وهم كثر!.




#عالية_خليل_ابراهيم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفنان زياد جسام ، والرومانسية الخجولة
- يوسف معاطي او ناجي عطا الله ونظرية{الدوول ودوول}
- الحوار مع الاستاذ كاظم حسوني:
- توقيعات نقدية على قصائد مهرجان الجواهري التاسع
- في مؤتمر العراق الفلسفي الخامس عبد الجبار الرفاعي واشكالية ا ...
- شبكة المتناص في رواية - كوميديا الحب الإلهي-للكاتب لؤي عبد ا ...
- الخواجة عبد القادر تحفة الدراما المصرية لهذا العام
- من نصوص المسرح الحسيني الخالدة: -هكذا تكلم الحسين- للكاتب ال ...
- مسلسل {ضياع في حفر الباطن}الوثائقية خطوة نحو الدرامية
- سيناريو المطر والرصاص / تفاعل القصيدة مع الفنون السمعبصرية و ...
- اطلاله على مدونات السجناء -حاكم محمد حسين انموذجا-
- تراتيل الزمن الجميل الزمكانية الفلكلورية في قصة -أنين الضفدع ...


المزيد.....




- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عالية خليل ابراهيم - الوطن بريشة الام-غرام الربيعي-