أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ضياء حميو - عن كوبا صديقتي














المزيد.....

عن كوبا صديقتي


ضياء حميو

الحوار المتمدن-العدد: 5357 - 2016 / 11 / 30 - 22:16
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    




لم أزر كوباً لغاية الآن، رغم أن أول فيزا حصلتُ عليها في حياتي كانت لكوبا عام 1996.
لن أتحدث عن كوبا السياسية... لا عن كاسترو ولا عن تشي گيڤارا، بل عن صديقتي.

في شتاء عام 1999، في بار وديسكو "سابار لاتينو"، في كوبنهاگن - الدنمارك، وعلى "ستيج" البار ، أطلب بيرتي، وقف بجانبي فتىً في منتصف العشرينات، أسمر وسيم، يتمايل على موسيقى "السلسا"، استفزني بنطلونه الجينز الذي على شكل العلم الأمريكي.
أظنه لاحظ انزعاجي من علم بنطلونه، قرع كأسه بكأسي، ابتسمتُ له مجاملا، وشربنا نخبَ فرح الموسيقى، بعد ذلك مدّ يده لي مصافحاً "خوسيه"، فأجبته:" وأنا "ديا"، فقال: "آه معناه يوم في الإسپاني"، - : " نعم، ومعناه "ضياء" في العربي، أنا من العراق"، قال: "أنا من كوبا!".
شوووو!!!
من كوپا وترتدي جينز بعلم أمريكي؟
(وقتها كنتُ حنبليا بيساريتي).
غيرتُ مكاني ممتعضاً، فيما هو يبتسم، كان راقصاً بارعا، والفتيات الشقر تتخاطفه، فيما انزويتُ خائبا مكتفياً بالنظر، إذ لا أجيد "السلسا".
بعد ساعتين همَّ بالمغادرة برفقة إحدى الجميلات الشقر، وتوجه نحوي سائلا: "هاي ديا، هل نلتقي الأسبوع القادم هنا؟".
وقتها كنا نتحدث إنگليزية ركيكة.. هو يخلط إسپاني معها، وأنا أخلط عربي، وكلانا يخلط دنماركي..
على أية حال تفاهمنا، واتفقنا أن نلتقي، بشرط، أن يرتدي جينزا آخر من دون عَلَم أمريكي، قال ساخرا: "هل أشتري جينزا آخر؟"، قلتُ بجدية: "نعم وسأدفع ثمنه".
ضحك ومدّ يده واتفقنا.
في موعدنا بعد أسبوع، رأيته في ساحة الرقص برفقة سيدة سمراء أنيقة وجميلة في منتصف الخمسينات، الإبتسامة لا تفارقها، كانت بارعة في الرقص، كأنها فراشة تطير بفستانها الأبيض، لاحظ وجودي فانحنى على السيدة مشيراً لها نحوي برأسه، ابتسمت لي بإيماءة من رأسها، وحين انهيا رقصتهما، توجها نحوي.
صافحني ضاحكا، وقد غيّر الجينز، فيما السيدة وبلا تعارف أخذتني معانقةً، ثم قال لي: "ديا، هذه أمي، حدثتها عنك والجينز وأحبتْ أن تلتقيك".
لم تضيّع الوقت، بل أمسكتْ بيدي، وقالت: "سأعلمك الرقص".. هكذا بدأت صداقتنا.. واستمرت لسنة.
غادرنا خلالها خوسيه إلى إسبانيا بعد ثلاثة أشهر أملا بعمل بعد أن نفذت تأشيرة دخوله.
في لقاءاتنا حدثتني عن حياتها، وكيف تزوجت دنماركيا هو زوجها الثاني، كانت طبيبة متخصصة بالأمراض الباطنية، قالت: "بعد انهيار الاتحاد السوڤيتي عانينا الكثير، ولذا قامت الدولة بدعوة الأطباء إلى العمل في الخارج، ضمن اتفاقيات صحية، شرط أن يدفع الأطباء مبلغا كبيرا من رواتبهم للحكومة.
هكذا ذهبت إلى موزمبيق، وهناك التقيت بزوجي".
ثم بدأت تتحدث عن كاسترو وهي تسميه ڤيديل، كما شأن الكوبيين أي "القائد"، قالت: "أنا لا أكرهه، نعم لم أكن أحصل من راتبي في موزبيق إلا على 200 دولار من أصل 1800، وأتفهم هذا، فأنا لولا الدولة وڤيديل ماكنتُ لأكون طبيبة".
عرفتْ العراق من خلالي، الحروب والمأساة، واللاجئين، وتشاكسني أحيانا حين أتشدد بماركسيتي، قائلة: "لو عشتَ الآن في كوپا لتركتَ الماركسية، لن أنكر.. لدينا نسبة أمية صفر، ومستوى صحي عالي، ولكن هنالك دكتاتورية، مثل التي عشتوها في العراق، ربما أخف، إذ لا توجد إعدامات وتعذيب، لكن ڤيديل هو الذي يقرر كل شيء".
في آخر لقاءٍ لنا، اتصلتْ بي وهي حزينة، طالبة أن نلتقي.. هكذا التقينا، لم أعرف أنه الوداع، وأني لن ألتقيها ثانية!، قالتْ: "أريد أن أرقص الليلة، هذه آخر ليلة لي في الدنمارك"، ظننتُ السبب سوء معاملة زوجها، لكنها قالت لي: "لا أستطيع تحمل الحياة هنا، الدنماركيون يجلسون ساعتين على المائدة وهم يتحدثون، إنهم لا يرقصون، مامعنى الحياة بلا رقص، إسمع صديقي: نعم نحن فقراء في كوپا، ولكن صباحا، تسمع الموسيقى في كل مكان بمجرد أن تفتح الشباك، المرأة هناك وإن كانت تقلي البيض فقط، فهي تقوم به وتتمايل على موسيقى الجيران".
إتفقنا أن نعرف أخبارنا من "خوسيه".
ثم مودعة :"الوداع صديقي، وأتمنى أن تتمكن من العودة لبلادك يوما، وتجد الناس هناك ترقص".
غيّر خوسيه رقم هاتفه، ولم أعرف شيئا عنهما بعد، أما أنا فلغاية الآن لم أغيّر رقم هاتفي، وأحمله معي حيثما سافرت، أملا بأن تتصل هي أو خوسيه بي.



#ضياء_حميو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لا طماطم في الجنة
- لأجل عيون روزا (سيرة خمسة أيام)
- (خمسُ رسائل عمرها أكثر من 1400 عاما)
- (أغنية مجوسية)
- (نخلة المشاع)
- شكر بعد الأوان
- لعبة حافة الهاوية
- الله كريم
- ديمقراطية الفاسدين
- تقرير فضائي -قصة قصيرة-
- نداء من أجل أحمد الأطرش - قصة قصيرة -
- حِشمةُ المجتمع - قصة قصيرة -
- ثرثرة كاس بيرة
- سرُّ بغداد
- Big Bang
- مقايضة
- إنتصاب العذرية - قصة -
- جريدة الشرق الأوسط تسرق دراهمي
- دعاءُ قبلةِ ليلة القدر
- عصفور ماء العنب


المزيد.....




- الناطق باسم نتنياهو يرد على تصريحات نائب قطري: لا تصدر عن وس ...
- تقرير: مصر تتعهد بالكف عن الاقتراض المباشر
- القضاء الفرنسي يصدر حكمه على رئيس حكومة سابق لتورطه في فضيحة ...
- بتكليف من بوتين.. مسؤولة روسية في الدوحة بعد حديث عن مفاوضات ...
- هروب خيول عسكرية في جميع أنحاء لندن
- العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز يدخل المستشفى التخص ...
- شاهد: نائب وزير الدفاع الروسي يمثل أمام المحكمة بتهمة الرشوة ...
- مقتل عائلة أوكرانية ونجاة طفل في السادسة من عمره بأعجوبة في ...
- الرئيس الألماني يختتم زيارته لتركيا بلقاء أردوغان
- شويغو: هذا العام لدينا ثلاث عمليات إطلاق جديدة لصاروخ -أنغار ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ضياء حميو - عن كوبا صديقتي