أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي المسعود - -الذين لا يتقنون الحب، هم الذين يصنعون الحروب-















المزيد.....

-الذين لا يتقنون الحب، هم الذين يصنعون الحروب-


علي المسعود
(Ali Al- Masoud)


الحوار المتمدن-العدد: 5358 - 2016 / 12 / 1 - 21:07
المحور: الادب والفن
    


"الذين لا يتقنون الحب، هم الذين يصنعون الحروب"
رواية «حجر الصبر» نشيد الحرية والحب..!!

بقلم : علي المسعود

بعد مشاهدتي لفيلم حجر الصبر للمخرج والروائي عتيق رحيمي اعدت قراءة الرواية التي كتبها رحيمي باللغة الفرنسية وحازت على جائزة الكونكورد الفرنسية عام 2008 وتم نقلها الى العربية بترجمة ( صالح الاشمر ) واصدار( دار الساقي ).
الرواية كما أشار لها الكاتب في اكثر من ملتقى انبثقت فكرتها من الحادثة التي هزت الوسط الادبي في افغانستان الا وهي جريمة قتل الشاعرة والمثقفة والكاتبة الأفغانية ناديا أنجومان على يد زوجها بعد أن ضربها هذا الأخير ضرباً مبرحاً أودى بحياتها وكانت الحادثة عام 2005 اثر صدور ديوانها الشعري الاول والذي باحت فيه بأجمل ما عندها من كلام ، وكانت تبلغ 25 عاماً وهي اماً لطفلة صغيرة. هذه الحادثة هزّت كيان الكاتب ( عتيق رحيمي ) وجعلته يكتب كل أحاسيسه وكل غضبه في رسالة نشرها في فرنسا. ثم راح يجمع المعلومات حول القضية وعرف ان الزوج كان قد سجن حين شرب مادة سامة للانتحار الا انه لم يمت بل وقع في غيبوبة. و علم ايضا أن والدة الزوجة هي التي حرّضت صهرها على قتل ابنتها لعدم رضاها على تصرفاتها .
ان عنوان الرواية ( حجر الصبر ) يشير الى الحجر السحري في الاسطورة الفارسية الذي يناجيه المهمشين و المظلومين و يبثون له معاناتهم و الالام و يقابله عندنا في القصص والموروث الشعبي (لعابة الصبر ) حين تناجيها المرأة حين تتعرض للقهر والظلم ( يالعابة الصبر .انتي صبر واني صبر ..كم دوب قلبي يصطبر ) عبارة ترددها المرأة المقهورة او المظلومة حتى تنفجر اللعبة بفعل جسامة الاضطهاد و الظلم التي تتعرض له المراة . وعمد الكاتب ( رحيمي ) في روايته بجعل زوجها وهو في غيبوبة «حجر صبرها» و تحكي أمامه كل أسرارها وأحزانها، كل ما لا تستطيع أن تقوله له وهو في كامل وعيه. ومن خلال نقل هذه الأحداث تمكن الكاتب أن يصوّر لنا وضع كل النساء في المجتمع الأفغاني وأيضاً في اي عالم يحكمه رجال مدججون بالسلاح والأيديولوجيا والخرافة ولا يجيدون إلا صناعة الحروب.
في غرفة صغيرة مستطيلة .خالية من اي زينة سوى خنجر صغير معلق وفوق الخنجر صورة شمسية هي صورة رجل كث الشاربين , جوَها خانق على الرغم من جدرانها المطلية بلون فاتح ( أزرق مخضر ), رف يعلوه القرآن، ومساند متناثرة وزجاج مغذي يحتوي على ماء وسكر، معلق كيفما اتفق في الجدار ويخرج منه أنبوب يستقر في فم الزوج، كي يبقى الرجل على قيد الحياة ولو إلى حين,
في تلك الغرفة كانت تدور مأساة البلاد محصورة في غرفة ضيقة حيث تسهر امرأة شابة على راحة
زوجها، الذي كان مقاتلا في حروب عبثية في أفغانستان هي ذات الحروب التي تحدث في أماكن اخرى في الشرق!! ، بعد أن أصيب بطلقة نارية في رقبته،على أثرها يدخل الرجل في غيبوبة ,عينا الرجل مفتوحتان و جسده الهامد غارق في غيبوبة . وتبث المرأة الى هذا الجسد معاناتها و ظلمه لها ويصبح هذا الجسد المسجى حجر صبرها؟؟. حيث تغدو المرأة( التي نجهل اسمها ) وقد عمد الكاتب والمخرج ( عتيق رحيمي ) في عدم تسمية البطلة ربما أراد الكاتب أن يشير الى ان المراة هي تجسيد لكل أمراة افغانية أو باكستانية او ايرانية أو عربية أو في اية بقعة تعاني من الارهاب الديني .
تبوح تلك المرأة برغباتها الدفينة و اسرارها بشكل صريح و هو اقرب الى الهذيان لكن يتخلل هذا السرد أحداث جانبية، كسماع دوي طلقات الرصاص في الخارج، وكذالك علاقة الزوجة باحد
المسلحين الذين هجموا على بيتها وهوشاب صغير السن وفي إحدى المرات يأتي فقط لإخبارها بانه يحمل السلاح نهارا ويتعرض ليلا للتعذيب على يد "القائد" الذي يكوي جسده بالسجائر وبفوهة المسدس. وقد اعتمد الكاتب على أسلوب سردي، يعتمد غالبا في كتاباته الروائية والشعرية، وهو
أسلوب السرد عبر المحادثة الداخلية «المونولوج» و«المونودراما»، حيث يجعل الرواية تشبه نصا مسرحيا تتكلم فيه الزوجة عن معاناتها وحزنها طوال النص. فالروائي يستعمل هذا الأسلوب كثيرا، إما عن طريق جعل الشخصيات تحاور نفسها،
إن «حجر الصبر» بمثابة اعتراف للمرأة التي لم تجد الحرية يوما ولا الحب ، خوفا من الزوج والعائلة والمجتمع، الذي يحرمها من هذه الحرية. إذ تعكس هذه الرواية بجلاء صورة المرأة الشرقية والانغلاق الذي تعيشه هذه الأخيرة، بسبب العرف والدين والمجتمع. لكن عتيق رحيمي يحرر المرأة من قيودها ويترك لها كامل الحرية في الكلام والتعبير عما بداخلها .
عند تحويل الرواية الى فيلم سينماتي فإن عتيق رحيمي استعان في كتابة سيناريو الفيلم بالفرنسي جان كلود كاريير، وبمشاركة طاقم فرنسي مختص بالتصوير والمونتاج والموسيقا وتصميم المناظر السينمائية للفيلم الذي صورت مشاهده بالكامل في المغرب ,كما يمكن القول ايضا ان الفيلم احتلت فيه الممثلة الإيرانية جولشيفتي فراهاني في أداء مذهل ومتقن مكانة أساسية فيه، إلى جانب حميد رضا
يافدان في دور الزوج الغائب عن الوعي/ حجرة الصبر وكذالك عمتها التي تعمل كعاهرة في بيت بغاء الممثلة المغربية صباح بنصديق.
الفيلم قدم رسالة درامية جريئة لكل النساء المكبوتات ويبدو كمنولوج سردي وصراخ مكتوم من امراة وحيدة “مخنوقة” تزوجت بسن مبكرة في السابعة عشر من عمرها، وتبدو مكاشفتها كسجل اعتراف صوتي لحياة امرأة بائسة،
أسلوب رحيمي السينمائي قد يبدو للبعض أسلوبا "أدبيا"، أي يعتمد على الحوار كما على لأداء التمثيلي بدرجة أساسية. لكن مع التأمل الأكثر عمقا في فيلمه الجديد "حجر الصبر" ندرك أنه يستخدم أسلوبا سينمائيا شديد الحيوية يقترب من الشعر السينمائي , وفي المشهد الأخير للفيلم تبوح المرأة لزوجها الصامت بسر حول اضطرارها لخيانته بعد سنتين من زواجهما عندما لم تنجب منه مخافة أن تتهم بأنها عاقر، بينما كان زوجها هو الذي يعاني من مشكلة العقم، فعدم إنجابها سيترتب عليه عواقب اجتماعية حقيقية لأنها ستكون منبوذة، ولن يتزوجها أحد بعد ذلك وسط مناخ شكوكي
وإقصائي على الدوام في مجتمع تقليدي لا يرحم ولا يتفهم ظروف المطلقات، ولذلك استعانت بخالتها التي أشارت عليها بحل غريب ولكنه أخرجها من مأزقها الكبير، وتمثل الحل في مشاركتها النوم مع رجل معصوب العينين في غرفة معتمة تماما بحيث لا تتعرف هي أيضا على ملامحه، وكي يكون هذا الرجل المجهول هو وسيلة حملها والحفاظ على حياتها العائلية من التشتت والضياع في مجهول الإرث الاجتماعي الذي ينطوي على مخاطر عظيمة ومع لحظة انتهاءها من هذا الاعتراف المدوي، تدب الحياة في جسد الزوج وينقض عليها محاولا خنقها، بينما تعالجه هي بطعنة من خنجر تخفيه
دائما وراء ظهرها، في مشهد تعبيري ودراماتيكي فاجع، يدلل على أن حجر الصبر انفجر وتهشّم أخيرا بعد امتص كل أسرار وعذابات وقصص المرأة الأفغانية المقموعة وراء ستار صلب وأسود من المواريث البالية والمغلقة على مكبوتاتها ومراراتها .
. إن «حجر الصبر» بمثابة اعتراف لامرأة لم تجد الحرية يوما، خوفا من الزوج والعائلة والمجتمع، الذي يحرمها من هذه الحرية. إذ تعكس هذه الرواية بجلاء صورة المرأة الشرقية والانغلاق الذي تعيشه هذه الأخيرة، بسبب العرف والدين والمجتمع. لكن عتيق رحيمي يحرر المرأة من قيودها ويترك لها كامل الحرية في الكلام والتعبير عما بداخله والتي تشير إليها عبارة مؤثرة ترد في الرواية والفيلم تبوح بها الزوجة عندما تقول : " الذين لايتقون الحب , هم الذين يصنعون الحرب " .

علي المسعود
01/ 12/2016



#علي_المسعود (هاشتاغ)       Ali_Al-_Masoud#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من يلتفت الى المبدع العراقي و ينصفة ؟؟؟؟
- رواية -عقيق النوارس- - إنعكاس للمشهد العراقي بعد عام 2003
- رواية ( صورة في ماء ساكن ) استعادة لنصف قرن من تاريخ العراق ...
- (العاشقة و السكير) كشف حالة الاستلاب التي تعاني منها المرأة ...
- رواية - صائد الجثث- نصٌ روائي يحرضك على طرح الاسئلة .
- قراءة في ديوان ( لاشئ هناك) للشاعر ماجد مطرود
- ؟؟ رواية ( خالد خليفة ) -لا سكاكين في مطابخ هذه المدينة - رو ...
- - الطوفان في نوحه الاخير - محصلة لتجربة انسانية مريرة..
- -نوح في طوفانه ألاخير - حضور قوي للماضي ومستقبل الماضي..
- تقنيات التجريد والتجسيد والتشخيص والمجاز في نصوص الشاعر ( ري ...
- ( ذات صباح غائم ) للكاتبة - ناهدة جابر جاسم - نصاً حسيأ لسهو ...
- قصيدة - أوطان - للشاعر ( عادل سعيد ) قصيدة تتأرجح بين عالمين ...
- قصيدة ( الحب ) للشاعر ماجد مطرود قطعة الجليد التي تطفئ لهيب ...
- - تجليات العزلة - نص شعري له حضوره الفاعل في منجز أسئلة الحد ...
- - في باطن الجحيم - رواية تمجد الانسان في نضاله وتدين فاشية ا ...
- - محمد الحرز - ناقد يزرع في حقل الشعر ( سياج أقصر من الرغبات ...
- قلب اللقلق - خطاب المثقف للقارئ سواء أكان عراقيأ أو عربيا أو ...
- أبحار.... مع تجربة الشاعر ( أبراهيم البهرزي)
- !!!! -تحت سقف المرآة - قصائد مترعة بالحياة و نشيد يمس القلب
- الشاعر -رياض محمد - شاعر الدهشة و الجمال ..!!!


المزيد.....




- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...
- قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي المسعود - -الذين لا يتقنون الحب، هم الذين يصنعون الحروب-